أثار حادث مقتل 7 عناصر إرهابية في منطقة الأميرية شرق القاهرة، الذي وقع مساء أمس الأول، الثلاثاء، أثناء مواجهة مسلحة مع الأمن المصري، ردود أفعال واسعة النطاق، خصوصًا أنه أول حادث من نوعه تشهده البلاد منذ بدء تدابير مكافحة تفشي وباء “كورونا المستجد”.

sss

تحولت الواقعة إلى “حادث رأي عام” في مصر، حيث باتت حديث الساعة على القنوات التليفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت فور وقوعها التريند الأول على موقع “تويتر”، لكونها جاءت في وقت عصيب، وكشفت عن مخطط إرهابي لاستهداف الكنائس القبطية قبل الاحتفال بـ “عيد القيامة”. كما تابع الملايين البث المباشر الذي نقلته كاميرا إحدى القنوات من مكان الحادث الدموي، الذي أدى فضلًا عن مصرع الإرهابيين السبعة، إلى استشهاد المقدم بقطاع “الأمن الوطني” محمد فوزي الحوفي، وإصابة ضابط آخر وعنصرين من الشرطة.

ووصلت أصداء هذا الحادث إلى أعلى المستويات، حيث أدلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعليق على الواقعة، قال فيه إنه “تابع بكل فخر وإعزاز ما قام به رجال وزارة الداخلية من عمل بطولي، يؤكد بسالة رجال الشرطة في مواجهة الإرهاب، وقدرة الدولة المصرية، على حفظ أمن وسلامة الوطن والمواطنين، رغم كل التحديات”. وتقدم السيسي من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بخالص التعازي لأسرة شهيد الواجب المقدم البطل محمد الحوفي، كما تمنى الشفاء لمصابي الشرطة. واختتم: “حفظ الله مصر والمصريين”.

من جانبه، تطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى الحادث الإرهابي خلال اجتماعه مع محافظي الأقاليم المصرية عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، قائلًا: “إننا شهدنا هجمات على مناطق تبين أن بها مجموعات إرهابية، وقد تمكنت الدولة من ترصدها، حيث كانت تعد لتنتهز فرصة أيام الأعياد لتنفيذ عدد من الأعمال الإرهابية”.

“شقة بلا فرش”

كشفت وزارة الداخلية، في بيان لها، أمس الأربعاء، أنه وردت معلومات لقطاع “الأمن الوطني” بالوزارة، أفادت بوجود خلية إرهابية يعتنق عناصرها المفاهيم التكفيرية، تستغل أماكن عدة للإيواء بشرق وجنوب القاهرة، كنقطة انطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية بالتزامن مع “أعياد القيامة”.


وأضافت الوزارة، أنه تم رصد عناصر تلك الخلية والتعامل معها، ما أسفر عن مصرع سبعة عناصر إرهابية، عُثر بحوزتهم على 10 بنادق آلية وخرطوش، وكمية كبيرة من الذخيرة مختلفة الأعيرة. كما أسفر التعامل عن استشهاد المقدم محمد الحوفي بقطاع الأمن الوطني وإصابة ضابط آخر وفردين من قوات الشرطة.

بيان الداخلية: تم رصد عناصر تلك الخلية والتعامل معها، ما أسفر عن مصرع سبعة عناصر إرهابية، عُثر بحوزتهم على 10 بنادق آلية وخرطوش، وكمية كبيرة من الذخيرة مختلفة الأعيرة

وأشار بيان الوزارة إلى أنه تم تحديد أحد مخازن الأسلحة والمتفجرات بمنطقة المطرية، والتي كان أفراد الخلية يعتزمون استخدامها في تنفيذ مخططهم الإرهابي، وباستهدافها عثرت القوات على 4 بنادق آلية وكمية من الذخيرة.

من جهته، كشف شاهد عيان على حادث الأميرية أن الحادث وقع في تمام الساعة الثانية والنصف، مساء الثلاثاء، وفوجئ الأهالي في منطقة “عزبة شاهين” دائرة الأميرية، بحضور سيارات شرطة أسفل عقار مكون من 10 طوابق، للبحث عن 7 أشخاص مقيمين بالمنطقة، في شقة «لا يوجد بها فرش».

وكانت هناك قوة أمنية صغيرة موجودة في المنطقة، حاولت دخول العقار لاقتحام الشقة التي كان يتحصن بها الإرهابيون، ولكن أفراد الشرطة فوجئوا بوابل من النيران ينهال عليهم. وتبين أنه كان يقيم في الشقة المشبوهة، خليه إرهابية بينهم شاب من المنطقة، جميعهم مسلحون، وأنهم فوجئوا بالشخص الذي يتولى المراقبة ويسمى «الناضورجي»، يطرق الباب عليهم بشدة، “ليخبرهم بوجود شرطة أسفل البناية، فاستعدوا بتجهيز أسلحتهم الآلية.

واقترب فريق من القوة الأمنية، قادهم المقدم محمد فوزي الحوفي، من باب الشقة، ولم يتمكنوا من الدخول، فقد فوجئوا بوابل من الرصاص يطلق عليهم من سطح العقار ونوافذ الشقق بالطابق الأخير، أصيب الشهيد و3 من زملائه بطلقات نارية.

مواجهة نارية

أبلغ الأهالي باقي أفراد القوة، أن الشقة المشتبه بها بداخلها مجموعة مسلحين يطلقون لحاهم، وأنهم لا يخالطون أي شخص من الجيران، وأن معهم بنادق آلية وكميات كبيرة من الذخيرة الحية، وبعضهم يرتدي أحزمة ناسفة، وحضرت إلى المنطقة قوة من مباحث شرق القاهرة، وضباط دعم من الأقسام الشرطة القريبة، وقوات الأمن المركزي ومكافحة الإرهاب، وتحولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية، لمدة ساعتين تبادل الطرفان إطلاق الرصاص.

واستغلت أجهزة الأمن الظلام، وقطعت الكهرباء، وداهمت وكر الإرهابيين، وتسلق ضباط من قوة “العمليات الخاصة” العقار حتى وصلوا السطح، ومنه إلى الشقة المختبئ بها الإرهابيون. وخلال نصف ساعة، بعد مداهمة العقار، نجحت القوات في تصفية الخلية الإرهابية، وأعلنت عن تصفية جميع العناصر الإرهابيين.

وأضاف شاهد العيان أن الشهيد “الحوفي” أصيب برصاص الإرهابيين بعد أن تمكن من دخول العمارة التي يمكثون بها، وأصيب ضابط أخر ولكنه كان يقف أمام العمارة، موضحًا أن أهل المنطقة لم يشكون في أحد منهم، خاصة أن كل سكان المنطقة لا يشغلهم أمر غيرهم، مؤكدًا أن الشرطة بعد أن بدأت في التعامل مع الإرهابيين، طلبت من جميع السكان عدم الخروج إلى الشرفات وإخلاء الشارع.

تعليقًا على الحادث، قال العميد خالد عكاشة، مدير “المركز المصري للدراسات الاستراتيجية”، إنه على الرغم من حالة انشغال الدولة بمحاربة فيروس كورونا المستجد، إلا أن الأجهزة الأمنية أظهرت وعيًا أمنيًا كبيرًا، ومنع هؤلاء الإرهابيين من ترهيب المواطنين وبث الرعب في قلوبهم، مؤكدًا أن كل من ظن أن الأجهزة الأمنية منشغلة بما تمر به الدولة من أزمة صحية كان خاطئا، وظهر ذلك واضحا في المداهمة الأمنية التي تمت بنجاح كبير، وبأقل الخسائر الممكنة في صفوف الشرطة، مع عدم إصابة أي من الأهالي في المواجهة النارية.

وأوضح العميد عكاشة، أن استهداف الكنائس من قبل هذه الجماعات هدفها هو زعزعة الثقة بين أبناء الشعب المصري، إلا أن تلك التنظيمات لا تفرق بين مسجد وكنيسة، وأنهم طوال الوقت يضعون أماكن العبادة كأماكن مستهدفة، وهو أمر يحدث في الكثير من دول العالم، مشيرًا إلى أن قيادات هذه التنظيمات تقرر تصعيد عملياتهم الإرهابية مستغلين انشغال الناس بأي أمر حتى يفعلوا ما يريدون.