مع التطور التكنولوجي تطورت وسائل التعليم عالميا، واكتسبت معها طرقا جديدة تتماشي مع المتغيرات والمدخلات على العملية التعليمية، وظهر مصطلح جديد أطلق عليه التعليم عن بُعد، مع بداية أزمة كورونا زادت مساحات هذا التعريف، وأصبح يفرض نفسه كأحد الحلول العاجلة لإنهاء إشكالية إنهاء الفصل الدراسي للعام الحالي في الجامعات والمعاهد المصرية، ولكنه كشف عن واقع مؤلم للعملية برمتها، أضافت إشكاليات جديدة زادت من أعباء المنظومة التعليمية التقليدية، والتي تعاني منذ سنوات من تحديات كبري.

sss

المستقبل للتعليم عن بعد”، هكذا أعلنها الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، قائلا: “إننا معنيين بالحفاظ على طلاب المرحلة الجامعية وأعضاء هيئة التدريس وصحتهم، وفى ذات الاتجاه الحفاظ على مستقبلهم”

تصريحات “عبد الغفار” جاءت عقب إعلانه الموقف الرسمي من امتحانات الترم الثاني، قائلا: “حتى لا نعرض أبناءنا لأي ضغوط قررنا إلغاء الامتحانات التحريرية والشفوية”.

عالم مختلف

 بحسب ما كشف عنه وزير التعليم العالي فإنه يوجد في مصر 450 كلية من بينها 162 كلية عملية و300 كلية نظرية، بإجمالي 2 مليون ونصف طالب مقيدين.

“عبد الغفار” أشار إلى أن العالم بعد جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد19″، سيكون مختلفاً تماماً عما قبله، موضحاً أن الدراسة النمطية المعمول بها لن تستمر في المستقبل، وأن كان هناك ميزة واحدة في ظل ما تعانيه مصر ودول العالم الآن هو ما توصلنا إليه من التعليم عن بعد”.

“عبد الغفار”، قال إن المستقبل سيكون للتعليم عن بعد، موضحاً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ قبل أزمة كورونا ووجه بمواكبة التطور التكنولوجيا وتقوية البنية التحتية ومجاراة العالم في عملية التعليم عن بعد، وتابع: “سوف يتغير وجه التعليم في العالم وبالتحديد في مصر”.

اقرأ أيضًا:

على خطى عالمية.. تطبيق” صحة مصر” لمواجهة وتتبع كورونا

تصريحات وزير التعليم العالي، التي أكد خلالها على قرارات المجلس الأعلى للجامعات، بشأن الامتحانات هذا العام، قائلاً: “الدولة المصرية بكافة مؤسساتها تراجع الموقف المحلى والإقليمي والعالمي على مدار الساعة ونراعى سلامة أبنائها ومستقبلهم” وعليه أقول للطالب أطمئن لن يكون هناك أي نوع من أنواع المخاطرة”، رغم ما حملته من طمأنه إلا أنها لم تكشف عن كيفية الاستعداد لهذا النوع من التعليم الذي يحتاج إلى بنية تحتية، وإجراءات فنية معقدة، بحسب خبراء.

وتعتبر الجامعات في مصر بحكم القانون مستقلة، ولكن ينظم عملها سواء حكومية أو خاصة، المجلس الأعلى للجامعات.

تم إنشاء الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني بالقرار الجمهوري رقم 233 لسنه 2008 كأول جامعة مصرية تتبنى مبدأ التعلم الإلكتروني في تقديم خدمات تعليمية على أعلى مستوى جودة، بأسعار مناسبة، وتعمل على إمداد سوق العمل بعناصر لها مهارات عالية وعلى دراية بأحدث ما وصل إليه العلم في مجالات التخصص.

انتقادات متعددة

الانتقادات التي توجه إلى تطبيق نظام التعليم عن بعد في مصر، وللنظام التعليمي الإلكتروني، متعددة، أبرزها، عدم وجود ميزانية أو خطة ورؤية للتعليم ككل، إضافة إلى أنه لا يمكنه أن يحل كل المشكلات التي تعوق العملية التعليمية وجودتها.

أحد الإشكاليات الأخرى، هي ارتفاع معدلات الفقر في مصر، ارتفاع معدلات الفقر في البلاد والتي وصلت إلى 32.5 في المئة من عدد السكان، بنهاية العام المالي 2017/2018، وفقا لبيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي أرجعتها وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، إلى إن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الفقر، هو تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة ذاتها، وهو ما تطلب تكلفة على المجتمع والدولة المصرية، حسب قولها.

بحسب ما أعلنه جهاز الإحصاء، فقد سجلت محافظة أسيوط نسبة فقر بين مواطنيها بلغت 66.7 في المئة، تلتها محافظة سوهاج بنسبة 59.6 في المئة، ثم الأقصر 55.3 في المئة، والمنيا 54 في المئة، ثم قنا 41 في المئة، في حين جاءت محافظات بورسعيد والغربية ودمياط ضمن المحافظات الأقل فقرا.

البيانات أكدت أن ما يقرب من 46 قرية في محافظتي أسيوط وسوهاج، بصعيد مصر، تتراوح نسبة الفقر فيها بين 80 إلى 100 في المئة، فضلا عن معاناة 236 قرية في سوهاج من الفقر، وهي نسبة بلغت 87 في المئة من قرى المحافظة، ما جعلها تسجل النسب الأعلى بين أفقر 1000 قرية في مصر.

الفقر يزيد من الأزمة

وكشف تقرير صادر عن البنك الدولي في 2018، إن نحو 60 في المئة من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر، في وقت تبنت فيه البلاد منذ سنوات برنامجا قاسيا للإصلاح الاقتصادي، ضمن خطة للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من البنك الدولي.

وتحدد تقديرات أرقام البنك الدولي بشأن معدلات الفقر العالمي، حيث تعتمد على المسوح المعيشية للأسر، التي تجريها 164 دولة.

اقرأ أيضًا:

6 ملايين بائع في الشارع.. “لقمة العيش” مُقدمة على عدوى كورونا

البنك اعتبر أن الإصلاحات الاقتصادية أثرت على الطبقة المتوسطة، كاشفا عن وجود تفاوتات جغرافية هائلة في معدلات الفقر، إذ يتراوح بين 7 في المئة في محافظة بورسعيد إلى 66 في المئة في بعض محافظات الصعيد.

 ينقسم التعليم في معظم جامعات العالم إلى ثلاثة مراحل بإمكان الطالب أن ينهي دراسته عند نهاية عند نجاحه في أي منها، وهي المرحلة الأولى: “البكالوريوس”، يمضي فيه الطالب من أربعة إلى خمس سنوات حسب التخصص الذي اختاره، بينما المرحلة الثانية تشمل “الماجستير”، يمضي فيه الطالب من سنة إلى اثنتين حسب التخصص الذي اختاره وحسب نشاطه وحسب نظام الجامعة، في حين المرحلة الثالثة : “الدكتوراه”،  يمضي فيه الطالب من سنة إلى اثنتين حسب التخصص الذي اختاره وحسب نشاطه وحسب نظام الجامعة، وفي نهاية المدة عليه تقديم رسالة بحثية تناقشه فيها لجنة من أساتذة الجامعة تقرر ما إذا يمنح درجة الدكتوراه في التخصص الذي اختاره.

وتعتبر جامعة القاهرة هي ثاني أقدم الجامعات المصرية والثالثة عربياً بعد جامعة الأزهر وجامعة القرويين تأسست كلياتها المختلفة في عهد محمد علي، كالمهندسخانة والمدرسة الطبية عام 1827، ثم ما لبثا أن أغلقت في عهد الخديوي محمد سعيد. بعد حملة مطالبة شعبية واسعة لإنشاء جامعة حديثة بقيادة مصطفى كامل وغيره.

الإنترنت

يعتمد التعليم عن بعد علي وجود بنية تحتية للإنترنت تحدد من خلاله أي مرتبة من الجودة، في مصر بدأ استخدام الإنترنت  عام 1992، حين تمّ تمديد بنية تحتيّة بين شبكة الجامعات المصريّة وشبكة «بت نت» الفرنسيّة، إلى جانب بدء استخدام شبكة اتصالات الإنترنت.

اقرأ أيضًا:

سقطت مع ضحايا الوباء.. حرية المعلومات  تنازع”الموت ” في أوروبا

اقتصر توفير الخدمة وقتها على جهتين فقط، هما شبكة الجامعات المصرية ومركز المعلومات، ومع بداية عام 1994 بدأ المركز في إدخال خدمة الإنترنت للوزارات والهيئات الحكومية والمحافظات، وتخصصت شبكة الجامعات في إمداد المعاهد الأكاديمية والجامعات بالخدمة.

وبداية من عام 1997 بدأ المركز في خصخصة خدمات الإنترنت من خلال إتاحة الخدمات لعدد من الشركات الخاصة كمزودين للخدمة ISPs والذين يقومون بدورهم ببيع الخدمة للمواطنين والشركات، وفي عام 1997 تواجد بالسوق المصري 16 شركة خاصة لتقديم خدمات الإنترنت ارتبطت من خلال بوابات “المصرية للاتصالات” ووصل عدد الشركات العاملة في هذا المجال إلى حوالي 68 شركة بحلول عام 2000

 مستخدمو الإنترنت في مصر

وطبقا لأحدث تقارير وزارة الاتصالات المصرية 2019، زادت أعداد مستخدمي الهاتف الأرضي ( الثابت ) إلى 8.2 ملايين مستخدم خلال يونيو، بينما بلغ عدد مشتركي خدمات الإنترنت الثابت في مصر نحو 7.17 مليون اشتراك وذلك بأحدث تقرير لها بنهاية أكتوبر 2019، بحسب بيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

الأرقام تشير إلى وجود أكثر من 45 مليون مستخدم للإنترنت في مصر أي ما يوازي 50 % من تعداد السكان البالغ عددهم حوالي 100 مليون نسمة.

في استجابة لتوجيهات الحكومة أعلنت المصرية للاتصالات خلال شهر مارس الماضي، عن زيادة سعة الإنترنت 30 جيجا لكل عميل تنفيذا لتوجيهات الحكومة، حيث تستحوذ الشركة المصرية للاتصالات على نحو 85% من الحصة السوقية للإنترنت الأرضي في البلاد.

قرار الشركة جاء بعد اجتماع عقده الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع رؤساء الشركات الأربعة مقدمي خدمات الاتصالات العاملة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري؛ للاتفاق على طرح عدد من المبادرات لدعم العملية التعليمية خلال فترة تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا.

بحسب ما أعلنه “طلعت” فأنه يتم التنسيق مع وزارتى التربية والتعليم والتعليم الفني، والتعليم العالى من أجل دعم “سبل التعليم عن بعد”، حرصا على مصلحة الطلاب في مختلف المراحل التعليمية؛ مشددا على أهمية تضافر الجهود بين الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وشركات الاتصالات والتواصل الدائم من أجل تقديم الدعم اللازم لاستمرار العملية التعليمية للطلاب فى كافة أنحاء الجمهورية.

من أهم النقاط التي ناقشها الاجتماع، توفير الإتاحة المجانية للمواقع الإلكترونية الخاصة بوزارة التربية التعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمجهزة لتقديم المحتوى التعليمي اللازم لاستكمال وتيسير العملية التعليمية عن بعد بهدف عدم تحميل أولياء الأمور أو الطلبة أى أعباء مادية إضافية.

القرارات شملت أيضًا، توفير وزيادة سعات التحميل الشهرية الخاصة باشتراكات الانترنت المنزلي للأفراد بنسبة 20 % بتكلفة 200 مليون جنيه تتحملها الدولة وذلك لكافة شرائح المستخدمين بالتنسيق مع شركات مقدمي خدمات الإنترنت بهدف دعم إتاحة التعليم عن بعد والخدمات الأساسية، إضافة لتوفير منصات رقمية مجانا لاستضافة المواد العلمية والمحاضرات لطلاب المدارس والجامعات من خلال التعاون بين وزارتي التربية التعليم، والتعليم العالي مع مشغلي التليفون المحمول بمصر بهدف دعم تيسير عملية التعليم عن البعد لحين تجاوز الازمة.

وفي عام 2002 بدأت الحكومة المصرية في مبادرة الإنترنت المجانية وهى عبارة عن مشروع تبنته وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعقد شراكة بين شركة المصرية للاتصالات وشركات مزودي خدمة الإنترنت لتقديم خدمة الاتصال بالإنترنت بتكلفة المكالمة العادية مع اقتسام تلك القيمة بنسبة 30% للمصرية للاتصالات و 70% لشركات تقديم خدمة الإنترنت.

مصر ضمن قاطرة البلدان العربية

أحصت اليونيسكو 138 دولة اتخذت قراراً بإغلاق تام أو جزئي للمدارس والمجموعات، ما يعني أن 1.37 مليار تلميذ وطالب عبر العالم تأثروا سلباً، أي أنه بين كل أربعة أطفال، ثلاثة تأثروا بهذه الإجراءات.

اقرأ أيضًا:

العدالة الاجتماعية …”ولادة متعثرة”بالربيع العربي

بحسب تقرير نشره موقع “دويتشيه فيله” الألماني، فإن هناك دول أعلنت مسبقاً إلغاء بعض الاختبارات النهائية لاقتناعها أن التعليم عن بعد من الصعب أن يوّفر بديلا لها كما فعلت فرنسا، يشير التقرير إلىل أن حتى بعض الدول الأوروبية فإنها متخلفة في مجال التعليم عن بعد، منها ألمانيا حسب تأكيد خبيرة التعليم الرقمي بمعهد “م م بي ” بمدينة إيسن، يوليا هنزه ، بحسب وجهة نظرها فإن ألمانيا من أسوأ الدول الأوروبية في مجال التعليم الرقمي، وإن شبكة الإنترنت في البلد ضعيفة أو بطيئة في العديد من المناطق، كما أن أغلب المعلمين غير مدربين على تقنيات التعليم الرقمي.

انتقادات شديدة يوجهها خبراء التعليم في عدد من البلدان إلى نظام التعليم الرقمي، من بينها دراسة لمركز السياسات الوطنية التعليمية في الولايات المتحدة، أوصت عام 2019 بوقف أو تقليل المدارس الرقمية في البلد حتى غاية التأكد من أسباب ضعف مردودها الذي ظهر جلياً في خلاصات الدراسة، مقارنة بالمدارس التقليدية.

وفى وقت يري فيه المتخصصون بأن التعليم عن بعد يبقي بديلاً للتعليم التقليدي في الحالات الحرجة ومنها وباء فيروس كورونا، تواجه تلك المنصات ثغرات في الأدوات الرقمية المستخدمة كما جرى مع تطبيق “زووم “الذي تعرّض لانتقادات كبيرة لمزاعم تخصّ عدم احترام الخصوصية.

يشير الدكتور هشام عبد السلام نائب رئيس الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني، أن قرار التعليم عن بعد سببه أننا نمر بظروف استثنائية، وأن هذا القرار يأتي ضمن خطة عامة لمواجهة خطر انتشار كورونا وتأثيرها السلبي على الاقتصاد.

” عبد السلام” قال في تصريحات صحفية بأن جزء رئيسي من استراتيجية التعليم عن بعد هو الحد من التجمعات حيث يعد التعليم والتعليم العالي جزء رئيسي من تلك التجمعات، موضحا بأن التعليم عن بعد هي الاستراتيجية التي يتبعها العالم خلال الفترة الراهنة للحد من إمكانية الإصابة بفيروس كورونا، موضحا أن الهدف من هذا النظام الاستمرار في الدراسة ولكن بوسائل حديثة ومعاصرة تمكنا من الوصول إلى الهدف وهو الاستمرار في التعليم بأقل قدر من التجمعات.