يعتبر التصنيف الائتماني فزاعة تخشاها الدول حاليًا، فمجرد صدور تقرير بالتخفيض يسبب أزمة للدول المعتمدة على الاستثمار الخارجي، لأنه يعني بمنتهى البساطة أن الاستثمار داخلها يحمل قدرًا كبيرًا من المخاطر.
التصنيف الائتماني يعني بتوفير المعلومات والتقييم المستقل بشأن مدى قدرة دولة أو بنك أو مؤسسة على الوفاء بالتزاماتها، خاصة فيما يتعلق بسداد ديونها أو جودة الاستثمار بالأوراق المالية التي تصدرها للوفاء باحتياجاتها.
تصدر التصنيفات الائتمانية 3 مؤسسات عالمية هي: ستاندرد آند بور، و موديز، وفيتش، ولديها مستويات متشابهة للتقييم فيعتبر التصنيف Aaa من قبل موديز و”AAA” من قبل “ستاندر آندبورز ” و”فيتش” أعلى تصنيف يمكن الحصول عليه، ويتبعه “Aa”، أو “AA” ثم “A” ثم Baa لموديز، أو BBB للمؤسسات الأخرى.
وتضاف (-) أو (+) إلى التصنيف للتمييز فيما بين التصنيفات حيث مثلاً التصنيف A+ أعلى من A و A أعلى من A-، أما التصنيفات “Ba” أو “BB” يليها “B” ثم “CCC” أو “Caa”، ثم “CC” أو “Ca” ثم “”C فهي تصنيفات تتسم بالمخاطر ويشير التصنيف “D” ، وهو اختصار لـ Default إلى التخلف عن سداد الالتزامات المالية.
ما مصادر قوة “الأشقاء الثلاث”؟
خلال فترة التسعينيات، ازداد نشاط التصنيف الائتماني، وتأسست وكالات محلية وإقليمية ليبلغ عددها نحو 150 وكالة تصنيف ائتماني منتشرة حول العالم، لكن “ستاندر آندبورز”، و”موديز” لا تزالان تسيطران على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو البنوك، و”فيتش” أقل منهما سمعة لكنها تسيطر على 15% تقريبًا، ويشكلون جميعًا حوالي 95% من سوق إصدارات الديون بالعالم، ويعود ذلك لقرار صدر في عام 1975 اعتبر فيه المشرعون الأمريكيون “موديز” و”ستاندر آند بورز”، و”فيتش” الوكالات الوحيدة التي على المصارف وأسواق المال اعتمادها في تقييم القوة الائتمانية لأى جهة.
تقييم تقارير “التصنيف”
لا تمثل التقارير الصادرة عن المؤسسات الـ3 حقيقة أو ضمانة مطلقة لكنها أصبحت الوسيلة الأولى لاتخاذ القرارات الاستثمارية من قبل المستثمرين حتى أن توماس فريدمان، الصحفي الأمريكي الشهير، قال إن الوكالات الـ3 يمكنها تدمير أي دولة من خلال تصنيف سنداتها ومنعها من الاقتراض من أسواق المال العالمية، وتؤكد تلك المؤسسات دائما أن دراساتها مجرد توقعات أو لآراء وأنها محمية بقوانين حرية الرأي والتعبير وفى النهاية على الأسواق أو الجهات المعنية أن تحدد ما إذا كانت ستأخذ بهذه الآراء أم لا.
سر قوة الوكالات الثلاث
نشأت الوكالات الثلاثة لتقديم تقييم غير منحاز للمستثمرين يساعدهم على توجيه استثماراتهم، وبالمقابل يقدم المستثمرون مقابلاً لخدمة التقييم التي قامت بها هذه الشركات، وقيمة تلك المؤسسات في ردها على سؤال جوهري: هل هناك احتمالات عجز في الوفاء بالالتزامات أو عجز عن تحصيل الديون من الغير على المدى القصير والطويل؟.
كسر هيمنة الوكالات
حاولت بعض الدول كسر الهيمنة الغربية على التصنيف الائتماني، فأسست وكالة خاصة عام 1994 باسم “دادونج” العالمية للتصنيف الائتماني” بعدما اتهمت بكين الوكالات الـ3 بالانحياز لصالح الغرب بسبب تجاهلها القدرة على خلق النمو الاقتصادي إلى عناصر التقييم، لكن وكالة الصين حققت شهرة محدودة مقترنة أكثر بالمنطقة الآسيوية.
عيوب التصنيف الائتماني
لا يمثل التقييم ضمانًا كاملاً لسلامة الشركة التي يتم الاستثمار فيها، فأحيانًا يقع العاملون في الوكالات لمشكلات تتعلق بالانحياز النفسي للشركة، ويؤثر عامل الوقت على التصنيف، فقد يكون الشركة في مشكلة بسبب توقيت معين لكنها بوجه عام في وضع قوي للغاية.
كما ساهمت وكالات التصنيف الائتماني في صناعة بعض الأزمات العالمية من بينها أزمة دول جنوب شرق آسيا في التسعينيات والأزمة المالية العالمية في عام 2008 بسبب معايير خاطئة في تصنيف عد من البنوك والمؤسسات المالية ومنحها درجة جيدة للغاية رغم أن وضعيتها كانت سيئة.
إفريقيا دون وكالة
قبل شهور، أعلن البنك المركزي المصري أنه يدرس بالتعاون مع الدول الإفريقية تأسيس وكالة تصنيف ائتماني لإفريقيا، وسط نوع من الظلم تتعرض له القارة أو عدم الاهتمام من وكالات التصنيف الأساسية مع يؤدي لزيادة درجة المخاطر وارتفاع تكلفة القروض، خاصة أن قيمة رؤوس الأموال المهربة من الدول الإفريقية تتراوح بين 50 و70 مليار دولار سنويًا، لكن المشروع لم يرى النور من يومها.