تدور التساؤلات حول إجراء مصر تجارب سريرية لإجازة دواء أو جهاز طبي، بشكل فردي أو بالمشاركة مع دول أخرى، دون وجود تشريع منظم لذلك، بعد رفض قانون البحوث الإكلينيكية والطبية وعودته إلى مجلس النواب، لإجراء تعديلات عليه، إلا أنه لم يخرج إلى النور مرة أخرى حتى الآن.

sss

والنقاش الدائر وسط تخوفات عن إمكانية إجراء تجارب بدون القانون المنظم، وما الأضرار التي قد تنجم، وعن كون هذا يعرض الدولة إلى الدخول في قضايا بانتهاك حرمة جسد بغير علم أو موافقة للشخص، والآثار الجانبية للتجربة.

شروط إجراء التجارب السريرية

عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، الدكتور أحمد حسين، قال إن التجارب السريرية التي تسبق إجازة دواء أو جهاز طبي ليست مرفوضة، ولكنها تتم في إطار قانون وإجراءات واضحة وشفافية بالأخص مع الأشخاص الأصحاء التي تتم عليهم التجارب في المرحلة الأولى.

وشدد “حسين” في تصريحات لـ”مصر 360″ على أن “من يجرى عليهم التجارب يجب أن يكونوا على علم بالهدف منها وطبيعة الأدوية والأضرار الجانبية، وأيضًا يتلقون مقابلًا ماديًا حسب الفترة المستخدمة”.

اقرأ أيضًا:

على أعتاب المرحلة الخطرة.. هل الرهان على الوعي والطب الوقائي ما زال كافيًا؟

وأكد “أنه لابد أن يكون الباحثين القائمين على التجارب السريرية في تخصصم ولديهم خبرات سابقة”، مشيرًا: إلى أن “السؤال حول ما إذا  كانت وزارة الصحة تتبع القوانين وأخلاقيات المهنة عند إجراء التجارب أم لا؟”.

وتابع “من ضمن حقوق المريض أن يعلم طبيعة مرضه وأعراضه وطبيعة العلاج المقدم له والأعراض الجانبية وأحقيته في الموافقة أو رفض العلاج وكذلك عن الفحوصات الطبية المختلفة”.

ولفت إلى أن “مصر لم يُصدر بها حتى تاريخه قانون التجارب السريرية، والحديث عن خروجه في دور الانعقاد الحالي للبرلمان دون تفاصيل”.

تأخر كثيرًا

قانون التجارب السريرية مهم للصحة والبحث العلمي، هذا ما أكده الدكتور محمد غنيم، رائد زراعة الكلى، خاصة في ظل إجراء اختبارات سريرية كبرى على دواء “افيجان” لعلاج المصابين بفيروس كورونا المستجد.

وشدد “غنيم” في تصريحات صحفية، على أن “إقرار قانون التجارب السريرية تأخر كثيرًا، ونحن تحدث عنه منذ عام، ويأتي تجديد الحديث عنه في وقت بالغ الصعوبة”.

الأسبوع المقبل

الدكتورة إيناس عبدالحليم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، نوهت بأن هناك تعديلات تجرى على قانون التجارب، وسيتم عرضه في جلسة عامة ثم إحالته إلى مجلس الدولة.

وواصلت “عبدالحليم” حديثها – في تصريحات لـ”مصر 360″: “القانون موجود ولكن إصداره في هذه الفترة يحتاج إلى ترتيبات، ومن المرجح أن يخرج للنور الأسبوع المقبل وعلى الأغلب لن ينتهي دور الانعقاد الحالي دون وجوده”.

أما عن إجراء تجارب دون وجود قانون، فأشارت عضو صحة البرلمان، إلى أن هناك لجنة من أساتذة الجامعة مشلكة من عام 2005 في وزارة صحة، تجيز الأبحاث التي تتم خارج نطاق مؤسسات علمية.

وأكملت: “الأبحاث السريرية موجود في كل الجامعات، ويتم اتخاذ كل الإجراءات من خلال اللجنة المشكلة، ولابد من رأي المريض قبل إجراء التجربة، وكل ذلك يتم وفقًا للبروتوكولات العالمية”.

ونفت إجراء أي تجربة إلا بإجازة موضحة: “يتم الحصول على جميع الموافقات، والقانون الموجود في البرلمان الهدف منه تعيميم الاختبارت في مصر كلها، في وجود هيئة مشرفة على ذلك”.

وأوضحت: أنه “عندما يكون هناك وباء مثل كور ونا أو غيره يتم اعتماد بروتوكول عالمي ونحن جزء منه، ويوجد 22 بحثًا في الجامعات المصرية يجري العمل عليها للتوصل إلى عقارللفيروس المستجد”.

وحول إمكانية قيام أي شخص بمقاضاة الدولة لإجراء تجارب دون موافقة أو في ظل عدم وجود قانون، أكدت أنه “لا يحق لأحد أن يرفع قضية؛ لأننا نعمل بطريقة صحيحة، ونحن في وضع استثنائي”.

استثناء الطوارئ

الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، أوضح أن عدم وجود قانون ينظم إجراء التجارب مشكلة، لأن ما يجري حاليًا لا ينطبق عليه  حالة تجارب سريرية، مؤكدًا أنه يجوز في حالات الطوارئ القصوى تجربة علاج جديد دون وجود تشريع.

ولفت “الطاهر” في تصريحات خاصة إلى أن “هذه الأدوية علاج كورونا جربت في دول أخرى، ولها نتائج، ومصر تعمل بذات الطريقة، سواء كلوروكلين أو أفيجان أو غيره من العقاقير التي تُعالج فيروسات أخرى بالفعل”.

اقرأ أيصًا:

الأبحاث المدرسية والتكنولوجيا.. لماذا تقدم العالم وتأخرت مصر؟

وكان مجلس النواب أقر قانون التجارب السريرية في مايو 2018، وأرسله للرئيس ليصدق عليه، إلا انه اعترض عليه، وأعاده إلى البرلمان متضمنا 15 ملاحظة على القانون ليشكل المجلس لجنة خاصة فى بداية دور الانعقاد الرابع لدراسته.  

وتمثلت أبرز الاعتراضات التى تضمنها خطاب الرئيس للبرلمان، “المواد الخاصة بصلاحيات المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية، في المواد (4-5-9-11-20-22)، واشترطت موافقة المجلس الأعلى والجهات القومية والرقابية وجهاز المخابرات العامة على بروتوكول البحث وكذلك التفتيش عليه قبل تنفيذه، وهو أمر سيعطل البحث العلمي في مصر في ظل الأعداد الكبيرة للبحوث سنويًا سواء الخاصة برسائل الماجستير أو الدكتواره أو غيرها، وبالتالي يستحيل متابعة كل هذه الأبحاث من خلال المجلس الأعلى إلا من خلال اللجان المؤسسية”.