موائد الرحمن التي كانت تزين شوارع مصر منذ أكثر من ألف عام كل رمضان ، استطاع كورونا حظرها هذا العام، ضمن طقوس أخرى حُرم منها المصريون، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهة انتشار الفيروس، لكن أين سيذهب مرتادو الموائد هذا العام؟

sss

“سنستبدل موائد الرحمن بوجبات جاهزة مطبوخة على مدى 30 يومًا بشهر رمضان تكفي أسرة كاملة تحت مسمى سند العيلة”، بحسب مدير مؤسسة مصر الخير، هالة السيد التي أكدت أن المؤسسة تسعى لاستمرار أنشطتها السنوية في ظل الوضع الراهن لأزمة كورونا.

تشير “السيد” في تصريحات لـ”مصر 360″ إلى اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية خلال توزيع الوجبات ومراعاة سلامة ونظافة الوجبة، فضلًا عن اتخاذ القائمين على توصيلها سبل التعقيم، بالإضافة إلى ذلك قررت المؤسسة توزيع مساعدات غذائية على 100 ألف أسرة من أصحاب العمالة غير المنتظمة.

أول مائدة رحمن في مصر

يعود تاريخ موائد الرحمن في مصر إلى عهد أحمد بن طولون الذي حكم البلاد في الفترة (868-884م) حيث يعتبر أول من أقامها، وكان يقوم بجمع كبار التجار والأعيان في أول أيام الشهر الفضيل على الإفطار، ثم يلقي عليهم خطبة يذكر لهم فيها، أن الغرض من المائدة هو تذكيرهم بالإحسان والبر بالفقراء والمساكين.
وأمر “بن طولون” وقتها بأن تظل هذه المائدة موجودة طوال شهر رمضان، كما طلب من التجار وكبار الأعيان بفتح منازلهم ومد موائدهم للمحتاجين، وفي عهد الفاطميين أطلق على موائد الرحمن “سماط الخليفة” حيث كان العاملون في قصر الخليفة يقومون بتوفير مخزون كبير من الطعام، ليكون كافيا لأكبر عدد ممكن من المصريين.

العمالة غير المنتظمة

العمالة غير المنظمة كان لها نصيب من المساعدات الخيرية سواء الوجبات الجاهزة أو الكراتين الغذائية، في شهر رمضان بسبب تأُثرهم بإجراءات التباعد الاجتماعي والحظر والعزل المنزلي، حيث قررت أيضًا مؤسسة بنك الطعام المصري “استهداف 500 ألف من لعمالة غير المنتظمة تم توزيع مواد غذائية لهم خلال الأيام السابقة” وفقا لتصريحات مدير العلاقات العامة بالمؤسسة نفين مغازي.

وتضيف مغازي في تصريحات لـ”مصر 360″ أن الأعداد التي تستهدفها المؤسسة  هذا العام أكثر من الأعوام السابقة بسبب الأوضاع الاقتصادية على خلفية جائحة كورونا.

 تشير إلى قاعدة بيانات لدى المؤسسة لمليون شخص أكثر احتياجا تصلهم مواد غذائية، بينما يسعوا خلال شهر رمضان لتوفير 100 الف وجبة يومية مطبوخة وساخنة توزع قبل موعد الإفطار بنصف ساعة، عن طريق جمعيات شريكة يورد لها المواد الغذائية وتقوم بطهي الطعام  للأشخاص الأكثر احتياجا.

النقود أنفع من الطعام

كانت وزارة الأوقاف قد اصدرت قرارًا بمنع إقامة موائد الرحمن التابعة للمساجد لإفطار الصائمين في شهر رمضان الكريم حال استمرار أزمة انتشار فيروس كورونا حفاظا على عدم التجمعات والالتزام بالإجراءات الوقائية من الفيروس.

يوضح رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف قال جابر طايع، إن الإجراءات الوقائية التي تتخذها وزارة الأوقاف، تأتي من باب الاحتراز من عدم التجمعات الكبيرة، مضيفا “إذا كنا قد علقنا الصلاة في المساجد وأغلقناها، فما بالنا إذا كان هناك تجمعات بأعداد كبيرة تلتف حول موائد الرحمن”.

وبحسب تصريحات تلفزيونية له، أشار إلى أنه تم الإعلان مبكرًا على توزيع أموال الصدقات نقدًا؛ حتى لا تجمع الأموال بنية الإطعام، لافتا إلى أن توزيع أموال الصدقات والزكاة بشكل نقدي هي أنفع للفقير، لمنع إهدار أموال الزكاة، لأن الفقير قد يحتاج للأموال في أمور أخرى غير الطعام، كالعلاج والملبس وغيرها.

ويؤكد طايع جواز دفع زكاة الفطر وزكاة المال مقدمًا، في أول شهر رمضان؛ للحاجة الملحة المتزامنة مع تفشي فيروس كورونا.

اقرأ أيضا: صيام مشروط وعزومات محظورة.. “كورونا” يفرض شروطه في رمضان