يترقب الجميع عودة حركة المطارات إلى العمل، بعد أن تأثرت رحلات الطيران بتداعيات فيروس كورونا، وانخفضت إلى أكثر من 95 في المئة، بينما يري خبراء أن عودتها، مرتبطة بشكل رئيسي بانخفاض ملحوظ في أعداد الإصابات والوفيات بسبب الفيروس، والذي أصاب نحو 200 دولة في العالم، وفرض معه عزلة بين الدول، في وقت كشفت فيه تقارير إعلامية عن قيام شركة طيران إيرانية واحدة تسببت في انتشار كوفيد-19 في أنحاء الشرق الأوسط، منتهكة بذلك قرارات حظر فرضتها دول عدة.

sss

وفقا لما أكده خبراء لـ شبكة سي أن بي سي الأمريكية مع متخصصين في الرعاية الصحية وصناعة السياحة لفهم المخاطر الطبية، فأنهم اتفقوا على أن الأمر سيستغرق فترة ما بين 18 شهرا إلى عامين، قبل أن تعود حركة السفر إلى طبيعتها.

ويرى الخبراء أن صناعة السفر ستخضع في غضون ذلك، إلى تغييرات ضخمة جدا، إضافة إلى الفحص الأمني، سيخضع المسافرون لفحص طبي للتأكد من خلوهم من الفيروس، وسيبدأ السياح في قضاء عطلاتهم في الأماكن القريبة من بلادهم أو من بيوتهم، ولن يسافر الكثير إلى أماكن بعيدة.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة أبحاث تركز على سوق السفر تدعى “لونغوودس إنترناشيونال”، أن 82 في المئة من الأمريكيين غيروا بالفعل خطط سفرهم لمدة ستة أشهر قادمة بسبب كورونا، نصفهم قالوا إنهم ألغوا تماما رحلاتهم، وذلك وفقا لمسح على ألف أمريكي بالغ، في حين انخفض عدد المسافرين في الولايات المتحدة أقل من نحو مئة ألف مسافر عبر الجو في جميع أنحاء الولايات يوميا.

اقرأ أيضًا:

سماء محظورة ومطارات بلا مسافرين.. شركات الطيران العالمية “في مهبّ الرِّيح”

وبدأت شركات الطيران تطلب من المسافرين ارتداء كمامات الوجه، كما بدأ البعض في تنفيذ التباعد الاجتماعي داخل الطائرة من خلال إخلاء المقاعد المتوسطة.

ولا تزال العديد من شركات الطيران تلغي الرحلات الدولية التي كانت ستقوم بها خلال فصلي الصيف والخريف المقبلين، في حين أعلنت دولا أخري عن استئناف استقبال الرحلات.

استئناف استقبال الرحلات

ذكرت سلطات الطيران المدني الفلبينية أن مطار مانيلا الدولي سوف يسمح باستئناف استقبال رحلات الطيران المؤجرة (الشارتر) والتجارية الدولية في أيام محددة اعتبارا من غد الإثنين.

وأصبحت الفلبين ثالث دولة، بعد الصين وإيطاليا، تطبق إجراءات عزل عام مشددة وحجرا صحيا في المنازل، على الرغم من أنها لم تشهد سوى أعداد قليلة من حالات العدوى والوفاة، مقارنة بالبلدان التي اتخذت إجراءات مماثلة.

وقالت هيئة الطيران المدني، في بيان أوردته وكالة بلومبرج، إنه سوف يتم السماح لرحلات الطيران المؤجرة الدولية القادمة من الخارج بالهبوط في مطار نينوي أكينو يومي الإثنين والخميس، بينما سوف يتم السماح للرحلات التجارية بالهبوط في الأيام الأخرى من الأسبوع.

اتهامات لإيران

بحسب تحقيق أجرته ” بي بي سي” عن تسبب شركة طيران إيرانية واحدة – شركة طيران ماهان – في انتشار كوفيد-19 في أنحاء الشرق الأوسط، منتهكة بذلك قرارات حظر فرضتها دول عدة، حللت بيانات تعقب الرحلات وتحدثت إلى مصادر داخل طيران “ماهان” لإيضاح كيفية تحدي هذه الشركة، لمئات المرات، قرارات حظر حكومية بين أواخر يناير ونهاية مارس، من خلال تسيير رحلات من وإلى إيران والعراق والإمارات العربية المتحدة وسوريا.

اقرأ أيضًا:

سماء القارة السمراء خالية.. الطيران الإفريقي على حافة الانهيار

وفقا للتقرير الذي تضمن اتهامات لم تستجب شركة طيران ماهان لطلب بي بي سي للتعليق عليها، منعت دول عدة الرحلات القادمة من إيران في فبراير، ومارس، بعدما أصبحت بؤرة وباء للفيروس في الشرق الأوسط، لكن شركة الطيران واصلت رحلاتها رغم ذلك، ما أدى لانتقادات لها بالمخاطرة بصحة المسافرين والطواقم الجوية، وأُسكت أفراد الطاقم بعد تهديدهم بالإحالة إلى القضاء، عندما عبروا عن مخاوفهم من العدوى.

تقول الشركة وهي قطاع خاص ولديها ارتباطات بفيلق الحرس الثوري الذي يتمتع بنفوذ كبير في إيران، وهو فرع من القوات المسلحة الإيرانية إنها تملك 55 طائرة، وتنقل سنوياً قرابة خمسة ملايين مسافر إلى 66 وجهة حول العالم.

باستخدام بيانات خطوط الرحلات والتحدث مع مصادر في لبنان والعراق، استطاعت بي بي سي عربي تأكيد أن أولى حالات الإصابة بكوفيد-19 في هذين البلدين كانت لمسافرين في رحلات طيران ماهان.

وفي 19 فبراير الماضي، سافر طالب إيراني في رحلة طيران ماهان من العاصمة الإيرانية طهران إلى مدينة النجف في العراق، وقد سُجل كأول حالة رسمية للإصابة بكوفيد-19 في 24 فبراير في البلاد.

وأفاد التقرير أنه في 20 فبراير الماضي، عادت امرأة لبنانية في الحادية والأربعين من عمرها إلى العاصمة اللبنانية بيروت بعد زيارة مدينة قم، في رحلة طيران ماهان، ولكنها في اليوم التالي سُجلت كأول إصابة مؤكدة بالفيروس في لبنان.

ورغم هاتين الحادثتين اللتين أثارتا غضباً في البلدين كليهما، واصلت شركة طيران ماهان رحلاتها.

ارتفاع تذاكر السفر

شهدت الأشهر الماضية، ركود في الاستثمارات المتعلقة بالطيران، وتهاوت أسهم شركات السياحة والسفر نظرا لإلغاء عقود مستقبلية، وفي مفاجأة غير متوقعة، أعلن عدد من رجال الأعمال زيادة استثماراتهم في هذا المجال من بينهم رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس الذي توقع بإن أسعار النفط سترتفع في وقت قريب، وأن شركات الطيران والسياحة سوف تعاود الانتعاش بعد انقشاع جائحة فيروس كورونا التي تسببت في توقف عجلة الاقتصاد حول العالم.

تأتي تصريحات “ساويرس” عكس توقعات كثيرين عن الاقتصاد العالمي بينهم الملياردير الأمريكي “وارين بافيت” الذي أعلن أن شركته باعت حصتها في شركة طيران في الأيام الماضية.

اقرأ أيضًا:

الإغلاق الكامل.. ضرورة صحية “ممنوعة” بأمر الاقتصاد

بحسب توقعات رجل الأعمال المصري التي جاءت ضمن تصريحات لشبكة  “سي إن بي سي ” الأمريكية، الأربعاء الماضي، فإن أسعار النفط سوف تقفز قريبًا، متوقعا أن يتجاوز سعر البرميل حاجز الـ 100 دولار خلال عام ونصف العام، وازدهار قطاعات الطيران والسياحة والإنترنت، قائلا: “مع كل أزمة يكون هناك فرصة، يمكنك الذهاب وشراء (أسهم) شركة طيران اليوم مقابل دولار إذا كنت تتحمل ديونها”.

واتفق طارق نحلة شريك المسؤول عن قطاع النقل والمدن الذكية في الشرق الأوسط لدى Deloitte مع ما طرحه ساويرس، وكشف بأن دراسة حديثة لجهات الطيران تشير إلى ارتفاع أسعار التذاكر بنسبة 50% لطائرات البدن النحيف، و67% لطائرات البدن العريض في حال تطبيق إجراءات التباعد على الطائرة.

وقال نحلة في مقابلة مع “العربية” إن الأسعار مرشحة للزيادة على بعض الوجهات تبعا مع تراجع المنافسة في سياق خروج بعض الشركات من بعض الخطوط أو من المنافسة، على وقع تداعيات جائحة كورونا التي ضربت القطاع بشدة.

وأشار إلى أن قطاع الطيران يشهد واحدة من أشد الأزمات تسببت في توقف أغلبية الأساطيل عالميا، مؤكداً حاجة شركات الطيران الماسة للحصول على دعم الحكومات، وهو الدعم الذي سيؤثر على مدى عمق الأزمة ومدى التعافي منها، في حين تشير إحصاءات بخسارة 24 مليار دولار من رحلات الركاب جراء جائحة كورونا.

مصر تشغيل للطيران الداخلي

وفي محاولة لبحث التنسيق والتعاون، عقد وزراء الطيران المدني والسياحة والآثار والصحة المصريون اجتماعا موسعا، الاثنين الماضي، استعدادا لبدء تشغيل الطيران الداخلي، في ضوء ما اتخذته الدولة من قرارات وإجراءات احترازية ووفقا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، واستعراض الضوابط والإجراءات الاحترازية التي وضعتها وزارة الطيران داخل المطارات المصرية، وعلى متن الطائرات مع بدء عودة السياحة الداخلية، وكذلك آليات تخفيف التكدس بالمطارات المصرية، وبخاصة أماكن الكاونترات والجوازات، وأماكن التفتيش الأولى لدخول الركاب والمصاعد الكهربائية داخل المطار.

اقرأ أيضًا:

بعد فضّ تجمهرهم بالقوة.. جهود مصرية لإعادة المصريين العالقين بالكويت

وقرر الاجتماع اتخاذ عدة ضوابط داخل هذه الأماكن وذلك بوضع مسافة آمنة لا تقل عن مترين بين كل راكب بما يكفل الحماية الصحية وتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية بالمطار، وعلى متن الطائرات، وكيفية تعامل الأطقم الطائرة خلال الرحلات.

الاجتماع جاء في إطار قرار الحكومة بفتح التشغيل بالمنشأت الفندقية بمعدل تشغيل يبلغ حده الأقصى 25 بالمئة من الطاقة الاستيعابية للفنادق، على أن تزيد إلى 50 بالمئة بعد أسبوعين وذلك اعتبارا من 15 مايو الجاري، مع الحفاظ على تطهير وتعقيم كافة مناطق العمل والعاملين بانتظام وبشكل مستمر.

كما تم وضع إجراءات للتعامل بين الأفراد وطرق تقديم الخدمات بشكل عام، ووضع الإرشادات التوعوية فى كافة أماكن العمل من أجل ضمان السلامة الصحية ومنع انتشار العدوى، وفقا لتعليمات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

وفي الوقت الذي توقع الطيار جاد الكريم خبير الطيران المدني، أن الطيران الخارجي يحتاج إلى وقت طويل كي يعود كسابق عهده، حيث ستبدأ الحركة للمسافر المضطر والسياحة الفردية والأعمال، أما سياحة المجموعات فسوف تحتاج أيضاً إلى وقت طويل كي تعود المعدلات الطبيعية.

وقال المهندس إسماعيل أبو العز رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية السابق: “بعد ما مرور 3 أشهر من بدء انتشار الفيروس ووقف حركة الطيران أثبتت الأرقام أن الإصابات في تزايد وهذا يؤكد أن وقف السفر بين الدول لم يقلل من انتشار الوباء”.