في إيجاز هاتفي، نظمه المكتب الإعلامي الإقليمي في دبي، التابع لوزارة الخارجية الأمريكية. استعرضت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، السفيرة باربرا ليف، زيارتها إلى تونس وإسرائيل والضفة الغربية والأردن والعراق مؤخرا. مع عدد من ممثلي وسائل الإعلام بالمنطقة. من بينهم “مصر 360”.
أدار اللقاء صمويل ويربرج، المتحدث الإقليمي للخارجية الأمريكية. والذي أشار إلى أن جولة ليف، تضمنت عددا من الاجتماعات والمناقشات، بشأن الأولويات المشتركة للولايات المتحدة مع المسئولين الحكوميين وأفراد من المجتمع المدني ورواد الأعمال في تلك الدول.
في بداية كلمتها، أوضحت السفيرة ليف أن الزيارة، منذ أن استلمت منصبها في أوائل يونيو/ حزيران. هي أول رحلة إقليمية لها تغطي عدة دول في آن. وقد استمرت من 29 أغسطس/ آب، حتى 9 سبتمبر/ أيلول “وقد أتاحت لي تعزيز الكثير من المسائل عينها، التي شدد عليها الرئيس بايدن خلال رحلته إلى الشرق الأوسط في يوليو/ تموز”.
وقالت ليف: شددت على أن الإدارة تطبق إطار عمل إيجابي للمشاركة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتضمن ذلك التخفيف من تصعيد النزاعات، وتعزيز شراكاتنا من أجل الأمن الإقليمي. وتعزيز التكامل الإقليمي، نحو معالجة المشاكل والقضايا ذات الطبيعة الدولية والإقليمية.
اقرأ أيضا: هل يفتح دستور سعيد الباب للثيوقراطية التونسية؟
تحديات تونس
كانت المحطة الأولى للسفيرة ليف هي تونس. حيث التقت بالرئيس قيس سعيد، ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية. وخبراء تونسيين بارزين، وصحفيين وممثلين عن المجتمع المدني. هدفت هذه اللقاءات إلى الاستماع إلى مجموعة من الآراء بشأن التحديات السياسية والاقتصادية الجدية التي تواجه البلاد.
وشددت ليف على “الدعم الأمريكي للشعب التونسي، والتزامنا بالشراكة طويلة الأمد مع تونس. هذه الشراكة تكون أقوى عندما تتجذر في التزام مشترك بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
أيضا، ناقشت الدبلوماسية الأمريكية أهمية وجود “عملية إصلاح سياسي شاملة وشفافة. تمثل مختلف الأصوات التونسية، وتحمي حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير”.
تقول: يتخبط التونسيون وسط مجموعة من الصدمات الاقتصادية. بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي، الناتج عن الحرب الروسية في أوكرانيا. لذا، شددت أيضا على أهمية المضي قدما في مفاوضات البلاد مع صندوق النقد الدولي بسرعة. وإجراء إصلاحات اقتصادية حاسمة وذات مغزى، لوضع حد للأزمة الاقتصادية المستمرة.
وأضافت: ستساعد هذه الحزمة في توفير أساس مالي أكثر متانة لتونس. ومعالجة المشاكل الهيكلية الرئيسية التي تعرقل الاقتصاد.
أيضا، تضمنت الزيارة مناقشات حول ليبيا. بما في ذلك أحاديث مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصادق الكبير.
وأكدت ليف أنها “شددت على ضرورة أن يدعم القادة الليبيون مسارا موثوقا لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، وأهمية تعزيز المؤسسات الاقتصادية الليبية للإدارة الشفافة لعائدات النفط والغاز لصالح الليبيين كافة. وأعربت مرة أخرى عن مخاوف الولايات المتحدة إزاء تحويل الأموال العامة إلى الميليشيات والجماعات المسلحة”.
تعليقا على مناقشات مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى مع الرئيس التونسي حول الأوضاع التي تمر بها البلاد. كان سؤال محرر “مصر 360” هو: بعد النقاش مع الرئيس قيس سعيد. ما الذي تستطيع الولايات المتحدة القيام به للدفع قدما بالعملية الديمقراطية في تونس؟
قالت السفيرة ليف: إن مسألة دعم نمو الفضاء الديمقراطي وتعزيزه في دولة مثل تونس هي عملية مستمرة، والأمر كذلك منذ الثورة التونسية. لقد خصصت الولايات المتحدة، مع مرور الوقت، الكثير من الأموال والتدريب والدعم لبرامجها وأنشطتها في تونس لدعم الأصوات التونسية. على غرار المجتمع المدني والصحفيين والمدافعين عن الديمقراطية وما إلى هنالك.
وأضافت: لا شك في أننا سنقوم بانتقاد تونس متى يكون ثمة حاجة إلى ذلك. بصفتنا حكومة شريكة، وحكومة صديقة لتونس. لقد كنت صريحة في نقاشي مع الرئيس سعيد، وهو أيضا كان صريحا في حديثنا عن المسار السياسي الحالي في تونس.
وتابعت: هذا موضوع يهمنا. نريد أن نرى تونس تعود بشكل مباشر إلى المسار الديمقراطي، مع مؤسسات ديمقراطية تعمل بكامل طاقتها. فهذه المؤسسات مهمة جدا لتطوير الديمقراطية في أي بلد. ولكننا نريد دعم التونسيين لتلبية هذه المطالب، وكان ذلك الموضوع جزءا لا يتجزأ مما قمت به خلال زيارتي.
أؤكد أن الرحلة التي قمت بها خلال الأسبوعين الماضيين كانت جزءا لا يتجزأ من نهج إدارة الرئيس جو بايدن تجاه المنطقة. نحن نعمل بجد. لا ترون أفعالنا دائما لأن العديد منها يتم خلف الكواليس، على غرار أي إجراء يميز الدبلوماسية الجيدة، وليس في العلن بالضرورة. ولكننا نعمل بجد لمساعدة الشركاء الإقليميين على تخفيف حدة الصراع ومعالجة الجمود المستمر، كما هو الحال في ليبيا والعراق، والمساعدة على استمرار الهدنة في اليمن.
اقرأ أيضا: هل إسرائيل مستعدة لطائرات بدون طيار قادمة من “حماس” و”حزب الله”؟
إسرائيل والأردن
الوجهة التالية لمساعدة وزير الخارجية الأمريكية كانت إسرائيل والضفة الغربية. أكدت ليف أنها ناقشت “مجموعة من المسائل فائقة الأهمية”، حسب تعبيرها، مع المسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين.
قالت: شددت على رسالة الرئيس بايدن، التي أعرب عنها خلال رحلته في يوليو/ تموز. ومفادها أن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل ثابت لا يتزحزح. وسنعمل لتعزيز كافة جوانب الشراكة الأمريكية- الإسرائيلية. وشددت، خلال اجتماعاتي مع كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، على التزام الإدارة بإبقاء الرؤية المتمثلة بحل الدولتين في المستقبل على قيد الحياة.
وتابعت: ذلك حتى يتمكن الجانبان من العيش بأمن وأمان، والتمتع بتدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار. ويعني ذلك العمل معا بشكل تعاوني، على المسائل الاقتصادية والأمنية الرئيسية، وتخفيف الإجراءات الأحادية.
لفتت ليف إلى أن المحادثات التي أجرتها مع المسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين “نوعا من استمرار حضوري للمحادثات التي كنت أجريها في بداية عهد هذه الإدارة. عندما كنت مديرة عليا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض”.
وقالت: تقلقنا الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية كثيرا، ولكنها تشكل أيضا مصدر قلق لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية. يتمثل دورنا في هذا الإطار بضمان أن يكون التعاون الأمني قويا ومستمرا إلى أقصى درجة ممكنة، والقيام بأمور أخرى ذات صلة بالتعاون الأمني للحافظ عليه. لقد أجريت مزيجا من المناقشات التي تطرقت -بشكل مباشر جدا- إلى الظروف الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة. لأنها قد تساعد في تحسين الظروف الأمنية وتحافظ عليها.
وتابعت: كما تعلمون، يتولى جنرال مكتب التعاون الأمني الأمريكي. مما يساعد أيضا في ضمان دعم التعاون والتدريب وبناء القدرات للجهود المبذولة في الضفة الغربية وقطاع غزة بطريقة مستمرة. ولكن، نعم، أنا أشعر بالقلق.
بعد ذلك اتجهت ليف شرقا، حيث اجتمعت خلال محطتها في العاصمة الأردنية عمان في الأردن بنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدي. وناقشت العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن، والجهود المشتركة لتعزيز الاستقرار والأمن على المستوى الإقليمي.
العراق
كانت محطة مساعدة الوزير الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى الأخيرة هي العراق. حيث أمضت أسبوعا كاملا بين بغداد وأربيل، التقت خلاله بمجموعة من كبار المسئولين الحكوميين، والشخصيات الحزبية السياسية. فضلا عن ممثلين عن المجتمع المدني، والقادة الأكاديميين والدينيين، ورواد الأعمال الشباب، والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت: شددت على نهج إدارة بايدن تجاه العراق. أنشطتنا وبرامجنا وسياساتنا كافة مؤطرة بشكل مباشر لدعم سيادة العراق واستقراره وأمنه، وشددت أيضا على أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي للعام 2008 تظل أساسا متينا لعلاقاتنا الثنائية.
وأضافت: شكل اندلاع أعمال العنف في بغداد مؤخرا مصدر قلق كبير بالنسبة إلينا في واشنطن. وكذلك لشركاء العراق الدوليين. ووجهت رسالة مباشرة في بغداد إلى مجموعة من كبار القادة الحكوميين، بما في ذلك رئيس الوزراء والرئيس ورئيس مجلس النواب.
وأشارت إلى ضرورة أن يجتمع القادة السياسيون العراقيون معا، لإجراء حوار شامل، والقيام بتسويات مهمة، ترسم طريقا للخروج من أزمة العراق الحالية المتمثلة بتشكيل الحكومة. “وقد شاركت هذه الرسالة مع مجموعة كاملة من القادة السياسيين العراقيين، بمن فيهم قادة من خارج الحكومة”.
هذه الرسالة كررتها ليف مع القادة السياسيين في إقليم كردستان العراق خلال زيارتها إلى أربيل على مدى يومين. وأضافت أنها ناقشت أيضا مسألة حقوق الإنسان أثناء تواجدها هناك وشددت على أهمية احترامها واحترام حرية التعبير.
وقالت: يلعب الصحفيون والنشطاء دورا حيويا في الديمقراطيات القوية. نحن نعتبر العراق شريكا حيويا للولايات المتحدة على مستويات عدة، ونريد أن نحقق الكثير معه في مجال القضايا الدولية والإقليمية. بما في ذلك الأمن المائي وتغير المناخ وزيادة فرص التجارة والاستثمار.
واختتمت تصريحها بالقول: إن المأزق الطاحن بشأن تشكيل الحكومة، والذي تسبب باندلاع أعمال عنف قبل 10 أيام. يؤكد على مدى إهدار هذه الفرص، والدرجة التي تظل فيها الحاجة الماسة للخدمات الأساسية للشعب العراقي بدون معالجة.
اقرأ أيضا: مناورات مقتدى الصدر.. السعي لإخضاع الخصوم تحت قناع “التقاعد”
أهمية سماع الصدر
نفت ليف، خلال الإيجاز الهاتفي، أن الولايات المتحدة تدعم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، خلال الأزمة الجارية. وأكدت: من باب التوضيح، نحن لا نقدم أي توجيه أو رأي بشأن قادة معينين على هذا النحو. نحن نتحدث عن مجموعة من المناقشات التي يقودها عراقيون -إلى حد كبير- وتجري في العراق، وينبغي أن تتم الأمور على هذا النحو بالفعل.
وشددت ليف على أنه من المهم في هذه المرحلة من التطور السياسي الحديث للعراق أن نسترجع ما قلته. تعتبر واشنطن أنه من المهم أن يمارس القادة السياسيون العراقيون والشعب العراقي تفويضهم، ويتخذوا قراراتهم السيادية بأنفسهم.
وأوضحت: عندما تحدثت عن موضوع السيد مقتدى الصدر. عنيت أنه ليس جزءا من هذا الحوار المستمر الذي استضافه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي -أقله في الوقت الحالي- وقد ابتعد عن المشاركة.
لذا، كنت أشير -في السر والعلن- إلى ضرورة ابتعاد القادة العراقيين عن أي انزلاق إلى العنف. على غرار ما شهدناه قبل 10 أيام. نريدهم أن ينخرطوا في مجموعة شاملة من المناقشات، سواء كان ذلك حول طاولة الحوار الوطني الرسمية، أو ضمن جهود منفصلة. يجب أن يأخذوا آمال الفئات المستهدفة كافة وتطلعاتها في عين الاعتبار.
وأؤكد على أن العراقيين أنفسهم تحدثوا عن مدى أهمية سماع صوت السيد مقتدى الصدر. وأعتقد أن القادة السياسيين قادرون على تأمين ذلك. وهم أيضا من ينبغي أن يتخذ القرار بشأن الانتخابات المبكرة. نحن لن نتخذ أي موقف بهذا الصدد.