45% من سكان مصر عند خط الفقر، رقم صادم، خلفته الأثار السلبية لتفشي فيروس كورونا المستجد في مصر، بحسب دراسة استند عليها، الدكتور محمد محيي الدين، أستاذ علم الاجتماع بكلية الأدب بجامعة المنوفية، والذي شغل منصب كبير الاقتصاديين الاجتماعيين بالمكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية في وقت سابق، خلال الحلقة النقاشية التي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تحت عنوان “الآثار المتوقعة لجائحة كورونا على المجتمع المصري”.
الدراسة، أظهرت أن انخفاض نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة مئوية واحدة سيؤدي إلى زيادة في نسبة الفقر 0.7%، كما أشارت الدراسة إلى ان ارتفاع معدل البطالة بنقطة مئوية واحدة سيؤدي الى ارتفاع نسبة الفقر بنسبة 1.5% في المائة، كما سيؤدى ارتفاع معدل التضخم بحوالي نحو واحد في المائة الى ارتفاع نسبة الفقر الى0.4%، وهذا يعني ان أزمة كورونا ستؤدي الى ارتفاع نسبة الفقراء في مصر بنسبة تتراوح من 5 .5 الى 12.2 %.
وبحسب مسح الدخل والأنفاق لعام 2018/2019، فإن نسبة الفقراء 32.5%، وبحسب الدراسة فإن معدل الفقر سوف يرتفع ويصبح ما يقرب من 45% من السكان.
الحجر المنزلى
يواصل أستاذ علم الاجتماع، حديثه عن تأثيرات الجائحة السلبية على الأسر أثناء فترة الحظر والحجر المنزلي، فيشير إلى أن الجائحة أظهرت عددا من الظواهر السلبية، منها على سبيل المثال تزايد المشاحنات ما بين الزوجة والأبناء، وما بين الزوجات والأزواج وما بين الأبناء بعضهم البعض تعاظمت بنسبة تراوحت ما بين 9% إلى 14 او 15 % من عينة عشوائية تمت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار “محيي الدين”، إلى تفاوت الأرقام حول عدد الإصابات في مصر بالفيروس، مشيرًا إلى تقديرات مركز بصيرة والتي قدرت عدد المصابين بنحو 6016 ألف، وتقديرات وزارة الصحة التي تشير إلى أن عدد الإصابات يلامس 100 ألف فقط، وأرجع ذلك إلى اعتماد وزارة الصحة على البيانات من خلال المستشفيات الحكومية فقطن دون إدراج المستشفيات الخاصة في الإحصاءات.
وأشار إلى أن البيانات التي تعلن عنها وزارة الصحة تؤكد على تراجع في أعداد المصابين، رغم أن المنحنى لم يستقر حتى الآن، لتوقف وزارة الصحة في إجراء مسبحات للمرضى منذ شهرين ماضيين نتيجة لارتفاع تكلفتها على الدولة، بالإضافة إلى توجه الوزارة في الاعتماد على العزل المنزلي للحالات الأقل خطورة، لعدم قدرة المنظومة الصحية على استيعاب المصابين.
وأضاف أستاذ علم الاجتماع، أنه برغم انخفاض عدد حالات الإصابة وفقا للبيانات الرسمية المعلنة، غير أن الاتجاه العام في الرسم البياني يوضح أنه لازال في تصاعد في عدد المصابين، ومع ذلك تم فتح الاقتصاد والمجتمع المصري، مؤكدا إن إعادة فتح الاقتصاد جاء نتيجة لبعض الضغوط على الحكومة المصرية ومنها ضغوط رجال الأعمال، ووجود عدد كبير من العمالة غير المنتظمة التي توفر قوت اليوم بيومه والتي اختارت خطر الإصابة بدلًا من الموت جوعًا.
مصر والدول العربية
وقارن “محيي الدين”، بين الدول العربية في مواجهة الفيروس، وأوضح أن الدول العربية البترولية مثل ” السعودية، الكويت، عمان، الامارات” أقل من مصر بكثير سواء على مستوى المصابين الذين قيد العلاج والذين يبلغون في مصر 62% وهي نسبة مرتفعة، بالإضافة إلى نسبة والوفيات والتي تبلغ في مصر 4.9% وهي نسبة كبيرة أيضاً.
وأشار إلى أن الفارق بين هذه الدول ومصر تعود إلى القدرة المالية، بالإضافة إلى المخصصات التي خصصت للإنفاق على الصحة في مصر، فالميزانية العامة للدولة المصرية خصصت نصيب الصحة منها 1.8 من الناتج المحلى الإجمالي، مقابل نص دستوري يقول إن النسبة لا ينبغي ألا تقل عن 5%، مؤكدا أنه لو كانت الدولة المصرية التزمت بالنسبة المخصصة للصحة وفقا للنص الدستوري لكان الوضع الصحي في مصر أفضل من ذلك.
وأوضح أستاذ علم الاجتماع، أن الدولة العربية الوحيدة التي تفوقت علينا في معدل الوفيات السودان، مشيرا الى اليمن التي تعاني من صراعات داخلية معدل الوفيات فيها نصف المعدل المصري، موضحا أن الدول العربية البترولية معدل الذين قيد العلاج 15% فقط أي ربع معدل الذين قيد العلاج في مصر، أما الدولة غير البترولية 40% فقط قيد العلاج حتى الأن.
واستطرد قائلا:” المحصلة ببساطة لا هي أزمة وعي ولا مسؤولية أفراد، لكن الأزمة تكمن في سياسات صحية تعجز عن توفير الاحتياجات الصحية للمصريين، وإذا كنا نتحدث عن الوعي علينا ان ننظر الى المستوى التعليمي وتدهوره في مصر وكلها مسؤوليات حكومية في المقام الأول وليست مسؤولية أفراد.
التعليم.. وشبكات الأمان الاجتماعى
ويرى أستاذ علم الاجتماع، أن قطاع التعليم في مصر قد استفاد من الجائحة، وحدث قفزة تعليمية في استخدام الانترنت، مما أدى الى زيادة استهلاك الانترنت وتصفح مواقع التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي منذ بداية الجائحة، كما تضاعف عدد ساعات الذروة على الأنترنت من 7 ساعات في شهر مارس الماضي إلى 15 ساعة في مايو الماضي، لكنه طرح سؤلا مهما وهو: كيف سيؤثر تعاظم مستويات الفقر على فرص أبناء الفقراء سواء في الالتحاق أو الاستمرار في التعليم، وهل الجائحة سوف تتسبب في زيادة التسرب التعليمي من أجل الدفع بهم إلى سوق العمل في سنوات مبكرة من عمرهم؟”.
ويرى أن إجابات تلك الأسئلة تعود إلى السياسات التي ستنتهجها الدولة فيما يتعلق بشبكات الأمان الاجتماعي، وأوضح أن هذه الشبكات عبارة عن اليات وانشطة تهدف الى تحقيق الاستقرار للأفراد والجماعات وتحرير البشر من العوذ والحاجة سواء بسبب الاخطار الداخلية أو الخارجية، بما يضمن نوع من التماسك الاجتماعي. مثل ما قامت به الدولة من صرف معونة قدرها500 جنيه على مدار 3 أشهر متتالية للعاملين لعمال اليومية الذين فقدوا مصدر رزقهم والأكثر تضررا من الجائحة.