يكشف الصعود الكبير لمبيعات حشيشة “الماريجوانا” في متاجر وصيدليات العديد من الدول الأوروبية وأمريكا، التنامي الكبير لاستهلاك المواد المخدرة في أوقات الحجر الصحي، ويدفع بمخاوف عالمية من تزايد أعداد المدمنين في عصر “ما بعد كورونا”.

sss

ومع تنامي حركة الاستهلاك العالمية للمواد المخدرة، ارتفع أداء أسهم شركات “الماريجوانا” حول العالم وعددها 35 شركة بنسبة 44% خلال ثلاثة أسابيع فقط، خاصة في الولايات المتحدة وكندا التي تضمان وحدهما 21 شركة مقيدة بأسواق المال.

حقق سهم شركة “كانوبي جروث” الكندية، التي تأسست عام 2013، ارتفاعات كبيرة منذ أزمة كورونا، ليستكمل سلسلة مكاسب الشركة التي قفزت أرباحها بنسبة 660 بالمئة في 2017، ووصل حجمها في بورصة “وول ستريت” الأمريكية إلى 5,5 مليار دولار، وفي بورصة “تورنتو” إلى حوالي 7,09 مليار دولار.

توقع تجار “الماريجوانا” أن يساهم التباطؤ الاقتصادي الناجم عن أزمة كورونا في دفع المسئولين الحكوميين بالعالم إلى سياسات التحفيز المالي، لتعويض فقدان الإيرادات الضريبية والوظائف، ما يجعل صناعة الماريجوانا لأغراض طبية أو ترفيهية أمام فرصة سانحة لوضع قدمها في كثير من مدن العالم.

وأقرت سبعة ولايات أمريكية تقنين استخدام الماريجوانا لأغراض ترفيهية قبل أربعة أعوام، وفي مقدمتها “كاليفورنيا” التي يُسمح فيها لكل من يبلغ 21 عامًا أن يشتري أونصة قنب هندي “30 جرامًا” بحد أقصى، بالإضافة زراعة حتى ستة شتلات منها، كما يفرض القانون على التجار ضريبة بقيمة 15% على بيعها.

وأجاز البرلمان اللبناني، قبل أيام، زراعة القنب الهندي “يسترج منه الماريجوانا والحشيش”، للاستخدام الطبي ولدوافع اقتصادية بحتة من أجل تقنين محصول يزرع بصورة غير شرعية في منطقة البقاع، وتحويله إلى مورد للتصدير لدعم اقتصاد في حاجة ماسة للعملات الأجنبية، ويعاني أزمة مالية تصيبه بالشلل منذ شهور طويلة.

يقول دانييل يي، كبير مسئولي الاتصالات في مجموعة “شاين جروب” المتخصصة في الماريجوانا بأمريكا، إن البطالة في مرحلة ما بعد كورونا ستكون مرتفعة للغاية، والمدن التي لم تفكر في قوانين الماريجوانا ستعيد التفكير فيها، حتى أن مجالس البلدية داخل خمس مدن أمريكية كبرى، تدرس خيار ترخيصها في اجتماعات أولها 12 مايو الحالي

ووفقًا لصحيفة “ميركوري نيوز” فإن بعض المدن الأمريكية ستطرح على الناخبين خلال نوفمبر مبادرة محلية لضريبة مبيعات القنب الهندي، مع نمو الانكماش الاقتصادي وبدء المزيد من الحكومات المحلية في البحث عن طرق لإعادة بناء اقتصاداتها المحلية المتضررة، وتشير تقديرات بأن يساهم تشريعه أمريكيًا بتحقيق نحو 70 مليار دولار عائدات ضريبية العام المقبل، ما يعادل 241 بالمئة من العائدات الحالية.

وتتوقع تقارير اقتصادية أن يزيد الإنفاق العالمى على “الماريجوانا” في جميع أنحاء العالم إلى 57 مليار دولار بحلول 2027 مقابل 10 مليارات حاليًا، وتضم استثماراتها عالميًا حاليًا مزارعين وموزعين وشركات معاونة أخرى وموردن، لتصبح واحد من الصناعات الأسرع نموًا بصرف النظر عن طبيعتها.

تتواتر التقارير الصحفية التي تتحدث عن لجوء الكثيرين من المعزولين في الحظر الصحي إلى تناول الماريجوانا والكحول والخمور والمهدئات، للهروب من حالات الإجهاد والضغط النفسي، خاصة في ظل عدم قدرة الكثيرين على ممارسة الرياضة أو التنزه كوسيلة لتحسين الحالة الوجدانية والتحرر من المشاعر السلبية.

ورصدت هيئة “جي إف كيه” الروسية للتسويق، ارتفاع مبيعات خمور “الفودكا” بنسبة 65% في الأسبوع الأخير من شهر مارس، بينما تلقى مركز إغاثة ضحايا العنف المنزلي خلال الشهر ذاته، 2537 بلاغًا عن تعرض زوجات للضرب، بزيادة 25% عن الأشهر العادية، وأغلبها جاء بسبب تناول الرجال للمخدرات أو خمور.

ونمت سوق توزيع المخدرات بكثير من دول العالم أثناء فترات حظر التجوال، ففي هولندا اصطف المئات في طوابير طويلة لشراء القنب الهندي قبيل الإغلاق العام، وشهدت دول أخرى طرق تحايل جديدة من أجل توصيلها للراغبين، كتهريب الكوكايين فى علب الكمامات الطبية فى “بيرو”، وتوصيل المخدرات في الدراجات البخارية الخاصة بالطعام فى إيطاليا.

ويتوقع الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي وعلاج الإدمان، تحول جزء كبير من سكان العالم إلى مدمنين مع طول فترة العزل المنزلي الخاص بفيروس كورونا، موضحًا أن الحالة النفسية وإدمان المخدرات يسيران معًا في خط واحد، وتربطهما علاقة طردية فكلما زاد الضغط النفسي كلما صاحب معه تعاطي المواد المهدئة.

أكدت دراسات بريطانية أن قضاء أسابيع من العزلة يؤدي إلى اضطرابات ما بعد الصدمة والاكتئاب والغضب والخوف والالتباس التي قد تصل إلى تعاطي المخدرات، وعدم الالتفات إلى التحذيرات التي تربط بين تعاطيها والإصابة بأعراض كورونا الشديدة لتدخين “الماريجوانا” يصعف ويميت خلايا بالرئتين مسؤولة عن إزالة الجراثيم واستجابة الجهاز المناعي.

يشير فرويز إلى أن تأثير كورونا النفسي واسع النطاق خاصة في ظل الأثار الناجمة عنه من ضغوط نفسية واقتصادية حادة على الأسر يتأثر بها كل إنسان حسب شخصيته، فهناك أنماط لديها قابلية عالية للاكتئاب وآخرون سيصابون بالرهاب الاجتماعي نتيجة الخوف من العدوى، وفريق ثالث سيكوباتي يمارس حياته بشكل طبيعي.

ويخشى علماء النفس من تفشي معدلات الإدمان بمصر في ظل أـزمة كورونا، فعدد المدمنين في المتوسط يمثل جوالي 10.4%، مقارنة بالمتوسط العالمي عند 5% من كافة عدد السكان، وغالبيتهم تعاطوا “الحشيش” الذي يعتبر أكثر المواد المخدرة انتشارا في مصر والوطن العربي.

ويقول فرويز إن الهدوء هو كلمة السر للتعامل مع الضغوط النفسية لأزمة كورونا، مقترحًا الأشخاص بالاستلقاء على السرير بدون وسادة في غرفة مظلمة وهادئة، والتنفس من الفم 20 مرة متلاحقة، ثم إغلاق العينين لمدة تبدأ من 5 دقائق فما فوق لمدة أسبوعين، للتحكم في الجهاز العصبي اللاإرادي وتقوية المناعة النفسية والعصبية.