في مايو/أيار الماضي كشف مسئولو صندوق مصر السيادي عن سعيهم لإنشاء شركات مع القطاع الخاص. سواء محليًا أو خارجيًا لمساعدة الدولة على التخارج من القطاعات التي ذكرتها في خطتها الاقتصادية.

وبحسب الصندوق فإنه يهدف لطرح مشروعات حكومية في قطاعات الطاقة المتجددة والتعليم والصحة وبعض الصناعات التكنولوجية.

ويذكر المسئولون أنه لأجل تنفيذ تلك الخطة الحكومية تم الاتفاق على إنشاء صندوق فرعي من صندوق مصر السيادي ستكون مسئوليته تسريع عملية برنامج الطروحات الحكومية في البورصة. حيث سيتولى عمليات طرح الأصول المصرية للشراكة مع القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة. وذلك بالتنسيق مع هيئة الرقابة المالية وعدد من المؤسسات الدولية.

وحتى الآن تم تحديد أصول بـ9 مليارات جنيه على أن يتم استهداف إتاحة أصول بقيمة 15 مليار جنيه خلال العام الجاري.

وقد عقد الصندوق عددا من الشراكات مع صناديق إقليمية والدول العربية وصناديق سيادية دولية بشكل مؤسسي.

ويصف الدكتور علي الإدريسي -عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع- صندوق مصر السيادي بـ”الذراع الاستثمارية للدولة”.

وأضاف أن دوره لا ينحصر في جذب استثمارات فقط. لكنه سيمكَّن الدولة من طرح أصول أو ممتلكات مستغلة أو غير مستغلة لطرحها أمام القطاع الخاص.

ويقول لـ”مصر 360″ إن الحكومة لن تستطيع طرح بعض الأصول أو الشركات أمام المستثمرين من القطاع الخاص. لذا تم إنشاء الصندوق السيادي ليكون قادرًا على ما لا تستطيع الحكومة تنفيذه. كاشفًا عن أن شراء الصندوق الإماراتي لحصص الحكومة في البنك التجاري الدولي وشركات أبوقير للأسمدة والإسكندرية للحاويات وغيرها تمت من خلال الصندوق السيادي المصري.

القطاع الخاص وصندوق مصر السيادي

كانت الحكومة المصرية كشفت في النصف الثاني من مايو/أيار الماضي عن خطتها للتخارج من قطاعات اقتصادية وزيادة دور القطاع الخاص عبر طرح أصول وشركات أمام المستثمرين لكن الخطة لم تكشف دور صندوق مصر السيادي.

فالصندوق هو من تولى عملية الاتفاق مع صندوق أبوظبي لإتمام عملية بيع بعض حصص الحكومة في البنك التجاري الدولي. إضافة لشركات خمس أخرى. فضلاً عن الدور الذي كشفت عنه الدكتورة هالة السعيد -وزيرة التخطيط ورئيس الصندوق السيادي- بأنه هو من سيتولى عملية طرح بعض الشركات المملوكة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة وفق ما ذكرته في حديث لها في ديسمبر/كانون الأول 2020.

وزيرة التخطيط
وزيرة التخطيط

هذا ما أكده أيمن سليمان -الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي في ديسمبر/كانون الأول 2021. بأن البورصة لا تزال الخيار المتاح أمام طرح الشركات المملوكة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة.

وأضاف أنهم بصدد الانتهاء من إعادة الهيكلة القانونية لشركتين تابعتين للجهاز. هما شركة الأغذية “صافي” وشركة “وطنية” لتوزيع المنتجات البترولية. وذلك لتكون قابلة للطرح في البورصة قريبًا.

تأسس صندوق مصر السيادي بقانون رقم 177 لسنة 2018. وصدر نظامه الأساسي في فبراير/شباط بقرار رئيس الوزراء رقم 555 لسنة 2019.

ولفت إلى وجود خطة لطرح مزيد من الشركات المملوكة لجهاز الخدمة الوطنية. لكنه رفض الإفصاح عنها حتى الانتهاء من صلاحية هياكلها القانونية للطرح في البورصة. موضحًا أن الصندوق يُخطط للاستحواذ على حصص تتراوح بين 20 و30% من شركتي الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية “صافي” والوطنية للخدمات البترولية. فيما يُعرض الباقي على المستثمرين.

وبحسب “سليمان” فإن المجموعة المالية “هيرميس” ستكون هي المستشار المالي في عملية طرح شركتي صافي والوطنية.

صندوق مصر السيادي وجذب الاستثمارات

وكان الصندوق السيادي وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وقعا في فبراير/شباط 2021 اتفاقية تهدف إلى الاستعانة بخبرات كوادر الصندوق في تهيئة بعض الأصول التابعة للجهاز. وذلك لجذب الاستثمارات من القطاع الخاص محليا ودوليا وتوسيع قاعدة ملكيتها.

يُشار إلى أنه في مارس/آذار 2021 أجرى صندوق مصر السيادي تقييمًا لـ10 شركات مملوكة لجهاز الخدمة الوطنية. تمهيدًا لطرحها أمام القطاع الخاص. لكن لم يتم الإفصاح عن أسماء هذه الشركات.

ويُؤكد الدكتور فخري الفقي -رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب- أنه من بين المُخطط أن يلعب الصندوق دورًا في عملية استثمار بعض الشركات المملوكة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة. باعتبار الجهاز من الأصول المملوكة للدولة والمرشح استثمارها مع أصول أخرى من الشركات والمواني والفنادق وغيرها وفق ما أعلنته الحكومة.

ويقول “الفقي” لـ”مصر 360″ إن الحكومة تعتبر صندوق مصر السيادي “رأس حربتها” في مسألة بيع الأصول أو عقد الشراكة. خصوصًا مع الشركات العربية أو الصناديق المالية العربية.

امتلاك أصول الدولة

ويُضيف أن ذلك يعني أن الصندوق ستؤول إليه بعض الأصول مثل مجمع التحرير أو جزء من محطات الكهرباء التي أنشأتها شركة سيمينز الألمانية وغيرها. والتي سيقوم الصندوق ببيعها أو بعض الأسهم فيها. مبررًا عملية البيع باحتياج الحكومة الشديد للعملة الأجنبية.

مجمع التحرير
مجمع التحرير

ويُشير رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب إلى أن تفكير الحكومة ينصب على توحيد جهة واحدة تؤول إليها بعض الأصول والممتلكات والشركات المملوكة للدولة. وذلك لتكون مسؤولة عن استثمارها أو بيعها. وسيكون هذا هو دور الصندوق السيادي.

صندوق مصر السيادي
صندوق مصر السيادي

وقد وضع معهد صناديق الثروة السيادية العالمية صندوق مصر السيادي ضمن قائمته التي تصنف صناديق الثروة السيادية العالمية.

وحل صندوق مصر السيادي في المرتبة 43 بين صناديق الثروة العالمية التي تصنفهم المؤسسة. والبالغ عددها 93 صندوقا بإجمالي أصول 8.229 تريليون دولار.

ووفقا لبيانات معهد صناديق الثروة السيادية فإن أصول الصندوق المصري تبلغ 11.959 مليار دولار. مستحوذا بذلك على 0.14% من إجمالي أصول الصناديق السيادية العالمية.

 

دخول المستثمرين بمعرفة الصندوق

ويُشير “الإدريسي” إلى أن مسألة دخول المستثمرين القطريين أيضًا للسوق المصرية ستكون بمعرفة الصندوق السيادي. مطالبًا في الوقت نفسه بتقارير مراجعة سنوية لكل أعمال الصندوق لعرضها على البرلمان والمختصين لإبراز أوجه النقص أو معرفة حجم أعمال الصندوق.

ويُضيف أنه رغم الإعلان عن خطة الحكومة الاقتصادية للتخارج من قطاعات وطرح أصول وجذب استثمارات. فإن الوثيقة الحكومية لم تضع أي دور للصندوق السيادي رغم أنه ذراع الدولة وشغله الشاغل هو جذب استثمارات من القطاع الخاص ومساعدة الحكومة على التخارج لإحلال القطاع الخاص بدلاً منها.

ويعتقد عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع أن الصندوق أيضًا سيكون حلقة وصل بين القطاع الخاص ووزارة التخطيط وجهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة. وذلك لطرح بعض شركاته أمام المستثمرين سواء في البورصة أو عبر شراكات أخرى مباشرة.

ويُتابع أن صندوق مصر السيادي سيتولى عملية طرح بعض الفنادق أمام القطاع الخاص بعد ضم بين 7 و10 فنادق في شركة واحدة. إضافة لبعض الأصول غير المستغلة، سواء مباني الوزارات في القاهرة بعدما تُنقل إلى العاصمة الإدارية أو الأصول في المحافظات الأخرى.

ويرى “الإدريسي” أن الصناديق المالية العربية -خاصة من دولتي قطر والإمارات- هي التي ستسعى بقوة للاستثمار والاستحواذ على أصول وشركات مصرية. بعكس الصناديق أو المستثمرين الأجانب الذين سيتجنبون عملية الاستثمار حاليًا في مصر بسبب الأزمة العالمية. واصفًا دخول الصناديق العربية بعملية انتهاز للفرص للاستحواذ على أصول قوية. مستغلين انخفاض سعر صرف الجنيه وتأثيره على قيمة الأصول.