“# جيش مصر البرتقالي”، هكذا أطلق علي عمال النظافة الذين يعاملون في ظل أزمة كورونا، ويتعرضون لخطر لا يقل عن ما يتعرضه له الأطباء وطاقم التمريض لمكافحة كورونا، حيث يخرج آلاف العمال من منازلهم في الصباح الباكر دون بدل واقية أو ماسكات تحميهم من هذا الفيروس، كل ذلك بجانب تعاملهم المباشر مع مخلفات مئات آلاف من المواطنين من “كمامات ومستلزمات طبية” أصبحت من أساسيات كل بيت في مصر في ظل كورونا .
sss
مع بداية انتشار فيروس كورونا في الصين أفادت إدارة السلامة والصحة المهنية الأمريكية، في بيان لها، إن الفئات الأكثر تعرضًا لخطر الإصابة بالفيروس هم العمال الذين يتفاعلون مع الأفراد المحتمل أن يكونوا مصابين، بما في ذلك أولئك الذين يشاركون في الرعاية الصحية، والعاملين بإدارة النفايات الصلبة والمياه الملوثة، وشددت على أنه يتحتم فصل القمامة الصادرة من المنازل التي تحتوي على مخلفات مصابين محتملين والتعامل معها كنفايات طبية معدية.
كما سبق وأن طالب برنامج الأمم المتحدة للبيئة الحكومات مع بداية أزمة كورونا معالجة القمامة المنزلية التي تحوي الأقنعة المصابة والقفازات وغيرها من معدات الحماية، بشكل خاص، موضحة أن الإدارة غير السليمة لهذه النفايات قد تتسبب في إحداث آثار «غير متوقعة» على صحة الإنسان والبيئة.
من جهتها، قالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، إن النفايات الطبية الخاصة بفيروس كورونا يجرى إضافة المواد المطهرة قبل نقلها من المنشأة الصحية الموجودة فيها، مشيرة إلى أن النفايات يتم حرقها ودفنها بالطرق الآمنة، موضحة أن التعامل مع مخلفات القرى الواقعة تحت الحجر الصحي يجرى من خلال فتح خلية منعزلة عن النفايات العادية ودفنها وتغليفها بطبقة من الجير.
“جنود منسية”
“هجيب كحول ولا أكل عيالي”، هكذا روي عم محمد، عامل النظافة منذ أكثر من 20 سنة، معاناته مع جمع القمامة في ظل أزمة كورونا، موضحًا أن بعد” تقسيم دورة العمل على عدة شيفتات أصبح الشغل مضاعف وليس العكس، كما أن مواعيد الحظر تحكمنا، غير أن مرتبه لا يتحمل شراء كحول ومعقمات كبقية الآخرون،”أقل أزازة كحول بـ 25 جنية وانا يلزمني 4 منها في اليوم تقريبًا، هأكل عيالي منين؟”.
كما أكد عامل نظافة آخر، يبلغ من العمر 33 عامًا، ولكنه رفض ذكر اسمه، أن هيئة النظافة لم توزع عليهم وسائل الحماية الطبية، كما تداول في الإعلام، وأنه حتي الآن يقوم بجمع القمامة بيديه بدون قفازات، وهو ما يعرضه لخطر مضاعف هو وأسرته”.
وأوضح نفس العامل لـ مصر 360، أن منذ بداية الأزمة، والناس تنظر إليهم باشمئزاز، بل يتعاملون معهم على أنهم حاملون الفيروس بالفعل- وفق قوله- وهو ما يؤثر على نفسيته بشكل كبير،” لو مشتغلناش الناس دي هيعملوا أيه في مخلفاتهم”.
“لدينا أكثر من مليون عامل نظافة بمصر، و16 ألف عامل لجمع القمامة من الشوارع، وهما يعتبرون من جنود معركة كورونا بل خط دفاعها الأول”، هكذا وصف شحاتة المقدس، نقيب الزبالين بمصر، أوضاع عمال المظافة في ظل أزمة كورونا، مناشدًا الحكومة بتوزيع كمامات وقفازات على عمال النظافة في الشارع”.
وأوضح “المقدس” لـ مصر 360، أنه “اجتمع مع أعضاء النقابة منذ أيام قليلة، لمناقشة أزمة العمال في ظل كورونا، مشيرًا إلى أنه جمع من أعضاء النقابة لشراء مسلتزمات طبية وكمامات واقية لعمال نظافة المنازل والمناطق السكانية، لأن مرتبات عمال النظافة تتراوح من 2000 لـ 2200، لذا لا يتحمل مرتباتهم تكاليف الوقاية”.
وطالب نقيب الملايين، المواطنين بجمع المستلزمات الطبية والكمامات الخاصة به في كيس منفصل ووضعه خارج المنزل حتي لا يتعرض عامل النظافة لخطر العدوي”.
واستطرد: أنه تمت مخاطبة وزارة التنمية المحلية لتوفير مستلزمات الوقاية من انتشار فيروس كورونا لحماية مليون عامل بشكل يومي وليس لعدد محدود من العمال فقط، إذ نحتاج إلى أحذية بلاستيكية وقفازات وكمامات بشكل يومي”.
وأوضح المقدس أنه يتم جمع 16 ألف طن يوميا فى القاهرة الكبري منها 6 آلاف طن بقايا طعام تستخدم كغذاء للخنازير، فيما يعاد تدوير 8 آلاف طن مخلفات صلبة، ويتم دفن ألفي طن غير قابلة للتدوير”.
وأشار نقيب الزبالين إلى أنه يوجد محارق طبية في المستشفيات الكبري والمركزية ينتقل إليها مخلفات كورونا في عربيات مقفلة بإحكام ويتم حرقها بالكامل، كما أنه لا يتم التعامل معها بصورة مباشرة بأي شكل”.
وزارة البيئة
وذكرت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أنه منعًا لإنتشار العدوى بين العاملين في مجال التخلص من المخلفات، يتم التنبيه عليهم بإتباع الإجراءات الوقائية كارتداء كافة العاملين في مجال منظومة جمع ونقل المخلفات معدات وقائية لا تسمح بالنفاذية، والالتزام بالغسيل الدائم للايدي بالماء والصابون، وعدم خلع كمامات الوقاية الشخصية أثناء العمل نهائيا، وعدم التوجه بملابس العمل إلى المنازل نهائيا، وعدم نبش المخلفات مطلقاً في مواقع العمل، أو الخروج بالمواد الممكن إعادة تدويرها خارج أماكن العمل.
وأوضحت أنه هناك عدد من الإجراءات الواجب اتخاذها عند عزل مدينة أو قرية مصابة بفيروس كورونا، حيث يتم التعامل مع المخلفات الناتجة على أنها مخلفات خطرة، ويتم إنشاء حفرة بالمقلب تتناسب مع كمية المخلفات المتولدة من القرية على أن يتم إستخدام الجير الحى في قاع الحفرة ومع كل عمليات دفن المخلفات مع مراعاة أعمال التغطية المستمرة للمخلفات.
بينما كشف اللواء عادل أبو حديد، رئيس هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة، أن الهيئة تضم 10 آلاف عامل نظافة لتغطية 38 حياً على مستوى المحافظة، و يتم تشغيلهم على ورديتين يومياً طوال الفترة الراهنة، و أن نسبة القمامة زادت بعد ظهور فيروس كورونا والحظر، إذ بلغت الضعف، وأن أغلبها مطهرات وفواقد طعام.
بينما قالت حنان موج، المتحدث السابقة لوزارة البيئة، إن مصر كثفت حملات التوعية منذ ظهور الفيروس، لتوضيح طرق التخلص من مخلفات المسلتزمات والكمامات وغيرها، حيث توضع في شنطة أو كيس منفرد عن باقي قمامة المنزل للمحافظة علي عامل النظافة، أما النفايات الطبية في المستشفيات فتتوجه إلى المحارق الكبري ولا يتم التعامل معها”.
وأضافت “موج” لـ مصر 360، أنه لا يوجد في مصر محارق بجانب المناطق السكانية، لذا التعامل مع مخلفات المسلتزمات الطبية في المنازل لابد أن يتم بحرص، حيث يتوجت خلع الكمامات والقفازات وتقطيعها ووضعه في كيس بمفردها”.
ووفقًا لتقرير بعنوان “مشكلة المخلفات في مصر.. الواقع والحلول الممكنة” الصادر عن مركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في عام 2010، فقد اعتمد جمع القمامة بمصر على منظومتين متداخلتين بشكل كبير، الأولى تقليدية، ويمثلها مجتمع الزبالين، حيث يقومون بالفرز اليدوي.
والمنظومة الثانية حديثة، وتمثلها الشركات الخاصة التي ظهرت في مصر عام 1987 بقوام 50 شركة حينها، وتوسعت هيئة تنظيف وتجميل المدينة في القاهرة في إصدار التصاريح لشركات أكثر، ولكن بحلول عام 2000 تم طرح منظومة جمع القمامة لصالح شركات أجنبية بدأت بمحافظة الإسكندرية، وتمتد العقود من 10 لـ 15 عامًا.
وبحسب وزارة البيئة فإن أساليب التخلص النهائي من المخلفات في مصر يعتمد على ثلاث طرق، 12% معالجة وتدوير، 7% مدافن صحية، 81% مقالب عمومية وعشوائية.
وتتشكل القمامة المنزلية من 56% مواد عضوية، و13% بلاستيك، و10% ورق كرتون، و4% زجاج، و2% خردة، و15% أخرى، بحسب التقرير، وتستحوذ محافظة القاهرة على النصيب الأكبر من إجمالي القمامة المنزلية بـ 5.48 مليون طن سنويًا، تليها محافظة الإسكندرية بـ 1.57 مليون طن.