حسمًا للجدل الدائر منذ ظهور فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض كوفيد-19، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن الفيروس ” طبيعي المنشأ”، ردا على اتهامات وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى إلى الصين، بأن الفيروس خرج من إحدى مختبراتها.

sss

وأودى الفيروس المستجد، الذي صنفته المنظمة الدولية بـ “الجائحة العالمية” بحياة 233.176 شخصاً على الأقل منذ ظهوره للمرة الأولى بالصين في ديسمبر الماضي، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية حتى مساء أمس، الجمعة، في حين سجلت أكثر 3 ملايين و264 ألف و200 إصابة في 195 دولة ومنطقة.

وقال الدكتور مايكل ريان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، إن جائحة كورونا لا تزال قائمة ولم تنته بعد”، معلنًا بأن الفيروس “طبيعي المنشأ”.

وأضاف ” ريان ” في تصريحات ردًا على تعليقات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إنه اطلع على معلومات تفيد بأن الفيروس ربما يكون قد خرج من معهد لعلوم الفيروسات في الصين، بأن فرق منظمة الصحة العالمية استمعت “مرارا وتكرارا” إلى العديد من العلماء الذين نظروا في التسلسل الجيني والفيروس، “ونحن على ثقة في أن هذا الفيروس طبيعي المنشأ”.

اقرأ أيضًا:

سباق لقاح “كوورنا”.. “الصحة العالمية” تحذر من عدم التعاون

وتابع “أنه من المهم تحديد المضيف الطبيعي للفيروس، الأمر الذي يمكن أن يساعد في تمهيد الطريق إلى فهمه بشكل أفضل وطرق الوقاية من تفشي المرض والاستجابة له في المستقبل”.

وشًكل ظهور فيروس كورونا، حالة من الجدل العالمي، منذ ظهوره، وذهبت معظم تقديرات العلماء بأن الفيروس ظهر في سوق بالمدينة الصينية على صلة بحيوان لم يتم تحديده بعد.

حرب تصريحات

ومنذ ظهور فيروس كورونا في ديسمبر من العام الماضي، وواشنطن تتهم بكين بأنها المتسبب في انتشار الفيروس والذي خرج من معاملها، ويقود تلك الاتهامات الرئيس دونالد ترامب، خلال مؤتمرات صحفية، لدرجة أنه يطلق عليه ” الفيروس الصيني” وهو ما دعا الصين إلى الرد عليه في أكثر من مرة، في حرب تصريحات بين الجانبين.

الصين بدورها لم تستبعد خلال الأشهر الماضية، فرضية أن يكون الجيش الأمريكي هو من أطلق فيروس كورونا في ووهان البؤرة الأولى التي ظهر فيها وانتشر على نطاق واسع في معظم دول العالم لاحقا بما فيها الولايات المتحدة ذاتها، بحسب ما أشار متحدث باسم الحكومة الصينية في مارس الماضي، دون تأكيد أي دور أمريكي محتمل في إطلاق وانتشار الفيروس، ضمن حرب بيولوجية في خضم معركة تجارية وخلافات لا تهدأ بين واشنطن وبكين.

ويشن “ترامب” هجوما حادا بين الحين والآخر على الصين، آخر هذه التصريحات، ما جاء على لسانه، أمس الأول، الخميس، حيث قال “أثق أن معهد ووهان الصيني لعلوم الفيروسات هو أصل الفيروس المستجد” مجددًا انتقاداته لمنظمة الصحة العالمية وعدم الاستجابة المبكرة للتفشي.

ومؤخرا قال مسئولون بالمخابرات والأمن القومي الأمريكي، إن الحكومة الأمريكية تنظر في احتمالية أن يكون فيروس كورونا المستجد قد نشأ في مختبر صيني، وليس في أحد الأسواق.

اقرأ أيضًا:

بعد وقفه لتمويل الصحة العالمية.. إفريقيا تدفع ثمن قرار ترامب

كانت تلك النظرية واحدة من عدة نظريات يبحثها المحققون وهم يحاولون تحديد أصل فيروس كورونا الذي أسفر عن وباء وقتل مئات الآلاف من الأشخاص، ولا تعتقد الولايات المتحدة أن الفيروس كان مرتبطا بأبحاث السلاح البيولوجي، بحسب تقرير لـ “سي إن إن”، نشرته في 17 أبريل الماضي.

وأفاد التقرير نقلا عن المسئولون بأن مجتمع الاستخبارات يستكشف أيضًا سلسلة من النظريات الأخرى بشأن مصدر الفيروس، وهو الأمر المعتاد فى مثل هذه الأحداث الكبرى، بحسب مصدر استخباراتي.

الاتهامات الموجهة إلى الصين، تشمل أيضًا إخفاء معلومات عن فيروس كورونا، بحسب ما أكده وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، فإن الصين لا تزال تحجب المعلومات المتعلقة بفيروس كورونا واللازمة لمواجهة الوباء عالميًا.

وحتى تلك اللحظة، فإن الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تضررًا جراء الوباء، حيث سجلت حصيلة الوفيات على أراضيها 63.019 من أصل 1.070.032 إصابة. وأُعلن شفاء 153.947 شخصاً على الأقل.

تحقيق دولي

ورفضت الصين، مطالب دولية أعلنها عدد من الدول بفتح تحقيق دولي في أسباب تفشى الفيروس.

ووفقا لوسائل إعلام صينية، فإن أول حالة إصابة بفيروس كورونا بالصين، والتي تم تسجيلها في شهر نوفمبر من العام الماضي قبل الإعلان الرسمي عن وجود إصابات بالفيروس بأكثر من شهر كامل، حيث تشير السجلات الحكومية إلى أن أول شخص مصاب بمرض جديد ربما يكون من سكان هوبي البالغ من العمر 55 عامًا، حيث يمكن لهذه الوثائق أن تساعد العلماء في تتبع انتشار المرض وربما تحديد مصدره.

اقرأ أيضًا:

بعد قراره ضد الصحة العالمية.. هل يرتكب ترامب “جريمة إنسانية” ضد البشر؟

ويرى مراقبون، أنه بعيدًا عن حرب التصريحات الدائرة بين الدولتين العظميين، والتي بدأت قبل أزمة تفشى الوباء، فيما عرف بالصراع الاقتصادي بين كل من واشنطن وبكين، فإن ترامب وإدارته يسعيان إلى الخروج من تلك الأزمة، بتحميل الصين المسؤولية، عن الفيروس ضمن إطار حرب التصريحات المعلنة.

وفي محاولة للتهدئة، دعا وزير الدفاع الأمريكي، الصين إلى تبادل البيانات، وقال “بوضوح، لو كان الصينيون تحلوا بمزيد من الشفافية في وقت مبكر وتبادلوا المزيد من البيانات لكان لدينا فهم أفضل لهذا الفيروس ثم كيفية التعامل معه”، مضيفا،” اليوم نراهم يحجبون المعلومات، ولذا أعتقد أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد ومواصلة الضغط عليهم للمشاركة”.

100 لقاح

في السياق نفسه، قال مدير المنظمة، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي، أمس الجمعة، إن “تأثير كورونا كان متفاوتاً بين الدول”، مضيفًا “إلى الآن لا يوجد لدينا علاج أو لقاح للفيروس”، مستطردا “سنعقد اجتماعاً الأسبوع المقبل لتمويل أبحاث لإنتاج لقاح لكورونا”.

وتابع مدير المنظمة “نعمل مع الاتحاد الأوروبي لتمويل مكافحة الجائحة، موصياً بتعديل إجراءات السفر لإيصال الغذاء والدواء”.

وفى الوقت الذي توقعت فيه منظمة الصحة العالمية بأن يطال فيروس كورونا معظم السكان على الكرة الأرضية

أعلنت المنظمة على موقعها الخميس الماضي، بأن 102 من اللقاحات المحتملة لـ “كوفيد-19” قيد التطوير في جميع أنحاء العالم، كما أنه تمت الموافقة على 8 لقاحات إضافية محتملة للتجارب السريرية، إضافة إلى 7 كان أعلنعنها قبل 4 أيام.

ووفقا للمعلن فإنه من بين المجموعات المعتمدة للتجارب السريرية على البشر، هناك 4 من الصين، وواحدة من إنجلترا، وواحدة أمريكية وأخرى مشتركة أمريكية أوروبية، بحسب شبكة (سي إن إن) الأمريكية.

وأطلقت الولايات المتحدة في 16 مارس الماضي أول تجربة سريرية على البشر، وذلك، من قبل المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة.

واشنطن تسحب خبراء الأوبئة من بكين

وفي 26 مارس الماضي، كشفت تقارير إعلامية عن قرارات اتخذتها واشنطن بخفض العاملين من الوكالات الأمريكية في الصين، حيث أبعدت خبراء الصحة والعلماء وغيرهم من المهنيين الذين كان بمقدورهم مساعدة بكين في التصدي مبكرا لفيروس كورونا المستجد.

اقرأ أيضًا:

بروتوكول فحص الأطباء.. مزيد من الضحايا !

بحسب ما نشرته “رويترز” فإن الإدارة الأمريكية خفضت عدد العاملين بمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الأراضي الصينية في إطار خطة أكبر لتقليص أعداد خبراء الصحة والعلوم الذين يعملون بتمويل أمريكي في الصين وذلك في الفترة التي سبقت انتشار الفيروس.

وقال متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية،إن قرار إغلاق مكتب بكين “يعود إلى تراجع كبير في إمكانية التواصل مع مسؤولي الحكومة الصينية وكذلك إلى موقف الوكالة أن النموذج الصيني للتنمية لا يتفق مع القيم والمصالح الأمريكية”.