في كتابه الجديد «الجهاد الفرنسي: الضواحي، سوريا، باريس، السجون»، الصادر مؤخرا، يكشف الأكاديمي الفرنسي هيجو ميشيرون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ليون، عن ماهية «الجهاد الفرنسي»، وكيف لبى نحو 2000 من المواطنين الفرنسيين «دعوة الجهاد» في صفوف التنظيمات الإسلامية المتطرفة في سوريا، والرحلة التي قطعها بعض هؤلاء «الدواعش الفرنسيين» من باريس إلى سوريا، وبالعكس.
«الجهاد الفرنسي»: من باريس إلى سوريا.. وبالعكس
وفق الكتاب، شاركت هذه العناصر الفرنسية «الجهادية» تنظيم «داعش» على جبهات القتال في مدينة الرقة السورية أيام صعود التنظيم عام 2014. ومن بين هذه العناصر أطفال ونساء ما زالوا موجودين حتى الآن في معسكرات احتجاز في شمال شرقي سوريا.
شاركت هذه العناصر الفرنسية «الجهادية» تنظيم «داعش» على جبهات القتال في مدينة الرقة السورية أيام صعود التنظيم عام 2014.
حسب الإحصائيات الرسمية التي أوردها المؤلف، تبين أنه خلال الفترة من 2012 إلى 2018، كانت أصول 80% من العناصر الأوروبية المتطرفة التي انتمت إلى «داعش» تعود إلى أربع دول أوروبية فقط، هي فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وبلجيكا. ويمثل الفرنسيون منهم 40 في المئة منهم، بواقع يتراوح بين 2000 و5000 فرد و800 لبريطانيا و800 لألمانيا، بينما يقدر نصيب بلجيكا بـ600 لتمثل أكبر دولة أوروبية فيها عناصر جهادية مقارنة بعدد سكانها.
اقرأ الكتاب الأول: الإرهاب والتطرف في أوروبا.. الأسباب والمعالجات
وخلال هذه الفترة، تم تنفيذ أكثر من 20 عملية إرهابية بواسطة عناصر «داعش» الأوربيين والمتعاطفين مع التنظيم في فرنسا، ونحو ذلك من العمليات في بلجيكا، وألمانيا، وبريطانيا، وإسبانيا، ومعظم العمليات الإرهابية التي شهدتها فرنسا قد نُفذت بأيادي عناصر فرنسية تربوا على الأراضي الفرنسية وتعلموا في مدارسها.
«ميشيرون»: العوامل الاقتصادية المتردية في بعض المدن الفرنسية التي يقطنها مسلمون مهاجرون، مثل مارسيليا، لا تمثل دافعاً لوجود أرض خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة
يرى «ميشيرون» أن العوامل الاقتصادية المتردية في بعض المدن الفرنسية التي يقطنها مسلمون مهاجرون، مثل مارسيليا، لا تمثل دافعاً لوجود أرض خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة، وليس أدل على ذلك من انتشار ظاهرة «الجهاديين الفرنسيين» في مدينة ليمل ذات الـ25 ألف نسمة فقط، وذات المستوى الاقتصادي الجيد، إلا أنها حازت في 2014 لقب «عاصمة الجهاد الفرنسي»، حيث توجه منها 25 عنصراً متطرفاً إلى سوريا، وفي الوقت نفسه، فإن المدن الأكثر ازدحاماً عشرات المرات في شمال مارسيليا لم تشهد توجه متطرف واحد إلى سوريا في الفترة من 2012 إلى 2018؛ الأمر الذي يؤكد عدم جدوى استخدام المعيار الاجتماعي أو الاقتصادي في تفسير وتنامي تلك الظاهرة.
اقرأ الكتاب الثاني:«حقول الدم: الدين وتاريخ العنف».. هل اخترعت أوروبا الإرهاب؟
ويبلغ عدد المتطرفين الفرنسيين المحتجزين لدى القوات الكردية في شمال العراق، نحو 400 فرد بينهم 300 من النساء والأطفال، وحُكم في العراق حتى الآن على نحو 13 مقاتلا فرنسيا بالإعدام، فيما ينتظر المزيد من المشتبه بانتسابهم إلى تنظيم «داعش» محاكمتهم.
وحاولت فرنسا، بشكل رسمي، النأي بنفسها تماما عن قضية «الدواعش»، ففي مايو من العام الماضي، اتفقت الحكومة الفرنسية مع العراق على محاكمة مواطنين منتمين لـ «داعش» في العراق، معتقلين لدى «قوات سوريا الديمقراطية»، وذلك مقابل مساعدات عسكرية ومالية تقدمها فرنسا للعراق.
اقرأ الكتاب الثالث: المال الأسود: التاريخ الخفي لأثرياء دعموا صعود اليمين المتطرف
يعتبر المؤلف أن هذا الأمر جزء من الثقافة وعقيدة فرنسية قديمة، أن من يرتكب عمل غير قانوني أو إرهابي في بلد آخر، يفضل أن يعاقب في البلد الذي تم فيه الجرم، وذلك أن المجرم لو نقل إلى الأراضي الفرنسية فإن جميع جمعيات حقوق الإنسان في فرنسا ستتحرك من أجله، وهذا ما لا يحبذه قصر الإليزيه، والسبب الثاني هو حماية فرنسا والمواطنين الفرنسيين، حيث لا يرغب المجتمع الفرنسي بعودة عناصر متهمة بقضايا إرهابية، والحكومة تحاول الحفاظ على مظهرها، لذلك هذا الأمر كان متوقعا».
اقرأ الكتاب الرابع: دراسة أممية: الفقر سبب التطرف في أفريقيا.. لا الإسلام
هناك خلايا نائمة للتنظيم في فرنسا، وعناصر لم يكشف النقاب عنها، ووفق الكتاب، فإن هناك نحو 100 فرنسي من بين هؤلاء يشكلون خطرا على بلدهم الأصل، فرنسا، الأمر الذي يُقلق المسؤولين على أعلى المستويات السياسية في البلاد.