تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعًا مساء اليوم الخميس؛ لحسم أسعار الفائدة، وسط خيارين كلاهما صعب في ظل أوضاع الاقتصاد المحلي، فالرفع يساهم في خفض التضخم، لكنه يضر القطاع الخاص ووزارة المالية، والتثبيت لا يعزز موقف المجموعة الاقتصادية أمام صندوق النقد، والتخفيض ليس خيارًا مطروحًا من الأساس.
تدور توقعات الغالبية العظمى من الاقتصاديين والمصرفيين، حاليًا، حول التثبيت، على اعتبار أن تقارير التضخم الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء والمركزي، تشير إلى انخفاض التضخم في إبريل/ نيسان، لكن تظل تلك النقطة بعيدا عن متطلبات صندوق النقد الدولي بضبط التضخم.
اقرأ أيضًا: سباق رفع الفائدة والتضخم.. البنوك تخوض معركة حماية العملاء من الإغراءات
سجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين “التضخم الأساسي” معدلا شهريا بلغ 1.7% في إبريل/ نيسان 2023، مقابل معدل شهري بلغ 2.4% في الشهر ذاته من العام السابق، و2.5% في مارس/ آذار 2023، كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 38.6% في إبريل/ نيسان، مقابل 39.5% في مارس/ آذار 2023.
وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر “التضخم العام” الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة، والإحصاء في 10 مايو/ أيار 2023 معدلا شهريا بلغ 1.7% في إبريل/ نيسان 2023، مقابل معدل بلغ 3.3% في ذات الشهر من العام السابق، ومعدل شهري بلغ 2.7% في مارس/ آذار 2023. كما سجل المعدل السنوي العام 30.6% في إبريل/ نيسان 2023 مقابل 32.7% في مارس/ آذار السابق عليه.
توقعات متشائمة للفائدة بأمريكا
على المستوى الدولي، توجد العديد من المؤشرات التي ستصعب قرار اللجنة، منها بيانات جامعة متشجن طويلة الأجل الخاصة بمعدل التضخم التي تصل لأعلى مستوى لها منذ 2011، ما أدى إلى زيادة التكهنات بقيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “البنك المركزي الأمريكي” برفع سعر الفائدة مجددًا.
تميل تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينابوليس –
تجاه تشديد السياسة النقدية. من ناحية أخرى، وتراجع سندات الخزانة على مستوى جميع آجال الاستحقاق، فضلا عن تحذير وزيرة الخزانة الأمريكية من حدوث كارثة تتمثل في احتمالية تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، إذا لم يتم التوصل لاتفاق حول رفع سقف الديون.
اقرأ أيضًا: التضخم يواصل الجموح.. المصريون يواجهون ارتفاع الأسعار بـ”الشراء الجماعي”
يقول كثير من الاقتصاديين المصريين حاليًا، إن ارتفاع التضخم بمصر ليس ناتجا عن ارتفاع السيولة فقط، في ظل وجود أسباب خارجية قوية مثل، انخفاض سعر صرف الجنيه الذي رفع معه أسعار المنتجات المستوردة من الخارج، وكذلك ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج.
في حال الرفع تتكبد الموازنة العامة للدولة العديد من الضغوط في وقت يناقش فيه مجاس النواب مشروع الموازنة الجديدة، التي يفترض إقرارها قبل 30 يونيو/ حزيران المقبل، وكل زيادة 1% في سعر الفائدة تكبد الموازنة العامة للدولة بين 30 و32 مليار جنيه.
في آخر اجتماع للجنة السياسات النقدية في مارس/ آذار الماضي رُفع سعر الفائدة بواقع 2%؛ لتصل إلى 18.25%، و19.25% و18.75%، لأسعار عوائد الايداع والاقراض والعملية الرئيسية للبنك المركزي على الترتيب، وبلغ إجمالي الرفع بالفائدة 8% حتى الآن، أي أن الموازنة تكبدت ما لايقل عن 240 مليار جنيه زيادة في عبء الدين.
لا حل بدون استقرار الجنيه
يميل قطاع من الخبراء المعروفين أمثال هاني أبو الفتوح ومصطفى بدرة ومحمد عبدالعال وطارق متولي، إلى تثبيت الفائدة، فالتضخم يتباطأ بجانب استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار في التعاملات الرسمية.
يقول أبوالفتوح، إن التثبيت قرار مناسب للفترة الحالية؛ لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وضمان الحفاظ على تحسن الأوضاع المالية في البلاد في ظل استقرار العملة، وتراجع أسعار السلع الأولية، لكنه توقع بالوقت ذاته إمكانية حدوث زيادات في المستقبل القريب؛ بسبب قرار الحكومة الأخير برفع السولار، والسلع المدعومة المباعة لحاملي البطاقات التموينية. ووجود احتمالية لتراجع قيمة الجنيه المصري.
وقررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، زيادة سعر السولار، بمقدار واحد جنيه للتر؛ ليصبح سعر البيع بالسوق المحلية 8.25 جنيها للتر مع تثبيت أسعار البنزين بأنواعه عند 8.75 جنيها للتر البنزين 80، و10.25 جنيها للتر البنزين 92، و11.50 جنيها للتر البنزين 95. وتثبيت سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والصناعات الغذائية عند 6000 جنيه للطن.
ومن المفترض أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء معدل التضخم العام لشهر مايو/ أيار في 10 يونيو/ حزيران المقبل، وبالتالي، فإن تاثيرات رفع السولار ستنعكس على التضخم حينها.
الخبير المصرفي محمد عبد العال، عزا توقعاته بثبات سعر الفائدة إلى أن زيادة أسعار الفائدة يتبعه ارتفاع تكلفة التمويل، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع للمستهلك النهائي، ما يؤدي بدوره لارتفاع التضخم مجددا ما يجعلنا نسير عكس الاتجاه.
ويشير مصطفى بدره، الخبير الاقتصادي، إلى أن التضخم سجل قيمته ويميل نحو الانخفاض، كما أن سعر الصرف بانخفاض في السوق السوداء جنبا إلى جنب مع تراجع سعر الذهب وكلها عوامل تميل ناحية التثبيت.
اتفاق على التثبيت .. فهل تحدث مفاجأة؟
توقع 10 محللين في استطلاع لـ”رويترز” تثبيت الفائدة أيضًا، بينما رجح أربعة فقط رفعها، بنسبة 60% للتثبيت مقابل 40% فقط للرفع، وبين من توقعوا زيادة الفائدة رجح اثنان زيادتها 1%، بينما توقع محلل واحد فقط ارتفاعها بنحو 2%.
من بين الفريق الذي يؤيد الرفع هبة منير، محللة الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار “اتش سى”، التي تستند إلى أن متوسط التضخم قد يبلغ 30.2% خلال النصف الثاني من العام الحالي، بعد تراجعه للحضر إلى 30.6% على أساس سنوي في إبريل من 32.7% على أساس سنوي في الشهر السابق له، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي، الذي أصدره صندوق النقد الدولي، أكد أن بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحتاج إلى المزيد من التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة)؛ لتحقيق الاستقرار في التضخم ومن بينها مصر.
بعثة الصندوق كان يفترض زيارتها مصر مارس الماضي، لكنها لم تقم بتلك الخطوة، وخلال الفترة بين موعد الزيارة، وحتى الآن اتخذت الحكومة خطوات اتفقت عليها مع الصندوق، منها تحريك أسعار بعض السلع التموينية، ورفع سعر السولار، وتعزيز برنامج الطروحات الحكومية.
ويستهدف البنك المركزي المصري وصول التضخم إلى مستوى 7% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.