في الوقت الذي حذرت فيه تقارير أممية من سيناريو مظلم قد تواجهه منطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا، لمواجهة جائحة كورونا، تعاني القارة السمراء من تهاوي البنية الصحية، وهو ما يتطلب معه جهود دولية لدعم دول القارة في القريب العاجل قبل أن تدخل الأزمة نفقا مظلماً، يصعب معه أية حلول أو مسكنات.

sss

المطالب جاءت على لسان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، حيث أن القارة الإفريقية بحاجة إلى ما يزيد على 200 مليار دولار لمواجهة الوباء وتخفيف آثاره الاقتصادية.

“جوتيريس”، طالب أمس، الدائنين على تجميد سداد الديون لجميع الدول النامية وليس فقط الدول الأشد فقرا، محذرا من أن دولا كثيرة تواجه صعوبة في الوفاء بسداد الديون بسبب الركود العالمي الناجم عن جائحة كورونا.

اقرأ أيضًا:

“هدية اليابان للعالم” .. هل يوقف “أفيجان” زحف كورونا داخل مصر؟

ولتعبئة مزيد من الموارد، قال إن صندوق النقد الدولى يجب أن يخصص حقوق سحب خاصة جديدة، وهي خطوة عارضتها الولايات المتحدة، ويماثل تخصيص حقوق سحب خاصة قيام بنك مركزي “بطباعة” نقود جديدة.

الفرصة سانحة

وتعتبر قارة إفريقيا ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وتأتي في المرتبة الثانية بعد آسيا، ويبلغ عدد سكان أفريقيا حوالي 1.2 مليار نسمة، بحسب تقديرات 2016، يعيشون في 61 إقليماً، وتبلغ نسبتهم حوالي 14.8% من سكان العالم.

مخاوف الأمين العام للأمم المتحدة، سبقتها تحذيرات من منظمة الصحة العالمية، قالت فيها إن منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يزال بوسعهما أن “تغتنما الفرصة” السانحة حاليا وأن تتحركا لتجنب انتشار الفيروس.

وبحسب المنظمة الدولية، تم تسجيل أكثر من 111 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد وأكثر من 5500 وفاة في منطقة شرق المتوسط التي تشمل 22 دولة وتمتد من المغرب إلى باكستان باستثناء الجزائر، في حين تجاوز عدد الإصابات في العالم المليونين والوفيات 140 ألفا، وسجلت دول القارة الإفريقية أكثر من 17 ألف حالة إصابة مؤكدة، و900 حالة وفاة حتى الآن.

وبرغم الاستجابة لحالات الطوارئ في أفريقيا، فإن التوقعات تشير إلي قفز عدد حالات الإصابة إلي الملايين، والأمر الذي وصفه جوتيريس بأنها”تنبؤات مؤقته قابله للتغيير”، مذكرا بأن أسوأ التوقعات لتفشي وباء “إيبولا” لم تتحقق لأن الناس غيروا سلوكياتهم في الوقت المناسب.

وأصاب ” إيبولا”  العديد من البشر بإفريقيا، وأسفر عن مقتل ما بين 25 و90 في المئة من المصابين، حيث انتشر في عدة دول، وهي ( جنوب السودان والكونغو الديموقراطية والغابون وكوت ديفوار).

اقرأ أيضًا:

كورونا يغزو أفريقيا وضعف النظام الصحي يصعب مهمة المقاومة

 

وقف الدعم الأمريكي للمنظمة يفاقم الأزمة

قرار الرئيس الأمريكي بوقف تمويل الإدارة الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية، يزيد بالتبعية من صعوبة التحديات لدول القارة، هكذا ربطت المديرة الاقليمية لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا، ماتشيديسو مويتي، والتي حذرت من ذلك القرار والذي سيضر بمكافحة أمراض أخرى فتاكة مثل شلل الأطفال وفيروس نقص المناعة المكتسب المسبب للإيدز والملاريا، مضيفة: “التأثير المحتمل للقرار سيكون كبيرا جدا بالنسبة لمجال مثل القضاء على شلل الأطفال في وقت تقترب فيه أفريقيا من إعلان القضاء على المرض”.

وقال الدكتور إيفان هيوتن مدير إدارة التغطية الصحية الشاملة والأمراض السارية في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط، ومقره القاهرة، في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية: “لدينا فرصة للتحرك في المنطقة لأن تزايد الحالات لم يكن سريعا حتى الآن”.

 ووفقا للدكتور هيوتن، من الصعب في الوقت الراهن تفسير التزايد البطيء في عدد الإصابات في دول الإقليم، باستثناء إيران التي سُجل فيها أكثر من 76 ألف حالة وما يقرب من 5 آلاف وفاة، ومن المحتمل أن يكون هناك عامل مرتبط بالتركيبة العمرية لهذه المجتمعات الشابة”.

روشتة المنظمة الدولية

التحذيرات الدولية تكشف أن بلدان عديدة بالقارة السمراء، قد تواجه تحديات كبيرة، لأن الأنظمة الصحية بها عاجزة عن توفير الاحتياجات الأساسية لشعوبها بالأساس، وتعاني من نقص بالمستشفيات والأسرة، إضافة إلي تحديات تنموية بسبب النزاعات والصراعات المسلحة، وهو ما يضعه البعض في مقارنة مع قارة أوروبا التي تفشي فيها الفيروس، وتهاوت أمامه، رغم ما بها من إمكانيات اقتصادية وبنية صحية هي الأفضل في العالم.

ولتجنب وضع مشابه لما حدث في أوروبا أو الولايات المتحدة، طالبت منظمة الصحة العالمية، بتوفير “أعمدة المواجهة” للفيروس وهي الالتزام المجتمعي وتعبئة الأنظمة الصحية وإعداد المستشفيات لاستقبال الحالات الخطيرة.

روشتة العلاج الوقائي للمنظمة الدولية، تضمنت أيضًا ضرورة عزل المرضى الذين لا يعانون من أعراض شديدة في “فنادق أو مدارس أو منشآت تابعة للجيش” أما فيما يتعلق بالنسبة للحالات الخطيرة، اقترحت المنظمة تفعيل الكثير بتحويل أسرة المستشفيات العادية إلى أسرة رعاية مركزة”.

ماذا عن انفجار الوضع؟

ويقول المسؤول بالمنظمة الصحية العالمية، أنه يمكن اتخاذ إجراء آخر لتجنب انفجار في حالات الإصابة في المنطقة وهو زيادة القدرة على عمل اختبارات لهذا المرض وهو أمر يمكن أن يتم، بواسطة أجهزة صغيرة تعطي نتائج سريعة”.

وبالنظر إلى الخطورة المحتملة وإلى قدرة هذا الفيروس على تركيع النظم الصحية يتعين على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الاستعداد لاحتمال تفاقم الأمور والوصول لوضع سيئ.

وتتنبأ منظمة الصحة العالمية أن الوفيات بالأمراض غير السارية ستزداد بنحو 17% خلال العقد القادم وستكون الزيادة العظمى في الإقليم الأفريقي بنحو 27%.

اقرأ أيضًا:

انتهاكات “الإغلاق”.. تحاصر المهمشين والفقراء بجنوب إفريقيا

مع منتصف شهر مارس الماضي، وقبل تصنيف منظمة الصحة العالمية، لفيروس كورونا بـ “جائحة عالمية”، بلغ مجموع عدد الإصابات بدول القارة الأفريقية مجتمعة حوالي 147 حالة فقط ، وتعد القارة الإفريقية الأقل تأثرًا من وباء “كوفيد-19”، فيما استحوذت 5 دول فقط على أكثر من 75% من إجمالي الإصابات في القارة، وحوالي 80% من الوفيات على النحو التالي: جنوب إفريقيا، مصر، الجزائر، تونس المغرب بوركينافاسو، وفقًا لتقديرات المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض ومنظمة الصحة العالمية.

فرضية البلدان الحارة

ما سبق، يجدد أسئلة متداولة على الصعيد العالمي بين خبراء الصحة والطب الوقائي، بشأن هل الدول الحارة تستطيع قتل الفيروس؟ وهو ما يعنى أن هناك انفراجه في القريب العاجل مع قرب موسم الصيف، وبالتالي ينتهي العالم من هذا الكابوس.

الدكتور عبد الناصر أبو بكر، رئيس فريق إدارة مخاطر العدوى بمنظمة الصحة العالمية، أكد أنه لم تتوفر أدلة حقيقية حتى الآن على ذلك، وهناك العديد من الفحوصات المتعلقة بالطقس الحار أو البارد، والوباء مازال ينتشر في أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، وبالتالي هذا ليس هناك دليلا حقيقيا ولا يزال في طور التكهنات.

بحسب فرضية أبو بكر فإن فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) يخترق المناعة، موضحا أن تباين عدد الحالات المصابة بالفيروس حول العالم لا يعني أن مناعة الأفارقة أفضل منها في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، محذرا من أن الوباء إذا انتشر في أي مجتمع سينتشر بصورة متسارعة، مؤكدا أهمية تغيير طريقة الحياة والسلوكيات من أجل منع ودرء المخاطر.