مازال وباء كورونا يسيطر علي العالم، ويثير كل يوم مفاجأة جديدة، أخرها ما كشفت عنه منظمة الصحة العالمية، بأن الفيروس الذي أصاب أكثر من 3.8 مليون شخص حول العالم حتى الآن انتقل عن طريق الخفافيش، ويمكن أن ينتشر بين القطط، في وقت قدرت فيه المنظمة وقوع أكثر من 45 مليون ضحية، خلال عامه الأول في إفريقيا وحدها، والتي تعاني من كارثة طبيعية منذ أمس، تسببت فيها فيضانات بوقوع خسائر في الأرواح بـ 5 دول شرق القارة.

sss

وأعلن خبير سلامة الغذاء وأمراض الحيوانات في منظمة الصحة العالمية “بيتر بن امبارك”، – في مؤتمر صحفي، نقلته وكالة “بلومبرج” الإخبارية – أن “كورونا” يأتي من مجموعة من الفيروسات التي ولدت أو انتشرت داخل الخفافيش، ولكنه ليس من الواضح أي من الحيوانات هي التي نقلت الوباء المستجد بعد ذلك إلى الإنسان.

مهمة مستحيلة

بحسب ما كشف عنه “امبارك” فأن الفيروس ربما وصل إلى البشر من خلال الاتصال بحيوانات يتم تربيتها للتزود بالغذاء، رغم أن العلماء لم يحددوا بعد أي نوع من الحيوانات مسؤول بالدرجة الأولى عن نقل المرض، وأظهرت بعض الدراسات أن القطط والنُمُوسٌ أكثر عرضة لفيروس كوفيد-19 ثم الكلاب بدرجة أقل دون تحديد ما إذا كان بإمكان هذه الحيوانات نقل المرض إلى الإنسان.

اقرأ أيضًا:

الموت بالفقر أم الرحيل بـ”كورونا”.. الأفارقة بين خيارين أحلاهما مرُ

تصريحات خبير منظمة الصحة جاءت لتدحض الاتهامات الأمريكية والتي أعلنها ترامب في وقت سابق، بأن الفيروس خرج من مختبر صيني، وتؤكد ما يقوله العلماء بأن مصدر الفيروس هو حيوان، وربما انتقل إلى البشر في نوفمبر من العام الماضي.

بحسب ما كشف عنه “امبارك” بالمؤتمر فأن منظمة الصحة العالمية أرادت إجراء المزيد من الأبحاث على الحيوانات في مهمة سابقة إلى الصين، لكن إغلاق مركز تفشي المرض في ووهان جعل المهمة مستحلية.

 

يأتي الإعلان في وقت ينتظر العالم الكشف عن لقاح كعلاج للفيروس الذي أوقف الحياة بشكل تام، بينما بدأت بلدان في التخفيف من الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها للحد من تفشي الوباء.

بالتزامن، جددت منظمة الصحة العالمية، تحذيرات من تسجيل نحو 190 ألف وفاة في أنحاء أفريقيا في العام الأول من تفشّي وباء كورونا، إذا فشلت التدابير اللازمة لاحتوائه، متوقعة أن يمتد زمن تفشي الوباء لبضع سنوات.

وتعد قارة أفريقيا من أقل قارات العالم تضررًا من انتشار كورونا، والذي أعلنته منظمة الصحة العالمية، وباءً في مارس الماضي.

 

اقرأ أيضًا:

“رئة إفريقيا” تواجه كورونا بدون أجهزة تنفس صناعي

وتوقعت منظمة الصحة العالمية إصابة ما بين 29 مليونًا إلى 44 مليون شخص في قارة أفريقيا في العام الأول لانتشار المرض، مشيرة إلى أن ما يصل إلى 5.5 مليون شخص من هؤلاء المصابين سيحتاجون إلى العلاج في المستشفيات، وهو رقم من شأنه أن يربك القدرة الطبية لمعظم دول قارة أفريقيا.

وبحسب جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، فقد وصلت أعداد المصابين بكورونا حول العالم، منذ بدء تفشي الفيروس في ديسمبر كانون الأول الماضي 2019، وحتى الجمعة الماضية، إلى أكثر من 3 ملايين و866 ألف شخص، فيما بلغت أعداد الوفيات أكثر من 270 ألف حالة وفاة على مستوى العالم.

جاءت تقديرات الخبراء بناءً على نماذج للتنبؤ بانتشار الفيروس، والتي تركز على 47 دولة في منظمة الصحة العالمية تقع في أفريقيا، لكن ليس من بينها مصر، أو ليبيا، أو تونس، أو المغرب، أو إريتريا، أو السودان، أو الصومال، أو جيبوتي.

وفي كل أنحاء قارة أفريقيا، سجل مركز السيطرة على المرض سقوط نحو ألفي وفاة، في حين سقط نحو 140 ألف حالة وفاة في أوروبا الغربية، التي سبقت القارة السمراء في ظهور الوباء بعدة أسابيع.

فيضانات مدمرة

وبينما تستعد دول القارة السمراء، لتحذيرات المنظمة الدولية، ضربت الفيضانات المدمرة منطقة شرق أفريقيا، أول أمس، وأودت بحياة مئات الأشخاص في 5 دول هي كينيا وأوغندا والصومال ورواندا وإثيوبيا، وشرَّدت آلافاً آخرين.

جرفت الفيضانات طرقا وجسورا ومستشفى بأوغندا وبلدة بالكامل في الصومال في وقت ضاعفت فيه الأمطار الغزيرة التي سقطت في مختلف أنحاء شرق أفريقيا متاعب.

اقرأ أيضًا:

القارة السمراء مثيرة للشفقة.. أنظمة صحية متهاوية في مواجهة “وباء العصر”

وأعلنت وسائل إعلام محلية ودولية، عن تجريف الفيضانات طرقاً وجسوراً ومستشفى بأوغندا وبلدة بالكامل في الصومال في وقت ضاعفت فيه الأمطار الغزيرة التي سقطت في مختلف أنحاء شرق أفريقيا متاعب الحكومات التي تبذل جهوداً مضنية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19).

وفي إثيوبيا تضررت المنطقة الصومالية في شرق البلاد أكثر من غيرها من الفيضانات التي شردت أكثر من 100 ألف شخص، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وفي الصومال المجاور لقي عدد من الأشخاص حتفهم عندما جرفت المياه بلدة صومالية صغيرة بالكامل في إقليم بلاد بنط.

وتشير إحصائية للبنك الدولي صادرة عام 2015 إلى أن أكثر بلدان جنوب آسيا وأفريقيا تعيش فقرا مدقعا، وهما المنطقتان اللتان تضمان معاً 85% من فقراء العالم، بنحو 629 مليون شخص.

“فاو” يحذر من الجراد

وفى كارثة طبيعية، أخري ارتبطت بالفيضان، حشدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) جهودها لاحتواء موجة الجراد الصحراوي في شرق أفريقيا على الرغم من القيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد-19.

وأفادت الفاو بأن موجة الجراد الصحراوي تشكل قلقًا خاصة في إثيوبيا وكينيا والصومال، حيث تشكل تهديداً على الأمن الغذائي حيث يعاني 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في دول شرق أفريقيا الست الأكثر تضرراً، وهي إثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب السودان وأوغندا وتنزانيا.

وتقدر الفاو أن عدد الجراد يمكن أن يزيد 20 مرة خلال موسم الأمطار القادم ما لم يتم تكثيف عمليات المكافحة.

اقرأ أيضًا:

انتهاكات “الإغلاق”.. تحاصر المهمشين والفقراء بجنوب إفريقيا

وأثر وباء كورونا على المساعدات الإنسانية للمنظمات الدولية، بدرجة كبيرة، حيث اكتفت الدول الكبرى ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين وهي الدول الأبرز لتقديم المساعدات لبلدان القارة، إضافة إلى تغلغلها الاقتصادي في قلبها، خلال السنوات الأخيرة.

وتكافح القارة السمراء بالفعل في مواجهة كارثتين متزامنتين: تفشي وباء «كورونا» القاتل، وانتشار أسراب الجراد المهلكة، مع معاناة المنطقة في الأثناء ذاتها من الهطول غير المتوقف للأمطار الغزيرة بصورة استثنائية غير معتادة، مع الفيضانات التي تهدد مظاهر الحياة في كل بقعة من إثيوبيا وحتى تنزانيا، وكافة ما بينهما من بلدان، حسبما يرى بوبي غوش الصحفي الهندي، والمحرر الرئيس لمجلة تايم- خلال مقال مطول، نشرته جريدة الشرق الأوسط.

يصف “غوش” منطقة شرق إفريقيا بالأكثر حيوية من الناحية الاقتصادية في القارة ، ربما يُضاف إلى مزيج الكوارث الثلاثية المذكورة كارثة رابعة، ألا وهي: ندرة موارد الطعام.

ويؤكد “غوش” أن الدلائل تشير إلي أن الأسوأ فيما هو قادم، فمن المتوقع للأجواء المناخية الرطبة الراهنة أن تدفع بأسراب جديدة من الجراد الشره مع حلول فصل الصيف المقبل، تماماً مع بدء موسم حصاد المحاصيل الزراعية، حيث تتطلب مكافحة أسراب الجراد كميات هائلة من المبيدات الحشرية وجيشاً من العمال لاستخدامها، غير أن تفشي وباء «كورونا» الراهن يعيق البدء في هذه الجهود؛ إذ يسبب التأخير في وصول شحنات المبيدات الحشرية ومعدات الرش المطلوبة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الشحن حالياً.

الصين تقتنص الفرصة

وفقا لما أوضحه “غوش” فإن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» تٌطالب بتأمين مبلغ 153 مليون دولار من أجل مساعدة البلدان في شرق أفريقيا، جنباً إلى جنب مع السودان واليمن، على مكافحة أسراب الجراد المندفعة، وحتى الآن لم يتم التعهد بتأمين أو تسليم إلا ثلث المبلغ المذكور للبلدان المعنية، غير أن مكافحة نقص الموارد الغذائية الذي تفاقم بسبب الفيضانات العارمة، سوف تستلزم توفير المبالغ المالية الأكثر من ذلك بكثير. 

وكشف “غوش” في مقاله عن أزمة تواجه توفير الأموال في الوقت الذي عجزت فيه المؤسسات الدولية للحكومات الإفريقية، مستندا إلى أن بعض الحكومات الأفريقية تقول إن الصين تطالب بالسيطرة على الأصول الحكومية الاستراتيجية لدى تلك البلدان، في مقابل التخفيف من الديون المستحقة عليها نهائياً، بينما تخشى بعض جهات الإقراض الأخرى من أن أي اعتبارات يتقدمون بها إلى البلدان الأفريقية المدينة سوف تصب في صالح المقرضين الصينيين في خاتمة المطاف.