بالتزامن مع جلسات الإعداد للحوار الوطني المرتقب، وقرب انطلاق الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ Cop 27، والتي سبقتها ضغوط متعددة الأوجه على مصر من أجل تحسين وضع الملف الحقوقى. جاءت قرارات الإفراج والعفو الرئاسي، والتي شملت مئات النشطاء، منهم المحبوسين احتياطيا منذ سنوات. والتي كان آخرها قرار لإفراج عن المحامي والبرلماني السابق زياد العليمي.
بالإفراج عن السجناء السياسيين، تسعى مصر إلى تحسين سجلها الحقوقي قبل استضافة مؤتمر المناخ. رغم أن بعض المحللين حذروا من أن هناك القليل من التغيير الفعلي على الأرض. مقارنين بين قرارات الإفراج المتتابعة، والحملات الأمنية التي تزامنت مع استعدادات تأمين القمة المناخية.
وأوضح تقرير نشرته دويتش فيله/ DW الألمانية، إلى أن مراقبي حقوق الإنسان الدوليين قدموا الدعوة لمصر إلى “إنهاء حملة القمع ضد مجتمعها المدني”. كما أن “الضغط الاقتصادي يغذي دافع مصر لصقل سمعتها الدولية”.
وبينما يتوقع المراقبون أيضًا الإفراج عن الناشط المصري/ البريطاني علاء عبد الفتاح قريبًا، ربما مثل الإفراج عن العليمي، بعفو رئاسي عبر اقتراح مقدم من لجنة العفو الرئاسي، التي استأنفت أعمالها في إبريل/نيسان الماضي. والتي ساهمت في إطلاق سراح ما يزيد عن ألف سجين سياسي.
ومع ذلك، وفقًا لمنظمات حقوقية مختلفة، لا يزال عدد المعتقلين السياسيين المسجونين يقترب من 60 ألفًا.
اقرأ أيضا: “لم نحلم بأشياء عصية”.. عفو رئاسي عن العليمي يجدد دعوات إنهاء ملف المحبوسين سياسيًا
من زياد إلى علاء
يقول التقرير: بعد ثلاث سنوات وأربعة أشهر في السجن، قرر زياد العليمي أن يقضي الليلة الأولى كرجل حر، ليس في منزله، ولكن في منزل عائلته. وقالت والدة العليمي، إكرام يوسف: “سيبقى معنا لفترة قصيرة قبل أن يعود إلى منزله”.
ونظرا لعدم السماح لعضو البرلمان السابق والمحامي الحقوقي بالتحدث مباشرة إلى وسائل الإعلام الدولية. نشر العليمي رسالة فيديو باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي فور إطلاق سراحه. يقول الرجل البالغ من العمر 42 عامًا: “هناك أشخاص ينتهي بهم الأمر في السجن لمجرد أنهم يعبرون عن رأي يختلف عن الآراء التي يحب الناس سماعها. وبجهودنا الموحدة، سنعيد حرية هؤلاء الأشخاص وسنعيدهم إلى مكانهم الصحيح بين الناس الذين يؤمنون بهم”.
وأضاف التقرير: إنها رسالة تشير إلى آلاف السجناء السياسيين الآخرين في مصر، ومن بينهم علاء عبد الفتاح المضرب عن الطعام منذ 2 إبريل/ نيسان الماضي.
وأشار التقرير إلى أنه “رغم المخاوف على صحة شقيقها في اليوم 207 من إضرابه عن الطعام. احتفلت سناء سيف، شقيقة عبد الفتاح، بإطلاق سراح العليمي فورًا على تويتر. وكتبت: “زياد صديق طفولتنا، أخيرًا حر”. ويربط بين قضيتي العليمي وعبد الفتاح، واللتين “تتشابهان إلى حد ما”، وفق التقرير. حيث “اتهمهما النظام بـ “بث أخبار كاذبة” و “الإرهاب” و “إثارة الفتن ضد الدولة” – وهي اتهامات نفاها الناشطان بشكل قاطع”.
ضغط دولي
ينقل التقرير أيضا عن تيموثي كالداس، المتخصص في السياسة المصرية في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط -مقره واشنطن- قوله: “في حين أنه من الرائع، والذي طال انتظاره، إطلاق سراح زياد العليمي أخيرا بعد أكثر من ثلاث سنوات من السجن غير العادل. فليس هناك ما يشير إلى أن برنامج العفو الجاري هو علامة على أن الحكومة تتجه نحو الابتعاد عن استخدام القمع. ضد المعارضين السياسيين والأصوات الناقدة “.
ويتزامن توقيت الإفراج عن “العليمي” مع ضغوط متعددة الأوجه على مصر في الفترة التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ، والذي من المقرر أن يبدأ في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني في شرم الشيخ. في وقت دعا مراقبو حقوق الإنسان الدوليون مصر إلى “إنهاء حملة القمع ضد مجتمعها المدني”. موضحين أن “الضغط الاقتصادي يغذي دافع مصر لصقل سمعتها الدولية”.
وقال كالداس: “المخاوف العالمية بشأن انتهاكات مصر لحقوق الإنسان لم تفسد فقط الاستعدادات لمؤتمر COP27. ولكنها أدت بالولايات المتحدة إلى وقف جزء من مساعدتها العسكرية لمصر”.
وبحسب تقرير نشرته وكالة رويترز في سبتمبر / أيلول الماضي، “قررت إدارة بايدن حجب 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأجنبية لمصر بسبب فشلها في الوفاء بشروط حقوق الإنسان”.وهو ما يعادل 10% من المبلغ الإجمالي البالغ 1.3 مليار دولار التي تخصصها الولايات المتحدة سنويًا لمصر.
في غضون ذلك، ارتفع معدل التضخم في البلاد إلى 15.3% خلال سبتمبر وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ويلفت التقرير إلى أنه “بسبب انخفاض الاحتياطيات النقدية، تكافح الدولة لمواكبة سداد القروض الدولية”.
اقرأ أيضا: وما زالت أطياف يناير تؤرقهم.. الشرطة المصرية تفتش الموبايلات في الشوارع قبل “كوب 27”
انطلاقات وقيود
في مقال لمجلة World Politics Review الإلكترونية، أشارت مي السعدني، المحامية الحقوقية، وعضو مركز التحرير، إلى أن “الحكومة المصرية تتعرض حاليا لضغوط مالية شديدة وسط أزمة اقتصادية سريعة التدهور. تفاقمت بفعل تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار الغذاء والطاقة وتضاؤل الشهية بين الحلفاء لتقديم مساعدات مالية بلا ضوابط”.
وأضافت: “على هذه الخلفية، يشير المحللون إلى أن العديد من المسئولين المصريين قد يحاولون استخدام COP27 لتصوير البلاد على أنها رائدة المناخ في كل من إفريقيا والمجتمع الدولي الأوسع، في محاولة لجذب الاستثمار الأجنبي وتمويل المناخ”.
أيضا، تحدثت DW إلى لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز الأبحاث Chatham House -مقره لندن- والتي أوضحت وجهة نظرها بأن معاملة المدافعين عن الحقوق المدنية هي”اختبار حقيقي لالتزام مصر بحقوق الإنسان” بالنسبة لها، وذلك -فقط- “إذا تم السماح لمجتمع مدني مستقل بالعمل بحرية، فإنه سيظهر جدية من جانب الدولة المصرية لتحسين سجلها الحقوقي”.
ومع ذلك، كما يقول التقرير، فإن “القيود الأخيرة التي فرضتها الحكومة المصرية تشير إلى زيادة القيود المفروضة على الجماعات البيئية التي كانت تخطط لاستضافة أحداث خلال COP27”.
ووفق تقرير صدر مؤخرًا عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإن “عمليات التوقيف والاحتجاز، وتجميد أصول المنظمات غير الحكومية وحلها، وقيود السفر ضد المدافعين عن حقوق الإنسان. قد خلقت مناخًا من الخوف على منظمات المجتمع المدني المصرية للمشاركة بشكل واضح في COP27”.
وبينما وصفت الحكومة المصرية التقرير بأنه “مضلل”، اضطرت منظمات المجتمع المدني المصرية -بالفعل- إلى إلغاء الفعاليات في “المنطقة الزرقاء” التي تؤمنها الأمم المتحدة، وهي المنطقة التي يلتقي فيها الممثلون الدوليون لحضور القمة.