كأن “فيس بوك”، قررت إشعال فتنة – عن قصد أو بدون – وخلق حالة من الغضب والجدل، بالإعلان عن تشكيل مجلس لرقابة المحتوى على المنصة ذات الانتشار الأوسع على مستوى العالم، حيث تُضم ما يزيد عن ملياري مستخدم من مختلف البلدان.

sss

ردود الأفعال المتباينة حول مجلس “فيس بوك” الرقابي، جاءت بسبب الأسماء التي تشكل منها الكيان الجديد للإشراف على ما يُنشر، والتوجهات والتيارات التي عليها هذه الشخصيات، وما قد ينتج عن ذلك في آلية التعامل والقرارات التي تصدر ومدى ضمان عدم وجود انحياز لجهة أو فصيل بعينه.

رفض الانتقاد

المحامي الحقوقي نجاد البرعي، رفض الانتقادات للمجلس المشكل من “فيس بوك”، حيث رأى أنه استشاري وليس تنفيذي، وليس له حق المراقبة على المنشورات، ولكنه يضع القواعد العامة المتفقة مع القيم السائدة في كل المجتمعات والثقافات بما يجب أن ينشر فقط.

ولفت “البرعي” في تصريحات خاصة إلى أن هذا المجلس سيقدم المشورة فقط، والاختيار جاء من ثقافات مختلفة منهم علمانين، ملحدين، ومسلمين، ومسيحين.

وأوضح أن توكل كرمان حاصلة على جائزة نوبل للسلام، وغير متوقع أن تفرض توجهها على مجلس بالكامل، وهذا ليس معقول، وقول إنها “إخوان عيب، هى عربية، ولا تملك حتى فرض رؤيتها حتى العقائدية”.

ويري المحامي الحقوقي أن هذا المجلس سيضع قواعد عامة مجردة، تراقب على أساسها المنشورات التي تحض على الإرهاب أوغيرها، ويراعي الثقافات المتنوعة والتي يمثلها الأعضاء.

خطر وتحويل مسار

الدكتور خالد منتصر، رفض قرار شركة “فيس بوك” بتشكيل مجلس رقابي من بين الأعضاء فيه الناشطة توكل كرمان، لأنه سيحول مسار أهم وسيلة تعبير اجتماعي في العالم.

وأكد “منتصر” في تصريحات خاصة لمصر 360، أن اختيار كرمان يعني إعلان انحياز “فيس بوك”  للإخوان بينما يكتوى بنارهم، ولا يحترمون حقوق الإنسان، وستصبح المعركة الفكرية غير متكافئة؛ لأن منتقدو الجماعة فى حالة خرس أمام ماكيناتها.

واستطرد: “سيتم تزييف الوعى وغسل الأدمغة لقبول إرهاب الإخوان على أنه حرب تحرير، وقرار تعيين توكل كرمان رقيبة على عقولنا هو بمثابة احتلال فكرى وذهنى، وشلل فى كل مفاصل التغيير، وإغلاق لآخر نافذة تغيير سلمية أمام طلاب الاستنارة ومحررى العقل من الدوجما والفاشية”.

وشدد على أن النخبة المثقفة فى أوروبا وأمريكا جاهلين بخطر الإخوان حتى هذه اللحظة، برغم التفجيرات والاغتيالات التى تحدث عندهم، ما زالوا لا يعرفون أن (داعش) وُلد من رحم الجماعة، ويعتقدون أنهم فصيل وطنى ولا يعرفون أنهم لا يعترفون بأوطان أو حدود.

غياب معايير

رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية، سعيد عبدالحافظ، تحدث عن أنه وقع عليه ضرر من “فيس بوك”، بحظر صفحته دون أسباب واضحة، سوى أنه نشر فيديو يتحدث عن علاقة الإخوان بالمخابرات البريطانية.

وتساءل عبد الحافظ : إذا ما كان التعامل بهذا الشكل قبل تشكيل مجلس رقابي فكيف سيكون الوضع بعده، خاصة في ظل وجود شخصيات مرفوضة وعليها علامات استفهام كثيبرة بسبب توجهات مثل توكل كرمان؟”.

وتابع: “ما نريد التحفظ عليه أن المعايير غير واضحة للأشخاص الذين تم اختيارهم لا سيما وأن المجالس العالمية والمؤسسات على هذا المستوى، يجب أن يكون لديها حياد ومستقلة وغير متعصبة لفئة أو تيار بعينه، وهذا ما عهدناه في الشخصيات الدولية من قبل”.

وفي تصريحات لمصر 360 يقول عبد الحافظ: “تحفظي على شخصية توكل كرمان؛ لأنها منحازة بوضوح وتنتمي لجامعة الإخوان وتعادي الدولة المصرية دون موضوعية، وتشوه الحقائق والأحداث اليومية في مصر”.

وواصل: “فيس بوك نافذة لملايين البشر متنوعي الفكر والآراء، ووجود شخصية مثل كرمان، تجعلني غير متفائل بمستقبل هذه المنصة، وفي القريب لن تكون نافذة حقيقة، بل ستصبح مملوكة لشخص غير متسامح ومنحاز، ولن نشعر بالأمان وبياناتنا تحت شخصية توكل كرمان التي تعمل ضد المختلفين معها في الرأي”.

فخ الانحياز

تحدث الحقوقي محمود فؤاد عن أن منصة “فيس بوك” سقطت في الفترة الأخيرة في فخ الانحياز اختيار شخصيات محسوبة على تيارات متشددة ذات توجه ديني أو سياسي.

وأشار إلي أن هناك استنكار لاختيار (فيس بوك) مجموعة تشكل مجلس رقابي منهم متعاطفين مع فكرة الإرهاب بشكل عام، واليمين المتطرف الذي بدأ في الصعود في الفترة الأخيرة بشكل كبير.

وقد عيّن «فيس بوك»، يوم الأربعاء الماضي، 20 شخصاً من جميع أنحاء العالم للعمل على ما سيكون فعلياً «المحكمة العليا» على شبكة التواصل الاجتماعى، وستختص المحكمة بإصدار أحكام بشأن نوع المشاركات التى سيتم السماح بها وما يجب إزالته، وتضم القائمة تسعة أساتذة قانون، وحاصلين على جائزة نوبل للسلام، وصحفيين، ودعاة حرية التعبير، وكاتباً من معهد كاتو الليبرالى… إلخ

تعليمات حكومات

“اختيار توكل لم يتفق عليها شعبها ويعتبر انتهاك لمنطقة شرق أوسط تحديدًا”، هكذا أوضح رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، محمد عبدالنعيم، حيث أن هذا قد يتماشى مع سياسة فيس بوك ولكن لا يصلح مع المنطقة العربية؛ لكون الجميع يعلم من هى توكل كرمان، ولا تصلح أن تكون من ضمن مجلس الحكماء.

وتابع : “فيس بوك تُعادي عدد كبير من رواد المنصة، وهناك ملايين يرفضون وجود كرمان في المجلس الرقابي، واختيار شخصية لها أجندات وتخدم توجهات معينة ومخططات إرهابية، يشير إلى منصة التواصل الاجتماعي الأشهر عالميًا والأوسع انتشارًا، بدأت تنفذ تعليمات حكومات ضد أخرى، وأجندة لتقسيم لشرق الأوسط”.

واختتم: “هذا ليس موقع التواصل اجتماعي الذي نعمله وشاركنا فيه لكونه لا يدعم أجندات سياسية، ويكفل جميع الحريات وديمقراطية وشفافية”.