مع اقتراب مصر من تسجيل 10 آلاف إصابة بفيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19، بدأت حالة من القلق والترقب تسيطر على المهتمين بالشأن العام والشارع المصري، في وقت أعلنت فيه الحكومة استمرار الإجراءات التى أعلنتها من قبل، لتغلق الباب أمام التكهنات التي بدأت تتحدث منذ بداية شهر رمضان ومع اقتراب عيد الفطر، بالتخفيف من تلك الإجراءات.

sss

ومنذ أمس وسؤال يطرح نفسه من الذي يتحمل المسؤولية عن ارتفاع تلك الأرقام؟، وهل المنظومة الصحية لديها القدرة على مواجهة أخطر السيناريوهات؟، وما هو السيناريو الأقرب للبلدان التى شهدت تفشي الفيروس؟، البعض رجح سيناريو إيطاليا وإيران، بينما تساءل آخرون عما الذي يمنع أن يكون السيناريو مثل الأردن الذي صُنف بأنه البلد الوحيد الذي لم يشهد إعلان حالات إصابة خلال الأيام الـ 8  الماضية، فى تجربة استثنائية لاقت استحسان الجميع.

اقرأ أيضًا:

بعد 100 يوم من ظهور كورونا.. إشادة عالمية بجهود مصر في مواجهة الوباء

ضعف الأدوات

بين مؤيد لمواقف الدولة فى أزمة “كورونا” وما اتبعته من إجراءات، وبين معارض لتلك الإجراءات اختلفت الآراء، الكاتب والمفكر السياسى الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، انتقد تحميل المواطنين المسؤولية عن ارتفاع حالات الإصابة.

وقال “الشوبكي” فى منشور له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “الحملة غير المسبوقة على وعي الشعب من قبل مسئوليين حكوميين وبعض الإعلاميين نادرة وغير مسبوقة في أي بلد في العالم، فوزيرة الصحة اعتبرت منذ اليوم الأول لظهور فيروس كورونا أن المشكلة في وعي الشعب، وجاء رئيس الوزراء وصرح اليوم بأن المشكلة في سلوكيات الناس وليست ساعات الحظر”.

اقرأ أيضًا:

بروتوكول فحص الأطباء.. مزيد من الضحايا !

 

وأضاف: “الحقيقة أن المشكلة في عدم توعية الناس وضعف الأدوات التي تستخدم في توعيتهم، وتراجع دولة القانون، فمن المسئول عن محاسبة المخطئين والمتجاوزين من الشعب أليست أجهزة الدولة؟، لماذا هناك حدة في التعامل مع  المجال السياسي ومحاسبة صارمة مثلا لكل من يخالف قانون التظاهر ويترك الأمر على البحري فيما تيعلق بتطبيق الحظر أو بسلوكيات الناس في التعامل مع كورونا؟”.

وتابع “الشوبكي”: “الفرق بيننا وبين النظم غير الديمقراطية المتقدمة كالصين إنك هناك لو انتقدت النظام السياسي ستعاقب ولو كسرت إشارة مرور وخالفت القواعد القانونية والصحية ستعاقب أيضًا، لايمكن أن تكون صارمًا في مجال ومتساهلًا لدرجة التسيب في مجال آخر”.

ولكن ” الشوبكي”  شدد على “أن الدولة والشعب في مركب واحد في هذه الأزمة، ولا أجد أي معني لكلام المسئولين عن تحميل الشعب المسئولية، لأن الدولة تعرف بديهية أن كل شعوب الدنيا بما فيها الشعب المصري لايولد واعي إنما يتوعى من خلال دور الدولة ومؤسسات المجتمع الأهلي والإعلام وكفي التكرار اليومي لهذا الكلام المسئ عن الشعب غير الواعي”.

اقرأ أيضًا:

لدعم السلامة العامة.. مبادرة «الصحة -تويتر» نهج جديد لإدارة الأزمات

استراتيجية واحدة

في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، جدد الدكتور علاء غنام، مسئول ملف الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، دعوته بضرورة أن تكون المواجهة من خلال الطب الوقائي والعلاجي.

“غنام” علق قائلا: “إدارة الوباء المنتشر مجتمعيًا الوقائي والعلاجي يجب أن تكون فى إطار استراتيجية واحدة متكاملة كما قلنا مبكرا”، مضيفا “مستشفيات الحميات وكذا الصدر هما خطوط أساسية تم إهمالها من عهد الأسره التالتة اللي ودتنا ليناير ٢٠١١”.

 

اقرأ أيضًا:

“علاء غنّام”: نظامنا الصحي مناعته قوية ولن ينهار أمام كورونا لهذه الأسباب

وفى إشارة إلى سوء أوضاع تلك المستشفيات يقول “غنام”: “الآن بندور نصلحهم ونشجرهم ونجهزهم، وبنكمل عملتهم بنقلهم من الوقائي للعلاجي ودي شكلية وهيبقي فيهم العزل والعلاج معا”.

ويري “غنام” أن مستشفيات العزل لن تكون مفيدة مستقبلا لسبب بسيط، وهو عدم الإفادة منها بعد المرحلة الأخيرة من الانتشار”.

 وتأكيدًا لما يردده البعض قال “غنام” “إنه من الثابت من استقراء الوضع أن كورونا عدى على كثيرين من غير أعراض واضحة”، محذرًا من أن ذلك لا يعني التهاون والرهان على ذلك، معربًا عن تفاؤله قائلا :” كما قلت منذ شهر تقريبا، نظامنا الصحي رغم كل المخاطر لن ينهار، ويجب دعمه الآن بكل إمكانيات البلد سواء قطاع خاص أو أهلي”.

495 حالة جديدة

وأعلنت وزارة الصحة والسكان، اليوم الجمعة، تسجيل 495 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليًا للفيروس، بينها أجنبيان، وذلك ضمن إجراءات الترصد والتقصي التي تُجريها الوزارة وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، لافتة إلى وفاة 21 حالة جديدة، ليبلغ إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد، هو 8476 حالة من ضمنها 1945 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل والحجر الصحي، و 503 حالات وفاة.

14 قرارًا للحكومة

وأصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بشأن الاستمرار في تطبيق الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة فيروس “كورونا” حتى نهاية شهر رمضان.

القرارات التى أعلنها رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفي الخميس، شملت 14 قرارا ، نصت المادة الأولى من القرار، على أنه مع عدم الإخلال بأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 940 لسنة 2020، يُحظر انتقال أو تحرك المواطنين، بكافة أنحاء الجمهورية، على جميع الطرق من الساعة التاسعة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحًا؛ استمرارًا لجهود الدولة في المحافظة على صحة المواطنين، ودرءًا لأية تداعيات محتملة لفيروس “كورونا المستجد”، مع السماح بالحركة الضرورية المرتبطة بالاحتياجات الطارئة التي يقدرها مأمورو الضبط القضائي.

وفي بداية كلمته قال “مدبولي” أن مصر اختصت منذ بدء الأزمة بتجربة تميزت بها عن العديد من دول العالم، وهو ما أعلناه أكثر من مرة من حرصنا على تحقيق التوازن بين صحة المواطن وتجنيبه الإصابة بهذا المرض، وفي نفس الوقت الحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد المصري بقدر الإمكان.

وأضاف “الحكومة المصرية لم تحبذ سيناريو الغلق الكامل أبدا، وكنّا حريصين أن نسير بالتوازي في الاتجاهين وهو ما أدى الحمد لله أنه لم يحدث أي نوع من الندرة أو اختفاء للسلع، والمواطن شاهد على ذلك، وهو ما نحرص عليه كدولة بالتعاون مع كل أجهزة الدولة من تغطية احتياجاتنا على الأقل لمدة 6 أشهر من السلع الاستراتيجية”.

وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى ما تداوله البعض مؤخرا من أن الحكومة قد تلجأ إلى أن تقدم موازنة تقشفية أو إنكماشية للعام المالي المقبل، لافتا إلى أنه من الطبيعي في ظل هذه الأزمة أننا كحكومة عندما نقدم الموازنة الجديدة تكون تقشفية حتى نتعامل مع تداعيات الازمة وضغطها الكبير على موازنة الدولة، لكن ما حدث هو العكس تماما، لأننا نضع نصب أعيننا أهمية دوران عجلة الاقتصاد وأنه لابد للاقتصاد المصري أن يستعيد عافيته بعد انحسار هذه الأزمة، ولابد من الاستمرار على خطى التنمية والتقدم التي حدثت خلال السنوات الثلاث الماضية.

وصرح رئيس الحكومة قائلا ” أنه لابد لنا كحكومة ومواطنين أن ندرك أنه كلما تأخرت عجلة الاقتصاد في العودة إلى ماكانت عليه، سبب ذلك ضغوطا أكبر على الدولة وعلى الحكومة وعلى الاقتصاد، وبالتالي من الممكن أن يدفعنا ذلك إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، والإجراءات الصارمة هنا ليس المقصود بها زيادة ساعات الحظر، ولكن ستبدأ الحكومة في دراسة الاجراءات الاقتصادية التي من الممكن اتخاذها من أجل التخفيف من هذه الخسائر ، وبالتالي لا بد أن نطرح هنا التساؤل الذي يمثل شغلنا الشاغل كحكومة بشأن الخطوات التي من الممكن اتخاذها خلال الفترة المقبلة من أجل ضمان عودة الاقتصاد وعجلة الانتاج إلى ما كانت عليه”.

دفاعًا عن الحكومة

ودافع ” مدبولي” عن حكومته قائلا لقد  اتخذت الحكومة كافة الاجراءات التى من شأنها السيطرة على فيروس “كورونا”، وبما يضمن عدم انتشاره بشكل كبير، مثلها فى ذلك مثل الدول على مستوى العالم، موضحاً أن هناك عددا من الدول قفز بها عدد المصابين إلى عشرات الالاف فى اليوم، وعدد الوفيات بالالاف، مشيراً إلى أن الدولة عملت من اللحظة الاولى على تأخير وتأجيل عملية تفشى الفيروس بشكل واسع، واتخاذ ما يلزم من إجراءات فى هذا الاطار، منوهاً إلى حجم الاصابات التى حدثت فى بعض الدول التى انتشر بها الفيروس فى نفس التوقيت الذى بدأ ينتشر به فى مصر، وانها كانت بنسبة أكبر مما يحدث فى مصر، قائلا: “إنه بالرغم من ارتفاع الاصابات خلال الايام القليلة الماضية إلا أن الوضع ما زال فى نطاق قدرات الدولة المصرية.

وشدد رئيس الوزراء على استمرار تطبيق كافة الاجراءات الاحترازية والوقائية التى تم اتخاذها من الحكومة فى إطار التعامل مع أزمة فيروس “كورونا” منذ أول رمضان، وتنفيذها بشكل صارم وجاد من خلال كافة الجهات المعنية، مضيفاً أنه سيتم الاعلان بنهاية شهر رمضان المعظم عن مجموعة من الاجراءات والاشتراطات الواجب اتباعها لممارسة كافة الانشطة المختلفة سواء فى اماكن مغلقة أو مفتوحة، مشيراً إلى أن ذلك سيتضمن عقوبات سيتم تطبيقها على المنشآت أو المواطنين المخالفين لهذه الاجراءات والاشتراطات.

وأكد رئيس الوزراء على أن المسئولية تقع خلال هذه الفترة على المواطن المصرى، مشدداً على اهمية أن يحافظ المواطن على سلامته الشخصية وصحته وصحة أفراد أسرته قائلا :” أنه تابع وزملاؤه فى الحكومة ما تم رصده من دعوات بأهمية قيام الحكومة باتخاذ اجراءات احترازية أشد من المطبقة حالياً، والتعامل مع المواطنين بطريقة أكثر حزماً وشدة، وذلك تزامناً مع حدوث زيادة فى أعداد المصابين بفيروس “كورونا” مؤخراً، مؤكداً فى هذا الصدد على أن الموضوع ليس مرتبطا بعدد ساعات الحظر، بل المشكلة الحقيقية هى سلوكيات المواطنين فى التعامل مع الاجراءات الاحترازية قبل ساعات الحظر، وهذا هو التحدى الكبير، مجددا التأكيد على ضرورة وعى المواطنين بخطورة هذا الفيروس والاصابة به، وخطورة ذلك علي الفرد وأسرته، وما يستلزم من قيام كل شخص بتطبيق اجراءات التباعد الاجتماعى، وارتداء الكمامات وخاصة فى الأماكن المزدحمة، هذا إلى جانب مختلف الاجراءات الصحية والوقائية التى تضمن عدم الاصابة بهذا الفيروس.