كثفت هيئات الأمم المتحدة من أنشطتها مع قرب انعقاد مؤتمر المناخ في شرم الشيخ, وأصدرت منظمات الصحة والإغاثة والهجرة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بيانات وتصريحات، تشير في مجملها إلى آثار التغيرات المناخية على ملفات حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية في قارة إفريقيا. بالإضافة إلى الحريات العامة. كما ترصد تلك البيانات تصاعد أزمات الأوبئة والأمراض، واتساع نطاق انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى الخلل في سبل المعيشة التي يعاني منها الأفارقة في كل أرجاء القارة.
اقرأ أيضا.. ما الذي فعله قادة العالم بشأن تغير المناخ في عام 2022؟
حقوق الإنسان
في ملف حقوق الإنسان، أصدر المفوض السامي للأمم المتحدة، فولكر تورك، رسالة دعا فيها المشاركين في مؤتمر المناخ في شرم الشيخ 2022 إلى وضع حقوق الإنسان في صميم الجهود المبذولة لمعالجة تغير المناخ. وقال تورك إن نتائج مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المقبل (COP27) في شرم الشيخ “أمر بالغ الأهمية للتمتع الفعال بحقوق الإنسان، ليس فقط في السنوات المقبلة. لكن الآن”.
وسلط “تورك” الضوء على النتائج الأخيرة التي توصل إليها الفريق الدولي المعني بتغير المناخ والتي تفيد بأن العمل المناخي القائم على الحقوق والمشاركة يؤدي إلى نتائج أكثر فعالية وشرعية واستدامة للناس وللكوكب. كما أشار إلى ضرورة أن يكون نهج التصدي يشمل مشاركة الجميع، بما في ذلك ممثلو المجتمع المدني، بشكل هادف في قمة شرم الشيخ. وفيما يتعلق بالقرارات والمخرجات المتعلقة بتغير المناخ، قال المفوض السامي للأمم المتحدة إنه يجب أن تكون شفافة وشاملة وخاضعة للمساءلة.
وفي رسالته التي وجهها للمؤتمر حث المفوض السامي الدول على اغتنام الفرصة لتعزيز الطموح المناخي لحماية حقوق الإنسان، وضمان المشاركة الهادفة والفعالة، والتصدي لأضرار حقوق الإنسان الناجمة عن تغير المناخ. كذلك أشار إلى أهمية تعبئة الموارد للعمل المناخي القائم على الحقوق، وضمان مركزية حقوق الإنسان في صنع القرار بشأن المناخ.
أجندة الصحة
تعد قضايا الصحة من أبرز القضايا التي تناقش في إطار التغير المناخي وأزمة المناخ. إذ أصدرت منظمة الصحة العالمية تحليلا تناول قضية المناخ وعلاقتها بالصحة خاصة في إفريقيا، خصوصا منطقة القرن الإفريقي. كذلك أفاد التحليل بأن الأوبئة وصلت إلى أعلى مستوى لها. كما تفاقمت الأزمة الصحية، في الوقت الذي يؤثر فيه الجوع الحاد على حياة 47 مليون شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي في العالم. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن جريفيث، إن العالم الآن في قبضة أزمة جوع، وأن هناك حوالي 22 مليون شخص على حافة المجاعة في القرن الإفريقي.
جفاف شرق إفريقيا
أما فيما يخص القرن الإفريقي، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى تعرض المنطقة إلى أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما، مع توقعات بانعدام الأمطار للموسم الخامس على التوالي. بينما تواجه أجزاء أخرى من المنطقة لأخطار الفيضانات والصراعات.
تقول ماتشيديسو مويتي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، إنه من المهم أن يتوصل قادة العالم إلى اتفاق بشأن وقف ارتفاع درجات الحرارة في مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ (COP27) الذي ينعقد بشكل مناسب للغاية في إفريقيا. نحن كقارة الأقل مسئولية عن الاحتباس الحراري، ولكننا أول من عانى من تأثيراته المأساوية”.
الأمراض المعدية والأوبئة
من ناحية أخرى، أشار الدكتور تيدروس أدهانوم مدير منظمة الصحة، إلى أن أزمة المناخ أزمة صحية في الأساس، تؤدي إلى تفشي الأمراض. كما تسبب المزيد من المشكلات الصحية. كما أن العوامل المناخية المصحوبة بالصراع تؤدي إلى “استفحال أزمة الغذاء” في منطقة الساحل، كما في غرب ووسط إفريقيا.
وأضاف: “يؤدي تغير المناخ في جميع أنحاء العالم إلى تفشي الكوليرا وحمى الضنك. كما يزيد من مخاطر ظهور مسببات الأمراض الجديدة مع احتمال ظهور الجوائح والأوبئة. الحكومات دعت إلى التخلص التدريجي العادل والمنصف والسريع من الوقود الأحفوري والانتقال إلى مستقبل من الطاقة النظيفة”.
وتسجل دول القرن الإفريقي، والتى تضم جيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب السودان والسودان وأوغندا، 39 حالة تفشي للأمراض، بجانب تحديات الصراعات والكوارث الطبيعية. كما تمثل حالات تفشي الجمرة الخبيثة والحصبة والكوليرا والحمى والأمراض المعدية الأخرى، أكثر من 80% من الأوبئة الحادة المبلغ عنها.
منح لا قروض
منسق الإغاثة الإنسانية، دعا قادة العالم الذين سيجتمعون غدا في شرم الشيخ إلى الوفاء بوعودهم. كما أشار إلى تعهد مجموعة العشرين بتخصيص 100 مليار دولار أمريكي سنويا للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. كذلك أضاف: “نحن بحاجة للخروج من COP27 بوضوح ومساءلة حول ذلك الأمر”.
وشدد على ضرورة إنهاء دعم الوقود الأحفوري وتخفيف عبء الديون عن الدول التي تحتاج بشكل ماس إلى المساعدة، وقال: “نحن بحاجة إلى أن تستخدم أموال المناخ كمنح، وليس كقروض”. كما أكد أن مؤتمر شرم الشيخ سيكون “اختبارا رئيسيا لنا جميعا لمعرفة ما إذا كانت تلك الالتزامات، التي تم التعهد بها بجرأة في السنوات الماضية، ستصل أخيرا للأشخاص الذين يحدقون في وجه مستقبل المناخ”.
سوء التغذية
تشير التقديرات إلى أن ملايين الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، ما يزيد من خطر تعرضهم ليس فقط للمجاعة، لكن أيضا لمضاعفات شديدة أثناء تفشي الأمراض بسبب ضعف مناعتهم. وقالت منظمة الصحة العالمية إن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أكثر عرضة للإصابة بأمراض الطفولة الشائعة. كما أشارت إلى أن 45% من وفيات الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم مرتبطة بسوء التغذية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تحتاج إلى 124 مليون دولار أمريكي للاستجابة بفعالية للأزمة المقبلة، لكنها لم تتلق سوى 34% فقط من هذا المبلغ.
أجبر انعدام الأمن الغذائي، الناجم عن الفيضانات والجفاف، إلى جانب الصراع، وتداعيات جائحة “كوفيد-19″، وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، الناس على الفرار من ديارهم. وتضم منطقة القرن الإفريقي الآن 4.5 مليون لاجئ وطالب لجوء بالإضافة إلى 12.7 مليون نازح داخلي. ولا يمنع هذا النزوح الأشخاص من الوصول إلى الرعاية الصحية التي يحتاجونها فحسب، بل يؤدي أيضا لزيادة خطر تفشي الأمراض في الملاجئ المؤقتة المزدحمة.
الصراعات والهجرة
فيما دعا في ختام زيارة له إلى الصومال وكينيا، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو جراندي، زعماء العالم إلى عدم ادخار أي جهد في مساعدة البلدان الواقعة في القرن الإفريقي لكسر حلقة أزمات الصراع والمناخ.
ويواجه القرن الإفريقى الجفاف والفيضانات، حيث تغمر المياه 40٪ من جنوب السودان، وتأثر عشرات الآلاف من الأشخاص في السودان المجاور بالأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة.
وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة في بيان نُشر الخميس، أنه يتعين على الدول تكثيف الإجراءات بشكل عاجل للتكيف مع الآثار الحالية والمستقبلية لتغير المناخ، إذ إن الجهود الآن قليلة وبطيئة للغاية.، ويأتى هذا البيان فى ضوء تقرير فجوة التكيف لعام 2022 والذى صدر قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المناخ (COP27)في شرم الشيخ.
ويدعو التقرير إلى زيادة التمويل وتنفيذ إجراءات تهدف إلى مساعدة الدول والمجتمعات الضعيفة على التكيف مع حالة الطوارئ المناخية في مواجهة المخاطر المتزايدة، وتترواح تقديرات احتياجات التكيف السنوية ما بين 160 مليار و340 مليار دولار بحلول نهاية العقد، لتصل إلى 565 مليار دولار بحلول عام 2050.