كشفت مصادر أمنية مصرية عن أن العملية التي أسفرت عن مقتل 18 عنصرًا من خلية “بئر العبد” التابعة لتنظيم “ولاية سيناء” الموالي لـ “داعش”، أمس، تمت بعد ورود معلومات لأجهزة الأمن مفادها أن الخلية كانت تخطط لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية في شمال سيناء، بدءًا من اليوم الأحد، بعد استشهاد 10عسكريين مصريين في عملية إرهابية نفذتها الخلية أمس الأول، وأعلن “داعش” مسؤوليته عنها.
sss
ذكرت وزارة الداخلية المصرية في بيان أمس أنه تم قتل 18 إرهابيًا في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن، أثناء استهداف وكر لهم في محيط مدينة بئر العبد. وأوضحت الوزارة أنه تم العثور على 13 سلاحًا آليًا و3 عبوات معدة للتفجير وحزامين ناسفين.
ووردت معلومات لقطاع “الأمن الوطني” بالوزارة، مفادها اتخاذ عناصر إرهابية من منطقة بئر العبد وكرًا لاختبائهم، وأنهم يخططون لتنفيذ سلسلة عمليات إرهابية لاستهداف قوات الأمن والقوات المسلحة.
وداهمت قوات مكافحة الإرهاب الوكر، وحال وصول القوات، بادرت العناصر الإرهابية إطلاق الأعيرة النارية وتبادلت قوات الأمن النيران معهم، وأسفر ذلك عن مقتل العناصر الإرهابية.
وأوضحت المصادر أن “الأمن الوطني” قام بجمع معلومات تفصيلية عن العناصر الإرهابية التي تمت تصفيتها، وأن الأجهزة الأمنية قامت بإرسال فريق استطلاع أمني، وبتتبع العناصر الإرهابية وجمع معلومات تفصيلية عن الخلية، تم التحرك سريعًا.
وعُثر بحوزة أعضاء الخلية على كميات كبيرة من الذخيرة وأجهزة لاسلكي، وخطوط هواتف “غير مصرية”، وكميات من الذخيرة وكميات من مواد صناعة المتفجرات، وذلك قبل تنفيذهم عمليات إرهابية لاستهداف الأكمنة الأمنية في محيط مدينة بئر العبد قبل موعد الإفطار، ولكن الأجهزة الأمنية توصلت إلى مخططهم وأحبطته قبل تنفيذه.
عدو مجهول
استقدم الجيش المصري مساء أمس الأول، بعد وقوع حادث “بئر العبد”، حشودًا كبيرة من قوات الصاعقة كانت متمركزة داخل معسكرات في محافظة شمال سيناء إلى مدينة بئر العبد.
وعزز الجيش قواته في المدينة ومحيطها في أعقاب الهجوم الدموي، بالتزامن مع غارات جوية شنّها سلاح الجو المصري على أطراف بئر العبد، مستهدفًا نقاطًا كان عناصر من تنظيم “ولاية سيناء” متمركزين فيها.
من جانبه، أشاد “مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة” التابع لدار الإفتاء المصرية بالعملية النوعية التي قامت بها القوات المسلحة للرد على إقدام الجماعات الإرهابية على تفجير مدرعة بمنطقة بئر العبد بمحافظة سيناء.
مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة: القوات المسلحة تقدم الغالي والنفيس في سبيل حفظ أمن الوطن وسلامة أراضيه عبر قطع الطريق على الجماعات الإرهابية التي تحاول النيل من البلاد
وأكد المرصد أن “القوات المسلحة تقدم الغالي والنفيس في سبيل حفظ أمن الوطن وسلامة أراضيه عبر قطع الطريق على الجماعات الإرهابية التي تحاول النيل من البلاد، مثمنًا ثقة الشعب المصري بقواته المسلحة الراعية لأمن واستقرار مصر، ومؤكدًا على سمة الاعتزاز والكبرياء الذي ينظر به الشعب إلى أبناء القوات المسلحة خلال قيامهم بواجبهم الوطني في تطهير سيناء من أيدي العناصر الإرهابية التي تنفذ أعمالًا شيطانية تهدد أمن المجتمع المصري بكل فئاته.
ودعا المرصد القوات المسلحة إلى أن “تضرب بكل قوة من أجل اقتلاع هذه العناصر من أرض الكنانة وأن تكثف العمليات النوعية والاستباقية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن، مشددًا على أن كل ما تقوم به هذه العناصر الإرهابية إنما هو بهدف نشر العنف والخراب في المجتمع، وهو ما ينافي تعاليم الدين الإسلامي الحنيف”.
من جهته، قال الخبير العسكري اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، إن “العدو الذي نواجهه في سيناء عدو مجهول غير محسوس أمامنا وهذا سبب إطالة مدى الحرب على الإرهاب”.
وأضاف “فرج” أن الحرب على الإرهاب ستستمر فترة طويلة، لافتًا إلى أن الفكر المتطرف يمر بفترة كمون عندما تشتد عليه الضربات، يستغلها لتكوين خلايا عنقودية وتجنيد أفراد جدد وخلالها يقوم بعمليات جديدة، لإثبات التواجد حتى يظهر أمام من يقوم بتمويل عملياته، معتبرا أن الجماعات الإرهابية أخطأت باختيار توقيت العملية الارهابية في نفس التوقيت التي تبلغ المشاعر أقصي درجات الوعي بما يحدث .
عودة “داعش”
حذر مراقبون سياسيون من تصاعد عمليات تنظيم “ولاية سيناء” خلال الفترة المقبلة، بتوجيهات من قيادات “داعش” الذي بدأ ينشط بقوة في الآونة الأخيرة، في عدة مناطق على مستوى المنطقة منها العراق وسوريا، حيث ينفذ التنظيم الإرهابي سلسلة هجمات منسقة، جاءت بعد أن حوّل التنظيم مدينة بئر العبد في الأشهر الأخيرة إلى ميدان جديد لهجماته العسكرية ضدّ قوات الأمن المصرية والمتعاونين معها، بالإضافة إلى جبهات رفح والشيخ زويد ووسط سيناء.
مراقبون سياسيون يحذرون من تصاعد عمليات تنظيم “ولاية سيناء” خلال الفترة المقبلة، بتوجيهات من قيادات “داعش” الذي بدأ ينشط بقوة في الآونة الأخيرة
وإلى ذلك، تعددت هجمات التنظيم في “بئر العبد” بين استهداف مباشر لقوات الجيش أو اختطاف عناصرها على الطريق الدولي، بالإضافة إلى ملاحقة المتعاونين مع الأمن في مناطق المدينة كافة. وقد سجّل هجوم واحد في قلب المدينة استهدف مأمور قسم بئر العبد، إلا أنه لم يصب بأذى، فيما قتل مرافقه.
ونفذ تنظيم “ولاية سيناء” ” تهديداته التي نشرها على مدار الأشهر الماضية بجعل مدينة بئر العبد “هدفًا جديدًا” لهجماته ضدّ قوات الجيش المصري، في توقيت ومكان وطريقة صعبة، بحيث لا تتمكّن قوات الجيش من تفادي هذه الهجمات. علماً بأنّ الهجمات الأخيرة هي نسخ مكررة لهجمات كثيرة وقعت خلال السنوات الست الماضية، ما بين الهجوم على الكمائن أو تفجير الآليات أو قنص الجنود. وهذا ما شهدته بالفعل أخيراً مدن رفح، والشيخ زويد، وبئر العبد، بارتفاع أعداد القتلى نتيجة الهجمات.
ووفق المراقبين، يسعى “ولاية سيناء” من خلال هجومه الأخير إلى ضرب الصورة التي يحاول الجيش المصري رسمها لمقاتليه في أذهان الشعب، محاولًا إثارة الشكوك بأن الوضع على أرض الواقع قد يكون مغايرًا لما جاء في مسلسل “الاختيار” المعروض حاليًا، والذي حرص صُنّاعه على كتابة أسماء شهداء الحادث الأخيرة العشرة في “تتر” المسلسل قبل عرضه إثر العملية الأخيرة.
ويشير المراقبون إلى أن الخسارة الكبيرة نسبيًا تتضح أكثر من خلال بيان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة، والذي نادرًا ما يتحدث عن خسائر للجيش نتيجة الهجمات بسيناء منذ سنوات. وكذلك الحال في تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي حول الهجوم. وهو ما يشير إلى أنّ الهجوم يحمل رسالةً، ربما تتعدّى السعي لتحقيق خسائر مادية أو بشرية في صفوف قوات الجيش، وبالتالي كان لزامًا على الدولة المصرية الردّ على الرسالة بمواقف رسمية عاجلة، لم تتأخر كثيرًا بعد وقوع الهجوم.
وثمة مخاوف من تكرار الهجمات الدموية على قوات الجش والشرطة، التي تشن حربًا مستمرة منذ أعوام طويلة ضد التنظيمات المتطرفة الموجودة في سيناء، خاصة في ظلّ سعي الدولة المصرية من خلال وسائل الإعلام إلى رفع الروح المعنوية للمقاتل المصري في سيناء.