ماذا فعلت المرأة في هذا الأسبوع؟ بدأ الأسبوع بإثارة الجدل حول فرضية هل من الممكن أن ترفع الزوجة دعوى إنذار بالطاعة على زوجها؟ وذلك بعد أن سجلت أول حالة في المحكمة من هذا النوع، ثم وبنفس سيناريو قتل “نيرة” و”سلمى” قُتلت أماني، والقاتل أنهى حياته في اليوم التالي بنفس سلاح جريمته.. والتفاصيل قريبة من الحكايتين السابقتين، ومركز الأزهر العالمي للفتوى يحاول الحد من الجدل الدائر حول “تريند” أجر الأم المُرضعة وخدمة الزوج فينشر على صفحته منشورا يؤكد فيه ظاهريا قدسية الزواج أما باطنه فيؤكد تقسيم الأدوار حسب ما يراه المجتمع حتى ولو فيه ظلم لطرف عن الآخر.
اقرأ أيضا.. ورقة جديدة من “دام”| ولاية النساء على أنفسهن.. الحقوق الغائبة
1 سبتمبر/ أيلول
أعلنت إيمان محسن المحامية تفاصيل أول دعوى “إنذار طاعة” ضد زوج في تاريخ القضاء المصري، وقُيد الإنذار الأول من نوعه “بدخول الزوج في طاعة زوجته” تحت رقم 61581 مُحضرين أسرة مدينة نصر، وجاري اتخاذ اللازم قانونا حيال إعلان الزوج بمضمون الإنذار، وأكدت المحامية أن “التقدم بهذا الإنذار جاء بعدما واجهت الزوجة من زوجها فتورا وفجورا، بجانب ضربها وإهانتها وطردها من منزل الزوجية”.
وحين تفحصنا عريضة الدعوى المرفوعة وجدنا أن المحامية أستندت وفقا لما جاء في نص الآية الكريمة رقم 128 بسورة النساء: “وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما والصلح خير” ثم فندت نقاط تضرر الزوجة وهي: “طردها من منزل الزوجية هي وصغارها الفتيات وحرمان الزوجة من صغارها الأولاد والتفرقة بين الصغار، وحرمانها من رؤية صغارها، والتشهير والإضرار بها في جهة عملها، ورفض كل محاولات الصلح والحلول الودية، كما طالبت الزوجة بأن يكف زوجها عن إيذائها ويطلقها متنازلة عن حقوقها الشرعية وأن يتركها ترعى صغارها في حضانتها شرعا في مسكن الحضانة، وأن ينفق على صغاره والاتفاق على مواعيد الرؤية”.
محامية الزوجة قالت إن الإنذار الذي تقدمت به، جاء بسبب “إخلال الزوج في القيام بواجباته تجاه زوجته، واستهتاره بمسؤوليات أسرته، وعدم الإنفاق على أفراد أسرته الخمسة (الزوجة و4 أطفال)، رغم أنه يعمل طبيبا بشريا، ويمتلك المقدرة المادية لذلك”.
وأوضحت أنه “لا توجد أية أسباب جنسية دفعت الزوجة لإنذار زوجها بالدخول في طاعتها، ولكن تراكم المشكلات ومطاردته لها قانونا دون وجه حق، كانت الدوافع للتفكير جديا في إنذاره”.
– حسنٌ.. سند هذه الدعوى غير قانوني، فلا يوجد أي سند شرعي لإثبات نشوز الزوج وفقا لمواد قانون الأحوال الشخصية، وأن إنذار الطاعة هو الذي يُلزم المرأة فقط بطاعة زوجها.. وللأسف فلا يوجد أي إلزام للطرف الأخر أي الزوج، بطاعة زوجته، فلفظ “الطاعة” مقصور في العرف والتقاليد على طاعة الزوجة لزوجها، وحتى قانونا لا يوجد ما يلزم الزوج بـ”طاعة” زوجته لأنه عيب، ولأنه فقط يتم إلزامه بالإنفاق على صغاره وتوفير مسكن للحاضن في حالات الطلاق وفي حالة الزواج لا يوجد غير الإنفاق، أما الطاعة فهي واجبة على الزوجة، أن تتبع زوجها وأن ترضخ لأوامره، وأن تلتزم بقراراته فيما يخص عملها وعلاقتها بأهلها، هذا مطلوب من الزوجة قانونا وشرعا وعُرفا، لكن على الجانب الأخر فلا يوجد إلزام بالطاعة والراحة، فلا ندية في العلاقة الزوجية، وهذا ما قاله مركز الأزهر للفتوى الألكترونية، فلا ندية في الزواج، بل هناك طرف أعلى مرتبة من الأخر.
3 سبتمبر/ أيلول
قتلت طالبة تدعى “أماني” تبلغ من العمر 19 عاما طالبة في كلية التربية الرياضية، في قرية طوخ طنبشا التابعة لمركز بركة السبع بالمنوفية، متأثرة بإصابتها بطلق خرطوش.
روى شهود عيان في قرية طوخ طنبشا التابعة لمركز بركة السبع في محافظة المنوفية، تفاصيل مقتل الطالبة، حيث قالوا إن المتهم تربص بها أمام منزلها وأطلق عليها النار من الخلف من سلاح ناري خرطوش، وفر هاربًا من موقع الحادث.
وأوضح شهود العيان أن الطالبة أصيبت بـ”رش خرطوش” في الظهر، وجرى نقلها إلى مستشفى بركة السبع المركزي ووضعها على جهاز التنفس الصناعي، لكن محاولات إنقاذها فشلت ولفظت أنفاسها الأخيرة في المستشفى متأثرة بإصابتها.
أما الجاني فبعد هروبه بيوم، أعلنت وزارة الداخلية العثور على جثمانه، وتبين أنه قتل نفسه بنفس السلاح المستخدم في قتل الفتاة، على طريق “مصر/إسكندرية” الزراعي بدائرة مركز شرطة قويسنا، وبنفس الأسباب ارتكب جريمته، حيث إن الشاب (أحمد. ف) 29 سنة، جار الفتاة وكان تقدم لخطبتها، لكنها رفضته كما رفضه أهلها، فقرر قتلها ثم انتحر في اليوم التالي.
شقيقة المجني عليها قالت في تصريحات صحفية إن المتهم معروف بسوء سلوكه وليس لهم علاقة بأسرة القاتل حيث يقع منزله بالقرب من منزلنا.
وأضافت: “المتهم تربص بشقيقتي أثناء عودتها عقب شراء بعض المستلزمات الخاصة بالأسرة، وأطلق النار عليها ما أصابها بطلق ناري في ظهرها لتسقط بالقرب من المنزل وفر هاربًا، مؤكدة أن المتهم لم يسبق له أن تقدم لخطبتها، وكان يقوم بمعاكستها ومضايقتها فقط، حيث كانت تتجنبه لسوء سلوكه، وكانت شقيقتها مهتمة بدراستها ومشاركة فى إحدى الأكاديميات الرياضية للعمل كمدربة ولم تكن تفكر فى الارتباط نهائيًا”.
هذه الجرائم لو حللناها فسنجد قواسم كثيرة مشتركة، أولا الشاب هو دائما الذي يقتل في حالة الانفصال أو الرفض، الفتاة دائما ما تكون ذات طموح وتهتم بمستقبلها المهني، الجاني دائما يبرر جريمته بدافع الحب، كل الجرائم ارتكبت في مدن بعيدة عن القاهرة الكبرى.
هذه الحوادث يجب أن تدفعنا للتحرك نحو زيادة التوعية بين الشباب، وترسيخ فكرة الرفض من الطرف الأخر، واحترام قرار الطرف الأخر في إنهاء العلاقة أو حتى عدم قبولها من الأساس، يجب أن يتحرك علماء النفس والاجتماع في الجامعات لعقد ندوات توعية وإرشاد نفسي وعاطفي، لمواجهة تبريرات الكثيرين على صفحات التواصل الاجتماعي التي دعمت محمد عادل قاتل نيرة رحمها الله وستدعم بقية الجناة أيضا. يجب أن يذهب علماء الاجتماع والنفس والمرشدين العاطفيين لهولاء الشباب في الجامعات والمعاهد لتوعيتهم ولتعليمهم ثقافة قبول الرفض.
4 سبتمبر/أيلول
نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى على صفحته في “فيسبوك” منشورا “توضيحيا” عما أثير طوال الأسبوع قبل الماضي ولا يزال- حول إلزام أو عدم إلزام الزوجة بالرضاعة أو أعمال البيت وإعداد الطعام، ليؤكد المركز عدة نقاط، من أهمها: أن العلاقة الزوجية علاقة سكن تكاملية تقوم على المودة والمسامحة وحفظ حقوق الرجل والمرأة والطفل وليست علاقة ندية أو استثمارية نفعية، وتغذية روح المادية والعدائية فيها هي جريمة أخلاقية.. وأمومة المرأة وزوجيتها، ورعايتها بيتها، وتخريجها أجيال صالحة للمجتمع رسالةٌ عظيمة، لا تضاهيها رسالة، وادعاء دونية هذه الأدوار طرح كريه؛ يُقصد به تخلي المرأة عن أهم أدوارها وتفكك أسرتها.
لا يليق بقدسيّة الزّواج ومكانة الزّوجة فيه أن تُعامَل معاملة الأجير في أسرتها، بأن تُفرَض لها أجرة محددة نظير أعمال رعاية أولادها وزوجها، وإنما على الزّوج واجب النّفقة بالمعروف لها ولأولادهما، وإفساد منظومة الأسرة يؤذن بفساد المُجتمعات.
عمل الرّجل خارج المنزل خِدمة ظاهرة لزوجته وأهل بيته؛ حتى يُوفّر لهم النّفقة، وأعمال المرأة المنزلية خدمة باطنة لزوجها وأبنائها؛ حتى يتحقّق السّكن في الحياة الزّوجية، وجرى العرف بقيام المرأة على خدمة زوجها وأولادها، وهو كالشَّرط المُلزِم، وتطوّع الرجل بمساعدة زوجته في أعمال المنزل سنةٌ عن سيدنا رسول الله ﷺ، وإنفاق المرأة على بيتها من مالها الخاص يُعدّ من تعاونها مع زوجها وحسن عشرتها له، وهو غير واجب عليها.
إرضاع الأم أولادَها واجب عليها حال بقاء الزوجية إن لم يضرها الإرضاع واستطاعته، وهو عُرفٌ مُلزِم كالشرط، وتوفير متطلبات الزوجة والأولاد واجب على الزوج بحسب يساره وإعساره.
كما أشار المركز في باقي النقاط المتعددة إلى أهمية الأعراف المُستقرة بين الناس والموافقة للشرع، وان الزواج علاقة راقية تناسب إنسانية الإنسام وتحفظ حقوقه، وأن التستر خلف لافتات الحريات وغيرها لتقسيم المجتمع، وبثّ الشّقاق بين الرجال وزوجاتهم بدلًا من محاولة زرع الود والمحبة؛ فكرٌ خبيث مغرض يستهدف الإضرار بوحدة المجتمع، وإضعاف قوته، وتنحية الدين جانبًا عن حياة الإنسان، وتقزيم دوره، ويدعو إلى استيراد أفكار غربية دخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية؛ بهدف ذوبان هُوُيّتها وطمس معالمها.
في ظاهره يبدو منشور متزن، يحدد الأدوار، يدعو للابتعاد عما يثير زعزعة الأسرة، ولكن في باطنه فهو خطاب ذكوري يحدد الأدوار على أساس النمط/النوع، ويُطلق على مشاركة الزوج في أعباء البيت والتربية اسم: مساعدة، ولكنها يجب أن تكون مشاركة، فهذا هو نصيبه من الزواج، العمل خارج البيت وداخله، تربية الأبناء سويا، مشاوير الدروس والتمارين مناصفة، نفى المنشور لمعنى الندية في التعامل، وكأن المرأة طرفا أقل درجة من الرجل.
خروج هذا المنشور الآن ردا على ما قالته الحقوقية نهاد أبو القمصان عن أجر الأم المُرضعة، وصمته التام في أي قضية أخرى سابقة مثل ضرب الزوج لزوجته، أو تملص الأزواج من الإنفاق على أبنائهم لمعاقبة الأم في حالة الطلاق، هو دليل على ذكورية هذا المنشور، وأن الأزهر لم يفهم ما قالته السيدة نهاد.
هل حقا الأمهات يردن أجر مقابل رضاعة أطفالهن، هل تظنون ذلك حقا؟ في حالة الطلاق نعم هي تريد، وهذا ما تؤكده الآيات القرانية التي أشارت لها أبو القمصان، ولكن في حالة الزواج واستقرار البيت، هل تريد الزوجة الأم أن تأخذ أجرا؟ هي فقط تريد المشاركة والشكر والاهتمام وتقدير ما تفعل وأن لا يقال لها “ما كل الستات بتولد وترضع عيالها”.. تريد المشاركة في ساعات السهر لتنام قليلا، تريد أن تأخذ حماما وقتما تريد، تريد أن يحمل الأب رضيعه بينما تنام هي أيضا مثلما ينام زوجها ملء عينيه، تريد اقتسام التعب والنوم واقتسام ضحكات الصغير وبكاؤه.