“كورونا.. القشة التي قسمت ظهر البعير”، هذه الكلمة خير وصف على المعاناة التي تعيشها النساء والفتيات المحاصرات في المخيمات، فما بين صراع من أجل البقاء، ورعاية للأطفال المصابين بصدمات نفسية وعصبية، زادت أزمة “كورونا” من معاناتهن، وكأن ما يعشنه كل يوم من مخاطر وعدم شعور بالأمان ليس كافيًا، لتأتي جائحة كورونا لتزيد منها .
sss
وفي مطلع مارس الماضي، عبر “صندوق الأمم المتحدة للسكان” عن قلقه إزاء أوضاع النساء والفتيات المحاصرات بسبب التدهور المتزايد للوضع الإنساني في سوريا، لا سيما شمال غربي البلاد، حيث تسببت الأعمال العدائية في نزوح جماعي ومعاناة بشرية وأضرار بالمرافق المدنية.
ويواجه القطاع الصحي صعوبات هائلة في حال انتشر الفيروس في المخيمات نتيجة الاكتظاظ السكاني الكبير وعدم القدرة على تطبيق العزل المجتمعي أو الطوعي لو ظهرت حالات مشتبه في إصابتها بالفيروس، إذ لا يمكن إجبار المريض على العزل في غرفة بعيدة عن العائلة بسبب الأعداد الكبيرة التي تسكن في الخيمة نفسها.
أول المضحين
مع انتشار الأوبئة والأزمات، تحتفظ النساء بالنصيب الأكبر من المأساة، حيث يقع على كاهلها جميع العواقب التي تخلفها الأزمات، سوء اقتصادية أو اجتماعية، ولكن عندمت نتحدث عن “نساء المخيمات”، فنحن نضيف لكل ما سبق المخاطر الأمنية وغياب المنظمومة الصحية من الأساس، وليس هشاشتها فقط، كما في بعض الدول .
ويشير العاملون في “صندوق الأمم المتحدة للسكان” إلى أنهم يتلقون العديد من البلاغات من النساء والفتيات في سوريا ما يفيد بعدم شعورهن بالأمان، بسبب تنامي خطر العنف. كما يطالبن بتوفير خدمات الوقاية وضرورة تقديم خدمات متسقة وذات جودة للناجيات من العنف.
وتقدر المنظمات الأممية عدد النازحين بنحو 960 ألف شخص منذ ديسمبرالماضي، 80 في المئة منهم نساء وأطفال، بينهم نحو 25 ألف امرأة حامل، في وقت تعطلت خدمات الصحة الإنجابية على ضوء الأحوال المتردية.
ويقول المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان لمنطقة الدول العربية، لؤي شبانة، “حين تصمت المدافع، فهذا لا يعني أن معاناة النساء والفتيات تتوقف، فتداعيات وآثار المعاناة وسوء المعاملة التي تتعرض لها النساء والفتيات تستمر لأمد بعيد”.
ويضيف :”المرأة هي أول من يضحي بصحته في أوقات الأزمات في سبيل صحة الآخرين، سواء كانت تفشياً لفيروس كورونا أو أي أزمة صحية أخرى، فهن يقدمن الدعم لكبار السن والأطفال، ويقع على عاتقهن التعامل مع تردي الوضع الاقتصادي لأسرهن”.
تحذيرات أممية
أكدت المديرة التنفيذية لـ”صندوق الأمم المتحدة للسكان”، ناتاليا كانيم، إن الوضع في سوريا حرج، لا سيما فيما يتعلق بالنساء والفتيات وتفاصيل حياتهن اليومية، ملايين النساء والفتيات يواصلن دفع ثمن باهظ لصراع لم يكن لهن دور في نشوبه.
ومنذ ديسمبر 2019 ، اضطر صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى إغلاق 7 نقاط لتقديم الخدمات تخدم 13000 شخص بسبب النزاع المتصاعد وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، وفي الفترة الماضية، ومع انتشار أزمة كورونا، اضطر مركزان صحيان وعيادتان متنقلتان، تخدمان حوالي 6000 شخص شهريا ، إلى التوقف عن العمل ، في حين تم تعليق العمل في ثلاثة أماكن آمنة توفر خدمات منقذة للحياة للنساء والفتيات في المنطقة .
وأبلغت القابلات العاملات في سوريا أن هناك زيادة حادة في حالات الولادات المبكرة والإجهاض والمواليد الجدد الذين يعانون من نقص الوزن،وتطلب الحوامل إجراء عمليات ولادة قيصرية خوفًا من دخول المخاض أثناء التنقل وبدون رعاية طبية، كما لاحظن أن العنف ضد المرأة أصبح “روتينيّا”.
وفي السنوات الثلاث الماضية، وصل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى 7.6 مليون شخص سوري متضرر في جميع أنحاء المنطقة من خلال الخدمات الصحية المنقذة للحياة، والوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له، يشكل الضغط المتزايد الواقع على النظام الصحي والخطر المستمر للهجمات ضد مرافق الرعاية الصحية تحديا لتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية ، ولا يزال خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي كبيرا.
ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك فجوة تمويلية تبلغ 57 مليون دولار لبرامجه في سوريا وأن حوالي 13 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك 3.4 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب.
نساء داعش
تضم مخيمات الاعتقال الواقعة بشمال شرق سوريا، العديد من أسر مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي سواء الذين قُتلوا أو تم أسرهم خلال المعارك، لكن هؤلاء الأسر من نساء وأطفال يعيشون حالة من الإحباط واليأس في ظل ظروف إنسانية صعبة وتفشي فيروس كورونا، بحسب ما نقلته “فويس أوف أمريكا” عن منظمات إنسانية تحدثت إليها سيدات المخيمات.
ويتركز الخطر في مناطق مختلفة من المخيم كملحق الأجانب، حيث يقيم أشخاص من جنسيات مختلفة (غير السورية والعراقية)، مع صعوبة إجراء مفاوضات بين مجموعات الإغاثة وسلطات المخيم.
وقالت إحدى النساء في مخيم “الروج” في رسالة أرسلتها إلى منظمة “FAVE” الكندية: “من الصعب التنفس، لدينا سعال شديد”، فيما قالت امرأة أخرى في مخيم الهول المجاور إنه لم يكن هناك ما يكفي من الماء لغسل أيديهم بانتظام، غير أن الاختلاط بين سكان المخيم مستمر، مضيفة: “نحن لا نفهم ما يحدث، لذلك الناس خائفون”.
وفي المقابل، ورغم التحذيرات والمخاطر المحيطة بالمخيمات في شمال سوريا،لا تزال بعض نساء داعش يتمسكن بأفكاره المتطرفة، حيث ظهرت نساء التنظيم في إحدى المقابلات التلفزيونية من أحد المخيمات في منطقة الحسكة السورية، ليؤكدن أن الوباء لن يصيبهن، وقالت إحداهن: “كورونا لا يصيب المسلمين، يصيب من ظلموهم، هو جندي من جنود الله!”.
يالله خذ
نساء داعش: كورونا لا يصيب المسلمين، يصيب من ظلموهم، هو جندي من جنودالله
لحظة
كأني سمعت هالكلام قبل، كورونا ينتقم للايغور، كورونا جندي من جنودالله، كورونا يفرض النقاب، يمنع الاختلاط..الخ
سمعته من ناس يعيشون بينا في وطنا العربي، داعش مجموعة معتقدات وحمل السلاح خطوة أخيرة pic.twitter.com/52CzReLrCp
— بن ثاني?? (@k_b_th) April 11, 2020 “>
وصول المساعدات
ترى منظمة الأمم المتحدة لحماية الأطفال يونيسف أن عمليات إغلاق الشركات والمؤسسات بسبب تدابير الحجر الصحي ستقذف بحوالى 8 ملايين شخص آخرين إلى براثن الفقر.
وقالت جولييت توما، المكلفة بالاتصال على مستوى الفرع الإقليمي لمنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “إن أكبر مخاوفنا تتعلق بالأطفال في أماكن مثل سوريا، اليمن وليبيا حيث أصبحت حياة هؤلاء الأطفال لا تطاق بسبب الصراع، والآن يضيف هذا الفيروس عبئًا مزدوجا”، مضيفة: “هذا هو قلقنا الأكبر وهذا هو المكان الذي كثفنا فيه بالفعل مساعدتنا الإنسانية”.
وأضافت :”هنا في الشرق الأوسط، تم إغلاق الحدود والمجال الجوي أيضا، ولكن على الرغم من كل ذلك، تمكنا من الحصول على إمدادات خاصة لعمال الخطوط الأمامية كمعدات الحماية الشخصية إلى الملايين من الأطباء والممرضات في جميع أنحاء المنطقة “.
واختتمت حديثها،”هذا الفيروس لا يعرف الحدود ولا يعرف الأعراق ولا يعرف إلى أي تيار سياسي يمكن أن يصطف، لذا فقد حان الوقت لإنهاء العنف، وآمل أن يستمر وقف إطلاق النار الذي دعونا إليه والذي قد يترجم إلى نهاية كاملة لهذه الحروب الوحشية على الأطفال في هذه المنطقة “، بحسب قناة “يورونيوز” .