قبل يومين، أعلن قائد القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط. أن الولايات المتحدة “ستشكل قوة عمل جديدة متعددة الجنسيات لتسيير دوريات في البحر الأحمر وخليج عدن”. وأوضح نائب قائد الأسطول الخامس، براد كوبر، أن فرقة العمل CTF-153 التابعة للقوات البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة. ستقوم بدوريات في الممر المائي بين مصر والسعودية. عبر مضيق باب المندب، إلى المياه الواقعة قبالة الحدود اليمنية- العمانية.

وأشار كوبر -في اتصال هاتفي من مقره في البحرين مع عدد من الصحفيين. أن فرقة العمل الجديدة ستضم سفينتين إلى ثماني سفن. وبينما قال إنه لا يتوقع أن تضيف إلى عدد السفن التي تركز على الأمن في مياه الشرق الأوسط. فإنها “ستساعد في جعل الدوريات أكثر كفاءة”، وفق تعبيره.

تعد فرقة العمل المشتركة CTF-153 هي رابع قوة عمل مشتركة لقوة البحرية المشتركة. التي تأسست في عام 2002 كائتلاف بحري دولي لمكافحة الاتجار والإرهاب والقرصنة في المنطقة. حيث تقوم CTF-152 بدوريات في الخليج العربي. بينما تم نشر CTF-150 حتى الآن عبر الممرات البحرية في الشرق الأوسط خارج الخليج. وتركز CTF-151 بشكل خاص على القرصنة. حيث ستسمح الوحدة الجديدة لـ CTF-150 بتركيز جهودها على المياه المفتوحة لشمال بحر العرب.

وفق محللي Al-Monitor، تأتي إعادة تنظيم القوة البحرية المشتركة مع الولايات المتحدة في الخليج العربي. في الوقت الذي لا تظهر فيه إيران أي علامة على التخلي عن دعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن. ومع قيام روسيا -الخصم الاستراتيجي للولايات المتحدة- بشق طريقها مع المجلس العسكري في السودان. حيث تنتظر موسكو صفقة محتملة لقاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر.

اقرأ أيضا: الترويج الإماراتي لـ “الملاذ الآمن” يصطدم ببنك الأهداف الحوثي

القوة البحرية المشتركة

نظمت البحرية الأمريكية القوات البحرية المشتركة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية. لتأمين الممرات المائية الرئيسية حول قناة السويس ومضيق هرمز، وهما نقطتان رئيسيتان في الاقتصاد العالمي. وتتكون القوة من ثلاث فرق عمل متعددة الجنسيات. تقود كندا حاليًا فرقة العمل CTF-150. والتي تركز على مكافحة الإرهاب. وعمليات مكافحة التهريب في البحر الأحمر والمحيط الهندي. وخليج عمان وخليج عدن.

وفي عام 2009 أنشأت الولايات المتحدة قوة المهام CTF-151، التي تخضع لقيادة البحرية الباكستانية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2021. لمكافحة القرصنة في المنطقة. بينما تعمل فرقة العمل CTF-152.  داخل الخليج العربي، وتهدف إلى حد كبير إلى تأمين الممر المائي لشحنات النفط. ويترأسها حاليًا حرس الحدود السعودي.

مواجهة المخاطر البحرية

حسب تصريحه للصحفيين. أكد كوبر أن تشكيل فرقة العمل الجديدة “يعكس إجماعًا إقليميًا على أهمية الأمن البحري في هذه المسطحات المائية”. مشيرًا إلى أنها ستكافح تهريب الأسلحة والمخدرات والبشر والفحم -في إشارة إلى مصدر دخل قوي فيما مضى لجماعة الشباب الجهادية الصومالية- وقال: المنطقة شاسعة لدرجة أننا لا نستطيع القيام بذلك بمفردنا. لذلك سنكون في أفضل حالاتنا عندما نتشارك مع القوات البحرية الإقليمية.

ورفض نائب قائد الأسطول الخامس الأمريكي تحديد ما إذا كانت دوريات فرقة العمل المشتركة CTF-153 ستستهدف على وجه التحديد عمليات التهريب المتجهة للحوثيين. لكنه أشار إلى أن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة. واجهت صعوبة في القبض على شحنات الأسلحة الحوثية في السنوات الأخيرة. بينما أشار إلى أن الفرقة ستبدأ عملها تحت قيادة قائد الأسطول الخامس روبرت فرانسيس. قبل أن تنتقل القيادة إلى دولة شريكة.

ويدخل الحوثيون حاليا في هدنة مع الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والإمارات. والذي يتطلع إلى الخروج من الحرب. حيث بدأت خسائر التحالف العربي في الازدياد. منذ بدأ مقاتلو الحوثي في إرسال زوارق محملة بالمتفجرات يتم التحكم فيها عن بعد إلى البحر الأحمر لمهاجمة أهداف سعودية. ومؤخرا، أطلقوا صواريخ الشهر الماضي على المملكة من اليمن. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن تكنولوجيا الطائرات المسيرة والصواريخ للحوثيين زودت بها إيران.

اقرأ أيضا: حقبة جيوسياسية جديدة.. تضاؤل ثقة الشرق الأوسط في واشنطن

الخروج العسكري الأمريكي من الشرق الأوسط

منذ رئاسة بايدن، يسعى البنتاجون إلى تحجيم دوره في منطقة الخليج العربي. حيث تسعى الإدارة الأمريكية الحالية إلى إرسال قوات إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الجيش الصيني المتصاعد. وفي وقت سابق من العام الماضي. دعت القيادة المركزية بقيادة الجنرال كينيث ماكنزي إلى توسيع قدرات البلدان المحلية. للتعويض عن الخفض المستقبلي للقوات الأمريكية في المنطقة.

في غضون ذلك، قدمت القيادة المركزية الأمريكية عرضًا للقوة في المنطقة. لردع إيران -والميليشيات التي تعمل بالوكالة- من شن هجمات على القوات الأمريكية وحلفائها. مع نتائج متباينة. حيث لازالت الخارجية الأمريكية تسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع طهران للحد من برنامجها النووي.

ووفق مقال للباحثتين الأمنيتين، بيكا واسر وإليسا إيورز. فإن تعديل الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة ليس واضحا تماما. خاصة بعد الانسحاب من أفغانستان المثير للجدل، إذ تبدو إدارة بايدن مترددة بشأن ما تختاره أمريكا في النهاية. ففي حين سحبت واشنطن بعض مواردها من الشرق الأوسط، وعد مسؤولون في الإدارة -بمن فيهم وزير الدفاع لويد أوستن- شركاء إقليميين قلقين بأن “التزام أمريكا بالأمن في الشرق الأوسط قوي ومؤكد”.

وكان الرئيس السابق، دونالد ترامب وعد بالعديد من الانسحابات العسكرية من المنطقة. لكنه أرسل آلافا إضافية من القوات مع تصاعد التوترات مع إيران في عامي 2019 و2020. كما أن خطط الرئيس أوباما عام 2011 لتحجيم مهمة القوات الأمريكية في العراق قوضها ظهور تنظيم الدولة في عام 2014.

وترى الباحثتان أن أمريكا تحتاج إلى “إعادة تقويم رصين للأدوات العسكرية التي ينبغي أن تخصصها للشرق الأوسط”. هذا لا يعني الانسحاب من المنطقة أو التغاضي عنها. لكنه يستلزم تقييما واضحا لكيفية ترتيب أولويات الموارد العسكرية لواشنطن، وكيفية ربطها بشكل أوثق بأهدافها الاستراتيجية.

ما هو موضع مصر في القوة المشتركة؟

في أبريل/نيسان من العام الماضي 2021. انضمت مصر إلى القوات البحرية المشتركة في منطقة الخليج بقيادة الولايات المتحدة. لتصبح العضو الرابع والثلاثين. في وقت تسعى فيه روسيا إلى توثيق العلاقات الدفاعية مع القاهرة والسودان. وذلك في إطار السياسة العسكرية والدفاعية التي اتبعتها مصر قبل سنوات قليلة. من تعزيز للتحالفات الدولية والإقليمية في مواجهة المخاطر المشتركة.

وقتها، رحب قائد الأسطول الخامس بالبحرية الأمريكية، نائب الأدميرال صمويل بابارو جونيور، بمساهمة مصر خلال اجتماع مع قائد البحرية المصرية الفريق أحمد خالد، في قاعدة رأس التين البحرية بالإسكندرية.

قال بابارو، الذي شغل أيضًا القوة العسكرية المركزية والقيادة المركزية الأمريكية CENTCOM: “تعد مصر شريكًا مهمًا في ضمان الاستقرار في المنطقة، ويشرفنا أن نرحب بشراكة مصر في مهمتنا التي تركز على جعل المنطقة والعالم مكانًا أكثر أمانًا”. ورغم أن كلا الجانبين -وقتها- لم يحددا الدعم المحدد الذي ستقدمه مصر للقوة. أشاد خالد بفرصة التعاون الجديد في عمليات الأمن البحري المشتركة والأمن السيبراني والتدريب.

وأضاف: تقدم مصر ثروة من الخبرة التشغيلية في المنطقة والقدرات البحرية إلى القوات البحرية المشتركة. وتوفر الآن لشركاء التحالف على جانبي البحر الأحمر ممرًا مائيًا ذا أهمية استراتيجية كبيرة يمثل 10% من التجارة العالمية. ستعمل عضوية مصر على تحسين الوعي المتبادل والقدرة على العمل في وسط وشمال البحر الأحمر.

جاءت مشاركة مصر في القوات البحرية المشتركة. بعد أن سعت روسيا إلى توسيع انتشارها العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا. باستخدام القواعد في سوريا كنقطة انطلاق للتدخل في أماكن أخرى. بالفعل، أمنت روسيا أول قاعدة بحرية لها، على البحر الأحمر العام الماضي في بورتسودان. كما سارعت الولايات المتحدة في إقامة علاقات وثيقة مع القوات المسلحة السودانية. بعد شطب الخرطوم من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب عام 2020.