اعتمدت الحكومة الفترة الماضية تعريفة شحن السيارات الكهربائية. حيث تم تصنيف تعريفة الشحن المعتمدة على أساس مستوى التغذية من الكهرباء. تماشيًا مع توسع الحكومة في استخدام سيارات الكهرباء في إطار خطتها للحد من الانبعاثات. وذلك ضمن جهودها للحفاظ على البيئة. فهل تصطدم السيارات الكهربائية بنقص محطات الشحن بمحافظات الجمهورية؟. و”كيف ستتغير ملامح استهلاك الوقود في مصر بهذا التحول الطاقي؟”.
ليبقى التحدي الأصعب أمام الحكومة حاليًا هو مدى قابلية البنية التحتية للدولة للاستثمار في هذا المجال. بالإضافة إلى قدرتها على استيعاب التوسع المزمع في إنشاء المحطات على مستوى جميع المحافظات. وكذلك قدرة الدولة على توطين صناعة السيارات الكهربائية محليًا في ظل ارتفاع أسعارها مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين والغاز.
تعريفة الشحن
قبل اعتماد تعريفة شحن السيارات الكهربائية تم مناقشة أكثر من آلية لاعتماد التعريفة النهائية. إلى أن تم تصنيف التعريفة على أساس مستوى التغذية من الكهرباء. وبلغ مستوى تعريفة التغذية من محطات الشحن حتى 22 كيلووات تيار متردد نحو 169 قرشاً لكل كيلووات ساعة. وذلك فيما يخص الأماكن التي تعفي فيها شركات الشحن من دفع مقابل استخدام المكان.
أما بالنسبة للأماكن التي تلتزم فيها شركات الشحن بدفع مقابل استخدام المكان تبلغ التعريفة 189 قرشاً لكل كيلووات ساعة. وفيما يتعلق بمستوى التغذية الكهربائية حتى 50 كيلووات تيار مستمر تبلغ التعريفة 375 قرشاً لكل كيلووات ساعة. وحال رغبة أي شخص في شحن السيارة من المنزل سيتم محاسبته على نفس أسعار تعريفة الاستهلاك المنزلي.
ما يعني أن شحن بطارية السيارة بسعة 50 كيلووات والتي تكفي مسافة 260 كيلومترًا ستتكلف بين 95 و188 جنيها في المراكز التجارية ومحطات الوقود. و85 جنيها إذا تم الشحن في جهات تابعة للدولة. بينما تنخفض إلى 73 جنيها إذا تم الشحن في المنزل.
هل التعريفة مناسبة مقارنة بالوقود؟
مع توجه الحكومة بشكل مباشر إلى اعتماد استراتيجية الطاقة الخضراء. عدد البعض جدوى التحول للمركبات الكهربائية محليًا. لتقليص استهلاك الوقود بعد تزايد تسعيرة البنزين والسولار محليًا عقب سلسلة الارتفاعات الأخيرة بعد ربط الوقود محليًا بتسعيرة النفط العالمي. الذي وصل إلى 140 دولارًا للبرميل ثم عاود الانخفاض. ومع ذلك هناك معوقات تقف أمام التوسع الكهربائي بالمركبات بخلاف تسعيرة الشحن مثل أسعار السيارات الكهربائية وكذلك انتشار محطات الشحن.
وأكد خالد سعد -الأمين العام لرابطة مصنعي المركبات المصرية- لـ”مصر 360″ أن تعريفة شحن هذه السيارات والتي تم إقرارها مناسبة للغاية مقارنة بأسعار الوقود والغاز. بجانب عدم حاجة السيارات الكهربائية إلى الصيانات الدورية “تغيير الزيت والفلاتر”. ما يزيد تحفيز المواطنين للتحول إلى السيارات الكهربائية وسرعة انتشارها.
ولفت إلى أن تعريفة الشحن الحالية أقل بنحو 50% مقارنة بأسعار الوقود التقليدي. وستشجع التعريفة -حال زيادة أعداد محطات الشحن- العملاء للتوجه نحو تلك السيارات لما توفره من مزايا بيئية تحقق استراتيجية الدولة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
كيف ستتغير ملامح استهلاك الوقود؟
ويقول مدحت يوسف -نائب رئيس هيئة البترول الأسبق- إن تسعيرة شحن السيارات الكهربائية أقل بكثير من سعر بيع الوقود الأحفوري “البنزين والسولار”. بمعدل يتراوح بين 30 -50%. وبالتالي يعود ذلك بوفر للمستهلك النهائي. موضحًا أن السيارات الكهربائية ستغير ملامح استهلاك الوقود عبر تقليص استهلاك البنزين والسولار محليًا خلال السنوات القادمة.
وأضاف لـ”مصر 360″ أن أسعار الوقود متغيرة كل 3 أشهر. وبالتالي تكون قابلة للزيادة باستمرار حال ارتفاع النفط عالميًا مثلما حدث عقب الأزمة الروسية الأوكرانية. ما يجعل المستهلك النهائي غير قادر على تحديد فاتورة شهرية ثابتة. مثلما حدث العام الماضي وتغيير الأسعار 3 مرات بسبب التقلبات العالمية. وبالتالي يكون التحول الكهربائي أكثر أمانًا وأقل تكلفة للعملاء.
وطالب بالتوسع في محطات شحن المركبات الكهربائية وإنشاء مراكز الصيانة وخدمات ما بعد البيع لدعم انتشارها بالشارع المصري في السنوات القادمة.
وأكد عمرو مصطفى -الخبير البترولي- لـ”مصر 360″ أن التوسع في المركبات الكهربائية سيوفر للدولة فاتورة استهلاك البنزين والسولار. بما يعود بالمصلحة للموازنة العامة للدولة. بجانب دور الشحن الكهربائي في دعم برامج الاقتصاد الأخضر الذي يعتمد أساسا على تقليص استهلاكات الوقود الأحفوري.
وأضاف أن التوسع في محطات الشحن الكهربائية سيزيد قناعات المواطنين في التحول نحو السيارات الكهربائية بعيدًا عن البنزين. ومن ثم تغير ملامح استهلاك الوقود لتقل بمعدل قد يصل إلى 20% خلال الـ5 سنوات القادمة.
انخفاض استهلاك بنزين 80
وفي أكتوبر الماضي أكد المهندس طارق الملا -وزير البترول- أن هناك زيادة في استهلاك بنزين عالي الجودة أوكتين “95 و92”. ما أدى إلى انخفاض معدلات استهلاك بنزين 80. حيث وصلت معدلات استهلاك البنزين 95 إلى ما يقرب من 700 ألف طن خلال عام 2020-2021. مقارنة بـ445 ألف طن خلال نفس الفترة من العام الذي يسبقه. و20 ألف طن فقط خلال عام 2016. وذلك بسبب تحسين منتج البنزين. ما أدى إلى زيادة نسبة الإقبال عليه لكونه منتجا عالي الجودة ويحافظ على محرك السيارة والأداء.
وتصل معدلات استهلاك بنزين 80 في السوق المحلية المصرية إلى نحو 40% من إجمالي حجم الاستهلاك كوقود للسيارات والدراجات النارية و”التوك توك”. حيث تراجعت معدلات استهلاك بنزين 80 إلى أدنى مستوى لها لأول مرة في مصر. ويمثل بنزين أوكتين 92 النسبة الأكبر في معدلات الاستهلاك لكونه متوسط السعر وأعلى جودة من بنزين 80.
السيارات الكهربائية ونقص محطات الشحن
ورغم الخطوات الحكومية على مستوى خطط التوسع بالسيارات الكهربائية فإن محطات الشحن ليست منتشرة على المستوى المطلوب. خاصة أن الشركات التي كانت قد بادرت بإنشاء المحطات الكهربائية السنوات الماضية اضطرت إلى شحن السيارات التي كانت موجودة بالسوق مجانا. وذلك لعدم إقرار تعريفة معينة للشحن الكهربائي خلال الأعوام الماضية وفق مصادر بجهاز تنظيم مرفق الكهرباء.
وأضافت المصادر لـ”مصر 360″ أن مرفق الكهرباء عزز جهوده في إصدار القواعد التنظيمية لإنشاء محطات شحن السيارات الكهربائية. وذلك بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لوضع القواعد التنظيمية للمحطات على مستوى الجمهورية.
محاولات فردية وليس انتشارا
ويقول الخبير الاقتصادي رمضان أبوالعلا لـ”مصر 360″ إن المركبات الكهربائية غير منتشرة وكل ما هو موجود بالسوق عبارة عن محاولات فردية لقناعات شخصية دون حوافز من الدولة.
ولفت إلى أن المشكلة الحقيقية التي تعيق انتشار المركبات الكهربائية هي البنية التحتية. بدءًا من محطات الشحن بالطرق مرورًا بقطع الغيار. وإن كانت الدولة تعمل حاليا على حل هذه الأزمة. وكذلك محاولة إنشاء وتشغيل محطات لشحن السيارات الكهربائية على مستوى بعض المحافظات المتوقع تزايد الإقبال بها على هذا النوع من السيارات -وفق أبوالعلا.
شحن بالمجان
وقال هشام الجمل -مدير شركة إنفينيتي سولار للطاقة الشمسية- إن الشركة تمتلك نحو 75 محطة شحن للسيارات الكهربائية على مستوى عدد من مناطق الجمهورية. والتي تتنوع بين شحن سريع وبطئ للسيارات.
وأضاف لـ”مصر 360″ أن الشركة تقوم منذ 3 سنوات بشحن السيارات الكهربائية داخل محطاتها بالمجان. بسبب عدم إقرار القواعد المنظمة لشحن السيارات من جهاز مرفق الكهرباء. فيما تابع أن البنية التحتية الحالية تحتاج إلى تطوير على مستوى إنشاء محطات الشحن. وكذلك الحوافز المقدمة للعملاء. وذلك لدعم برامج الحكومة الرامية إلى التحول للاقتصاد الأخضر وتقليص الاعتماد على الوفود الأحفوري.
توطين صناعة السيارات الكهربائية
وتسعى الحكومة خلال 2022 إلى إطلاق استراتيجية صناعة السيارات بعد أن وجه الرئيس السيسي في مارس 2020 بالشروع في إطلاق الاستراتيجية القومية لتوطين صناعة المركبات والصناعات المغذية لها في مصر. وذلك في إطار خطة الدولة لصناعة السيارات ورؤية مصر 2030 وأبعادها التنموية والبيئية والاقتصادية.
وتتجه مصر حاليًا إلى إنتاج مركبات كهربائية عبر شركة النصر. وذلك قبل توقف المفاوضات مع شركة “دونج فنج” الصينية. حيث يتوقع أن يصل حجم الإنتاج إلى 25 ألف سيارة سنويا. وسيتراوح سعر السيارة بين 300 و400 ألف جنيه. كما سيتون هناك خطة لإنتاج بطارية السيارة الكهربائية خلال الثلاثة أعوام القادمة.
وكان هشام توفيق -وزير قطاع الأعمال- أكد أن المركبات الكهربائية ستكون موجودة بنهاية 2022. مضيفًا أنه جار العمل على الانتهاء من تنفيذ المشروع في الموعد المحدد. وقال وزير قطاع الأعمال العام إنه جار تصنيع سيارة سيدان كهربائية مصرية تسير 400 كم. موضحاً أن السيارة الكهربائية المصرية توفر 6 آلاف جنيه للمواطن مقارنة بمثيلاتها بالبنزين.