تزامنًا مع عقد مجلس أمناء الحوار الوطني اجتماعيه التاسع والعاشر بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب بمدينة الشيخ زايد بالجيزة، اليوم الاثنين، تعالت شكاوى أهالي سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا، من سوء أوضاع الحبس ومعاملة ذويهم وبعد المسافة، بعد نقلهم إلى سجن مدينة بدر بالقاهرة.
تزداد جملة أزمات ومعاناة أهالي المساجين مع تفعيل قرار حضور المحبوسين جلسات محاكمتهم أو تجديد حبسهم إلكترونيًا، دون نقلهم إلى مقر الجلسة. إذ لم يعد هناك فرصة لذويهم أو محاميهم تمكنهم من اللقاء لمعرفة المستجدات.
يأتي ذلك بالتزامن مع نظر محكمة جنايات القاهرة بمركز تأهيل بدر، اليوم، في تجديد حبس خمسة من المحبوسين احتياطيا؛ هم: الصحفيين محمد فوزي، وصفاء الكوربيجي، ودنيا سمير، والإعلامية هالة فهمي، والمهندس حسن مصطفى.
المحامي الحقوقي نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، اعتبر استمرار مثل هذه الممارسات التي تزيد من معاناة الأهالي المحبوسين لا يتوافق مع تقوم به النيابة العامة من عملية إفراجات واسعة مؤخرًا.
ووفق البرعي، لن نصل إلى غايتنا من الحوار إلا إذا اقتنع الجميع أننا نعيش معًا، محاولين البحث عن مساحات مشتركة للحوار. وقد ندد بما يتعرض له المحبوسون احتياطيًا والمحكوم عليهم أمام محاكم الطوارئ، من عمليات تعنت وضغط، نتيجة الارتباك بعد نقلهم إلى “مجمع سجون بدر”.
قال البرعي -عبر صفحته على “فيسبوك“: “أتابع بأسي المشاكل التي تتعرض لها أسر المحبوسين عقب تغريب أبنائهم إلى تلك المنطقة النائية البعيدة. كنت أظن -ولا يزال لدي بعض الأمل- أننا مقبلون على مصالحة شاملة نضع فيها أيدينا في أيدي من يرغب لبناء مصر الجديدة ومواجهة التحديات كتف بكتف”.
معاناة الأهالي
الصحفية إكرام يوسف، والدة البرلماني السابق زياد العليمي المحبوس على ذمة القضية رقم (930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا) المعروفة بتحالف “الأمل”، كانت من بين المشتكين من الأوضاع السيئة داخل مجمع سجون بدر. قالت في منشور عبر صفحتها بـ “فيسبوك“: “كان لازم الناس تعرف أن السجن الجديد مش مسموح فيه بإمكانية الطبخ في الزنزانة ولا حتى التسخين، ولا تلاجة يحتفظوا فيها بالأكل اللي جايبه أهلهم!! ومافيش كانتين شغال، عشان حتى يجيبوا أكل بفلوس الأمانات”.
وكذلك، عبرت عن استيائها من هذه الأوضاع أمل سليم، والدة عمر محمد الطالب بكلية الهندسة قسم عمارة المحكوم عليه بالمؤبد 25 سنة في القضية رقم (174) بتهمة نقل معلومة خاطئة، فيما عرف إعلاميًا بــ “العمليات المتقدمة”. وقد وصفت نقل نجلها إلى سجن بدر بالأمر الشاق عليها بعد وفاة والده وتوليها وشقيقاته البنات مسئولية زيارته وتوصيل طلباته إلى السجن.
قالت “أمل” عبر صفحتها بـ “فيسبوك” بتاريخ الأمس 9 أكتوبر/ تشرين الأول: “الناس اللي كانت منتظرة إني أطمنهم بعد الزيارة، للأسف مش هقدر أطمنكم. الوضع ما يتحكيش ومش هقدر أوصفه. كفاية أقولكم إني هطالب بزيارة دكتور لعمر والكشف عليه ودخول علاج؛ لأن حتى ده محروم منه وحالته الصحية والنفسية سيئة جدًا، وأول مره أشوف عمر الأنيق النظيف المنظم هدومه متسخة جدًا وريحتها سيئة. رفضوا أدخله أي ملابس، وقاعد بنفس الغيار من يوم الترحيل، يعنى 9 أيام بنفس الغيار.. دي حاجة بسيطة من اللي شوفته النهارده”.
الحرمان من المياه النظيفة
نقلت “أمل” عن نجلها أن مياه الشرب بسجن بدر غير صالحة للاستخدام الآدمي والشرب، لدرجة أن نجلها أقبل على زجاجة المياه التي بيدها أثناء الزيارة، كتائه في صحراء وجد نبع ماء.
وذكرت والدة عمر أن إدارة السجن تشعل أنوارًا ساطعة بالعنابر طوال 24 ساعة، وترفض تخفيضها أثناء ساعات النوم كنوع من التضييق النفسي. وهي شهادة أوردتها أيضًا إكرام يوسف، في ذكرها للممارسات التي تتم بحق ابنها في السجن الجديد.
أضافت “أمل” نقلًا عن نجلها: “ما فيش مياه نشتريها. بنضطر نشرب من الحنفية وبنبقى شايفين الرملة في الإزازة من تحت بس بنشرب غصب عننا والنور منور 24 ساعة كأنه ظهر طبعًا. ده لوحده يخلي الأعصاب تنهار. ده غير الكاميرا اللي جوا الأوضة دون مراعاة لأي خصوصية لينا كبني آدم”.
“أصعب حاجة مرت علي إني أشوف ابني في المقبرة -حسب كلامه- قال لي: والله يا ماما إحنا هنا في مقبرة بمعنى الكلمة. وأنا عاجزة إني أعمله حاجة”؛ هكذا اختتمت السيدة “أمل” شهادتها نقلًا عن “عمر”.
الحوار طريق لحل المشكلات
نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني والذي أشاد بكل بعمليات الإفراج الأخيرة ووجه الشكر للنيابة العامة عليها، طالب النائب العام المستشار حمادة الصاوي بتشكيل لجنة لفحص شكاوى المحبوسين وأسرهم والتأكد من أن حق الزيارة ميسر لهم وأن أوضاع المحتجزين في السجن بخير. كما ناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي إصدار عفو شامل عن كل المحبوسين في قضايا الرأي والنشطاء الحقوقيين دفعة واحدة؛ لإنهاء هذه المعاناة.
وقد أضاف البرعي عبر صفحته: “سأظل على ما أنا عليه؛ مؤمن بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشكلات، وأن طرق الأبواب المرة تلو المرة هو الطريق الذي سنصل عبره إلى هدفنا”.
وهو ما اتفق معه الدكتور محمود عبد الغني، رئيس لجنة مباشرة الحقوق السياسية والبرلمانية بالحوار الوطني، والذي يرى أن التحركات الأخيرة بتوسيع دائرة المفرج عنهم يعزز الشعور لدى أسر السجناء بأن هذه الأوضاع المسيئة ستتغير. لكنه نصح بضرورة ألا يحدث تراجع عن هذه المسيرة.
قال عبد الغني، في حديثه لـ”مصر 360″: “غياب هذه الحقوق داخل السجون يُصعِب الثقة في المواقف والإجراءات التي تحدث حاليًا من تسريع وتيرة الإفراج وإعادة دمج المفرج عنهم.
وتوقع “عبد الغني” حدوث تحسن في الفترة القادمة. خاصة في ظل دعوة الرئيس إلى تشكيل لجنة العفو الرئاسي لمتابعة مشكلات المفرج عنهم وإعادة دمجهم، متمنيًا أن يتبعها ترجمة فورية واستجابة لشكاوى أهالي السجناء وتحسين أوضاع المحبوسين حتى ينالوا حريتهم.
وتعليقًا على دعوة لجنة العفو الرئاسي لمشاركة المفرج عنهم في الحوار الوطني، قال عبد الغني، لـ “مصر 360”: “مشاركة المفرج عنهم مسألة صحية، تضيف أجواء إيجابية للحوار.. الحوار الوطني مفتوح لهم جميعًا ما عدا من تلوثت أياديهم بالدماء ضد الشعب المصري”.