في السادس والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي، قتل الاحتلال الإسرائيلي 9 فلسطينيين -بينهم امرأة- خلال اقتحامه مدينة جنين. في اليوم التالي مباشرة نفذ شاب فلسطيني -لا ينتمي لأي تنظيم- عملية أسفرت عن مقتل 7 مستوطنين في القدس الشرقية.
تبع العملية إطلاق عدة صواريخ من قطاع غزة تصدت لها القبة الحديدية، فيما أريد منه إيصال رسائل سياسية بأن الوضع قد يشتعل. كان ذلك إيذانًا بتصاعد التوتر في المنطقة ما استدعى زيارات أمريكية رفيعة المستوى -بالتنسيق مع القاهرة- بحثًا عن التهدئة.
قبلها كانت مصر تحاول تجديد عملية وساطتها لاستكمال الجهود السابقة لإتمام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة “حماس”، والتي تعطلت إثر مماطلات من قبل الاحتلال، ثم توقفت بانتظار تعيين مسئول إسرائيلي جديد كمنسّق لشؤون الأسرى والمفقودين، بعد استقالة يارون بلوم -في أكتوبر/تشرين الأول 2022- على خلفية “الفشل في إعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى”.
تحركات أمريكية سريعة
تزامنت تلك الجهود مع زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان للمنطقة. وفي ذات يوم عملية الشاب خيري علقم، كان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز متوجهًا لإسرائيل والضفة الغربية المحتلة، بعد زيارة للقاهرة ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ بحثًا عن مسار يهدئ الموقف المشتعل -بعدما أعلنت السلطة الفلسطينية إيقاف التنسيق الأمني مع الاحتلال بسبب اقتحام جنين- معتمدًا على علاقات جهازه القوية بالمخابرات الفلسطينية والتي ظلت قنوات التواصل مفتوحة معها كقناة وحيدة إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
بعد زيارة بيرنز، قدم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فيما بدا تحرك عاجل “لتطويق ومحاصرة أي تحركات مناوئة من قبل الطرفين في قطاع غزة والضفة من جانب، والحكومة الإسرائيلية من جانب آخر”، بحسب طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية.
يضيف فهمي “يبدو من جولة بلينكن التي بدأها من القاهرة، صيغة جديدة للتهدئة والتعامل انطلاقًا من مصر للعب دور مركزي حقيقي في ما يجري والعمل مع حماس والسلطة معًا… تدرك الولايات المتحدة أن الوسيط المصري قادر على لجم أي تمدد تصاعدي لحركة حماس، خصوصًا أن مسار تحركه ممتد إلى ممارسة دور في ملف الأسرى وتواصله مهم لإقناع حماس بالمضي قدمًا بهذا الطريق”.
اقرأ أيضًا: الوساطة المصرية الدولية في شرق أوسط متعدد الأقطاب
كثفت القاهرة تحركاتها تجاه تل أبيب من جانب آخر، وفي إطار مخطط للضغط على حكومة نتنياهو وإقناعها بإمكانية حسم بعض الملفات المعلقة. خاصة أن نتنياهو له حساباته السياسية في التحرك الإقليمي “ولعل زيارته للأردن جاءت في هذا السياق، كما أنه سيسعى إلى زيارة القاهرة، والتحرك في مسارات متعددة بهذا الإطار من الأردن إلى مصر ثم الإمارات والخليج”، وفق فهمي المستشار المشارك السابق في المفاوضات العربية الإسرائيلية.
وقد تتجاوب التحركات المصرية العربية في هذا المسار -بحسب فهمي- لتقوية مركز نتنياهو في مواجهة حكومة المستوطنين، التي تريد الزج بملف المسجد الأقصى والمقدسات، وإعادة نشر قوات الشرطة بمناطق “ج”، بما يحقق مكاسب حقيقية للمستوطنين ويسمح لهم بدخول الأقصى.
وعلى الجانب الآخر، تحاول أمريكا إقناع رئيس السلطة محمود عباس بأن عليه التجاوب ما مع يطرح وإلا فإن الفوضى ستعم الإقليم بأكمله وليس مدن الضفة فقط. وإقناعه بالتمهل في نقل الملف الفلسطيني للواجهة الدولية. ووقف تمدد السلطة الفلسطينية دوليًا مما قد يعقد الأمور أكثر، ولهذا أيضًا سعى بلينكن إلى تأكيد وجود الراعي الأميركي.
يرى فهمي أن الراعي الأمريكي يعمل على خطة أمنية ودبلوماسية، والوعد بتقديم تسهيلات لسكان الضفة الغربية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لتقديم قائمة تحفيزية ليس للضفة فقط، وإنما أيضًا لقطاع غزة مع التأكيد أن الولايات المتحدة ستحاول السيطرة عبر اتصالاتها الرئيسة على السلوك الإسرائيلي.
تنشيط الوساطة المصرية
ركزت زيارة الوزير الأمريكي للشرق الأوسط على تأكيد الانتقال من التهدئة أولًا إلى الشروع في استئناف الاتصالات، ولو على درجات تبدأ بمصر والأردن وإسرائيل ثم ينضم إلى الأطراف الثلاثة الإمارات والبحرين وفلسطين لتكون اتصالات إقليمية كاملة، بما يجدد من نشاط الوسيط الأمريكي الذي يتخوف من انفجار المشهد.
وطالب الوزير الأمريكي الجانب المصري بالتحرك في مساحة أكبر في ملف غزة. بعدها وتحت هذه المظلة الأمريكية، زار رئيس المخابرات العامة عباس كامل -رفقة نظيره الأردني- رئيس السلطة محمود عباس في رام الله، وطرح مبادرة لوقف التصعيد.
وأوضحت مصادر أن عباس أعطى عددًا من المطالب لمدير المخابرات المصرية لنقلها للجانب الإسرائيلي، على رأسها وقف التصعيد العسكري في الضفة والاعتقالات العشوائية وهدم المنازل. وتتمسك السلطة الفلسطينية بتجميد أي تعاون مع إسرائيل لحين التزامها بوقف التصعيد العسكري.
وقد طالبت القاهرة إسرائيل بشكل مباشر بضرورة وقف أي إجراءات تعسفية ضد الأسرى في السجون الإسرائيلية. كما شددت على ضرورة تخفيف القيود عليهم وبحث سبل حل هذا الملف بشكلٍ واسع. بينما طلبت من أمريكا الضغط على إسرائيل لوقف الرد العسكري.
وأشارت المصادر إلى أن تل أبيب تربط وقف التصعيد بوقف العمليات الفردية التي تحدث ضد مواطنيها في أماكن مختلفة. من جهتها طالبت مصر الفصائل الفلسطينية بضرورة عدم إطلاق الصواريخ من قطاع غزة والتزام التهدئة. وأعطتهم وعدًا بأن القاهرة ستعمل على وقف التصعيد.
خطة أمنية أمريكية
لكن المسار الأمريكي، تبيّن أنه ضغط من وزير الخارجية بلينكن على الرئيس الفلسطيني لقبول وتنفيذ خطة أمنية تهدف إلى إعادة سيطرة السلطة على مدينتي جنين ونابلس، اللتين أصبحتا مركزين للمقاومة في الضفة المحتلة، بحسب ما قال مسئولون أمريكيون وإسرائيليون لموقع “أكسيوس“.
يقول المسئولون إنهم يرون أن تراجع السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية هو سبب رئيسي للتصعيد. في غضون ذلك، ألقى عباس باللوم على إسرائيل و “عدم وجود جهود دولية لتفكيك الاحتلال”.
وقد أدى ذلك إلى فقدان السلطة السيطرة فعليًا في جنين ومخيمها للاجئين، والتي تسيطر عليها الآن في الغالب الجماعات المسلحة التابعة لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس، وكذلك أعضاء حركة “فتح” الذين لا يلتزمون بقيادة السلطة.
وتشمل الخطة الأمنية الأمريكية تدريب قوة فلسطينية خاصة سيتم نشرها في هذه المنطقة لمواجهة تنظيمات المقاومة المسلحة. وهي خطة صاغها المنسق الأمني الأمريكي في القدس، مايكل فنزل. وبينما أيد الإسرائيليون خطته، كان للفلسطينيين تحفظات كثيرة.
إذ قال مسئولون فلسطينيون إن الخطة تنطوي على إشكالية لأنها لا تتضمن أي مطالب من إسرائيل، مثل تقليل توغلات الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية. وأن الخطة لا تأخذ في الاعتبار حاجة السلطة الفلسطينية لبناء دعم شعبي لمثل هذه العملية.
في هذا الصدد، أصدر بلينكن تعليماته إلى باربرا ليف، مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وهادي عمرو، الممثل الخاص للشؤون الفلسطينية، بالبقاء في المنطقة لمناقشة “أفكار بناءة لخطوات عملية يمكن لكل جانب اتخاذها. لخفض الحرارة، ولتعزيز تعاون أكبر ولتعزيز أمن الناس”.
تعقد مهمة الوسيط المصري
ولكن بينما واصل الوسيط المصري جهوده للتهدئة صعّدت دولة الاحتلال من عدوانها على قطاع غزة وعلى الأسرى في السجون، وشنّ الطيران الحربي هجومًا على مواقع في القطاع مطلع فبراير/شباط الجاري. واستمرت في هدم المنازل والاعتقالات والإجراءات العقابية في السجون متجاهلة دعوات التهدئة.
وقال مسئول فلسطيني لصحيفة “هآرتس” العبرية إن “إسرائيل تتصرف بعكس كل المنطق، فمن ناحية، يعلن نتنياهو أنه غير معني بالتصعيد، لكنه عمليًا يترك المستوطنين يفعلون ما يريدون. ويرسل (إيتمار) بن جفير (وزير الأمن القومي المتطرف) الجرافات للهدم بالقدس ويخنق الأسرى أكثر فأكثر… وعلى الفلسطينيين الاستسلام والجلوس بهدوء وتنسيق الأمن وتنظيم المدن حتى يعم السلام في إسرائيل، ولكن ماذا عنا؟!”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية ومصرية، أن المخابرات المصرية بقيادة عباس كامل وفريق من الوسطاء من جانبه عملوا مع قيادات الفصائل لمنع المزيد من التصعيد. ووفقًا لذات المصادر، فإن مصر نقلت رسالة إلى إسرائيل مفادها أن سلوك الحكومة الحالية يضر بجهود القاهرة لتحقيق التهدئة. وأن الإجراءات الاستفزازية لوزراء الحكومة، بما في ذلك ضد الأسرى الفلسطينيين، تضر بجهود الوساطة.
وحذر مصدر مصري بالقول: “من يضمن استمرار الوضع على هذا النحو إذا تم توسيع نطاق إطلاق النار؟ .. في مصر نستعد للأسابيع القادمة مع التركيز على الأسبوع الأخير من شهر مارس (آذار) مع بداية شهر رمضان والذي قد يكون عامل تفجير، لكننا نرغب في أن يمر بهدوء”.
اقرأ أيضًا: زيارة بلينكن إلى القاهرة.. تأكيد أمريكي على الدور المصري في الشرق الأوسط
وبحسب تقرير، فإن الجانب المصري “حصل على وعد إسرائيلي” بإنهاء التوتر في السجون، ووقف الإجراءات العقابية. وتم إبلاغ قيادة الأسرى بهذه الخطوة، الأمر الذي دفع الحركة الأسيرة إلى تعليق إجراءاتها التصعيدية ضد إدارة سجون الاحتلال.
وفي إطار الجهود المصرية للسيطرة على الوضع في غزة، زار وفد من حركة الجهاد الإسلامي، برئاسة الأمين العام زياد نخالة، القاهرة. وهو الوفد الذي ضم في تطور ملحوظ “قيادات بارزة بالجناح العسكري سرايا القدس بهدف التشاور حول الأوضاع المتوترة في قطاع غزة”، بحسب مصدر بالحركة. وقد طالب كامل الحركة بـ”ضبط” نشاطها العسكري في الضفة وخفض مستوى عمليات المقاومة هناك.
وأوضحت مصادر أن قيادات حركة “الجهاد” ركزت في مشاوراتها على “التصعيد الإسرائيلي ضد قيادات وكوادر (الجهاد) في جنين واستمرار استهدافهم بالقتل والاعتقال”. كما شددت على “خطورة استمرار سلطات الاحتلال في اقتحام المناطق الفلسطينية والأماكن المقدسة، بما يزيد من احتقان الموقف”.
ودعت القاهرة أيضًا وفدًا من حركة “حماس”. ووصل الأربعاء رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية. وبحسب التوقعات، تسعى مصر للحصول على ضمانات من قيادات الحركتين بالتزام الهدوء وعدم جر القطاع إلى معركة مفتوحة، في مقابل الضغط على إسرائيل لتخفيف حدة التوتر في كل الأراضي الفلسطينية.
اقرأ أيضًا: مصر و”الجهاد الإسلامي”: علاقات متوازنة تديرها أدوار الوساطة
يقول الباحث في الشؤون السياسية الفلسطينية طلال عوكل إن “تحركات إسرائيل تزيد التوتر الأمني، لكن أتوقع أن قطاع غزة خارج حسابات نتنياهو في الوقت الحالي، لذلك أي تصعيد على جبهة غزة سيكون محدوداً وليس حرباً شاملة”.
وأضاف “لا تملك إسرائيل الرغبة في مواجهة الفصائل الفلسطينية في غزة، والعكس صحيح، لذلك قد ينجح الوسطاء في مساعي تعزيز الهدوء، وتثبيت معادلة الهدوء مقابل التسهيلات الاقتصادية”. مشيرًا إلى أن “أي معركة جديدة لن يكون خلفها أي مكاسب لحماس ولا لإسرائيل سوى مزيد من تردي الأوضاع في غزة”.
وِأشارت مصادر مصرية أن هناك اتصالات مستمرة مع إسرائيل لتليين موقفها، خاصة أن الساعات الماضية شهدت نوعًا من التجاوب بشأن عدم هدم قرية الخان الأحمر بالقدس وعدم تصعيد الموقف. وأضافت أن “الحلحلة لا تبدو سهلة، والتقدم المحرز بطيء، ويواجه تحديات عدة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
وبينما كان يخوض وفد “الجهاد” مباحثات مع المسئولين المصريين، شنت إسرائيل حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية، استهدفت قيادات وكوادر الحركة على رأسهم القيادي البارز في جنين خضر عدنان. وبيّنت مصادر فلسطينية، إن “الجهاد” غاضبة من استمرار قتل واعتقال عناصرها في الضفة. وتعتبر أن هناك هجومًا مركزًا يستهدف بنيتها التحتية في الضفة.
وأبلغ النخالة بحسب المصادر، اللواء عباس كامل، أن حركته لا يمكن أن تستمر في ضبط النفس بغزة، فيما تواصل إسرائيل قتل واعتقال كوادر الحركة كل يوم. وأنه لا يثق بأي وعود إسرائيلية بعدما نقضت وعودها السابقة أثناء الحرب الأخيرة.
لا أفق سياسي
أشار تقرير لموقع “أكسيوس” أن وزير الخارجية الأمريكي خلال زيارته للمنطقة طالب نتنياهو بضرورة إيقاف توسيع المستوطنات في الضفة المحتلة ولو بشكل مؤقت لعدة أشهر سعيًا للتهدئة. وأخبر المسئولون الإسرائيليون إدارة بايدن أنهم على استعداد لاتخاذ خطوات للحد بشكل كبير من تلك الأنشطة.
لكنهم شددوا على أنهم لن يكونوا قادرين على وقفها تمامًا. بينما قال مسئولون فلسطينيون إنهم مستعدون للدخول في مثل هذه “الوقفة” إذا كانت متبادلة، ووقف التحركات الفلسطينية في الأمم المتحدة وإعادة التنسيق الأمني.
يُظهر ذلك أن الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بوقف تحركاتها “غير القانونية” بينما تطالب فلسطين بوقف تحركاتها “القانونية”. لكن رد ائتلاف الصهيونية الدينية المتطرف في الحكومة الجديدة لم يتأخر، وهاجم مسؤولوه بوضوح الخطة الأمريكية قائلين إن “ذلك لن يحدث” وأن الاستيطان سيتواصل ولن يتوقف.
“ما لم يمارس الوسيط الأمريكي بالفعل دورًا حقيقيًا وفاعلاً ومباشرًا تجاه إسرائيل في المقام الأول، ومحاولة الضغط الحقيقي على توجهاتها العدائية والتصعيدية، فإن الأطراف العربية وعلى رأسها الطرف الفلسطيني ستتعامل من منطلق الأمر الواقع، خصوصًا أن ما يجري في الضفة معرض للانفجار الحقيقي والمباشر، الأمر الذي قد يذهب بالوضع الراهن إلى اتجاهات أخرى قد يكون لها سيناريوهاتها المتعددة”، يلفت طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية.
اقرأ أيضًا: مصر والإمارات وإسرائيل ورقعة الشطرنج في غزة (1-2)
وتقول نور عرفة، زميلة في مركز “كارنيجي” الشرق الأوسط، إنه مع تحوّل المجتمع الإسرائيلي نحو يمين الطيف السياسي وأقصى اليمين، فمن المتوقع أن تشهد الاشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين تصعيدًا في الأراضي المحتلة وداخل حدود إسرائيل للعام 1948.
“قد يقود ذلك إلى مرحلة جديدة في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية تشهد المزيد من الدماء، إلى حين بلورة إطار سياسي جديد ينهي الاحتلال، ويمنح الفلسطينيين حق تقرير مصيرهم، ويضمن حقوق الجميع”، تشير عرفة.
وتوضح أنه بدلًا من إنهاء الاحتلال، ركّزت إسرائيل على تقديم حلول اقتصادية محدودة وسطحية لمشكلة سياسية عميقة الجذور ما أدى لفشل سياساتها في التهدئة. رافق ذلك ضعف السلطة الفلسطينية وفسادها وسلطويتها وافتقارها للشرعية في نظر الفلسطينيين بسبب فشل مشروع الدولة ما أفقدها مبرر وجودها. وبات يُنظَر إليها بأنها “مؤسسة متواطئة” في المأزق السياسي ومستفيدة منه.
وسط كل ذلك، يبدو أن مهمة الوسيط المصري قد تعقدت كما لم تتعقد من قبل مع غياب أي أفق سياسي لحل القضية وتواصل الانقسام الفلسطيني ونكوص الاحتلال عن العديد من وعوده السابقة وتصعيد حكومة المتطرفين غير المسبوق، والتي يبدو أن أي محاولة للجمها ستكون عصيّة، ما ينذر باشتعال الوضع في أي لحظة. وهنا قد يمتد الأثر إلى الوضع الداخلي المصري المأزوم.