مثلت وفاة الفنان شادي حبش “24 عاما” داخل سجن طرة مثالاً حيًا على أهمية الأخذ بالمبادرات الحقوقية الرامية للإفراج عن المحبوسين احتياطيًا، والغارمات، والغارمين، وكبار السن، وكل من قضى نصف المدة طبقا لقانون السجون، وإصحاب الجرائم الصغيرة.

sss

دخل شادي حبش، الممثل والمخرج، السجن احتياطيًا قبل عامين في مجموعة من الاتهامات أعقبت إخراجه أغنية سياسية ساخرة أداها المطرب المقيم بخارج مصر رامي عصام، وكان مريضًا منذ عدة أيام ودخل المستشفى دون تحديد سبب مرضه، وفقًا لوالدته التي صرحت بذلك لمجموعة من المنظمات الحقوقية، إلا أنه عاد إلى زنزانته وتوفي داخلها.

وتوفي “حبش” بعد أيام من دعوة وجهتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، للحكومة المصري بتخفيف التكدس في السجون المصرية، ومنع انتشار وباء “فيروس كورونا بين المحبوسين، ورجال إنفاذ القانون”الشرطة، النيابة، القضاء، ووصوله إلي المرحلة الثالثة “التفشي المجتمعي”، واضطرار الحكومة للإغلاق الكامل، وما يتبعه من خسائر اقتصادية، لا تتحملها مصر في الظروف الراهنة.

ويرجع الحبس الاحتياطي، إلى المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية والتي أتاحت بعد التعديل الذي أجراه المستشارعدلي منصور، الرئيس المؤقت، في ذلك الحين، أن يتم حبس المتهم احتياطيا لمدة 45 يومًا قابلة للتجديد دون التقيد بمدد محددة، وتعتمد معظم قرارات الحبس الاحتياطي على محاضرالتحريات فقط.

لاقت وفاة “حبش” ـاهتمامًا كبيرًا من الصحف الغربية مثل نيويورك تايمز التي أفردت مساحة واسعة لتغطية الخير وكذلك هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” وقناة فرانس 24 وتلفزيون الحرة الأمريكي.

ربما تكون وفاة الفنان الشاب وازعًا نحو استخدم بدائل الحبس الاحتياطي وقف تنفيذ العقوبة لكل سجين، من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، الأكثر عرضا للوفاة نتيجة الإصابة بهذا فيروس، كورونا وقيام وزارة الصحة بالتعاون مع وزير الداخلية بالبدء في رش أماكن الاحتجاز وتطهيرها، وتوفير جميع المستلزمات الضرورية لمكافحة انتشار الفيروس داخل السجون.

اقرأ أيضًا.. حوار مع سجين: “كورونا” أملنا الأخير في الخلاص

تتضمن بدائل الحبس الاحتياطي تقييد حريات الشخص في منع خروجه من منزله أو استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي أو الاتصال بشخصيات معينة، ما يشبه تماما الأجواء داخل الاحتجاز مع وجود فارق في احتجازه في منطقة آمنة ونظيفة.

ووفقًا لكثير من العاملين في الوسط الفني الذين عملوا مع شادي حبش الذي مثل وساهم في إخراج ستة أعمال قصيرة، لا يعرف عنه تبنيه ميولا متطرفة أو انتمائه لجماعات متطرفة، معتبرين أن الأغنية السياسية التي أخرجها تنبع ربما من اندفاع الشباب نحو السخرية بلغة فجة أحيانًا وتحمل قدرًا كبيرًا من الإساءة فقط.

ربما يكون شادي ذاته تبرأ من الأغنية المسيئة حينما قال إن من حق الكثيرين أن يختلفوا معها وأن يكرهوا ذلك النوع من الخطاب، لكنها في النهاية مجرد أغنية، لم يسمعها الكثير من الناس من اللأساس، وحتى على أسوأ الظروف كان يمكن تصنيفها كجريمة قانونية وأن يتم معاقبته عليها من هذا المنطلق.

وكان أنجح تجارب شادي حبش السينمائية فيلم “عشم”، الذي شارك في عشرات المهرجانات السينمائية الدولية مثل الدورة السابعة من مهرجان وهران للفيلم العربي والمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا في المملكة المغربية، كما فاز بجائزتين من مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد مع  تنويه خاص من لجنة تحكيم المهرجان الدولي لأفلام الشرق في جنيف.

وقدم عَشّمْ ست قصص متشابكة خلال فترة ما قبل ثورة 25 يناير 2011 عارضًا قصص لستة علاقات في مراحل مختلفة تعبر عن الطموح والسعادة وخيبات الأمل، ويجمع بينهم “عشم” البائع متجول الذي يعبر عن قمة تفاؤله حول مستقبل مصر.

وتضمن سجل “حبش” السينمائي ستة أعمال فنية كلها كانت عام 2012، تحمل أسماء “المنور” و”عشم” و”علشان فريدة” و”عندليب” و”فستق” و”من النهاردة”، وشارك فيها أسماء شهيرة كأمينة خليل ومحمد خان وسلوى محمد علي. 

كان حبش قد حصل على لقب أفضل مصور “أندرجرواند” عام 2014، بعد أنحاز أعلى نسبة تصويت على صفحة “أندرجراوند ساركازم سوسايتي”،إحدى أهم المنصات الرقمية لدعم الفن البديل.

اقرأ أيضًا.. 9 مباديء لحماية السجناء في ظل انتشار كورونا

ودأب شادي على توجيه رسائل مليئة بالألم من داخل سجنه، يشكو فيها، من الوحدة داخل محبسه ويطالب بالدعم، قائلاً: “”السجن مابيموتش بس الوحدة بتموت.. أنا محتاج دعمكم عشان ماموتش.. في السنتين اللي فاتوا أنا حاولت أقاوم كل اللي بيحصلي لوحدي عشان أخرج لكم نفس الشخص اللي تعرفوه بس مبقتش قادر”.