مع اقتراب الدورة العادية والأخيرة لمجلس النواب المصري، والمنتظر أن تنتهى قبل 10 يناير 2021، لم يٌحسم  بعد الموقف من مشروعات قوانين تشكل ضرورة وأهمية بالغة لتنظيم الحياة السياسية فى البلاد، وجاء فيروس كورونا ليزيد معه صعوبات عقد الجلسات، وبالتالي التأخير فى إصدار تلك القوانين والتى بلغت وفق رصد عدد من المنظمات 16 قانونًا.

sss

وفقًا للقانون فإنه نص على أن تجري الانتخابات لمجلس جديد قبلها بستين يومًا على الأقل، أى خلال نوفمبر القادم، وحتى لا تتداخل المواعيد أو تضطرب التوقيتات الدستورية، فعلى المجلس مسؤولية الانتهاء من القوانين التى بحوزته، ويجب الانتهاء منها بحسب دستوريين قبل بداية شهر أكتوبر المقبل.

16 قانون فى العهدة

بحسب ما رصده  المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، فإن هناك 16 قانونًا فى عهدة البرلمان قبل فض الفصل التشريعي، عليه الانتهاء منها.

وكشف رامى محسن، مدير المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، أن المركز قد أجرى دراسة واسعة حول القوانين المتبقية فى عهدة البرلمان والتعديلات التي يجب إدخالها على التشريعات الحالية لتتلاءم مع أحكام الدستور الجديد.

وقال “محسن” فى تصريحات صحفية، إن على البرلمان الانتهاء من حزمة التشريعات الخاصة بالانتخابات، لاسيما قانون انتخاب مجلس النواب، وأيضا مجلس الشيوخ والدوائر الانتخابية، كى تكتمل المنظومة النيابية فى مصر، مضيفا أن القانون الحيوي الذي لم يصدر طيلة عمر البرلمان هو قانون الإدارة المحلية، والذي بسبب تأخره فقدت مصر المجالس المحلية التى تحتاجها فى هذا التوقيت الحرج.

اقرأ أيضًا:

عودة مجلس الشيوخ : تكرار لسياسة “الصمت” و انعدام الصلاحيات أمام الحكومة

وطالب البرلمان بتعديل قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 ليتوافق مع الدستور ويكون تشكيل الأحزاب بمجرد الإخطار، وقانون مكافحة التمييز والتى نصت المادة 53 من الدستور على إصداره ، وكذلك قانون العدالة الاجتماعية والتي منحت المادة 8 من الدستور مهلة عام لإصداره وهذا ما لم يحدث.

وأشار “محسن” إلى أنه بالرغم من أن الدستور حظر ندب القضاة وفقًا للمادة 184 و188 ، لكن لم يصدر المجلس قانون تنظيم ندب القضاة حتى الآن، وقانون الإجراءات الجنائية الذي قام المجلس بتعديله في تنظيم حالات الطعن بالنقض ولم ينظر المجلس إلى التعديل الذي يتوافق مع الدستور بعمل درجة جديدة من الطعن بالاستئناف على أحكام الجنايات ، وغيرها من القوانين التي بها التزامات دستورية لم يقم المجلس بإصدرها، موضحًا أن هناك قوانين أخرى تنتظر مناقشة البرلمان مثل تعديل قوانين التعليم وفقًا لنص مواد 19، 24، 25، حيث نص الدستور على “أن التعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية”، وفقاً للقانون.

وفقا لما رصده المركز فإن هناك قوانين أخرى بحاجة إلى تعديلات حتى تتوافق مع الدستور ، منها قانون النقابات العامة، حيث نص الدستور على أن تكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ولا يجوز إنشاء أى منها بالهيئات النظامية، وتعديل بشأن النقابات المهنية، حيث نص الدستور على أنه لا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بها، فضلا عن تعديل بشأن قانون المرافعات والجنايات بشأن استئناف الجنايات، حيث نص الدستور على أن يكون هناك استئناف للجنايات.

إجراءات وقائية لاستكمال الجلسات

في 21 أبريل الماضي، كشف مجلس النواب ، ما وصفه بأجندة القوانين التي سيناقشها المجلس في جلسته الاستثنائية وسط الإجراءات الاحترازية المتبعة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وقال محمود فوزي، الأمين العام للمجلس، “إن انعقاد تلك الجلسة، رسالة إلى جميع المصريين أن مصلحتهم هي الأهم بالنسبة لنا”، مضيفا: “كما أنها رسالة واضحة بأن العمل سيستمر ولن يتوقف مع اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لضمان سلامة الجميع”.

وخصص المجلس تلك الجلسة لمناقشة عدد من القوانين، المرتبطة بمكافحة فيروس كورونا، ومن أبرزها، القوانين المرتبطة بزيادة المرتبات وقانون الطوارئ، بحسب ما قاله الأمين العام للمجلس فإنه يتم تطبيق الإجراءات الوقائية قبل بدء جلسات البرلمان، وإجراءات التباعد الاجتماعي يتم تنفيذها بشكل صارم، لمنع أي تكدس أو زحام داخل البرلمان، من خلال توفير 4 أجهزة للتعقيم على بوابات المجلس، تهدف إلى التعقيم الذاتي لكل من يدخل أروقة المجلس.

 برلمانيون يتساءلون عن عودة الحياة لطبيعتها

النائبة داليا يوسف، عضو مجلس النواب، تقدمت  بسؤال، الأحد، موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيرة الصحة، حول ضوابط الحكومة لعودة الحياة لطبيعتها مع أول يوليو المقبل.

وقالت “يوسف”، إن متحدث مجلس الوزراء سبق وقال إنه قبل عيد الفطر، ستكون هناك مراجعة للموقف، ومع أول يونيو ستبدأ الدولة فترة جديدة وهي التعايش مع كورونا، مضيفة أن العالم لن يتحمل فكرة الإغلاق الجزئي أو الكلي لفترة طويلة، وبالتالي وفي ظل عدم الوصول إلى علاج لفيروس كورونا إلى الآن، فالدول بأكملها مجبرة على أن تعود الحياة إلى طبيعتها فيها تدريجيًا مع أتباع الإجراءات الطبية.

حتمية إصدار تشريعات

ويرى الدكتورشوقي السيد، الفقيه الدستوري، أن هناك مسؤولية أمام المجلس، وحتمية إصدار تشريعات تمثل استحقاقات دستورية لازمة، وقبل انتهاء دورته العادية والأخيرة، والتى يتعين أن تنتهى قبل بداية شهر أكتوبر القادم، خلافًا لما كان يروج له البعض بجواز أن يكون للمجلس فصل تشريعى جديد، وحتى لا تلحقه المادة 115 من الدستور، التى توجب حتمية انعقاده واستمرار دور الانعقاد لتسعة أشهر على الأقل، أى حتى يوليو 2021، وهو تاريخ يتجاوز مدة المجلس، التى يتعين أن تنتهى قبل 10 يناير 2021، وضرورة أن تجرى الانتخابات لمجلس جديد قبلها بستين يومًا على الأقل، أى خلال نوفمبر القادم، وحتى لا تتداخل المواعيد أو تضطرب التوقيتات الدستورية.

اقرأ أيضًا:

“المحليات ” .. تركة الفساد واغتيال الحقوق..70 جلسة لاتكفي”القانون”

“شوقي” قال فى مقال نشره بجريدة المصري اليوم ، في 1 مايو الجاري،” مضت خمسة أشهر، والمجلس يضطلع بمسؤولياته ويناقش ويراقب، تاركًا الأهم، وهو اقتراح أو مناقشة مشروعات قوانين أساسية، يأتى على القمة منها قانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون تعديل الدوائر الانتخابية، وتعديل قانون مجلس النواب الحالى، ومناقشة وإصدار قانون مجلس الشيوخ، تمهيدًا لإصدارها، والعمل بمقتضاها مع بداية الحياة البرلمانية الجديدة، التى يتعين أن تبدأ عقب انتهاء مدة المجلس الحالية، وقبلها يجب إجراء الانتخابات التشريعية لمجلسى البرلمان، النواب والشيوخ، لتبدأ مسؤوليتها عند انتهاء مدة المجلس الحالى”.

تساؤلات عديدة طرحها ” شوقي” أبرزها فى ظل انتشار “كورونا”، ما مدى بقاء حياة مجلس النواب ومد مدته، وعن كيفية إجراء الانتخابات التشريعية القادمة، وغيرها من الأسئلة التى تحدد مصير مجلس النواب أو مصير السلطة التشريعية فى البلاد؟.

 السيادة للشعب

وحسما لهذا الجدل أكد “شوقي ” أنه بالعودة إلى نصوص الدستور، التى تُعلى مبدأ السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات فى مقدمات مواد الدستور بالمادة 4 فى باب الدولة، كما أن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى واجب وطنى، يمثل مشاركة المواطن فى الحياة العامة وأن هذه الحقوق والحريات لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا ولا يجوز لأى قانون أن ينظم ممارسة الحقوق والحريات بما ينال من أصلها وجوهرها، وهما نصان بالمادتين 87، 92 من الدستور.

بحسب ما ينص عليه الدستور  وفى باب نظام الحكم يأتى الفصل الأول «السلطة التشريعية»، ومجلس النواب، بالمواد من 101 إلى 138، منها مدة عضوية المجلس خمس سنوات تبدأ من تاريخ أول اجتماع، وتجرى انتخابات المجلس الجديد خلال الستين يومًا الباقية على انتهاء مدته، ويأتى أيضا وفى ذات الاهمية التعديلات الدستورية التى جرى الاستفتاء عليها، والمنشورة بالجريدة الرسمية منذ 23 إبريل 2019، منها ما يخص تشكيل مجلس النواب وأن يبين القانون شروط الترشح، ونظام الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية، ومنها أيضا ما يخصص لمقاعد المرأة من عدد المقاعد لا يقل عن ربع إجمالى المقاعد، وتمثيل العمال والفلاحين تمثيلًا ملائمًا، والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج.

اقرأ أيضًا:

قانون «الكيانات الإرهابية» يثير جدلا في مصر

يضيف ” شوقي” منها أيضا ما تم إضافته إلى الدستور الباب السابع «مجلس الشيوخ» وتحديد مسؤولياته واختصاصاته الدستورية، وعدد أعضائه ومدة عضويته وانتخاب ثلثى أعضائه بالاقتراع السرى المباشر على النحو الذى ينظمه القانون، وشروط الترشح، وأن تسرى فى شأنه 123 مادة من مواد الدستور فى باب السلطة التشريعية، وحق الأعضاء فى ممارسة أدوات الرقابة من طلب المناقشة والاقتراح برغبة، وأن يُعمل بتلك التعديلات من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليها بالاستفتاء أى اعتبارًا من 23/4/2019، وهى نصوص وأحكام دستورية جديدة وهامة وواجبة الاتباع لم يبدأ تطبيقها بعد ولا يجوز تأجيل تنفيذها أو الاستفتاء على مخالفتها.

واعتبر الفقيه الدستوري،أن مصير مجلس النواب، ينتهى حتمًا بانقضاء خمس سنوات من تاريخ أول جلسة لانعقاده أى فى 10 يناير 2021، وأن الانتخابات التشريعية يجب أن تبدأ خلال ستين يومًا قبل انتهاء مدته، أى خلال نوفمبر القادم، وان الانتخابات كما تشمل مجلس النواب.. تشمل ايضا مجلس الشيوخ.

وفقا لما يؤكده ” شوقي” فإنه حتما يجب أن  تصدر التشريعات التى أكد الدستور إصدارها، لإجراء الانتخابات التشريعية القادمة، التى يتعين أن تبدأ خلال الفترة من 10 نوفمبر وأن تنتهى قبل 10 يناير 2021، ليتم تشكيل وانعقاد المجالس النيابية الجديدة، مجلسى النواب والشيوخ، وعلى ذلك يمكن الإجابة على التساؤلات التى تدور علنًا وفى الأروقة، فهل يمكن بقاء المجلس بعد انتهاء مدته؟!

لا يجوز مد المدة

يجيب “شوقي” على سؤاله الذي يشغل بال الكثيرين قائلا :”الإجابة بلا”، مضيفا: “وهل يجوز مد مدة المجلس أو مدة انعقاده؟! والإجابة أيضا بلا”، مستطردا: “وهل يمكن إجراء الاستفتاء على بقاء المجلس بعد مدته باعتبارها من المسائل التى تتصل بمصالح البلاد العليا؟! الإجابة بلا، والسبب في ذلك لأنه لا يجوز الاستفتاء فيما يخالف أحكام الدستور”.

اقرأ أيضًا:

البرلمان يتحرك ضد كورونا.. حزمة قوانين جديدة لتنظيم الخدمات بجميع القطاعات

وتطرق “شوقي” إلى قضية أكثر أهمية، عبر تساؤل طرحه، مفاده: هل يمكن إجراء الانتخابات التشريعية فى ظل استمرار وباء كورونا؟!  الإجابة بنعم، مشترطا اتباع الإجراءات الاحترازية أو التصويت الإلكترونى تفاديًا للتجمعات ودرءًا لانتشار الوباء وهى مسؤولية الهيئة الوطنية للانتخابات بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية المسؤولة فى البلاد، مستندا في رده إلى أن انتخابات الرئاسة الأمريكية ستجرى فى موعدها فى نوفمبر القادم.. وفى ظل كورونا.

ويشير “شوقي” إلى سيناريو أكثر خطورة، فى حال استحالة إجراء الانتخابات التشريعية فى موعدها،  قائلا :”عندئذ بكل أسف تختفى السلطة التشريعية التى تمثل سلطة الشعب، فى أداء مهامها الدستورية وأخصها سلطة التشريع وإقرار الموازنة العامة للدولة والرقابة”، مضيفا “في غياب تلك السلطة، يمارس رئيس الجمهورية سلطة إصدار قرارات لها قوة القانون التى يتعين عرضها على المجلس الجديد خلال خمسة عشر يوما من انعقاده بالمادة 156 من الدستور وهى أحوال استثنائية ينبغى ألا تحدث فى البلاد، حتى يمارس الشعب سلطته الدستورية ممثلا فى مجلسى النواب والشيوخ، مشددا على “أن المهم أن مصير مجلس النواب سينتهى حتمًا فى 10 يناير القادم 2021 بانتهاء مدته”.