عندما بدأت تداعيات فيروس كورونا، تطل بوجهها القبيح على اقتصاديات العالم، انقسم رجال الأعمال في مصر، بين معارض للإجراءات التي اتخذتها الحكومة، لمنع انتشار الفيروس، وبين مؤيد لها.
sss
أثار رجال الأعمال المعارضون، رودود أفعال غاضبة وانتقادات في أوساط العمال، أما رجال الأعمال الذين ساندوا الدولة والعمال في أزمتهم، فقط لقوا استحسان الجميع في الأوساط العمالية، بحرصهم على صحة وحياة العمال.
فمهما طالت أزمة فيروس كورونا وتوحشت، ففي نهاية النفق المظلم ضوء، وعندما تدور عجلة المال والاقتصاد، سيصبح هناك خاسرون ورابحون.
بعيدًا عن المواقف التي اتخذها رجال الأعمال، بالقبول أو الرفض للإجراءات الحكومية، نستعرض أهم التصريحات والمواقف التي اتخذوها في الأزمة، فيما يخص العمال في عيدهم، الذي يأتي في ظروف استثنائية.
بين عزلة سياسية واختفاء غامض.. كيف سيؤدي غياب “كيم” لنشوب أزمة دولية كبرى؟
العمل على حساب صحة العمال
أثار بعض رجال الأعمال، حالة من الجدل بسبب تصريحاتهم، الرافضة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا، لاسيما أن هذه الإجراءات التي تستدعي الإغلاق الجزئي وتقليص عدد العمال، ضد مصالحهم واستثماراتهم، ليصل الأمر للمطالبة بعودة العمل حتى ولو على حساب السلامة المهنية للعمال، وانتشار كورونا.
كان النصيب الأكبر من الانتقادات لرجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي أحدث بتصريحاته بصفته واحدًا من أكبر رجال الأعمال بمصر، جدلًا واسعًا بين رافض ومؤيد.
طالب “ساويرس” بعودة العمل بعد فترة الحظر في أسرع وقت، محذرًا من دمار اقتصادي إذا ما استمر الحظر بعد مدة الأسبوعين الذي فرضتهم الحكومة المصرية لأول مرة، للسيطرة على انتشار العدوى.
وردًا على سؤال إذا ما كان من أنصار مبدأ “الإنسان أولا”، أم رجوع الاقتصاد لطبيعته؟، أجاب “ساويرس” بأن النشاط الاقتصادي يجب أن يعود لطبيعته بعد انتهاء الحظر، لأن كورونا قد تتسبب في تسريح عدد كبير من العمال، وتخفيض الأجور لمن بقى منهم، قائلاً: “القطاع الخاص سيفلس إذا استمر في دفع المرتبات دون وجود إنتاج، والحكومة المصرية لن تستطيع تعويض الجميع عن فقدهم مصدر رزقهم، ما سيؤدي إلى تحول هؤلاء للجريمة أو الانتحار” بحسب قوله.
وطالب “ساويرس” برجوع العمال تدريجياً لأشغالهم، أو أن يبيتوا في المصانع، محذرًا من أن تمديد فترة الحظر سيسبب انهيارًا للاقتصاد.
يعتبر نجيب ساويرس واحدًا من أكبر رجال الأعمال في مصر، وبما أنه رجل مال وأعمال، بدت تصريحاته واقعية بشدة، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية للإصلاح الاقتصادي.
القطاع الخاص سيفلس إذا استمر في دفع المرتبات دون وجود إنتاج والحكومة المصرية لن تستطيع تعويض الجميع عن فقدهم مصدر رزقهم، ما سيؤدي إلى تحول هؤلاء للجريمة أو الانتحار
ورغم واقعية تصريحات نجيب ساويرس اقتصاديًا وعمليًا، إلا أنها لاقت غضبًا كبيرًا في أوساط المجتمع وبين العمال، مقارنًة بمواقف بعض رجال الأعمال الآخرين.
وكان لرجل الأعمال حسين صبور، رئيس مجلس إدارة نادي الصيد السابق، نصيبًا من الانتقادات بسبب تصريحاته، بضرورة عودة العمال والموظفين لعملهم، رغم تفشي فيروس كورونا.
وأكد “صبور” أن الإفلاس يهدد مصر في حال استمرار توقف العمل في المصانع والشركات.
حتى هنا لا توجد أي مشكلة في تصريحات الرجل، لأنه يعتبر أحد أهم رجال الأعمال والاقتصاد، ولديه خبرة بأوضاع الاقتصاد المصري، إلا أن تأكيده أنه لا يهمه زيادة عدد الإصابات والوفيات هو ما فجر الأزمة.
وأكد ذلك قائلًا :”يزيد عدد الإصابات والوفيات، لكن سيبقى هناك شعب قائم وناقص شوية، أفضل من شعب مفلس تمامًا ولن يجد ما يأكله”، وفي النهاية أكد أنه لا يخشي هجوم البعض عليه بسبب تصريحاته.
فيما بدت تصريحات رجل الأعمال رؤوف غبور، صادمة للبعض وواقعية للبعض الأخر، لأنها كانت مجرد تحذير أو إنذار، عندما قال في إحدى المقابلات التليفزيونية، إن إجراءات جلوس العمال في بيوتهم سينتج عنه دمار اقتصادي، والسوق ستتوقف والمبيعات ستنهار.
وأوضح: “الاستيراد سينهار والحياة ستتوقف، وما يحدث أن الناس من الناحية النفسية دخلوا على حالة شلل وهناك حالة هلع عالمي، ورجال الأعمال يعانون في الوقت الحالي بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد، وإذا استمرت الأزمة طويلاً ستعاني شركات، ولو قعدت الناس في البيت هتأمن عدم إصابة الآلاف، ولكن هذا الإجراء سينتج عنه دمار اقتصادي”.
وتابع “غبور” :” الشركات تدفع الفوائد على القروض وتتحمل ذلك دون وجود أرباح، ومن يهاجم رجال الأعمال لا يفهم ويجب أن يجلس معهم، ورجال الأعمال لم يكسبوا وتحملوا ضريبة التعويم في الفترة السابقة، ومن يطلب مني التبرع سأقول له آسف مقدرش”.
كانت هذه مواقف بعض رجال الأعمال، المعارضين للإجراءات الاحترزاية التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا، ولهم مطلق الحرية في هذه الأراء، لأن رجل الأعمال في النهاية، كل ما يهمه المكسب والخسارة، ولا يستطيع أحد أن يلومه في ذلك.
الحكومة المصرية تبدأ تطبيع الحياة مع “كورونا”
رجال أعمال يزرعون
ربما تكون تصريحات رجال الأعمال المعارضين لإجراءات الحظر والإغلاق، واقعية لاقتصاد يمر برحلة إصلاح، وعدم وجود موارد كافية لتحمل فترة الإغلاق.
إلا أن مقارنة تصريحاتهم، بمواقف وتصريحات رجال الأعمال المؤيدين للإجراءات، هو ما أحدث الأزمة.
كان على رأس رجال الأعمال، الذين أكدوا تضامنهم مع العمال والدولة في أزمة كورونا، رجال الأعمال محمد العربي، الذي أكد أنه يفكر في دفع الرواتب الشهرية مبكرًا، دعمًا للعمال والموظفين لتجاوز المحنة.
وأضاف “العربي”: “الحمد لله بدأت الشركة أسرة واحدة وستستمر كذلك، وحاليا هناك 35 ألف موظف وأكثر، والحمد لله مرّ على الشركة الكثير من المحن والله حولها إلى منح”.
أحدثت تصريحات “العربي” ردود فعل واسعة، واستحسانًا لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أكدوا أن هذا الموقف الأخلاقي لـ”العربي”، سيعود عليه بالنفع مستقبلًا، حيث سيصبح العاملون لديه أكثر ولاءً وإخلاصًا في عملهم.
ودشن نشطاء وسما يحمل اسمه تقديرًا لموقفه، وقارن آخرون بين موقفه وبين موقف رجال أعمال آخرين تحدثوا عن تخفيض الرواتب وتسريح العمالة.
أما رجل الأعمال محمد أبو العنينن، فقد عارض بشدة عودة العمال للعمل في المصانع، خوفًا من انتشار العدوى، مطالبًا بمد الحظر لفترة أسبوعين، للتأكد من السيطرة على الفيروس.
أموال الدنيا لا تساوى روح عامل واحد يموت وتتعرض أسرته للتشريد وأنا ضد تصريحات بعض رجال الأعمال الذين نادوا بضرورة عودة العمال إلى المصانع والشركات
وقال “أبوالعينين” في تصريحات صحفية، “إن أموال الدنيا لا تساوى روح عامل واحد يموت وتتعرض أسرته للتشريد، وأنا ضد تصريحات بعض رجال الأعمال الذين نادوا بضرورة عودة العمال إلى المصانع والشركات والذين قالوا إنه لا مانع من موت بعض منهم وإلا ستتعرض مصر للإفلاس”.
وأضاف رجل الأعمال: “لا يجوز لنا أن نجور على العامل البسيط الذى لديه أسرة، بجانب أن الدولة تدعم صندوق الطوارئ للمتعثرين والحفاظ على العمال مهمة أساسية، بجانب أنه على المستثمرين والصناع والمفكرين أن يستغلوا تلك الأزمة لتحويلها لمنفعة”.
رجل الأعمال محمد فرج عامر، أيد قرارات الدولة فيما يخص أزمة فيروس كورونا، قائلًا: “نحن مع صحة المواطن أولًا وثانيًا وثالثًا”.
وأضاف “عامر” في تصريحات صحفية، أن حياة عامل واحد أهم لديه من مليارات الجنيهات، مؤكدًا تحمله كل أعباء العاملين لديه.
مثلما كان لفيروس كورونا وجه قبيح، أرهق العالم وأزهق أرواح الألاف، كان له أياد بيضاء، في وضع أسس للتعامل مع العمالة غير المنتظمة، وفي النهاية ستنتهي الأزمة وقتها سيكون هناك خاسرون ورابحون، وسيحصد كل فريق منهم ما زرع.