حالة من الغضب والاستنكار بين أفراد الطواقم الطبية، عبروا عنها على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال دعوات بعضهم لتقديم استقالات جماعية، وذلك بعد ساعات قليلة من وفاة أربعة أطباء خلال 24 ساعة بسبب نقص المستلزمات والإمدادات الطبيبة.
وازداد الموقف اشتعالا مع إعلان خبر إصابة الفنانة رجاء الجداوي، التي وفرت لها وزارة الصحة سيارة إسعاف، وغرفتين “vip” في مستشفى العزل الصحي، كما قامت بإجراء مسح لجميع الفنانين والمشاهير المخالطين لها أثناء تصوريها مسلسلها الرمضاني “لعبة النسيان”.
وتزايدات الانتقادات لسلوك الوزارة الذي تنافى مع بروتكولات المسحات والكشف عن كورونا المتبعة للأطباء، بالإضافة إلى ازدحام الأماكن بمستشفيات العزل الأمر الذي تسبب في تأخر الحالة الصحية للطبيب وليد يحي 33 عاما، الذي توفي بعد أيام قليلة من إصابته بسبب تأخر إجراء المسحة والتأخر ايضا في نقله لمستشفى العزل.
وبحسب نقابة الأطباء فقد توفي حتى الآن 19 طبيبا منهم 4 خلال الـ24 ساعة الأخيرة، كما أصيب أكثر من 350 طبيبا منذ بدء تفشي كورونا في البلاد.
موجة الغضب لم تقف فقط عند التعليقات التي حملت هجوما حادا على أداء وزارة الصحة خلال أزمة كورونا فيما يخص بروتوكولات الكشف، بل أقدم عدد من الأطباء على تقديم استقالاتهم نتيجة نقص الإمدادات الطبية، وعدم توفير أي نوع من الحماية لهم أو لأسرهم.
وكان محمود عبد العظيم، طبيب النساء والتوليد بمستشفى المنيرة العام قد أعلن استقالته من وزارة الصحة والسكان.وقال في نص استقالته التي تداولها الأطباء على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي: “ترسخ لدي يقين بأنه لا عصمة لنا ولا ثمن، وأن الوزارة لا تكتفي بتحميل أطبائها فشلها وسوء إدارتها ولكن تتقاعس حتى عن نجدتهم في حال سقوط أحدهم”.
من جانبها وجهت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة بفتح تحقيق عاجل فى واقعة وفاة طبيب مستشفي المنيرة وليد يحيى الذي توفي إثر إصابته بفيروس كورونا بمستشفي المنيرة، وذلك فور علمها بالواقعة ، مؤكدة على إتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال وجود أي تقصير.
وانتقد الدكتور علاء عوض، الأستاذ بمعهد تيودور بلهارس وزارة الصحة، مؤكدًا أن حماية المجتمع تستلزم حماية الأطقم الطبية أولا، مشددًا على أنه أمر جوهري وضرورة ملحة في مواجهة وباء “كورونا”.
وقال عوض في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، الاثنين، “ماحدش طالب الأطباء بالاضراب، لا النقابة ولا أي طبيب قالوا كده، ولا حد يقدر يقول كده في الوضع الحالي، ومافيش أي خوف من ظهور الدعوة دي.. الخوف من إن الأطباء تطفش… أيوة، تطفش لما تلاقى طرق حمايتها مقفولة قدامها، وحقوقها ضايعة.. عشان نحمي المجتمع، لازم نحمى الأطقم الطبية ونوفر لهم الحق في العلاج والصحة والحياة.. من غير الأطقم دى ماحدش حيقدر يواجه الوباء.. الموضوع مش مجرد أغاني، وشعارات على شاكلة الجيش الأبيض وكلام من ده.. الموضوع بجد، وحماية الأطقم الطبية ضرورة ملحة وجزء جوهري من مواجهة الوباء … أفيقوا قبل فوات الأوان”.
أما النائبة نادية هنري، عضوة مجلس النواب، فقد قالت إن الفرق الطبية هي خط الدفاع الوحيد في مواجهة فيروس كورونا.
وأضافت أن “الحفاظ عليهم واجب وطني وأمن قومي، ولابد من التفكير في إقالة وزيرة الصحة”.
فيما حملت نقابة الأطباء المصرية في بيان، وزارة الصحة “المسؤولية الكاملة لازدياد حالات الإصابة والوفيات بين الأطباء نتيجة تقاعس الوزارة وإهمالها في حمايتهم”.
وحذرت من تزايد وتيرة الغضب بين صفوف الأطباء لعدم توفير الحماية لهم الأمر الذى سيؤثر سلبا على تقديم الرعاية الصحية، كما حذرت من أن المنظومة الصحية قد تنهار تماما وقد تحدث كارثة صحية تصيب الوطن كله حال استمرار هذا التقاعس والإهمال من جانب وزارة الصحة حيال الطواقم الطبية.
وأكد البيان أن النقابة ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والنقابية لحماية أرواح أعضائها، وستلاحق جميع المتورطين عن هذا التقصير الذي يصل لدرجة جريمة القتل بالترك.
وأعربت النقابة عن أسفها لتكرار “حالات تقاعس الوزارة عن القيام بواجبها في حماية الأطباء، بداية من الامتناع عن التحاليل المبكرة لاكتشاف أي إصابات بين الطواقم الطبية، إلى التعنت في إجراء المسحات للمخالطين منهم لحالات إيجابية، لنصل حتى إلى التقاعس في سرعة توفير أماكن العلاج للمصابين منهم، حتى وصل عدد الشهداء إلى تسعة عشر طبيبا كان آخرهم الطبيب الشاب وليد يحيى الذي عانى من ذلك حتى استشهد، هذا بالإضافة لأكثر من ثلاثمائة وخمسين مصابا بين الأطباء فقط”.
على الجانب الآخر أكدت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، أنه منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، فقد حرصت الوزارة على تخصيص دور بكل مستشفى عزل بسعة 20 سريرا لعلاج المصابين من الأطقم الطبية، مؤكدة أن الوزارة تسعى جاهدة لحماية أطقمها الطبية، خلال مواجهتم لفيروس كورونا المستجد، طبقا لتوجيهات القيادة السياسية ودولة رئيس الوزراء بتوفير أقصي سبل الرعاية للاطقم الطبية.
وأشارت وزيرة الصحة والسكان، إلى إصابة 291 من الأطقم الطبية بمستشفيات الحميات والصدر والعزل، من بينهم 69 طبيبا وطبيبة، لافتة إلى وفاة 11 من الأطقم الطبية وذلك منذ بداية الجائحة وحتى اليوم، مؤكدة أن جميع المصابين يتلقون العلاج والرعاية الطبية اللازمة بالمستشفيات.
وتابعت وزيرة الصحة والسكان، أن الوزارة تتخذ كافة الاحتياطات والإجراءات لحماية أطقمها الطبية من الإصابة حيث يتم إجراء تحليل لكافة الأطقم عند دخولهم المستشفى لقيامهم بمهام عملهم أيضا عند خروجهم من المستشفى بعد انتهاء عملهم منها بواقع 14 يوم عمل، و14 يوما إجازة، كما يتم إجراء تحليل فورى لمن يظهر عليه أى أعراض أثناء تأدية عمله، حيث قامت الوزارة بتكثيف إجراء التحاليل الدورية لأطقمها الطبية حيث تم إجراء 19 ألف و578 تحليل بالكاشف السريع، و8913 PCR، حتى الآن.