بينما أثر فيروس “كورونا” على جميع بلدان العالم، ودفع اقتصادات كبرى للانهيار مع توقف شبه كامل لكل الأنشطة، تسير الحياة في الصعيد دون تغير، حيث تقام الأفراح كما السابق، مع اختلاف مواعيدها فقط، ويذهب من لديه أرض لأرضه، وكأنما يحدث من حولهم لا يعنيهم في شئ، ما دفع البعض إلى التندر بأنهم محصنون بسبب ارتفاع درجة الحرارة، أم أن للثقافة والعادات دور في ذلك؟.
sss
الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، كانت قد كشفت في شهر مارس المنصرم، أن نسبة شفاء المصابين بفيروس كورونا فى الصعيد مرتفعة للغاية، قائلة:”نقوم بإجراء دراسات لمعرفة ما إذا كانت هذه النسب المرتفعة فى الشفاء لها علاقة بدرجة الحرارة والبيئة بشكل عام أم لا؟”.
بينما قال الدكتور عبدالناصر أبوبكر، رئيس فريق إدارة المخاطر بمنظمة الصحة العالمية، إن تباين عدد الحالات المصابة بين الجنوب والشمال، لا يعنى أن مناعة الأفارقة أفضل مقارنة بمناعة الأمريكيين والأوروبيين، وأنه لم تتوفر أدلة حقيقية حتى الآن بأن المناخ الحار يقتل الفيروس، وما هو مؤكد أن الوباء ينتشر فى الطقس البارد فى أوروبا والحار فى إفريقيا والرطب فى أمريكا اللاتينية.
“مفيش كورونا”
“معندناش كورونا ولا بنلبس كمامة”، هكذا صرحت “هدى.ع”، البالغة من العمر 35 عامًا، والمقيمة بأحد مراكز محافظة أسوان، مؤكدة أن لا شئ تغير في حياتهم، ماعدا ساعات الحظر، والذي لم يلتزم به الكثير منهم أيضًا نظرًا لعدم وصول الشرطة إلى منطقتهم أو الشوارع الجانبية، مشيرة إلى أنها تتجمع كل يوم مع فتيات البيوت المجاروة أمام أحد المنازل ويستامرن إلى وقت متأخر”.
وعن الاجراءات الاحترازية وسيطرة المطهرات وأدوات التنظيف على حياة الجميع، قالت “هدى” لـ مصر 360،”: “لم يرتدي أحد من أهالينا أو أقربائنا كمامة أو ماسك طبي منذ بداية الأزمة، فكثير منا لا يصدق ما يحدث في العالم أو يذاع عبر قنوات الإعلام، هو دور برد وهيعدي”، بحسب قولها.
وتابعت: أنه لا توجد صيدلية قريبة من منطقتهم، فالأمر يحتاج إلى وسيلة مواصلات أو “توك توك” للوصول إلى أقرب صيدلية، مضيفة: “لكننا لم نهتم بشراء الكحوليات أو المطهرات، كما فعل أهل البندر، عايشين يومنا عادي والكل سايبها على ربنا وبعدين احنا بناكل بصل من يوم ما اتولدنا وكورونا مش هتأثر فينا”.
“كل يوم فرح”
الأمر لا يختلف لدى “سعاد”، اسم مستعار، والتي عبرت عن استغرابها مما يحدث في القاهرة، موضحة: “أقرباؤنا يعيشون في رعب، وكثير من أشقائي فضلوا العودة للإقامة في الصعيد مرة أخرى، مؤكدين أن هنا أمان، ونظرًا لعملهم من المنزل، الأسواق تقام في مواعيدها، كما أن الأفراح لم تتوقف منذ بداية الأزمة، كل يوم عندنا فرح بس بنخلصه بدري عشان الحكومة”.
في حين، أكد محمد جمعة، ابن الممرض المتعافى من كورونا فى قنا، خلال اتصال هاتفى ببرنامج “التاسعة”، الذى يقدمه الإعلامى وائل الإبراشى، عبر القناة الأولى المصرية، أن “أهالى الصعيد لا يخشون ولا يخافون من فيروس كورونا المستجد، “بنتعامل معاه على أساس أنه دور إنفلونزا عادى بس الفرق أن الواحد بيعزل نفسه.. محدش عندنا فى الصعيد بيخاف من كورونا”، بحسب قوله.
نسب التعافي
أكد أطباء أنه لا يوجد حتى الآن تفسير علمي لما ذكرته وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، في مداخلة لبرنامج “الحكاية” مع الإعلامي عمرو أديب، عن أن سكان صعيد مصر هم الأكثر تعافيًا بين سكان جميع المحافظات حتى الآن، مرجحين أن يكون السبب هو ارتفاع درجات حرارة الجو في جنوب مصر مقارنة بشمالها.
وقال رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح، الدكتور أمجد الحداد، في تصريحات صحفية، إن نسبة الشفاء ليست هي فقط الأقل في الصعيد، ولكن نسبة الإصابات أيضاً قليلة، حتى في محافظة الأقصر، فالمخالطون بالأجانب فقط هم المصابون وتم حصر ذلك، مضيفًا أنه حتى الآن لا يوجد تفسير علمي أو مناعي لهذا الأمر، لأن التغذية واحدة، وطرق الوقاية واحدة في مصر كلها.
وأعرب عن اعتقاده بأن ارتفاع درجة الحرارة قد يكون سبب ذلك على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية لم تؤكد حتى الآن أن ارتفاع الحرارة لها دور في القضاء على الفيروس مثل باقي الفيروسات المعروفة، واعتبر أن اكتشاف إذا كان للحرارة تأثير في الحد من انتشار فيروس كورونا أم لا، يمكن اختباره والتأكد منه مع دخول فصل الصيف.
وتواصل “سعاد”، حديثها، لـ مصر 360، “أن الجميع في الصعيد يعرف بعضه البعض، وبيوتنا متلاصقة، ولا يمر يوم دون أن نتجمع، فإذا أصيب شخص بكورونا سيعلم المركز كله، ولكن هذا لم يحدث منذ بداية الأزمة حتى الآن، لا يوجد مصابين فيما بيينا، إلا أنه تم الحديث في الإعلام عن وجود إصابات في محافظة أسوان نفسها، والمستفشييات الجامعية، ولكننا لا نصدق كل ما يقال في التلفزيون”، وفق قولها .
البحث عن رزق
“مصالحي وقفة”، هكذا عبر أحد الشباب الذي يعملون في البواخر السياحية، والذي رفض ذكر اسمه، عن معاناته في ظل أزمة كورونا، مؤكدين أن الفيروس لم ينل من راحتهم شيئًا، إلا أن هناك من تضررت مصالحه ووقف عمله بسبب أزمة كورونا، فالآلاف من أهل الصعيد، يكسبون رزقهم يومًا بيوم، ومثلهم يعلمون في السياحة وكل ما يشملها، بعد وقف الطيران والسياحة أحوالنا أنا وزمايلي وقفت وقعدنا في البيت أكتر من شهرين، ومفيش حل”.
وكشف أنه عقب إعلان الحكومة عن منحة العمالة غير المنتظمة، ذهب مسرعًا ليقدم، هو وكثير من شباب قريته، إلا أن القليل منهم هو من جاءته المنحة، فالأغلبية كانت من كبار السن والسيدات، مضيفًا أنه منذ بداية الأزمة وهو يعمل في أي مهنة، لكي يسكب قوت يومه وينفق على أسرته، المكونة من أربعة أفراد، “اشتغلت في أعمال البناء وفي سوبر ماركت، من أجل الرجوع إلى أسرتي بأموال”، هكذا صرح.
يذكر أن محافظات الصعيد تتصدر قائمة المحافظات الأكثر فقرًا في مصر، حيث بلغت نسبة الفقر في أسيوط 66.7%، تلتها محافظة سوهاج بنسبة 59.6%، ثم الأقصر 55.3%، والمنيا 54%، ثم قنا 41%، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
السوشيال ميديا
وكانت مواقع التواصل قد أبرزت تعامل أهالي الصعيد مع ضحايا فيروس كورونا المستجد، حيث عبرت عدة منشورات عن إشادتها بالسلوك الذي كان داعمًا في مجمله للضحايا.
وكان قد انتشر مقطع فيديو يوضح استقبال جيران الدكتور سامح سمير، أخصائي الحميات بأسوان، بالتصفيق والزعاريد فور عودته من العمل بمستشفى العزل الصحى بأسوان، في ساعة متأخرة من الليل تقديرًا له وزملائه من جيش مصر الأبيض خط الدفاع الأول ضد فيروس كورونا.