لا تزال التخوفات لدى نشطاء البيئة، من المشاركة في الدورة السابعة والعشرين للمؤتمر السنوي لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ Cop 27. تحتل عناوين الأخبار المتعلقة بالقمة المرتقبة في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، في شرم الشيخ. إذ أشارت التقارير الدولية إلى أن قمة المناخ العالمية، التي تأتي عادة مصحوبة بحضور كبير ونشاط صريح، قد تبدو مختلفة إلى حد ما في COP27. بينما دعا خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة، مصر لأن تضمن سلامة النشطاء المشاركين.
على مدار العقد الماضي، حظرت مصر -الدولة المضيفة للقمة- الاحتجاجات بشكل شبه كامل، كما فرضت العديد من القيود على عمل المجتمع المدني المستقل. وقد أدى ذلك إلى شكوك بين المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، حول ما إذا كانت ستتمكن من المشاركة في المناقشات. ناهيك عن التأثير بشكل فعال على الإجراءات.
يلفت تقرير حديث لصحيفة الفايننشال تايمز/ The Financial Times، إلى أن القليل من بين دعاة حماية البيئة بشكل عام -على الصعيدين المحلي والدولي- مقتنعون بالضمانات الرسمية. لافتا إلى أنه على الرغم من أن الإجراءات المصرية بشأن الاحتجاجات “أصبحت استبدادية بشكل متزايد”. لكن هناك وعد من كبار المسئولين المصريين بالسماح بالاحتجاج بالنسبة للمناخ.
اقرأ أيضًا: نشطاء أفارقة يكافحون من أجل المشاركة في قمة المناخ
تخوفات دولية
في مايو / أيار، تعهد وزير الخارجية المصري سامح شكري بإتاحة منشأة مجاورة لمركز المؤتمرات، توفر للناشطين في مجال البيئة فرصة كاملة للمشاركة والنشاط والتظاهر والتعبير عن الرأي.
ولكن، في حين يقول بعض النشطاء المصريين إن ممارسات الحكومة في الفترة التي سبقت مؤتمر الأطراف كان أفضل مما شهدوه في أي وقت مضى. يشعر الكثيرون أنه لا يزال غير كافٍ. حيث أعرب خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة، عن رغبتهم في أن مصر “يجب أن تضمن السلامة والمشاركة الكاملة لجميع نشطاء المجتمع المدني في المؤتمر”. بعد أن أثيرت موجة من الانتقادات على القيود الحكومية على المشاركة، ومخاوف من الانتقام من النشطاء.
وقالت الأمم المتحدة في بيان قبل أيام: “تأتي هذه الموجة الجديدة، بعد سنوات من القمع المستمر. ضد المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان. باستخدام الأمن كذريعة، لتقويض الحقوق المشروعة للمجتمع المدني، في المشاركة في الشؤون العامة في مصر”.
وقال الخبراء: إن عمليات التوقيف والاحتجاز، وتجميد أصول المنظمات غير الحكومية وحلها. وقيود السفر المفروضة على المدافعين عن حقوق الإنسان، خلقت مناخًا من الخوف لمنظمات المجتمع المدني المصرية للمشاركة بشكل واضح في COP27.
وحذروا من أن “المنظمات غير الحكومية المصرية تعرضت في السابق للمضايقة والترهيب والانتقام لتعاونها مع الأمم المتحدة”. مشددين على أن مصر “يجب أن تضمن المشاركة الآمنة والهادفة في COP27، بما في ذلك لمؤسسات المجتمع المدني المستقل”.
وأشار خبراء الأمم المتحدة إلى أن “الافتقار إلى المعلومات ومعايير الاعتماد الشفافة للمنظمات غير الحكومية المصرية. والزيادة المخطط لها في أسعار الغرف الفندقية، والقيود غير المبررة على حرية التجمع السلمي خارج مكان COP27. والتأخيرات غير المبررة في تقديم التأشيرات للمسافرين من الخارج، هي المخاوف الرئيسية”.
وأضافوا: يجب إعطاء الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك العاملين في حقوق المناخ. فرصة لزيادة الوعي بآرائهم. نعتقد أن COP27، الذي تنظمه الأمم المتحدة، يجب أن يدعم حق الجمهور في المشاركة في تسيير الشؤون العامة.
تكاليف خيالية للحضور
وبينما أعرب خبراء الأمم المتحدة عن دعمهم لدعوات المجتمع المدني، التي تحث أمانة اتفاقية المناخ إلى تطوير معايير حقوق الإنسان، وتطالب الدول التي تستضيف مؤتمرات الأطراف المستقبلية الالتزام بالوفاء بها كجزء من اتفاقية المضيف، لفت عدد من المنظمات البيئية إلى قلقها من تنظيم مظاهرات غير مصرح بها في مصر، خوفًا من وقوع النشطاء المناخيين في مشاكل.
وتلفت فاننشال تايمز إلى أن “هؤلاء النشطاء، بدورهم، غير متأكدين مما إذا كانوا سيصلون إلى مصر”. حيث يكافح الكثيرون الصعوبات للحصول على التأشيرات والتمويل الكافي، وهو الأمر الذي واجهوه في كثير من الأحيان في الأحداث الأوروبية وفي أمريكا الشمالية.
أبرز التقرير شكاوى مجموعات على الإنترنت تركز على حماية البيئة، ومقرها في إفريقيا جنوب الصحراء. بشأن مطالب وأوراق تطلبها السفارة المصرية، وارتفاع تكلفة الإقامة في شرم الشيخ. حيث رفع مشغلو الفنادق الأسعار بما يصل إلى 10 أضعاف مستوياتها المعتادة.
يقول التقرير: تهدد -أي الأسعار المرتفعة- الكثيرين بعدم القدوم، رغم التزامهم بهذا بعد COP26 في جلاسكو. ونقل عن ناشط أردني قوله: “أنت بحاجة للفوز باليانصيب”.
أمّا الأكثر حذرًا -وضعفًا- كما تراهم فاننشال تايمز، فهم دعاة حماية البيئة المصريون المستقلون. مستندة إلى تقرير حديث لـ هيومن رايتس ووتش، استعرض القيود الشديدة على التمويل وتسجيل المنظمات غير الحكومية وتصاريح البحث.
تقول: يتوقع الكثيرون رد فعل عنيف وخطير إذا فعلوا أي شيء تعتبره السلطات محرجًا بينما عيون العالم عليهم.
ونقل التقرير عن منسق Stop EACOP، وهي مجموعة بيئية من شرق إفريقيا، وعضو في تحالف COP27. قوله: ما زلنا نبحث في الاحتمالات، ولكن قد يتعين علينا تسوية الأمور داخل مركز المؤتمرات وليس خارجه. لأننا قلقون قليلًا بشأن الأمن بالخارج.
وأضاف: نأمل ألا تكون هناك أعمال انتقامية بعد مغادرة النشطاء الدوليين للمؤتمر، واستهداف المنظمات المحلية.
اقرأ أيضا: ما الذي يمنع ملك بريطانيا من حضور قمة شرم الشيخ للمناخ؟
قيود ورفض
تلفت فاننشال تايمز إلى أن انعقاد المؤتمر المناخي في القاهرة هو “فرصة لتعبئة السلطات، التي كانت بطيئة حتى الآن في الانخراط في القضايا البيئية”.
وأكد: يعاني البلد المضيف بالفعل من صدمات مناخية مدمرة. بما في ذلك موجات حر أكثر شدة، وعواصف رملية عنيفة، وارتفاع مستوى سطح البحر على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وبينما في مؤتمرات الأطراف السابقة، كانت المشاركة القوية -وغير المقيدة نسبيًا- من المجتمع المدني. محورية في الضغط على مندوبي الدولة ورجال الأعمال من أجل الحصول على التزامات أكثر جدوى. لكن، في الوقت الذي تصرف فيه الحرب في أوكرانيا الاهتمام عن العمل المناخي العالمي. تؤكد المنظمات غير الحكومية المصرية والنشطاء على عدم احتمال تحقيق الكثير في شرم الشيخ. ما لم يمنحهم المنظمون حرية المشاركة الكاملة.
ويرى التقرير أن “الأحداث الأخيرة تشير إلى أن النشطاء لديهم كل الأسباب للتشكيك في وعود القاهرة”. حيث يقول دعاة حماية البيئة المصريون إن السلطات “تدرب المنظمات غير الحكومية التابعة للدولة على الاحتجاج على مواضيع “آمنة” في نوفمبر/ تشرين الثاني”، وبالتالي “تعطي انطباعًا بوجود مجتمع مدني محلي نشط”.
وفي الوقت نفسه، تم رفض اعتماد عدد قليل من منظمات حقوق الإنسان المصرية. مثل المفوضية المصرية للحقوق والحريات (ECRF).
أيضا، يلفت التقرير إلى أنه “على بعد أقل من 60 ميلًا من مركز مؤتمرات COP. تتجاهل الدولة اعتراضات النشطاء المحليين، وتقوم بتطوير المنطقة المحيطة بدير سانت كاترين على جبل سيناء. وهو موقع تراث عالمي لليونسكو له أهمية تاريخية وبيئية”.
في سياق متصل. يظهر التقرير، أن عددا من أقارب نشطاء المجتمع المدني المحبوسين. يرون أن حصول مصر على تنظيم الحدث العالمي للمناخ هو “ظلم كبير”.
ينقل التقرير عن محمد عماشة، طالب دكتوراه في جامعة ييل بالولايات المتحدة. والذي سجن والده -الناشط البيئي- لأكثر من عامين لأسباب مختلفة. قوله: “إنه لأمر مأساوي أن يتمكن النظام المصري من غسل تجاوزاته فيما يتعلق بالبيئية وحقوق الإنسان. تعمد النظام إبعاد النشطاء البيئيين عن الواقع البيئي القاسي الذي يتحمله معظم المصريين يوميًا”.