اتفقت الاستغاثات واختلفت الرواية بين رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان السفيرة مشيرة خطاب والمحامي خالد علي، حول ما يتعرض له الناشط علاء عبد الفتاح داخل مقر احتجازه. وهو يقضي حكمًا بالسجن 5 سنوات، منذ سبتمبر/أيلول 2019، مدانًا بنشر أخبار كاذبة. فبينما نفت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان شكوى عبد الفتاح من سوء المعاملة داخل محبسه وتوقعت العفو الرئاسي عنه قريبًا، أعلن محاميه تعرض موكله للتعدي من نائب مأمور سجن شديد الحراسة بطرة (العقرب)، رغم إضرابه عن الطعام. وقد أكد تقدمه ببلاغ للنائب العام في هذا الشأن.
500 التماس للإفراج عن علاء عبد الفتاح
أمس السبت، أصدرت السفيرة مشيرة خطاب بيانًا، ذكرت فيه أن التماسًا قُدم إليها من 500 من أمهات وسيدات مصريات، طلبن تدخلها لبذل كل الجهود الممكنة للإفراج عن علاء عبد الفتاح. الذي وصفه البيان بـ”سجين الرأي”. فيما أشار إلى أنه يواجه خطرًا صحيًا كبيرًا في ظل إضرابه عن الطعام المتواصل لمدة 43 يومًا (حتى الأمس).
“بيان المجلس القومي لحقوق الإنسان وصف علاء عبد الفتاح بسجين الرأي”
ووفق البيان، طالبت الأمهات الموقعات على الالتماس بنقله إلى مستشفى سجن طرة مزرعة لمتابعة حالته الصحية.
وذكر البيان أن رئيسة المجلس “تحترم أحكام القضاء المصري، وترى أن وجود علاء عبد الفتاح خلف القضبان لا يحرمه أو ينتقص من حقوقه التي يكفلها له الدستور والقوانين المصرية والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت لها مصر”.
وضع علاء داخل السجن (رواية خطاب)
وفي مداخلة هاتفية لأحد البرامج الفضائية المحلية، أكدت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان أن علاء عبد الفتاح “لم يشتكِ من سوء معاملة، وفقًا للالتماس”. بل طلب الحصول على كتب أكثر، وفرصة للتمريض، وإزالة الحاجز الزجاجي بينه وبين والدته، عند زيارتها له في السجن. وهو ما يأتي متناقضًا مع رواية محاميه خالد علي حول وضعه داخل السجن.
وقد أشارت إلى ما اعتبرته “وثبة ونهضة كبيرة” في المؤسسات الجديدة للتأهيل والإصلاح. وقالت إنها زارت إحداها في وادي النطرون. ووصفتها بأنها “7 نجوم وليس 5 نجوم”، في إشارة إلى مميزاتها بالنسبة للسجناء. وهي مميزات يفتقر إليها وضع علاء عبد الفتاح داخل مقر احتجازه بسجن طرة شديد الحراسة. وهو السجن المعروف بـ”العقرب”، والمشيد منذ 100 سنة تقريبًا.
التعرض للضرب (رواية خالد علي)
الخميس الماضي، أعلن المحامي الحقوقي خالد علي أنه سيتقدم ببلاغ إلى النائب العام، بشأن تعرض “عبد الفتاح” لـ”التعدي بالضرب من نائب مأمور سجن شديد الحراسة 2 بطرة”، أثناء فترة إضرابه عن الطعام اعتراضًا على ظروف حبسه.
وعبر حسابه على “فيسبوك”، قال علي: “النهاردة اليوم الـ 41 (الخميس 13 مايو/أيار الجاري) لإضراب علاء عن الطعام بمحبسه بسجن شديد الحراسة 2 بطرة، والدكتورة ليلى سويف (والدته) كانت بتزوره النهاردة وعلمت منه أن نائب مأمور السجن تعدى عليه بالضرب. النهاردة هنقدم بلاغ بالواقعة أون لاين، ويوم السبت (أمس) هنقدمه لمكتب النائب العام”.
ووفق خالد علي، فإنه “بعد حبس احتياطي دام أكثر من عامين، تم سلخ بوست من البوستات المنسوب إلى عبد الفتاح تشييرها، وتم نسخ صورة من التحقيقات وقُدم للمحاكمة على هذا الشير ولم يسمح لدفاعه بالحصول على نسخة من القضية. كما لم يسمح لمحاميه بالحصول على صورة رسمية من الحكم الذى صدر ضده بحبسه خمس سنوات”.
اقرأ أيضًا.. أحكام بين 4 لـ 5 سنوات.. كواليس محاكمة علاء عبد الفتاح والباقر وأكسجين
لماذا يجب نقله؟
في منشوره بشأن وضع عبد الفتاح، يقول خالد علي: “إذا كان المطلوب أن يستمر علاء مقيد الحرية كمان خمس سنوات في السجن تنفيذًا لهذا الحكم، فعلى الأقل يتم نقل علاء من هذا السجن لأسباب عدة”.
وقد أتى على ذكر هذه الأسباب، فقال إن أولها كونه قضى 5 سنوات على ذمة اتهامه بالتظاهر في سجن عنبر الزراعة.
“كان فيه بعض المشاكل مع سجن عنبر الزراعة. لكن بالتحاور مع إدارة السجن تارة وتقديم بلاغات وشكاوى تارة أخرى الأمر كان فى النهاية بيتحل ونفذ العقوبة. فلماذا لا يقضى هذه المدة الأخيرة بعنبر الزراعة وليس شديد الحراسة 2؟” يتساءل خالد علي، إلى أشار إلى كون علاء وأسرته قدموا شكاوى عديدة ضد إدارة سجن شديد الحراسة 2، منذ اليوم الأول لدخوله. “حيث ذكر علاء فى أول تحقيق معه أنه تعرض لتشريفة ضرب وسب”.
وفي ذكر السبب الثالث للمطالبة بنقل علاء من مقر احتجازه أنه غير متهم بحمل سلاح أو بأي أعمال عنف وقتل أو تفجير. ولكن نشر بوستات. وبالتالى فلا يحتاج لسجن شديد الحراسة. خاصة وأن كل المدد التى قضاها سابقًا كانت في سجون عادية.
اقرأ أيضًا: رسالة من طرة.. علاء عبد الفتاح ممنوع من الاتصال بعائلته
كيف وصل علاء إلى “العقرب”؟
بدأ علاء عبد الفتاح مشواره السياسي في 20 مارس/آذار 2004. عندما أطلق مع زوجته مدونة تحت عنوان “دلو مليء بالمعلومات” أو “دلو معلومات منال وعلاء”، لتغطية الأخبار كدعم للصحافة الشعبية، والتي فازت بجائزة منظمة “مراسلون بلا حدود”. بعد ذلك بعامين، كان الاعتقال الأول في 7 مايو/أيار 2006 أثناء وقفة احتجاجية من أجل استقلال القضاء المصري. ثم انتقل علاء مع زوجته للعيش في جنوب أفريقيا عام 2008.
مع اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ظهر علاء كأحد رموز شباب الثورة. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول قررت النيابة العسكرية حبسه على خلفية اتهامه بالتحريض والاشتراك في التعدي على أفراد القوات المسلحة وإتلاف معدات عسكرية والتظاهر والتجمهر وتكدير الأمن والسلم العام في “أحداث ماسبيرو”. ثم حُوِّل لاحقًا إلى نيابة أمن الدولة العلي. ليولد ابنه الأول “خالد” أثناء استمرار سجنه على ذمة التحقيق.
ورغم تأييده المرشح الإخواني محمد مرسي في مواجهة الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية 2012. لكنه عارض مرسي في عدد من القضايا كما انضم إلى التظاهرات التي طالبت بسقوط نظامه. وفي25 مارس/آذار 2013 أمرت النيابة العامة بمنعه من السفر بتهمة “التحريض على أحداث عنف”. وبعد إسقاط نظام الإخوان في 3 يوليو/تموز 2013. اعتقل علاء في 28 نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة التحريض على التظاهر ضد الدستور الجديد أمام مجلس الشورى. وأعيد اعتقاله مرة أخرى عام 2014 مع شقيقته سناء أثناء مشاركتهما في إحدى التظاهرات.
وفي 23 فبراير/شباط 2015 صدر حكم على علاء بالسجن لمدة 5 سنوات بتهم التظاهر دون تصريح. فيما حكم على شقيقته سناء بالحبس عاما ونصف العام. بتهمة نشر معلومات كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وإهانة ضابط شرطة أثناء أداء مهامه. ليخرج في مارس/آذار 2019 شريطة أن يوضع تحت المراقبة لمدة 5 سنوات أخرى. لكن في 29 سبتمبر/أيلول، أعيد اعتقاله مرة أخرى ضمن حملة اعتقالات واسعة. واتهم بنشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
الورقة الأخيرة لنيل الحرية
طوال فترة احتجازه توالت محاولات واستغاثات أسرة علاء عبد الفتاح، مطالبة بتحسين ظروف احتجازه والإفراج عنه. وكان أحدثها إعلان الأسرة حصوله على جواز سفر بريطاني. ذلك في محاولة للضغط في سبيل الإفراج عنه.
ووفق بيان الأسرة الذي صدر أبريل/نيسان الماضي، فقد تقدمت والدته بطلب إلى السلطات البريطانية لحصوله على الجنسية في عام 2019 كون والدته “ولدت في لندن عام 1956 أثناء رحلة عمل أكاديمي لوالدتها”. ليُطالب علاء -الذي بدأ إضرابًا عن الطعام في الثاني من أبريل/نيسان الجاري مع بداية شهر رمضان- بتمكينه من تلقي مساعدة من السلطات البريطانية، لإنهاء إضرابه عن الطعام.
وفي أحدث تطور لقضيته، أشارت رئيسة القومي لحقوق الإنسان إلى احتمالية الإفراج عنه ضمن قوائم العفو الرئاسي التي أعيد تفعيلها. قالت إنها على اتصال بأسرته حول وضعه الصحي مع دخول إضرابه الشهر الثاني. بينما أوضحت أن مبادرة الرئيس السيسي الخاصة بإعادة إحياء لجنة العفو الرئاسي تشمل الشباب ممن عبروا عن رأي ويقضون عقوبة للتعبير عن رأي. وقد توقعت الاستجابة لوضع علاء خلال الفترة المقبلة.