هل هناك خصوصية ما عندما تضع إحدى القنوات الفضائية اسم بلد ما على الشعار الخاص بها؟، كذلك تقديم مواد موجهة لشعب هذا البلد؟، وتناول قضاياه والتعبير عنه؟، وترجمة أعمال عن الواقع المعيش، فضلًا عن تبني أنماط مثيرة في الطرح الإعلامي؟، وهل هناك ميثاق شرف يحمي اسم الدولة مما ترفضه فى محتوى هذه القنوات؟، وما هي معايير اختيار المواد المعروضة ومن ثم بثها للجمهور.

sss

فى ظل الاستثمار فى الإعلام، ظهرت خلال السنوات الأخيرة قنوات فضائية ، تحمل اسم مصر ضمن شعارها، منها ما أغلق ومنها ما لايزال يعمل إلى الآن، وتبث هذه القنوات موادًا لا تخرج عن الشأن المصري، منها قناة “إم بي سي مصر”، ولكن ما شكل ما يُقدم فى هذه القناة؟.

تكال الاتهامات لقناة “إم بي سي مصر”، ببث مواد تحاول الترويج لنظرة نمطية عن المجتمع المصري، حيث تدور أفكار أكثر المواد المقدمة خاصة في شهر رمضان من كل عام، حول التركيز على إبراز “التهريج” وتعمد الإهانة والسخرية من فئات بعينها، إلى غير ذلك، على أنها منطلقات ثابتة لسلوك المواطنين.

هذا العام لا يختلف عن سابقيه، حيث تبث القناة برامج يقول بعض المتابعين أنها تعتمد إهانة الشعب المصري، لا سيما ما يقدمه برنامج “رامز مجنون رسمي” وما يظهر به من تنكيل وإهانة للضيوف وإبراز للسادية والعنف، فضلًا عن برنامج “خللي بالك من فيفي” الذي يُتهم بأنه يسخر من فئات في المجتمع، بالإضافة إلى برنامج “اغلب السقا”، الذي يُصور المصريين على أنهم محتاجون للتبرعات ومتعطشون للأموال. 

رامز مجنون رسمي

برنامج المقالب الذي يقدمه رامز جلال هذا العام عبر “إم بي سي مصر” تحت عنوان “رامز مجنون رسمي”، كان له نصيب الأسد من حجم الانتقادات حتى وصل الأمر للقضاء، حيث يتهم البرنامج بترويج السادية كنزعة سلوكية، فضلًا عن تنميط ممارسة العنف والسخرية من الآخر.

تحول “رامز” في سنوات قليلة إلى صاحب أكبر برنامج للكاميرا الخفية يتابعه العالم العربي، ويهتم به الكثيرون ومن العام للعام يأتي الممثل الشاب بأفعال لتخويف ضيوفه- وهم من المفترض أنهم أصدقاؤه- وممارسة كافة أعمال التخويف والأذى النفسي والمعنوي من أجل إضحاك المشاهدين فى البيوت ومتابعة ما يمكن أن يحدث وردود أفعال الضيف رجل أو امرأة، وتوصيل فكرة أنه تم خداع الضيف خداعًا كاملًا.

اقرأ أيضًا:

” ذوو الهمم” في الأعمال الفنية.. بين التنمر و إبراز القدوة

وبغض النظر عن جدية ما يحدث، وهل من المؤكد أن الضيف على علم بالمقلب المخطط له أم لا، وأنه حصل على مبلغ مقابل ظهوره فى البرنامج، والتحايل فى النهاية لإجبار الضيف على مسامحة الممثل الشاب الذى كان يتنمر عليه منذ دقائق ويصفه بالكثير من المواصفات ويسخر تارة من ملابسه وتارة من أدائه وتارة من أحداث سابقة، حيث قدم الفنانة غادة عادل فى أول حلقات رمضان وهو يعلن “دخلت نادي المطلقات هذا العام” وتعبيرات أخرى للسخرية من مظهرها أو ملابسها أو مشكلاتها الشخصية دون خجل أو تخوف.

برامج “رامز” بدأت في 2011 حيث اتخذت ملامح الكاميرا الخفية التى اعتيد على تقديمها فى شهر رمضان، ويعد تطويرًا فظًا لها، وكانت البداية “رامز قلب الأسد” وانطلقت بعدها البرامج وقد اتخذت ام بي سي مصر التي انطلقت فى 2012 منصة لتقديم برامج “رامز” التي بدأت على قناة فضائية أخرى مصرية ولم يستمر دعمه فيها، وقامت إم بي سي مصر بالتعاقد معه لتقديم برنامجه على مدار 8 سنوات تحت عناوين مختلفة “رامز بيلعب بالنار، رامز تحت الصفر، رامز فى في الشلال، رامز قرش البحر”.

القناة الحاصلة على ترخيص أجنبي من سلطة دبي للمجمعات الإبداعية تحت رقم 30391 وتوجد إدارتها بمدينة دبي للإعلام سبق وأن خاطب المجلس الأعلى للإعلام الشركة المصرية للأقمار الصناعية “نايل سات” للاستعلام عن مصدر الإشارة لبث القناة، والقمر الصناعي المستقبل لها، وأفادت بأن البث ينطلق من دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى القمر الصناعي الأجنبي “عرب سات” ويتم نقل الإشارة الواردة من الخارج عبر القمر الصناعي المصري، نايل سات، عبر حيز فضائي مؤجر لشركة إم بي سي.

خلى بالك من فيفي:

السخرية من فئات معينة في المجتمع المصري، كان على رأس الاتهامات التي وجهت لبرنامج “خللي بالك من فيفي” الذي تقدمه الفنانة “فيفي عبده” على القناة ذاتها، الأمر الذي دفع المجلس القومي للمرأة إلى الوقوف ضده.

ويُصنف البرنامج ضمن برامج المنوعات والترفيه، حيث يروي استقبال النجمة ضيفًا من أصدقائها الفنانين، يبدو المقلب أقرب إلى الكاميرا الخفية، حيث يعتمد فى الأساس على السخرية والتنمر من خادمة سمراء حيث تتعرض يوميًا للإهانة وسوء المعاملة أمام المشاهدين حيث تقوم بدور عاملة ممسوسة، وفقا لسيناريو البرنامج، وتبدأ حالة من التهريج من البطلة المعلقة على أداء العاملة بطريقة فظة حين تدخل فى نوبة صرع.

وتقدم المجلس القومي للمرأة برئاسة مايا مرسي، بطلب للمجلس الأعلى للإعلام حول البرنامج الذى يسخر من مرضى الصرع وإهانة المرأة .

اغلب السقا:

الانتقادات حول مواد القناة لم تتوقف، وتواصلت لتشمل برنامج “اغلب السقا” الذي رافقته اتهامات بمحاولة إظهار المصريين على أنهم في حاجة للمال، وأنهم يتسولونها.

البرنامج الذى يعرض الآن على القناة أيضًا، وهو برنامج ترفيهي كما تصفه القناة فى تقديمها، وهو النسخة العربية من برنامج “best the star” حيث تناول منافسة وتحدي بين الفنان أحمد السقا، وعدد من النجوم، ويحصل الفائز على مبلغ 100 ألف جنيه مصري، ويتبرع بها لإحدى الجمعيات الخيرية داخل مصر، وتقدم البرنامج الفنانة رزان مغربي.

واستضاف حتى الآن كلا من محمد هنيدي ونيللي كريم، ونوال الزغبي وحمادة هلال وعمرو يوسف وقصي خولي ومايا دياب، وعمرو سعد، وبعيدًا عن طبيعة المنافسة والاختبارات الغريبة الخاصة بالبرنامج ما بين السقا وضيوفه، فى حلقة الأربعاء الماضي الموافق 12 رمضان وأثناء صعود “السقا” إلى وسيلة ترفيهية مرتفعة في الهواء ضمن فقرات المسابقة، واضعا بين قدميه كرة سلة يقذفها داخل شبكة أثناء التأرجح لتحسب له نقطة، انقطع الحبل فى نهاية اللعبة  فسقط “السقا” على الأرض لفترة ورفض أن يمس أحد قدمه حتى أتى المساعد الخاص به وتعامل مع قدميه، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول الأمان الخاص بالفنانين والتعرض للإصابات مقابل برنامج ترفيهي.

استمرار العرض

فى الوقت الذى رفضت فيه محكمة القضاء الإداري، الدعوى المقامة من قبل عدد من المحامين لمنع بث برنامج “رامز مجنون رسمي” وهي الدعوى المقامة من فهمي بهجت المحامي، وحملت رقم 39636 “، وجاء فى نص الحكم على لسان محامي القناة أن المحكمة اطلعت بنفسها على بعض حلقات البرنامج ولم تجد فيها ما يضر بالأمن القومي المصري، أو يحض على العنف والتمييز كما نصت الدعوى المرفوعة، كما قالت المحكمة، إنه عمل فني يمارس فيه مقدم البرنامج بعض الدعابات مع الضيف، وقد استندت الدعوى إلى قيام مستشفى الصحة النفسية بالعباسية بإصدار تقرير يفيد التأثير الضار للبرنامج على الأسرة المصرية والطفل، ومطالبين بسرعة وقفه.

اقرأ أيضًا:

دراما رمضان”.. غاب الآباء وحضر الأبناء بقوة

وأوضحت أن الدستور المصري فى المادة العاشرة منه حرص على حماية المجتمع والأسرة، حيث نص على أن “الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيامها”.

وفي نفس التوقيت الذى أعلن فيه البعض عن مقاطعة البرنامج الذى يحصل على وقت عرض متميزًا تزامنًا مع أذان المغرب، ما يضمن مشاهدته بنسب عالية، أعلنت القناة عدم وقف البرنامج من الأساس، وأنه تم تصويره خارج مصر وتنتجه شركة غير مصرية ويحقق نسب مشاهدة مرتفعة.

ويعتمد البرانامج على فكرة التنكيل بالضيوف، حيث يتم تكبيل الضيف على كرسي وكهربته، وطرح أسئلة هدفها الأول استفزازه وإحراجه، ومن ثم تعذيبه كعقاب له.

برامج مثيرة

انطلقت القناة فى 9 نوفمبر 2012 وهي قناة متخصصة تابعة لقنوات “إم بي سي” السعودية، وخلال فترة قليلة استطاعت التواجد بقوة على ساحة البرامج المصرية، وقدمت عدة برامج اشتهرت بها، وخصت بها نفسها، من برامج الأطفال اكتشاف المواهب فى العالم العربي، والذى التف حوله الكثريون، وبرامج ساخرة ساعدتها الظروف التي مرت بمصر، والمرحلة الانتقالية في الانتشار، منها البرنامج الساخر لـ”باسم يوسف”، وكانت تلك البرامج غير المعتادة على المشاهد المصري نسخ من برامج أجنبية عالمية، وخلال أوقاتها ومواسم عرضها كانت تحتوي على عددا من النجوم الجذابين للمشاهد العربي.

وفى مايو 2014 راهنت القناة على نوع جديد من المسرحيات التليفزيونية، التي قدمت وجوها شابة جديدة للمشاهد المصري والعربي، وحققت فى البداية نجاحا ملحوظا كما قدمت حلقات منفصلة من تلك المسرحيات التي خرج الآن أبطالها كنجوم صف أول يقدمون كأبطال لمسلسلات رمضانية بغض النظر عن المضمون أو المادة المقدمة أو طبيعة موهبة الفنان الذى يكتفى باسمه كسلعة يقبل عليها الجمهور.

وكان أهم تلك الفرق “مسرح مصر”، الذى قدمه الفنان الكبير أشرف عبد الباقي، ثم اختفى بعد عدد من المواسم واستمر البرنامج الذى أصبح عملا يحضره الجمهور وتذيعه القناة بشكل أسبوعي، ومن خلاله ظهر عدد من الفنانين الشباب أبطالا لمسلسلات وإعلانات الآن، منهم مصطفي خاطر ومحمد ربيع، في حين إن بعض أفراد الفرقة الموهوبين حقًا يحصلون على أدوار ثانية فى أعمال أخرى، مثل حمدي ميرغني الذى يكتفي بدور ثان فى مسلسل “فالنتينو” مع النجم الكبير عادل إمام.

وبخلاف البرامج الخاصة بالمنوعات والمسرح، أظهرت “إم بي سي مصر” ركنًا جديدًا لا علم لهدفه سوى تواجد منافسة خاصة بين فريقيين، بحضور وإشراف فنانين يتم التعاقد معهم من خلال برامج المسابقات، منها “إسأل العرب” عام 2016 قدمته المطربة مايا دياب- حيث تعتمد القناة فى سياستها كما هو واضح على مذيعات عرب من جنسيات مختلفة-، ويهتم البرنامج بتفاعل الجمهور مع كل سؤال، أيضًا برنامج “قوي قلبك” وهو برنامج ترفيهي تشارك فيه عدة دول منها مصر،، كما كان برنامج” كاش او سبلاش” يعرض حصريًا على القناة، وقدمته المصرية نجلاء بدير، التي عرفت من البرنامج وانطلقت إلى النجومية والفن بعدها، وتقوم الفكرة على استضافة فنانين للمنافسة على الأسئلة الغريبة، لا ترقى حتى إلى معلومات عامة، أيضًا برنامج “الحلم”، والذى لا يزال له مواسمه ويقوم على فكرة مسابقة من خلال إرسال رسائل بإجابات قصيرة ويقدم جوائز مالية كبيرة، وفى إحدى الحلقات أحضر البرنامج مواطنًا مصريًا يتحدث عن حلمه بالمكسب وفكرة الربح المفاجىء والاعتماد على لعبة الحظ.

ميثاق شرف

منذ سنوات كتب الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز “أننا بحاجة إلى ميثاق شرف لحماية الجمهور والمشاركين من تلك البرامج مع مراعاة ما يعرف بقاعدة الإنصاف وهي قيمة من قيم الإعلام الرشيدة بألا يقع أى ضرر على أى طرف”.

وذكر “عبد العزيز” أن “برنامج رامز سيكون عنوانًا لمرحلة إعلامية وفنية بكاملها، شهدت إنتاج سلسلة أعمال أذيعت عبر سنوات تلعب على أبشع نزعات الضيوف الخوف، وأسوأ سمات الجمهور الازدواجية”.

وأضاف “عبد العزيز” “أنه على الرغم من أن البرنامج يصعد كل عام على مسرح العقاب ويجمع قدرا كبيرا من الانتقادات والشتائم والبلاغات لكنه يتصدر قوائم المشاهدة”، كما وضع فى السلة الجميع كل بدوره ما بين المنتج والقناة التي تعتبر أن ارتفاع نسبة المشاهدة أمرًا جيدًا، والفنان الذكر، والجمهور المشاهد رغم أنه ينتقده، والضيوف البراجماتيون.

تغير شعار القناة التي انطلقت فى 2012 من “بدية جديدة لحلم كبير” إلى مصر فقط، ووضعت عدة إعلانات انتشرت أيضًا فى الشوارع المصرية يظهر من خلالها بائع خضروات وكتب اسم مصر كبيرًا على مكان ممتلئ بالطماطم ليصبح الاسم بطلا رئيسيًا.