بدأت الصناعة تتراجع في مصر، منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حتى وصلت إلى غلق المصانع وفصل العمال، وخلال السنوات الماضية شهدت البلاد ارتفاعا شديدا في نسبتي البطالة والعمالة غير المنتظمة، وأصبح الاعتماد الأكبر على الاستيراد، وبلغ حجم الواردات في عام 2019 نحو 62.815 مليار دولار، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة الهامة والإحصاء.

sss

وقد شهدت مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تطورًا صناعيا، حيث أنشئت العديد من المصانع، منها شركة النصر، ومصانع الحديد والصلب، وشركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكابلات الكهربائية، وبناء المناجم في أسوان والواحات البحرية، وغيرها من المصانع.

وأنشأت مصر في تلك الحقبة، قاعدة صناعية كبيرة في دول العالم الثالث، حيث بلغ عدد المصانع الذي أنشيء 1200 مصنع منها صناعات ثقيلة وتحويلية واستراتيجية، وكانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربائية.

تدهور القطاع الصناعي

يقول ياسر أسعد المحامي العمالي، إن نسبة البطالة في عهد “عبد الناصر” كانت ضئيلة جدا بسبب مصانع القطاع العام التي ضمت الكثير من القوى العاملة آنذالك، فكانت هناك فرص عمل متوفرة للمواطنين وأبنائهم، وهو ما أدى إلى اذهار قطاع التصنيع وتضاؤل نسبة المتعطلين عن العمل.

ومع انتقال نظام مصر إلى الرأسمالية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، بدأ القطاع الصناعي في حالة تدهور، واعتمدت الحكومة حينها نظام خصخصة شركات القطاع العام التي أسسها عبد الناصر، وبالفعل بدأت في التنفيذ مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة.

اقرأ ايضًا:الاقتصاد الموازي.. أمل الحكومة في زيادة الإيرادات
تردي أوضاع العمال
انتهج الرئيس الراحل محمد حسني مبارك سياسة خصخصة القطاع العام، فشهد عهده تردياً لأوضاع العمال، وتم إغلاق ما يزيد علي 12 ألف مصنع، فازدادت البطالة، وتصاعدت الموجات المتتالية من الإضرابات العمالية التي بلغت نحو 3 آلاف إضراب.

ورصد مركز حقوق الأرض في بيان له عام 2014 أنه تم خصخصة عدد كبير من المصانع، وذلك عن طريق الفساد الإداري في تلك المؤسسات، وفى النهاية كان إجمالي ما جرى بيعه من شركات القطاع العام هو 413 شركة، فيما وصل الرقم في عام 2006 إلى 642 شركة، وكانت حصيلة البيع 23 مليارا و737 مليون جنيه، حيث تمت تصفية 33 شركة وبيع 84 شركة للمستثمرين، حسب البيان.

وشهد ذلك العصر احتجاجات عمالية أشهرها يوم “6 إبريل 2008 بالمحلة، وانهارت الطبقة العاملة بشكل واضح من أجل خصخصة المصانع.

رجال الأعمال الفاسدون

“إطلاق حرية رأس المال لرجال الأعمال الأجانب والفاسدين والذين كانوا يأتون بشروطهم التي أهمها التخلص من الطبقة العاملة، وتقليص أجورهم وإلغاء التأمين الصحي، من أبرز الأسباب التي تسببت في انهيار الطبقة الوسطى”، هكذا سرد المحامي العمالي، العوامل التي  أثرت على القطاع العام، وساهمت بشكل كبير في تسريح العمال، ما أدى إلى إرتفاع نسبة البطالة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة العمالة غير المنتظمة في مصر.

وأشار المحامي الحقوقي إلى أبرز القوانين التي ساهمت في تردي القطاع العام في مصر في عهد حسني مبارك، وهو قانون” قطاع الأعمال”، موضحًا أنه من هنا بدأت الأزمة، وبدأ عدد من رجال الأعمال في شراء أسهم داخل الشركات التابعة لقطاع الأعمال، وبدأوا في تخسير تلك الشركات لصالح الشركات الخاصة لرجال الأعمال، ومن هنا بدأ مسلسل غلق الشركات، وتسريح العمال وغيرها من الأزمات، وفق قوله.

ويستكمل  قائلاً:” بدأ العمال التوجه للخروج معاش مبكر بمبلغ مالي (مكافئة نهاية الخدمة)، ومع غلق شركات القطاع العام بدأ البعض للتوجه للمعمل الخاص الذي بدوره كان يشترط الخبرة الجيدة للعمل”.

وأضاف: “وبالفعل انقسمت العمالة التي خرجت من شركات القطاع العام، بعضهم عمل داخل الشركات الخاصة، وآخرين توجهوا للعمالة غير المنتظمة”.

اقرأ ايضًا:يعانون من تكاليف الوقاية.. عمال النظافة أبطال منسيون في معركة كورونا

اتساع رقعة العمالة غير المنتظمة

واختتم المحامي العمالي حديثه قائلاً:” إن شركات القطاع الخاص نفسها لا توجد بها معايير محددة لفصل العامل، وذلك وفقا للقانون 12 لسنة 2003، وبالتالي مع العقود المؤقتة في العمل الخاص وتوجه بعض الشركات لتصفية العمال دون معايير أوضوابط، يتوجه المواطنون إلى العمل الحر ومن هنا بدأت رقعة العمالة غير المنتظمة في الاتساع”.

وفي وقت سابق كشف محمد وهب الله الأمين العام لاتحاد عمال مصر وعضو مجلس النواب، أن أعداد العمالة الغير منتظمة تتراوح بين 12 لـ14 مليون عامل غير منتظم بكافة أنحاء الجمهورية، فيما بلغة نسبة البطالة 8% وذلك وفقا لأخر إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء.