واصل معدل التضخم بمصر الارتفاع خلال مارس الماضي، ليسجل 33.9% مقابل 12.1% للشهـر ذاته من العام السابق، مدفوعًا بارتفاع أسعار الخضروات في المقام الأول، والتي قفزت بنسبة 14%، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
خلال مارس/ آذار، ارتفعت مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (6.5%)، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (5%)، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (4.9%)، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (2.5%)، مجموعة الفاكهة بنسبة (6.2%)، والبن والشاي والكاكاو بنسبة (4.4%)، مجموعة العناية الشخصية بنسبة (3.5%).
أمام ارتفاع معدلات التضخم المستمرة، لجأت العديد من الأسر، حاليًا، إلى الشراء الجماعي “الشراء التعاوني” لمواجهة ارتفاع الأسعار، عبر القيام بعمليات شراء جماعية للحصول على فروق بين البيع الجملة التجزئة، أو التشارك في وسائل النقل الخاصة.
أسواق الجملة بديلة للتجزئة
يجمع سكان العمارة الواحدة والأقارب حاليًا، أنفسهم، حاليًا ويتجهون لأسواق الجملة لشراء احتياجاتهم من الخضروات والفاكهة والأسماك بالصندوق أو الطاولة، ويعيدون توزيعها على المشترين مجددًا بالكيلو، ما يخفض عليهم الأسعار، خاصة أن فوارق السعر بين الجملة والقطاعي تصل إلى النصف في غالبية الأحيان.
هالة محمود، موظفة، تقيم بمصر القديمة تشتري احتياجاتها الأسبوعية هي وأشقائها الأربعة من سوق أثر النبي، بعدما وجدت فارق في الأسعار بعد تجميعه يساهم في تقليص النفقات الشهرية.
تقول إن أسواق التجزئة ترفع الأسعار باستمرار بحجة ارتفاع تكاليف النقل والمحصول من قبل الفلاحين وهو ما وجدت أن فيه قدر كبير من الادعاء بعدما زارت أسواق الجملة التي يتم فيها الشراء بالعبوات أو الأجولة، وتعيد هي وأشقائها تقسيم حصة كل منهم في منزل والدتهم.
وتوقفت هالة عن شراء أي سلع بشكل منفرد لتستفيد بشكل كبير من الخصومات التي تم تقديمها، مع البحث مستمر عن أي محل يقدم عروض على حجم المشتريات الكبيرة من أجل تحقيق أي توفير لأسرتها فكما تقول إن 50 جنيها في اليوم تصبح 1500 جنيه في الشهر.
الأسماك على سبيل المثال تبلغ في سوق العبور مستوى يبدأ من 20 جنيهًا للكيلو للبلطي الأسواني و63 للبلطي لـ«التكنا» (عبوة بلاستيك زنة 25 كيلو جرام)، بينما يبلغ سعر عبوة الزيت للقلي 65 جنيهًا للزجاجة زنة 800 جرام، والردة بحوالي 6 جنيهات للكيلو الواحد.
جمعيات لشراء اللحوم
في قرية العوامر بمركز جرجا في سوهاج، لجأ بعض المواطنين لشراء عجول الماشية أو جزء منها من السلخانة أو من المربين، وإعادة توزيعها عليهم وفقا لما دفعه كل منهم بالكيلو، مع تخصيص جزء منها يتم توزيعه مجانا لغير المقتدرين في القرية.
يقول حسين عباس، أحد المشاركين في المبادرة، إنها توفر مبالغ كبيرة للمشاركين فيها، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار الذي حرم قطاع من الطبقة المتوسطة من القدرة على شرائها.
يقول عباس إنه يتم الحصول على سعر يصل أحيانا إلى 175 جنيها للكيلو القائم (جزء من الماشية المذبوحة يعادل ربع الماشية والنصف) وهو سعر أقل حتى من الذي يحصل عليه بعض الجزارين عند 195 جنيهًا للكيلو، وهو أمر يوفر الكثير في ظل ارتفاع الأسعار لتصل لـ 250 جنيها.
السيارات الخاصة بديلة للحافلات المدرسية
منذ بداية العام الدراسي، لجأ قطاع عريض من المدرسين إلى استخدام سياراتهم الخاصة كدورة لتوصيل الطلاب بالمدارس التي يعملون بها، مقابل اشتراك يعادل 400 جنيه شهريًا للطالب الواحد، مع حشرهم في السيارات بحيث تستوعب الواحدة منها نحو 6 طلاب.
يوفر ذلك المبلغ الكثير بالنسبة للأهالي الذين رحبوا بها، ولجأوا إليها كبديل أوفر من الحافلات المدرسية التي تتراوح تكلفة الاشتراك فيها خلال العام الدراسي الحالي 2022/2023 ما بين 1200 و1500 جنيه شهريًا حسب نوع المدرسة ومدى بعد سكن الطالب عنها.
بعض الأهالي استغلوا سياراتهم أيضًا لتوصيل أبناء آخرين مقابل نقدي، فطالما سيقطعون الرحلة يوميًا، فلا مانع من الحصول على مقابل مالي يوفر عليهم أعباء الوقود التي ارتفعت أخيرًا بعدما زاد سعر لتر بنزين 80 إلى 8.75 جنيه، ولتر بنزين 92 إلى 10.25 جنيه، ولتر بنزين 95 إلى 11.25 جنيه.
تأسيس التعاونيات يعود مجددًا
لجوء المواطنين إلى ثقافة المشاركة في الخدمات يعيد التذكير بفكرة نشأة التعاونيات في مصر التي تشكلت في المقام الأول من مستهلكين أو منتجون أو خليط بينهما لتلبية احتياجات المشاركين بها وإدارتها بأنفسهم.
بحسب خبراء اقتصاد، فإن الأصل في التعاونيات هو تلبية الاحتياج المشترك للسلع أو الخدمات والعمل على توفيرها عبر التعاون بين أفراد المجتمع المحلى أو أشخاص يعرفون بعضهم بعضًا أو ينتمون لنفس الخلفية الاجتماعية.
يقول الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن الأسر المصرية عليها ترشيد الاستهلاك والتوقف عن شراء السلع غير الضرورية لحين تجاوز الأزمة الحالية، خاصة أن 40% من دخل الأسر المصرية في المتوسط، يذهب إلى بند الطعام والشراب.
بحسب البنك الدولي فإن الغالبية العظمى من الفقراء في الاقتصادات النامية ومنها مصر مشترين للمواد الغذائية ولا يبيعونها، لذلك تؤدي الزيادات الحادة في أسعار الغذاء إلى زيادة معدلات الفقر بصفة عامة.
يشيد جاب الله بتوجه الأسر إلى تنظيم عمليات شراء جماعي لاحتياجاتها الأساسية والتي يترتب عليها الحصول على مزايا سعرية وأسعار جملة بأقل تكلفة، فالظروف التي يمر بها الاقتصاد، حاليًا، تحتاج إلى انكماش استهلاكي.