يتجه العالم حاليًا إلى التعايش مع كورونا على المدى البعيد، في ظل غياب القدرة على تحديد موعد الوصول للقاح مضاد للفيروس، وعجز ماليات الدول على تحمل الإغلاق التام للأنشطة الاقتصادية لفترات أطول.
sss
تأتي التحركات الاقتصادية في أكبر دول العالم مثل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية بمثابة تمهيد المواطنين للتعايش مع كورونا كنمط حياة مستمر لفترة زمنية غير معروفة، والعودة إلى أعمالهم مع التزام بسياسات الحفاظ على النظافة الشخصية والاشتراطات الصحية.
وقال أولاف شولتس، وزير المالية الألماني ونائب المستشارة أنجيلا ميركل، إن موطني بلاده عليهم التعود على نمط الحياة المصحوبة بفيروس كورونا، طالما أنه لا يوجد طرق علاج لأصحاب الأمراض الصعبة ولا لقاحات لعلاج الفيروس، فعلى الجميع التعايش معه كحقيقة داخل المجتمع.
وأعلنت شركة “مرسيدس بنز” الألمانية عن استئناف إنتاجها في مصانعها بتركيا بعد تعليقه مؤقتاً في 28 مارس الماضي ضمن إطار تدابير مكافحة فيروس كورونا، مؤكدة في بيان لها أن السيارات التي تنتجها تستخدم في توزيع الاحتياجات الأساسية والخدمات اللازمة للمجتمع في الظروف الحالية.
أقرأ أيضا: صبر “الاقتصاد الأمريكي” يوشك على النفاذ بمعركة “كورونا”
وتواكبت التطورات الألمانية مع سلسلة تغريدات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن فيها دعمه لاحتجاجات ضدّ تدابير الإغلاق في سبع ولايات من أهمها مينيسوتا وميشيجن وفيرجينيا، التي يقول فيها المتظاهرون إنها تتسبب بأذى للمواطنين.
وشهدت الولايات المتحدة قبل يومين أعلى نسبة وفيات في يوم واحد بعد تسجيل 4591 حالة، لتصبح أعلى نسبة من الإصابات ومن الوفيات في العالم مع تأكيد أكثر من 672 ألف إصابة و33 ألف حالة وفاة.
يأتي دعم ترامب العلني للمظاهرات بعد يوم من كشف إدارته عن إرشادات لرفع الإغلاق الاقتصادي، عبر اعتماد ثلاث مراحل للعودة إلى الحياة الاجتماعية واستئناف الأعمال، كل مرحلة منها مدتها 14 يوماً كحد أدنى.
المطالب التي حملها المتظاهرون في أمريكا تبدو قريبة الشبه بما يعانيه الملايين في العالم من عدم القدرة على شراء احتياجاتهم، وعجز الحكومات على توفير دعم مالي مستمر للإغلاق الكامل.
ووفرت البنوك الأمريكية 70 مليار دولار من القروض المدعومة فيدراليًا لأكثر من 200 ألف شركة صغيرة، ولكن الكثير من الشركات تنتظر المساعدة التي لن تكفي الجميع وربما كان ذلك وراء تغريدات ترامب الداعية لعودة العمل.
أقرأ أيضا: المكسيك بديلًا.. كورونا يشعل الحرب التجارية بين أمريكا والصين
بلغ عدد الأمريكيين الذين قدموا إعانات بطالة خلال الأسبوعين الماضيين 10 ملايين مواطن، مع دعوات بزيادة بنسبة 15% لبرنامج المساعدة الغذائية للأسر ذات الدخل المنخفض بعد رصد 117 مليار دولار للمستشفيات، و150 مليار دولار للحكومات المحلية “حاكمي الولايات.
وفي إيطاليا، سمحت السلطات لبعض الشركات مثل المكتبات ومراكز غسيل الملابس باستئناف نشاطها في تخفيف هامشي لكنه اختبار للأوضاع ، وفي الوقت ذاته عادت المحلات التجارية الصغيرة في النمسا مع استقرار منحنى الإصابات دون توقفه.
واستأنفت إيران بعض أنشطة العمل الاقتصادي في طهران مع إتباع بروتوكولات صحية للحد من انتشار الفيروس، في إطار ما يعرف بخطة التباعد الاجتماعي الذكي، بتقليص ساعات الدوام حتى الثانية ظهرًا، وتعليق عمل ثلث الموظفين.
لم يشمل القرار الأعمال الاقتصادية التي تؤدي إلى تجمع المواطنين، كصالونات التجميل، ومقاهي الإنترنت، والمطاعم، ودور السينما، وقاعات الحفلات وغيرها، إضافة إلى الإبقاء على إغلاق المدارس والجامعات.
وعاد ازدحام السيارات في الطرق الرئيسية بطهران، وازداد تنقل المواطنين عبر وسائل النقل العام، منذ صباح اليوم السبت، رغم تحذير وزارة الصحة من عدوى فيروس كورونا، في ست محافظات إيرانية، من بينها العاصمة.
وعادت الحياة لتايوان بشكل كبير ووصلت إلى حد إعلان استئناف النشاط الكروي، غداً الأحد، مع وضع إجراءات وقائية صارمة للحفاظ على صحة اللاعبين والأجهزة الفنية، حيث تقرر عدم دخول أي شخص للملاعب سوى اللاعبين والحكام والإداريين والجهاز الفني والطبي.
أقرأ أيضا: “ضريبة الثروة” ترعب الأثرياء.. هل تصلُح في مصر ؟
كما قررت السلطات الفنلندية عودة الحياة للعاصمة ورفعت حواجز الطرق الموضوعة حول العاصمة منذ نحو ثلاثة أسابيع، وبدأت تخفف القيود على السفر من العاصمة إلى بقية أرجاء البلاد الذي فرضته يوم 28 مارس لمنع الناس من نشر العدوى بفيروس كورونا المستجد في بقية أرجاء البلاد.
تأتي تحركات الدول لاستعادة الحياة الطبيعية والنشاط الاقتصادي وسط تحذيرات لصندوق النقد الدولي من خسارة الاقتصاد العالمي 9 تريليونات دولار بسبب كورونا حال استمرار الأزمة، معتبرا أن الاقتصاد العالمي يمر بأزمة في 2020 هي الأسوأ منذ الكساد العظيم عام 1929.