حذر خبير حقوقي دولي من أن خطط الحكومة الإسرائيلية الجديدة المتمثلة في ضمّ أجزاء مهمة من الضفة الغربية المحتلة، من بينها غور الأردن، ستخلق “سلسلة من العواقب الوخيمة لحقوق الإنسان”.

sss

وتسعى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي شُكلت بالتناوب بين زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو وزعيم حزب أزرق أبيض الوسطي بيني جانتس، لضم ما لا يقل عن 30% من مساحة الضفة الغربية الفلسطينية، في خطوة اعتبرها سياسيون بأنها تأتي في محاولة من “نتنياهو” استغلال انشغال العالم بجائحة كورونا لتمرير قراراته بضم أجزاء واسعة من الأرض الفلسطينية المحتلة لإسرائيل، وفرض السيادة عليها وعلى كامل المستعمرات.

وقال المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، مايكل لينك، إن قرار إسرائيل التحرّك بشكل أحادي الجانب نحو الضمّ المخطط له في الأول من يوليو، يقوّض حقوق الإنسان في المنطقة، وسيكون ضربة قاسية للنظام الدولي القائم على القواعد، ويقوّض أي احتمال متبق لتسوية عادلة متفاوض عليها”.

اقرأ أيضًا:

مؤسسات المجتمع المدني تضع جرائم الاحتلال الاسرائيلي أمام “الجنائية الدولية”

وأضاف ” لينك” في بيان الجمعة، “إذا تم المضي قدما بخطط الضمّ الإسرائيلية، فما سيتبقّى من الضفة الغربية سيكون “بنتوستان فلسطينيا”، أرخبيل من جزر منفصلة مقسّمة، تحيطها إسرائيل بشكل كامل، وغير متصلة مع العالم الخارجي”.

ويرى “لينك” أن الخطة ستبلور نظام فصل عنصري في القرن الحادي والعشرين، وتترك في أعقابها زوال حق الفلسطينيين في تقرير المصير”.

وأشار المقرر الخاص إلى أن حالة حقوق الإنسان أصلا سيئة وستتفاقم بعد الضمّ، وقال: “نحن نشهد الآن الإخلاء القسري والتشريد ومصادرة الأراضي والعزل، وعنف المستوطنين والاستيلاء على الموارد الطبيعية، وفرض نظام من مستويين من الحقوق السياسية والاجتماعية والسياسية غير المتساوية على أساس العرق”.

القانون الدولي

ويحظر القانون الدولي عمليات الضمّ لأنها توّلد صراعا ومعاناة إنسانية هائلة وعدم استقرار سياسي وخراب اقتصادي وتمييز منهجي. ومنذ عام 1967، شدد مجلس الأمن الدولي على مبدأ “عدم جواز الاستيلاء على الأراضي” بالقوة أو خلال الحرب في مناسبات عديدة مع الإشارة بالتحديد إلى الاحتلال الإسرائيلي”.

وقال لينك إن “إن الضمّ الذي يلوح في الأفق هو اختبار سياسي للمجتمع الدولي. هذا الضمّ لن يتم عكسه عبر التوبيخ، ولن يموت الاحتلال البالغ من العمر 53 عاما بسبب الشيخوخة”.

اقرأ أيضًا:

تحت حصار كورونا والاحتلال.. ضعف النظام الصحي ينذر بكارثة في فلسطين

وأعرب المقرر الخاص عن قلقه العميق إزاء دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وهي التي ساهمت في خلق نظام قانون دولي حديث، قائلا: “الآن، هي تؤيد بنشاط وتشارك في انتهاك صارخ للقانون الدولي، إن واجبها القانوني هو عزل مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، لا مساعدتهم على اقترافها”، وكان لينك قد دعا في بيان سابق في مارس الماضي، المجتمع الدولي لمراجعة قائمة العقوبات واسعة النطاق، والإجراءات والتدابير المضادة لوقف هذه المسيرة نحو المزيد من عدم الشرعية، ومراجعة الاتفاقيات الراهنة والمقترحة مع إسرائيل، قائلا: “يجب أن يكون هناك ثمن لتحدي القانون الدولي، فقط هذا سيجبر القيادة السياسية الإسرائيلية على القيام بالشيء الصحيح”.

الجامعة العربية تحذر

مطالب المقرر الأممي، جاءت في الوقت الذي طالب فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمل مسؤولياته إزاء سياسة الضم الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال “أبو الغيط”، خلال كلمة أمام الدورة غير العادية، التي عقدت الخميس الماضي، عبر تقنية الفيديو، لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، بناء على طلب فلسطين، بهدف التوصل إلى موقف عربي إزاء المخطط الإسرائيلي بضم الضفة الغربية أو أجزاء منها،” إن توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة تُخاطر بإشعال فتيل التوتر في المنطقة، مُستغلةً حالة الانشغال العالمي بمواجهة وباء كورونا “كوفيد-19″، لفرض واقع جديد على الأرض”.

وحذر ” أبو الغيط” من أن الإقدام على اتخاذ مثل هذه الإجراءات سيفتح الباب أمام توتراتٍ ومخاطر يصعب التكهن بمآلاتها، بما يُضيف إلى المصاعب الكبيرة التي تجابهها دول المنطقة جراء الوباء، ومن التبعات المحتملة لهذا المخطط على الأمن الإقليمي والاستقرار في المنطقة”.

اقرأ أيضًا:

صفقة “تبادل الأسرى” بين حماس وإسرائيل.. إلى أين؟

وأكد أبو الغيط أن “النوايا الإسرائيلية، التي تلقى للأسف مُسايرة وتشجيعاً من الولايات المتحدة، تُمثل خرقاً خطيراً للقانون الدولي، مطالبا المجتمع الدولي، ممثلاً في مجلس الأمن، أن يتحمل مسؤولياته، وأن يبعث لإسرائيل برسالة واضحة برفض هذه التوجهات وعدم الإقرار بها أو تمريرها.

وفي إشارة إلى أزمة تفشي وباء كوورنا قال الأمين العام لجامعة الدول العربية بإن الجائحة يتعين أن تدفعنا للتعاون والتعاضد على الصعيد العالمي، وليس للإمعان في الإجراءات الأحادية وفرض الأمر الواقع.

وشدد “أبو الغيط” على رفض أي ضم للأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا أن أي إعلانات إسرائيلية لن تغير من وضع الأراضي المحتلة شيئا.

وجدد تأكيد مواقف الجامعة العربية والشرعية الدولية مشددا على أن “الأراضي التي احتُلت سنة 1967 ستظل أرضاً محتلة في نظر القانون الدولي، والسيطرة عليها من قِبل إسرائيل لها مسمى واحد هو الاحتلال”.

تعميق الصراع

وطالب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي خلال كلمته بالاجتماع بمنع سياسة الضم الإسرائيلية، مشددا على أن العرب لديهم من القدرات والعلاقات والإمكانيات لوقفها، مضيفا أن تنفيذ سياسة الضم الإسرائيلية تلك ستقضي على إمكانية تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمتواصلة جغرافيا والقابلة للحياة.

وشدد “المالكي” على أن الخطوة الإسرائيلية إن تمت ستنهي حل الدولتين، وستضع المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين تحت السيطرة الإسرائيلية، قبل أن يتم هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه.

وقال إن “هذه الخطوة إن تمت ستحوّل الصراع من سياسي إلى ديني لن ينتهي، وستُبقي هذا الصراع قائما للأبد”، مشددا على عدم القبول بأقل من حدود عام 1967 لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.