لا تسلم بطولة الدوري المصري، ولاسيما النسخ الكروية المثيرة منها. من التشكيك في البطل. وأطراف المنظومة الرياضية، إلى الحد الذي يجعل الدولة، ممثلة في وزارة الرياضة واتحاد اللعبة. طرفا في تحديد هوية متصدر البطولة.
هذا العام الذي انتهي بتتويج فريق الزمالك بدرع البطولة، للمرة الـ13 في تاريخه. شهد إعادة إنتاج نغمة “نادي الدولة”. الذي يهيأ له الظروف للفوز بالبطولة. إذ كانت الأمتار الأخيرة من المسابقة. رغم سخونتها في المعلب، سجالا في مدرجات السوشيال ميديا عن وجود إرادة أعلى من المستطيل الأخضر ذهبت بالبطولة إلى ميت عقبة، معقل الفريق الأبيض.
الإرادة هنا يشار إليها بالتوجهات التي تأتي بتسهيل مأمورية الزمالك مقابل تعطيل الأهلي، بسلاح مباشر مثل صافرة الحكم وكاميرا الفار، وأسلحة أخرى غير مباشرة، يتفق على تفاصيلها في الغرف المغلقة.
هذا الرأي الذي يتبناه قطاع من جمهور الأهلي لخسارته بطولة هذا العام، يتبناه قطاع كبير من جمهور الزمالك منذ سنوات طويلة بأن الأحمر هو نادي الدولة، فهل يوجد ناد للدولة؟
لا نعرف على وجه التحديد بداية الإشارة إلى دور الدولة في توجيه البطولات الرياضية في مصر، لكن هذه النغمة ذاع صيتها بشدة في السنوات الأولى من القرن العشرين، وتحديدا مع العشرية السوداء التي عاشها الزمالك في تخبط إداري لم يعرف خلالها منصة التتويج إلا في مناسبات محدودة للغاية، بينما فرضت بطولات الأهلي نفسها محليا وقاريا.
غير أن هناك من يمثل الأهلي ولا يرى في وصفه بنادي الدولة أي غضاضة، إذ سبق وصرح عدلي القيعي، مستشار التعاقدات بالنادي، أن نادي الدولة ليس وصفا مشينا وليس عيبا أن يطلق على الأهلي “نادي الدولة”، وهم بالفعل النادي الذي يسير على نهج الدولة فيما يخص الرياصة.
تعتمد الرواية البيضاء على أن الأهلي حصل على دعم كبير من وكالة الأهرام للإعلان، التي كان يترأسها حسن حمدي رئيس الأهلي حينذاك، مما ساعده على جلب أفضل اللاعبين وحرمان الزمالك من المنافسة، لكن الرد دائما بأن الأهلي هو الأكثر شعبية ويسيطر على البطولات وصاحب لقب نادي الأقري الأفريقي، لذا كان يحصل على الكعكة الأكبر من الإعلانات والحقوق في مصر خلال هذه الفترة.
اللافت أن الأمر لم يتغير كثيرا فالأهلي مازال صحاب أكبر عقد رعاية من شركة بريزنتيشن، ما ينفي أن القلعة الحمراء تأثرت بانفصالها عن الأهرام.
يصعب إثبات فرضية نادي الدولة على أرض الواقع، حتى وإن شهدت بعض الفترات انحيازا من رأس السلطة سواء كان ملكا أو رئيسا، لفريق بعينه في بعض القرارات، لكنها ستظل “نغمة” يرددها من يخسر الكرة ويسخر منه الفائز بها.
اتحاد الكرة يدافع عن نفسه
“من يتحدث عن توجيه الدوري لنادي معين أو أن التحكيم يقف في صف نادي على حساب الآخر ما هو الإ شخص معتوه” هنا ينفي أحمد مجاهد، الرئيس المؤقت لاتحاد كرة القدم، الذي يدير اللعبة في مصر، وجود تدخلات لتوجيه الدوري.
يمثل هذا النفي وجهة النظر الرسمية، فالدولة تنأي بنفسها عن هذه الصراعات طوال الوقت، حتى أن رئيس الجمهورية نفسه رفض الإجابة على سؤال عن هوية النادي الذي يشجعه، مكتفيا بإجابة دبلوماسية: “أنا مصراوي”.
وقلما تجد اعترافا من مسؤول بالدولة عن الانحياز لطرف عن آخر، حتى وإن كان محسوبا على فريق بعينه، ولنا في وزير الرياضة الحالي أشرف صبحي المعروف بانتمائه للفريق الأبيض لعبه بقميصه حينما كان يمارس الكاراتيه، نموذجا،
صبحي اتهم من الجمهورين الأحمر والأبيض بالعمل لصالح الآخر، فالزمالك يراه دمر الفريق كونه حل مجلس إدارة الفريق بقيادة مرتضى منصور وساهم في هز استقراره، والأهلي يراه منحازا لهم في إدارة الفريق لحصد بطولة الدوري.
أحاديث سابقة عن دعم رجال الدولة لأحد القطبين
في السابق كان لبعض الرموز السياسية توجهات كروية والبعض أيضًا عزز من فكرة تدخلهم لحساب نادٍ على حساب الآخر، فمثلاً قبل ثورة يوليو كان الملك فاروق يحب النادي الأهلي وأعلن ذلك في عدة مناسبات وكان يحضر به حفلات عديدة، ثم بعد ثورة يوليو كثر الحديث عن زملكاوية المشير عبد الحكيم عامر الشديدة وتعنته ضد الأهلي في عدة مواقف لصالح الفريق الأبيض بخمسينيات وستينيات القرن الماضي.
وفي السبعينيات ثار الحديث عن انتماء الرئيس الراحل أنور السادات للأهلي وما واكب فترة حكمه من احتكار الأهلي مع جيل هيديكوتي والخطيب الشهير لكل البطولات المحلية آنذاك. ثم تكرر الأمر على فترات مع حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، بشكل ما رغم مناصرة انبه الأكبر علاء للنادي الإسماعيلي المعروفة وتدخلاته لصالحه في بعض الأحيان.
لكن ظلت تلك النغمة متواجدة وبقوة حتى بعد ثورة يناير وحادثة بورسعيد الأليمة التي راح فيها 74 مشجعا من جماهير الأهلي.
انتماءات السياسيين
رياضيا، يدور الحديث عن انتماء بعض الوزراء ورجال الدولة للزمالك ومساعدته له ببعض الفترات، وما هو أكده المحامي مرتضى منصور عن رموز وطنية تدعم وتشجع الزمالك مثل المشير طنطاوي وبعض الوزراء ورجال الحكم الآخرين في هذا الاتجاه.
مرتضى منصور نفسه هو جزء من اختبار دعاية “نادي الدولة” فجماهير الأبيض دائما ما تقول إن الدولة لا تريد لنا الخير طالما تترك منصور حرا طليقا، في حين يرى آخرون أن الزمالك تربح كثيرا من دعم الدولة لمرتضى.
لطالما كان الحديث عن تدخل الدولة أو رجال الساسة لصالح قطب من قطبي الكرة المصرية موجودا. رغم غياب الأدلة الدامغة على ذلك. ولكنه زاد عن الحد بالفترة الأخيرة مع زيادة حالة الاحتقان والأجواء المشحونة بقوة بين جماهير الأهلي والزمالك بشكل زائد عن الحد.
للسوشيال ميديا دور كبير في إعادة إنتاج هذه النغمة. فلم نرصد وجود لدعاية “نادي الدولة” على صفحات الجرائد أو مجلات الناديين، حتى وإن حملت بعض التعليقات الساخطة على المنظومة الرياضية وفساد التحكيم، لكن لم يكن سائدا أن تتهم المنظومات الإعلامية للناديين بعضهما البعض.