تحت عنوان “صفقة التفاوض الأمريكية بين السعوديين والإسرائيليين والمصريين”. نشر موقع Axios الأمريكي تحليلًا للكاتب الإسرائيلي باراك رافيد. تناول فيه مزاعم حول وساطة أمريكية “هادئة” -كما وصفها- بين المملكة ومصر وإسرائيل، بشأن مفاوضات حول نقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية الكاملة.
فرغم خلافه الواضح مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تحقيق أي شيء ملموس، بشأن العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية، المزمع توثيقها ضمن “اتفاقيات إبراهيم”. قبل زيارة بايدن المرتقبة إلى الشرق الأوسط في نهاية يونيو/حزيران. التي تم الحديث عنها مؤخرا، والتي قد تشمل السعودية ولقاء ولي العهد محمد بن سلمان، بحسب المصادر.
ويُشير رافيد إلى أن هذه المفاوضات -إذا نجحت- يمكن أن تكون خطوة أولى على طريق تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل. وأنها “ستكون إنجازًا مهمًا للسياسة الخارجية لإدارة بايدن في الشرق الأوسط”. مستندًا في تحليله إلى خمسة مصادر أمريكية وإسرائيلية، تحدثت إليه. بينما امتنع البيت الأبيض ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعليق. ولم ترد سفارتا السعودية ومصر بالولايات المتحدة على طلب الموقع الأمريكي للتعليق.
ونقل رافيد عن المصادر الأمريكية والإسرائيلية قولهم إن “الاتفاق ليس كاملاً والمفاوضات الحساسة جارية”. في وقت “يريد البيت الأبيض التوصل إلى اتفاق قبل زيارة الرئيس بايدن المرتقبة إلى الشرق الأوسط في نهاية يونيو/حزيران. والتي قد تشمل التوقف في السعودية”، بحسب المصادر. التي أشار إلى أنها “مطلعة على المفاوضات، لكن ليس لها مطلق الحرية في مناقشتها علنًا”.
اقرأ أيضا: زيارة بايدن للشرق الأوسط: “قمة النقب 2″؟
الصراع على سيادة تيران وصنافير
تسيطر جزيرتا تيران وصنافير على مضيق تيران. وهو ممر بحري استراتيجي إلى موانئ العقبة في الأردن وإيلات في إسرائيل. ويعد المنفذ الوحيد للملاحة الإسرائيلية على البحر الأحمر. مما يسمح بالشحن من وإلى أفريقيا وآسيا دون الحاجة إلى المرور عبر قناة السويس. وتستخدم سفن البحرية الإسرائيلية هذا الممر المائي للوصول إلى البحار المفتوحة، حيث تجري مناورات بحرية غير ممكنة في الحدود الضيقة لخليج العقبة.
وكان الحصار المصري للممر المائي أمام الشحن الإسرائيلي في عام 1967 سببًا رئيسيًا للحرب لإسرائيل أدى إلى اندلاع حرب الأيام الستة. لذلك، كجزء من اتفاق السلام لعام 1979، وافقت مصر على نزع السلاح من الجزر. والسماح بوجود قوة من المراقبين متعددي الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة. ليصير مضيق تيران ممرا آمنا للسفن العسكرية والمدنية الإسرائيلية.
وفي أبريل/نيسان 2016، أُعلن لأول مرة عن اتفاق على نقل السيادة على الجزيرتين للسلطات السعودية. مع القول بإن الجزيرتين في الأصل كانتا ملكية سعودية، وأن المملكة أعطت مصر السيادة عليهما منذ عام 1950. تزامن الإعلان مع احتجاجات قوية في مصر. وسط اتهامات للحكومة المصرية بإعطاء الجزر مقابل عرض مالي سعودي ضخم. وتناثرت أقاويل أخرى أن تحويل السيطرة على تيران وصنافير إلى السعودية هو جزء مما عُرف بـ “صفقة القرن”.
لماذا الموافقة الإسرائيلية مهمة؟
في عام 2017، صادق الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تسليم تيران وصنافير إلى السعودية. حيث صمدت الصفقة في وجه الاحتجاجات والتحديات القانونية التي ما زالت جارية حتى الآن. كما وافق البرلمان المصري على الصفقة في يونيو/حزيران 2017. وأقرتها المحكمة الدستورية العليا في مارس/أذار 2018.
مع ذلك، بقيت الجزر تحت السيادة المصرية حتى الآن، رغم الإعلان عن كونها صارت ضمن الأراضي السعودية.
هنا، تمس الاتفاقية بين مصر والسعودية طرفًا من اتفاقية السلام المصرية- الإسرائيلية. ما يجعل قرار نقل السيادة الفعلية إلى المملكة العربية السعودية “يتطلب درجة من القبول الإسرائيلي من أجل المضي قدمًا”، وفق رافيد، الذي أشار إلى أن إسرائيل “عرضت موافقتها المبدئية على نقل الجزر. بينما اشترطتها بحل متفق عليه بشأن قوة المراقبة متعددة الجنسيات” حسبما أفاد موقع Axios.
وأشار رافيد إلى أن القوة متعددة الجنسيات “تحولت إلى نقطة خلاف رئيسية في المحادثات. حيث وافقت الرياض على إبقاء الجزر منزوعة السلاح، بينما ترفض حتى الآن مثل هذه القوة على أراضيها. وبدلاً من ذلك، عرضت الرياض التزامًا بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة للسفن عبر مضيق تيران”.
وفقًا للمصادر التي تحدثت للموقع الأمريكي. تعتقد إدارة بايدن أنها قادرة على “وضع اللمسات الأخيرة على ترتيب يمكن أن يبني الثقة بين الطرفين. ويخلق انفتاحًا على العلاقات الدافئة بين إسرائيل والسعودية. اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية”. حيث يعد الأمريكيون الوصول إلى اتفاق مثل هذا “سيكون هذا أهم إنجاز للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ اتفاقيات إبراهيم. التي توسطت فيها إدارة ترامب، وأدت إلى اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب”.
ورغم أن السعودية أيدت اتفاقيات إبراهيم، لكنها أوضحت في ذلك الوقت أنها لن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ما لم يكن هناك تقدم جاد في عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. بينما يطمع الجالسون في أروقة البيت الأبيض في أن “المفاوضات الناجحة يمكن أيضًا أن تخفض التوترات بين إدارة بايدن والمملكة”.
اقرأ أيضا: فك الارتباط بين السعودية والوهابية.. الانفتاح بديلًا عن تكفير العالم
فرصة لإعادة الود بين بايدن وبن سلمان
في وقت سابق من بداية رئاسته، تعهد بايدن ذات مرة بجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة”. وتوترت العلاقات بين الرياض وواشنطن بسبب عدد من القضايا، بما في ذلك سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، ومقتل كاتب العمود في واشنطن بوست جمال خاشقجي. والذي قالت المخابرات الأمريكية إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتله. وهو اتهام نفاه ولي العهد، بل وسخر -نوعا- منه ومن بايدن في لقاء مع مجلةThe Atlantic الأمريكية.
وفقًا لمصادر أمريكية وإسرائيلية ذكرها Axios. يقف خلف الكواليس منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكجورك. وهو اللاعب الرئيسي لدى إدارة بايدن في جهود الوساطة الحالية. بينما سبقه مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان. الذي أثار التطبيع مع إسرائيل خلال اجتماعه الأخير مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وبينما يخطط الرئيس بايدن للذهاب إلى المملكة كجزء من رحلة الشرق الأوسط المقبلة -كما ذكرت CNN- يسعى البيت الأبيض لتكون أول لقاء لبايدن مع بن سلمان. وأكدت عدة مصادر أن الرحلة ستشمل أيضا قمة مع قادة الإمارات والبحرين وعمان وقطر والكويت ومصر والأردن والعراق.
الرياض: تيران وصنافير بدون القوة الدولية
قالت المصادر التي تحدث إليها الكاتب الإسرائيلي إن القضية الرئيسية هي القوة المتعددة الجنسيات للمراقبين. حيث وافقت الرياض على إبقاء الجزر منزوعة السلاح، والالتزام بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة لجميع السفن. لكنها أرادت إنهاء وجود المراقبين متعددي الجنسيات في الجزر. بينما اتفق المسؤولون الإسرائيليون على النظر في إنهاء وجود القوة متعددة الجنسيات، لكنهم طلبوا ترتيبات أمنية بديلة تحقق نفس النتائج، بحسب المصادر.
وقال مصدران أمريكيان ومصدران إسرائيليان “إن إسرائيل تريد أيضا أن تتخذ السعودية خطوات معينة كجزء من جهود أوسع للتوصل إلى اتفاق بشأن عدة قضايا”. وأضافت المصادر أن إسرائيل طلبت من المملكة السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بعبور المزيد من الأجواء السعودية. وهو الأمر الذي سيختصر الرحلات الجوية إلى الهند وتايلاند والصين بشكل كبير.
وكانت المملكة -بعد الإعلان عن اتفاقيات إبراهيم- قدا بدأت في السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بعبور بعض مجالها الجوي الشرقي لرحلات إلى الإمارات والبحرين.
لكن، يريد الإسرائيليون أيضًا من السعوديين السماح برحلات جوية مباشرة من إسرائيل إلى المملكة. من أجل المسلمين في إسرائيل الذين يريدون الذهاب لأداء فريضة الحج.