في مقاله الأخير المنشور في ذي هيل/ The Hill، يشير سايمون هندرسون، زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. إلى أن الاختراق الدبلوماسي الجديد بين المملكة العربية السعودية وإيران، برعاية صينية، قد يكون مقدمة لإزاحة الولايات المتحدة من المشهد السياسي في الشرق الأوسط. متناولا تأثير ما جرى على عودة الاتفاق النووي، ومحاولات التطبيع السعودي- الإسرائيلي.
كتب هندرسون: عادة ما تكون الأخبار، وخاصة المتعلقة بالعلاقات الدولية، إما جيدة وإما سيئة. ولكن في 10 مارس/ آذار، في حوالي الساعة الثامنة صباحًا بتوقيت واشنطن، ظهرت أخبار يمكن القول إنها مؤهلة لوصف “مدهش”:
بعد سبع سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية، المملكة العربية السعودية وإيران ستقومان بـ “تطبيع” العلاقات. والصين “كيوبيد” جمعت الجانبين معا. وكيوبيد هو إله الغرام في الأساطير الرومانية الذي يجمع الحبيبين.
صادف أن عقدت اجتماعين مع أشخاص أتحدث معهما في شؤون إيران، في يوم إعلان وسائل الإعلام خبر استعادة العلاقات بين السعودية وإيران، اعتقد كلاهما في البداية أنني قد أمزح. يمكنني رؤية كل منهم يحاول معالجة الحدث، والعمل على تفسير ما قد يعنيه ذلك.
من المحتمل “الكلام لهندرسون” أن تؤدي تداعيات هذا التطور إلى إبقاء جزء من مجتمع السياسة الخارجية لواشنطن مشغولاً الأسبوع المقبل. هذا لا يعني غياب بعض التحليلات النظرية التي نشرت سواء في الصحف أو على الإنترنت.
تنعم واشنطن بالمفكرين السريعين (وربما يرغب البعض منهم في تدوير المعلومات لصالحهم!).
اقرأ أيضا: الصين وروسيا في ميزان التقارب السعودي الإيراني.. ومصر لا تملك رفاهية الخطأ
ثمرة الكراهية
يبدو أن التحليل السائد هو أن الرياض قررت العمل مع طهران بسبب الكراهية وقلة الدعم الذي تتلقاه من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والديمقراطيين في الكونجرس، الشكوى الأخيرة “يقصد الامتعاض السعودي الضمني” هي -على ما يبدو- انطوى عليها رد واشنطن الباهت على خطوة إيران تخصب اليورانيوم إلى مستوى أقل بقليل من 84 %، وهو قريب جدًا من درجة تصنيع قنبلة نووية.
ما الذي حدث إذن لوعود البيت الأبيض بعدم السماح لإيران بذلك؟
حتى الأسبوع الماضي، كان متوقعا أن يكون الرد السعودي على إمكانية إيران صنع قنبلة نووية أن الرياض ستحذو حذوها سريعًا، هذا مبنيا على تعليق سابق صرح به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لشبكة سي بي إس نيوز. بشأن برنامج إيران النووي.
الآن، يبدو أن وجهة النظر السعودية قد قلبت موقفها، تظهر استعدادًا للانسحاب من مواجهة إيران، وربما حتى التحرك نحو “مشاركة” الخليج معها. في السابق، كانت مجرد فكرة بعيدة عن متناول اليد، وسخر منها كثيرًا في مقابلة الرئيس الأمريكي – آنذاك- باراك أوياما مع مجلة أتلانتيك/ The Atlantic 2016.
التفسير الأكثر حذرًا لمعنى التطبيع الذي سيجرى تنفيذه خلال شهرين أنه قد ينطوي على سياق اتفاق سلام في اليمن، والتي يحتل عاصمتها صنعاء المتمردون الحوثيون- المدعومون من إيران، وسابقا فشلت السعودية في طردهم رغم جهود مرتفعة التكاليف عسكريا وإنسانيا.
التشكك في دور الصين
شددت بكين على دورها التجاري- وليس الدبلوماسي- في المنطقة. آخر تطور ظهر خلال عطلة نهاية الأسبوع هو أن الصين تريد تنظيم قمة لجميع دول الخليج. يمكن للمرء أن يتخيل انضمام معظم دول المنطقة- إن لم يكن جميعها- لأسباب تجارية للقمة. ولكن، ماذا سيكون رد الفعل إذا قالت بكين إن ثمن دورها الجديد (كوسيط) في المنطقة سيكون مخصوما من عوائد النفط؟
هذه التطورات، التي تهم واشنطن، كما علاقات التطبيع الحالية والمستقبلية، تحتاج رؤية تحليلية، على سبيل المثال، مسألة إذا ما كانت السعودية ستطبع مع إسرائيل. ومتى؟
ربما هذا الآن خارج القائمة. يعتمد الأمر كثيرًا على ما إذا كانت الرياض تريد حقًا علاقة عملية مع طهران. لكن بالنسبة لإسرائيل، لا تزال قضية احتمال وجود سلاح نووي إيراني تلوح في الأفق.
ستصبح أمور عدة، أكثر وضوحًا في الشهرين المقبلين، إذا استمر هذا المشهد.
سايمون هندرسون
هو زميل بيكر ومدير برنامج بيرنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهو متخصص في شؤون الطاقة ودول الخليج العربي.
بدأ هندرسون حياته المهنية مع هيئة الإذاعة البريطانية، قبل انضمامه إلى الفايننشال تايمز/ Financial Times. وشملت خبرته العمل كمراسل أجنبي في باكستان في 1977-1978، وكتب من إيران خلال الثورة الإسلامية عام 1979 وأحداث الاستيلاء على السفارة الأمريكية.
وكصحفي سابق في الفايننشال تايمز، عمل هندرسون أيضًا كاستشاري للشركات والحكومات بشأن الخليج العربي. أصبح زميلًا للمعهد في عام 1999 وانضم إلى فريق العمل في عام 2006.