كتب- عبد الوهاب شعبان
لم تنفرج أزمة “بنج الأسنان” حتى الآن رغم اتصالات متبادلة ولقاءات طوال الفترة الماضية بين نقابة أطباء الأسنان وهيئة الدواء وهيئة الشراء الموحد لبحث حلول الأزمة.
ولا تزال شحنتان عالقتان في إسبانيا لم يتم الإفراج عنهما بسبب تحويل الدولار للمصدر. رغم دفع أرضية جمركية منذ استيرادهما وكونهما أولوية متقدمة في إيجاد حلول مؤقتة للأزمة.
تواصل نقابي
وحسبما وصف نقيب أطباء الأسنان –الدكتور إيهاب هيكل- فإن “البنج” هو روح العيادة. لافتًا إلى أن ثمة عيادات توقفت تمامًا بسبب ارتفاع أسعار المادة في السوق السوداء وصعوبة الحصول عليها لندرة الكمية.
وراتفع سعر علبة “بنج الأسنان” من 250 جنيهًا إلى 1500 جنيه بسبب نقص الإنتاج وصعوبة الاستيراد بعد تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
واضطرت النقابة إلى التواصل مع هيئة الشراء الموحد وهيئة الدواء والبنك المركزي لمحاصرة السوق السوداء وتوفير السلعة في صيدليات رسمية. إلى جانب تسهيل إجراءات التحويل والجمارك أمام المستوردين لحين إنهاء أزمة مصنع الإسكندرية المتخصص في صناعة “بنج الأسنان”.
لكن طول أمد الأزمة دفع طبيب الأسنان “وليد.ك” إلى رفع سعر تذكرة الكشف بعيادته الكائنة بمنطقة ريفية –جنوب الجيزة- مقابل القدرة على توفير العنصر الأساسي في علاج المرضى -البنج.
ورغم محاولات النقابة لتوفير “بونات” توزع في 8 محافظات كخطوة أولى نحو حلول جزئية للأزمة -يستطيع الطبيب بها صرف عبوتين عبر منفذ النقابة الفرعية باستثناء المحافظات الحدودية ذات الكثافة الأقل- فإن أطباء شعروا بالإهانة جراء زحام شديد يكتنف أوقات الصرف.
واعتبر “طبيب الأسنان” أن موجة الأزمة الراهنة تشكل ضغطًا على المواطن قبل الطبيب. لافتًا إلى أن المريض لا يتوجه إلى عيادة الأسنان إلا في مرحلة متأخرة ويحتاج إلى تدخل وقتي لإنهاء معاناته.
بحسب الدكتور “وليد” فإن عدد الأطباء المسجلين لدى نقابة أطباء الأسنان نحو 75 ألف طبيب. وأكد أن كثيرين فضلوا إغلاق عياداتهم لحين توفر “البنج”. لكون المريض لا يستطيع دفع تذكرة مضاعفة ولا الصبر لإجراء طبي دون مفعول المخدر. واستطرد: “نتابع محاولات النقابة لحل الأزمة على أمل انفراجة مطلع أكتوبر المقبل”.
الأعنف منذ 2017
وحسب تصريحات نقيب أطباء الأسنان فإن هذه تعد الموجة الرابعة تعد الأعنف لأزمة “بنج الأسنان” منذ بدايتها عام 2017. لافتًا إلى أن نقص المخزون العالمي مؤثر في السوق المصرية. التي تستهلك 80 ألف علبة شهريًا.
وتنتج شركة الإسكندرية -المسئولة عن الإنتاج المحلي لـ”المخدر” المستخدم في عيادات الأسنان- 500 علبة يوميًا. غير أن الفترة الحالية حسب كلام النقيب لـ”مصر360″ تعاني من توقف خط إنتاج لا تزال ماكيناته موقوفة في الميناء ولم تصل بعد.
بجانب ذلك فإن مصنعًا بمدينة أكتوبر من شأنه إنتاج 30 ألف علبة. لكنه يتعرض لأعطال كثيرة.
وأجرت النقابة اتصالات مع هيئة الدواء للتدخل بشأن إنهاء أزمة المصنع سالف الذكر.
معاناة الاستيراد من الخارج
وعلى صعيد الاستيراد فإن مستوردًا يستورد 20 ألف علبة شهريًا تسهم بنسبة كبيرة في توافر المخدر بالصيدليات يعاني من توقيف شحنتين في إسبانيا. ولا يستطيع الإفراج عنهما بسبب التحويل الدولاري وإجراءات البنك المركزي.
ولفت النقيب إلى إرساله خطابًا لوزارة المالية للتدخل بشأن الإفراج الجمركي عن الشحنتين. لكنها أبلغته بأن القضية في يد البنك المركزي.
بعدها وبالاستعانة بأعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب تواصل النقيب مع البنك المركزي. والذي قام بدوره بإلغاء الاعتماد المستندي. وتابع: “المشكلة تكمن في توفير العملة الصعبة للإفراج عن الشحنتين المجمدتين”.
النقيب الذي يسعى الآن إلى محاصرة السوق السوداء بعد وصول ثمن العلبة إلى 1500 جنيه قال: “تبين أن هناك فرق سعر بين السعر العالمي والمحلي. واقترحنا رفع سعر المستورد بنسبة لمواجهة الأزمة”.
واستطرد: “اتحاد المهن الطبية يملك شركة لها حق توزيع الأدوية. واقترحنا أن نأخذ منهم ونوزع في المحافظات. كما اقترحنا على هيئة الدواء الإفراج عن شحنات وتوزيعها من خلال النقابة”.
وتتعرض السوق المصرية حاليًا لعجز في 20 ألف علبة. ما دفع النقابة إلى التفكير في إنشاء تطبيق إلكتروني يستعمله أطباء الأسنان لصرف البنج. بعيدًا عن الصيدليات والسوق السوداء بالتعاون مع اتحاد المهن الطبية.
حلول نقابية
البنج الحلقة الأخطر في تخفيف ألم الأسنانوتحتاج عيادات أطباء الأسنان يوميًا حسب إحصاء وكيل النقابة الدكتور مجدي بيومي إلى 5000 علبة. معربًا عن أمله في الإفراج عن شحنتي إسبانيا الأسبوع المقبل. حسب نتائج التشاور مع الجهات المعنية.
ويسعى مصنع “الإسكندرية” الآن لإنتاج كميات ملائمة بعد مخاطبة إدارة الصيدليات بالوزارة لتغيير نوعية الزجاج المستعمل في التعبئة. لحين وصول خط إنتاجه -على حد قوله.
وأضاف وكيل النقابة لـ”مصر360″ أن النقابات الفرعية في المحافظات -عددها 26- تحولت إلى مقرات حجز لـ”بنج الأسنان” يلجأ إليها الأطباء كمنافذ توزيع بعد الحصول على “بون” يدرج معه رقم ترخيص العيادة قبيل تسليم الطبيب حصته من “المخدر”.
وتخضع عملية التسليم لـ”اعتبارات” الحجز والكثافة. مؤكدًا أن النقابة تضع المحافظات الحدودية على قائمة أولوياتها. لكون الأطباء هناك لا يستطيعون الوصول إلى الصيدليات الرسمية المعلن عنها كمنافذ للتوزيع.
ويصل نصيب “طبيب الأسنان” شهريًا إلى 4 بونات. على أن يستمر استعمال هذه الطريقة لمدة شهر ونصف الشهر لحين الوصول إلى حلول نهائية.
استنكار برلماني
مجلس نواب مصرمن جانبها قالت النائبة راوية مختار –عضو لجنة الصحة بمجلس النواب: أزمة “بنج الأسنان” متكررة كل عامين. لافتة إلى عدم وجود حل جذري حتى الآن لدى القطاع الحكومي.
واستنكرت النائبة تصنيف “بنج الأسنان” بتبعيته لقانون الصيادلة. وهو ليس علاجًا على حد وصفها ولا يصرف من الصيدلية لمريض. كما لا يكتبه الأطباء كعلاج لأحد. داعية إلى ضرورة تعديل هذا التصنيف وإلغائه من قوائم قانون الصيادلة.
وأضافت في تصريحات متلفزة أن مصر التي لديها مدينة الدواء تستطيع تصنيعه وتحقيق فائض. وتساءلت: “لماذا لا يصنع المخدر في هذه المدينة؟”.
أزمة التصنيع
الدكتور محفوظ رمزي -رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة- قال إن لدينا شركة قطاع أعمال لتصنيع بنج الأسنان هي “شركة الإسكندرية”. وسعره يتراوح من 275 إلى 325 جنيها. وتتضمن العلبة “100 كرتونة”. لكن كمية الإنتاج لا تكفي السوق المصرية.
وأضاف لـ”مصر360″ أن هيئة الدواء كلفت المصنع بإنتاج دورتين لكن الأزمة تبدو في أن تكلفة إنتاجه تفوق سعره الدارج. وبالتالي لا بد من تدخل لضبط الفارق بين تكلفة إنتاجه وسعر البيع حفاظًا على حق المصنع في الربح.
ولفت إلى أن الاستيراد متوقف حاليًا بسبب أزمة “سعر صرف الدولار”. مؤكدًا أن ثمة حلول تناقش حاليًا لتعويض نقص الإنتاج في السوق المحلية.
ولفت إلى أن نقابتي “الصيادلة” و”أطباء الأسنان” تجريان تنسيقات لحل الأزمة بإعادة توزيع “بنج الأسنان” عبر شركات التوزيع والصيدليات وليس مراكز الأسنان.
يشار إلى أن سوق الدواء في مصر شهدت ارتفاعًا بنسبة 30% بعد تراجع الجنيه المصري أمام سعر صرف الدولار.
واعتمدت هيئة الدواء زيادة أسعار بنج الأسنان بعد الأزمة الأخيرة بأكثر من الضعف. حيث ارتفع سعر صنف “أرتينيبسا 40 مجم/0.01 مجم/مل 50 خرطوش إسباني أحمر من 210 إلى 500 جنيه. وكذلك صنف “أرتينيبسا 40 مجم/0.005 مجم/مل 50 خرطوش إسباني أصفر بالزيادة ذاتها.