بعد محاولات قاربت العام، أعلنت وزارة الصحة المصرية الخميس الماضي، الموافقة على تصنيع لقاح مضاد لفيروس كورونا في مصر، بالتعاون مع شركة “سينوفاك” الصينية.
خطوة التصنيع هذه تأتي عبر الشركة المصرية القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات ( فاكسيرا ) هي شركة تابعة لوزارة الصحة والسكان، بطاقة 20 مليون جرعة في العام الأول، على أن يعقب ذلك إنشاء خط إنتاج جديد يستطيع توفير 60 مليون جرعة من لقاح كورونا لمصر وأفريقيا.
اتفاق التصنيع
وأعلنت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، تصنيع اللقاح في مصر بالتعاون مع شركة سينوفاك الصينية بعد موافقة الحكومة المصرية، وفق الاتفاقية التي جرى توقيعها مع شركة (سينوفاك) الصينية لبدء تصنيع اللقاحات، وذلك بعدما أرسلت منظمة الصحة العالمية خبراء دوليين لتقييم أداء مصانع شركة “فاكسيرا” تمهيدًا لبدء التصنيع في مصر والتصدير للدول الأفريقية.
مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، الدكتور محمد عز العرب، يقول لـ “مصر 360″، إن اتفاقية التصنيع المحلي ستؤتي ثمارها داخليًا خلال الفترات القادمة، عبر توفير جزء من اللقاحات لمصابي فيروس كورونا، وتوفير جانب من قيمة الشحنات المستوردة من الخارج.
مع افتتاح مدينة الدواء الجديدة سيكون الأمر داعمًا للشركات في توطين صناعات الدواء واللقاحات؛ ارتكازًا على التكنولوجيات التي تم توفيرها بالمدينة الجديدة
ويشير إلى ضرورة أن تتجه الكميات المنتجة للسوق المحلية وليس التصدير، قائلاً: “الكميات في البداية لن تكفي التصدير ولابد من سد حاجة المواطنين أولًا وعدم التسرع في التصدير وإغفال المصابين المصريين”.
وقامت مصر بالعديد من عمليات التصنيع الدوائي في السابق، عبر المصانع المتخصصة في صناعة الدواء، والتي تتوافر بها بعض الإمكانيات التي قد تمكنها من تصنيع الأدوية الحيوية، ومع افتتاح مدينة الدواء الجديدة سيكون الأمر داعمًا للشركات في توطين صناعات الدواء واللقاحات؛ ارتكازًا على التكنولوجيات التي تم توفيرها بالمدينة الجديدة.
الصحة العالمية تُقيم مصانع “فاسكيرا” قبل الإنتاج في مصر
وخضعت شركة فاكسيرا للتقييم المبدئي لتصنيع لقاح كورونا، الذي يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي خلال السنوات القادمة، وفق وزيرة الصحة.
اللقاحات التي يتم إنتاجها حاليًا ليست الوحيدة في الصين، فهناك 17 لقاحًا صينيًا في طور الأبحاث الإكلينيكية لإنتاج مزيد من لقاحات فيروس كورونا المستجد، وتسعى مصر للمشاركة في التجارب لتلك اللقاحات في مرحلتها الثالثة، من خلال فريق وزارة الصحة والسكان.
كيف تستفيد السوق المحلية من تصنيع اللقاح؟
تصنيع لقاح كورونا في مصر يحقق الاكتفاء الذاتي، إضافة إلى دوره في وقف التعاقد على شحنات إضافية من لقاحات كورونا، حال تزايد أعداد الإصابات الموسمية للفيروس، يضيف عز العرب.
التصنيع المحلي للقاح كورونا سيسمح للدولة بتوفير اللقاح بتسعيرة تسمح للجميع بالحصول عليه، وكذلك إتاحته للشرائح المتوسطة والفقيرة بالمجان، وعدم تحميل المواطنين أعباء اقتصادية إضافية.
كما يسهم تصنيع اللقاح بشكل مباشر في توغل الدولة بمجال صناعة الأدوية واللقاحات الأوبئة والفيروسات المستجدة، ومن ثم القدرة على التعامل مع أية أمراض مستقبلية تهدد حياة المواطنين، كما سيزيد اتجاه الحكومة لتصنيع اللقاح في دعم مجالات البحث العلمي وتطويرها بشكل يواكب التطور الحالي في التصنيع -يواصل عز العرب-.
هل يكفي الإنتاج للتصدير؟
اتفاق تصنيع لقاح مضاد لفيروس كورونا في مصر، سيكون بطاقة 20 مليون جرعة في العام، كما سيتم إنشاء خط إنتاج جديد يستطيع توفير 60 مليون جرعة من لقاح كورونا.
المؤشرات الخاصة بالطاقات الإنتاجية لن تُسعف الدولة على المدى القريب في تصدير اللقاح إلى دول أفريقيا ولو على الأقل خلال 2021- 2022، ومن ثم الاتجاه سينصب على سد حاجة السوق المحلية من اللقاح خاصة في ظل تجدد موجات الإصابة بالفيروس المستجد، وفق مصادر بهيئة تصنيع الدواء.
خطوط الإنتاج ستبدأ التصنيع تدريجيًا فالأمر دقيق للغاية.. ولن تصل إلى الطاقة الإنتاجية القصوى مباشرة”، ومن ثم لن يكفي الإنتاج في البدايات للتصدير إلى أفريقيا
وتضيف المصادر أن الأعداد الحالية لإصابات فيروس كورونا ليست ضئيلة، فالموجة الثالثة للفيروس من أشد الموجات من حيث سرعة الانتشار والتأثير على الجهاز التنفسي والهضمي، وبالتالي فإن التنبؤات الخاصة بمستقبل كوفيد -19 غير مطمئنة ومن المنتظر أن يستمر في الانتشار لسنوات قادمة، وهنا ستضطر الحكومة لتوجيه إنتاجها من اللقاح لعلاج الحالات المصابة.
ويوضح أحد المصادر أن كل مواطن يحتاج إلى جرعتين من لقاح كورونا، وبالتالي هناك حتمية لمضاعفة القدرات الإنتاجية المستقبلية من اللقاح لسد حاجة السوق، متابعاً: “خطوط الإنتاج ستبدأ التصنيع تدريجيًا فالأمر دقيق للغاية.. ولن تصل إلى الطاقة الإنتاجية القصوى مباشرة”، ومن ثم لن يكفي الإنتاج في البدايات للتصدير إلى أفريقيا.
كيف تُحفز مدينة الدواء تصنيع اللقاح؟
مدينة الدواء ستلعب دورًا محوريًا في التوسع بصناعة وإنتاج الأدوية واللقاحات، بالإضافة إلى الجدوى الاقتصادية في جذب استثمارات لقطاع الدواء والأمصال في السنوات القادمة، وإن كانت تلك الخطوة قد تأخرت لسنوات، وفق مصادر بهيئة تصنيع الدوار لـ “مصر 360”.
وأضافت المصادر أنه في حال جرى إنشاء مدينة الدواء بداية القرن الحالي كان سيُجنب مصر الوقوع في أزمات نقص اللقاحات والأدوية، ومن ثم تجنب انتظار “طابور” الحصول على لقاح كورونا لعلاج المصريين المصابين.
الجدوى الحقيقية لمدينة الدواء سيشعر بها المواطن خلال فترة من 2 إلى 5 سنوات، وذلك بمجرد تطوير الأبحاث العلمية القادرة على توظيف الإمكانيات التكنولوجية التي وُفرت بالمدينة
ولفتت المصادر إلى أن الجدوى الحقيقية لمدينة الدواء سيشعر بها المواطن خلال فترة من 2 إلى 5 سنوات، وذلك بمجرد تطوير الأبحاث العلمية القادرة على توظيف الإمكانيات التكنولوجية التي وُفرت بالمدينة الدوائية، وحينها سيكون بإمكان الدولة تصدير الدواء لأفريقيا والأسواق الآسيوية والأوروبية، لكن حاليًا سينصب الاتجاه لسد حاجة السوق المحلية.
وأكد رئيس هيئة الدواء المصرية الدكتور تامر عصام، خلال افتتاح مدينة الأدوية، أن الدولة المصرية تتعامل مع ملف صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل كبير من أجل توطين هذه الصناعة، باعتبارها أمنا قوميا حقيقيا يمس حياة المواطن، فضلا عن أنه مجال قوي للاستثمار
وتابع عصام: “سعينا إلى تأمين مخزون استراتيجي من المستحضرات الطبية بالتعاون مع الشركات.. وسعينا إلى توطين الصناعة من خلال استراتيجية الدولة لتوطين صناعة الأدوية، وإيجاد آلية سريعة وواضحة لتوفير المستحضرات الطبية خاصة خلال جائحة كورونا”.
لكن.. لماذا تأخر تصنيع لقاح كورونا؟
إزاء ما سبق فإن مراقبين يرون أن خطوة التصنيع التي تسعى إليها الحكومة حاليًا جاءت متأخرة قليلًا بعدما اتجهت بعض الدول في 2020، إلى تصنيع لقاحات كورونا مثل الهند، التي أسرعت خُطاها لتوفير اللقاح اللازم لمواطنيها وتصدير كميات أخرى للخارج، وطرح الوضع الحالي تساؤلًا عن أسباب تأخر خطوة التصنيع داخل مصر حتى الآن.
ويقول مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، الدكتور محمد عز العرب إن “نقل التكنولوجيا المعرفية بصناعة الدواء من الأساسيات التي كان على الحكومة توطينها في مصر منذ سنوات، متابعا: “آلية التصنيع لو موجودة من زمان كنا بدأنا في التصنيع من السنة اللي فات.. لكن حاليًا يتم محاكاة الدول الكبرى في مجال تصنيع الدواء –بعدما أنتجت تلك الدولة حصصًا ضخمة خلال 2020/2021- ليكون بالإمكان تصنيع اللقاح في مصر بالمعايير والمواصفات العالمية”.
الإمكانيات الطبية التكنولوجية
الباحث بمجال الفيروسات الدكتور فايد عطية، يؤكد لـ “مصر 360″، أن ما ينقص مصر هي الإمكانيات الطبية التكنولوجية، خاصة فيما يتعلق بتصنيع اللقاحات، باعتبارها مغايرة تمامًا لصناعة الدوية، لافتا إلى أن “صناعة اللقاحات مكلفة ودقيقة للغاية، وتحتاج تجهيزات طبية وتكنولوجية عالية الكفاءة لم تكن متوافرة بالسوق السنوات الماضية”.
لابد من تقدير قيمة البحث العلمي في مصر الذي أُهمل منذ عقود، لكي يكون قادرًا على تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا مثلما فعلت غالبية الدول الكبرى في مجال الأدوية
وأردف: “لابد من تقدير قيمة البحث العلمي في مصر الذي أُهمل منذ عقود، لكي يكون قادرًا على تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا مثلما فعلت غالبية الدول الكبرى في مجال الأدوية.. الجميع اكتشف قيمة البحث العلمي بعد أزمة فيروس كورونا. فمواجهة الأوبئة والفيروسات لا يتم إلا بتطوير البحث العلمي بمختلف المجالات”.
وتابع أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعمل بأقصى جهدها وفق إمكانياتها المحدودة، فهذه الإمكانيات غير كافية مقارنة بالدول الأجنبية، ونحن بحاجة لثورة ونهضة في مجال البحث العلمي المصري.
الافتقار للبنية التحتية
مصدر بالمركز القومي للشئون البحثية، أكد لـ “مصر 360″، أن إنتاج لقاحات كورونا في مصر كان يحتاج إلى قرار دولة، متابعا أن “الأمر لا يتوقف فقط على الأبحاث طالما سيتم تصنيع لقاحات تم تصنيعها عالميًا نهاية 2020 وبداية العام الجاري، “لو في قرار دولة تصنيع اللقاحات السنة اللي فاتت.. كان زمان كل المواطنين خدوا اللقاح وبدأنا في التصدير نهاية 2021”.
وتابع المصدر أن شركات الأدوية لا تملك البنية التحتية اللازمة لإنتاج ملايين الجرعات المطلوبة من اللقاحات، وبالتالي كان لابد من اتخاذ خطوات سريعة في تصنيع اللقاح بحيث يصبح بمقدور الحكومة تلبية كامل احتياجات السوق المصري من الجرعات بنهاية 2021.