رغم استمرار التشاورات بين “لجنة”، نقابة المحامين ووزارة المالية، حول مستقبل “تسجيل” المحامين في منظومة الفاتورة الإلكترونية التي أعلنت عنها مصلحة الضرائب نهاية العام الماضي، إلا أنه لم يجِد جديد في هذا الشأن، إلا من البيان الأخير للوزارة والذي ألزمت فيه المحامين بالتسجيل بداية من مايو/أيار القادم.
وينعقد اليوم في المقر الرئيسي لنقابة جنوب القاهرة، اجتماع مع باقي النقابات الفرعية، للإعلان عن تفاصيل قضية “الفاتورة الإلكترونية”، وفق ما توصلت إليه اللجنة المشكلة برئاسة نقيب المحامين، وعضوية 6 من أعضاء مجلس النقابة، فيما أعلن محامون احتجاجهم اليوم الأربعاء، بعد انتهاء الاجتماع أمام مقر النقابة العامة بشارع رمسيس.
ودعت مصلحة الضرائب –وفق قانون الإجراءات الضريبية- إلى تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية، باعتباره نظامًا حديثًا يتماشي مع اتجاه الدولة لتطبيق استراتيجية التحول الرقمي، بما يعني ضرورة تسجيل الممولين، وأصحاب المهن الحرة ممن لديهم تعاملات مع المستهلكين النهائيين بالمنظومة الجديدة في موعد أقصاه “15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
واندلعت احتجاجات واسعة أمام مبنى النقابة العامة للمحامين، في ديسمبر/كانون الأول 2022، رفضًا لإدراجهم ضمن أصحاب المهن الحرة “الأطباء، المهندسين، المحامين، الفنانين، والمحاسب القانوني..”، المشار إليهم في ضرورة التسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية.
ونفت مصلحة الضرائب، آنذاك، استثناء أية فئة من التسجيل بالمنظومة، داعية جموع الممولين إلى ضرورة التسجيل بـ”الفاتورة الإلكترونية”.
اقرأ أيضًا: استبعاد عاشور من انتخابات “المحامين”.. يثير التساؤلات بشأن جمع برلمانيين بين المناصب
اللجنة والتفاوض
أزمة “الفاتورة الإلكترونية”، المستمرة على مدار نحو 5 أشهر، دفعت نقابة المحامين إلى تواصل مع وزير المالية، أسفر عن تشكيل لجنة مشتركة من النقابة، ومصلحة الضرائب، منعًا لتصاعدها إزاء غضب جموع المحامين.
وضمت اللجنة المشكلة في أعقاب الأزمة، ولم تعلن نتائجها حتى الآن، كلًا من “نقيب المحامين عبد الحليم علام، ومحمود الداخلي الأمين العام المساعد لنقابة المحامين، مجدي سخا وكيل النقابة، و4 أعضاء آخرين، ونائبين هما “ضياء الدين داود، وأحمد الشرقاوي”، وعضوي هيئة تدريس بجامعة طنطا”، إلى جانب لجنة مكونة من 11 عضوا بمصلحة الضرائب.
لكن اللجنة التي باشرت عملها لمدة شهرين ونصف حسب تصريحات “محمود الداخلي”-الأمين العام المساعد للنقابة- وأحرزت تقدمًا ملحوظًا في التفاوض مع “المالية”، أسفر عن عدم تسجيل المحامين المتعاملين مع الأفراد في منظومة الفاتورة الإلكترونية، والاكتفاء بالمتعاملين مع الشركات، لم ترق نتائج أعمالها المزمع إعلانها الجمعة المقبل لخصوم المجلس الحالمين بالعودة –على حد قوله.
وتعد “الفاتورة الإلكترونية”، إجراءً قانونيًا ضريبيَا أُقر وفقًا للقانون رقم 206 لسنة 2020، لتنظيم الإجراءات الضريبية، واللوائح المنظمة لحوكمة المجتمع الضريبي، وتأتي كمستند رقمي يثبت معاملات الشركات، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية، والطبيعية.
صراع بيانات
لكن عمر هريدي- وكيل نقابة المحامين- لفت إلى أن اللجنة المشكلة من قبل النقابة، والمعنية بالتفاوض مع وزارة المالية لن تأتي بجديد، بعد ما أعلن النقيب السابق سامح عاشور نتائج تواصله مع وزارة المالية.
ويضيف: أن النائب سامح عاشور عضو مجلس الشيوخ ونقيب المحامين السابق، استخدم أدواته البرلمانية، وتقدم بطلب إحاطة بصفته البرلمانية لاستيضاح الأمر، وتلقى ردًا من مصلحة الضرائب.
وأكد وكيل نقابة المحامين في تصريح لـ”مصر360″، أن النقيب السابق استبق عمل اللجنة النقابية “المشكلة من النقيب الحالي و6 أعضاء”، ونشر تفاصيل رد الضرائب على موقعه، لافتًا إلى أن البيان يتضمن مرونة سياسية.
يأتي ذلك بعد أن أصدرت نقابة المحامين بيانًا، في الخامس من إبريل/نيسان الجاري أدانت خلاله تصريحات النقيب السابق سامح عاشور عضو مجلس الشيوخ، نظير ما اعتبرته تصرفًا بشكل منفرد، وشخصي إزاء مخاطبته وزارة المالية بشأن منظومة الفاتورة الإلكترونية، دون الرجوع أو التنسيق مع مجلس نقابة المحامين صاحب الصفة الأصيلة في هذا الشأن.
اقرأ أيضًا: ملف “مصر 360″| أزمة “الفاتورة الإلكترونية”.. جدالات الاستثناء والعدالة والجباية
ووصفت النقابة المخاطبات الفردية في بيانها بأنها ترمي إلى أغراض انتخابية، وتهدف إلى خلق صدامات بين النقابة، ومؤسسات الدولة، إلى جانب إظهار انقسام في موقف المحامين.
“التدخل البرلماني”
ردًا على ذلك، يقول نقيب المحامين السابق سامح عاشور: إن مخاطباته ليست إلا تدخلًا برلمانيًا لا علاقة له بمسار لجنة نقابة المحامين، رافضًا الرد على ما تضمنه “بيان”، النقابة العامة من توصيف تصرفه بأنه يرمي لأغراض انتخابية.
ويضيف لـ”مصر360″، أن ما نشره في بيانه هو ما انتهت إليه اللجنة المشكلة من قبل النقابة، للتفاوض مع مصلحة الضرائب، لافتًا إلى أنه لا توجد أي حلول أخرى خارج ما تم نشره.
ومؤخرًا، نشر النقيب السابق سامح عاشور خطاب وزير المالية المرسل إليه متضمنًا “إرجاء إلزام الكيانات الفردية، والمهنيين، ومن ضمنهم المحامين بالتسجيل على الفاتورة الإلكترونية إلى نهاية إبريل/نيسان الجاري، بهدف منحهم فرصة لتوفيق أوضاعهم، وزيادة الوعي، واعتبارًا من 1 مايو/أيار المقبل فإن المحامين ملزمون بالتسجيل في نظام الفاتورة الإلكترونية، والتي تقوم على إثبات التعاملات التي تتم بين طرفين مسجلين في مصلحة الضرائب المصرية”.
احتجاجات مدفوعة
رغم ذلك يقول محمود الداخلي الأمين العام المساعد لنقابة المحامين: إن الاحتجاجات المزمع اندلاعها أمام مبنى النقابة العامة تنطلق من خلفية خصومة انتخابية مع النقيب، والمجلس الحالي، وتستهدف تشويه صورة المجلس.
ويضيف لـ”مصر360″، أن اللجنة المشكلة من قبل النقابة، والمعنية بالتفاوض في أزمة “الفاتورة الإلكترونية”، تواصلت مع لجنة البحوث الضريبية، ووزير المالية، ورئيس مصلحة الضرائب، وتوصلت إلى تعديل لفظ “شأن قانوني”، إلى “محام حر”، باعتبار اللفظ الأول يسلب المحامي صفة “المحاماة”، لافتًا إلى أن التعديل أُدرج على نظام مصلحة الضرائب.
عطفًا على ذلك، تمكنت اللجنة من إقرار تسجيل الفاتورة الإلكترونية للمتعاملين مع الشركات فقط، أما التعامل مع الأفراد فلا يستلزم تسجيلًا، أو فاتورة.
وردًا على تطبيق ما يسمى بـ”الإيصال المهني”- باعتباره خطوة لتسجيل جموع المحامين في الفاتورة الإلكترونية، يقول “الداخلي”: إن هذه الخطوة ستطبق في عام 2025، وهو بديل للإقرار الضريبي، وسيسجل كل القضايا، والأتعاب”، نافيًا كونه انزلاقًا تجاه تطبيق الفاتورة على المحامين.
ويستطرد قائلًا”: قطاع كبير من المحامين يتفهمون وضعية “الإيصال المهني”.
قلق من إدراج “الإيصال المهني”
غير أن عمر هريدي – وكيل نقابة المحامين- يعتبر الإيصال المهني المزمع تطبيقه مع بداية عام 2025 خطوة باتجاه تعميم الفاتورة الإلكترونية، لافتًا إلى أن عدم إعطاء إيصال للعميل، فإن ذلك يعني عدم قبول المحكمة لتوكيل أو قضية.
ويستطرد قائلًا”: هذا أحد أسباب الغضب، لأن قضية صحة توقيع مثلًا أتعابها تقدر بـ 1000 جنيه، تكلف المحامي مصاريف كبيرة غير مرئية، ولا يتبقى له شيء مع وضعية الإيصال والفاتورة”.
ويشير “هريدي”، إلى ضرورة أن يبقى المحامون بعيدًا عن إلزامية التسجيل بالفاتورة، أو الإيصال المهني، مرجحًا ضرورة إجراء تعديل تشريعي وفق الأدوات البرلمانية المتاحة، إذا أرادت الدولة استثناء المهنيين.
ودعت نقابة المحامين لاجتماع عاجل الجمعة المقبل يضم مجلس النقابة العامة، والنقابات الفرعية لإعلان الموقف النهائي من “الفاتورة الإلكترونية”، وفق ما توصلت إليه اللجنة المعنية بالتفاوض مع مصلحة الضرائب.
ضغوط احتجاجية
ويقول محمود الداخلي الأمين العام المساعد لللنقابة: إن المجلس لا شأن له بالضغوط الاحتجاجية المصاحبة للاجتماع، مشيرًا إلى أن الرد سيأتي عقب انتهاء اجتماع الجمعة.
ويضيف لـ”مصر360″، أن المجلس الحالي لا يعوق عملًا، ولن يستطيع أحد جره إلى مسار غير مسار التفاوض مع الدولة، مؤكدًا أن ثمة جهات مشروعة، وطرق مشروعة سيسلكها النقيب، ومجلسه بحيادية لصالح جموع المحامين.
ويستطرد قائلًا”: الصخب الدائر حاليًا وراءه الطامحون في العودة للمقاعد، وهذا لن يحدث”.
الأمين العام المساعد لنقابة المحامين، يرى أن من يتهم المجلس بالوصول إلى صيغة “إرجاء”، فقط فيما يخص “الفاتورة الإلكترونية”، مخطئ في طرحه، معرجًا على أن الإرجاء لم يتعارض مع ما توصلت إليه لجنة “المحامين”، خلال التفاوض.
التعامل السياسي هو “الحل”
وفي سياق متصل، يشير “الداخلي”، إلى أن ثمة تواصل يجري حاليًا مع وزارة المالية لقطع قيمة ضريبية سنويًا لمحامين “الابتدائي، الاستئناف، والنقض”، دون فحص ملفات، أما من هم “تحت التمرين”، فلهم إعفاء بقوة القانون.
يأتي ذلك مخالفًا لما يطرحه وكيل النقابة عمر هريدي، بأن الحل الأمثل لأزمة “الفاتورة الإلكترونية”، هو التعامل السياسي، بجانب التدخل التشريعي”، داعيًا مصلحة الضرائب إلى معاملة المحامين وفق واقعهم العملي، نظير أن أعمالهم تعتمد على مصروفات غير مرئية، ولا يمكن إصدار فاتورة، أو إيصال بها.