رفضت السودان عرضا تقدمت به إثيوبيا يشمل اتفاق جزئي للمرحلة الأولي مستندة إلى أن الاقتراح لا يمكن الموافقة عليه لوجود جوانب فنية، في خطوة اعتبرها خبراء تأتي في صالح السودان جملة وتفصيلًا ويماثل رد الفعل المصري منذ بدء جولات المفاوضات الثلاثية.

sss

وأعلن السودان رسميا موقفه الثابت بشأن أهمية التوصل لاتفاق ثلاثي بين الخرطوم واديس أبابا والقاهرة، قبل بدء الملء الأول لسد النهضة والمتوقع في يوليو المقبل، واعتبر أن توقيع أي اتفاق جزئي للمرحلة الأولى لا يمكن الموافقة عليه نظرا لوجود جوانب فنية وقانونية يجب تضمينها في الاتفاق ومن ضمنها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية.

حمدوك يرد بالرفض

بحسب بيان صادر عن وزارة الري والموارد المائية السودانية، أمس الثلاثاء، أن السودان رفض مقترحا إثيوبيا بتوقيع اتفاق جزئي حول ملء بحيرة سد النهضة، الذي من المتوقع أن يبدأ في يوليو المقبل.

وقالت وزارة الري والموارد المائية السودانية، إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أبلغ رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بذلك، في رده على رسالة منه تتعلق بالمقترح الإثيوبي.

اقرأ أيضًا:

سد إثيوبي جديد ينتهك حقوق المياه.. ومصر تصعّد لمجلس الأمن

الرد السوداني جاء من خلال خطاب وجهه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ردا على رسالة رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، وأكد حمدوك لإثيوبيا أن الطريق للوصول إلى اتفاقية شاملة هو الاستئناف الفوري للمفاوضات والتي احرزت تقدما كبيرا خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، وفقا لما أفادت به وكالة الأنباء السودانية “سونا”.

وقال “حمدوك” أن السودان يري أن الظروف الحالية قد لا تتيح المفاوضات عن طريق القنوات الدبلوماسية العادية ولكن يمكن استئنافها عن طريق المؤتمرات الرقمية “الفيديو كونفرس” ووسائل التكنولوجية الأخرى لاستكمال عملية التفاوض والاتفاق على النقاط المتبقية.

 

توقعات باستئناف المفاوضات

وفي توضيح للتأكيد على موقف السودان، قال الدكتور صالح حمد، رئيس لجنة التفاوض رئيس الجهاز الفني للموارد المائية السوداني، مسئول شئون المياه العابرة، أن معظم القضايا تحت التفاوض وأهمها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية، مرتبطة ارتباطا وثيقاً، ليس فقط بالملء الأول وإنما بكل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى، وبالتالي لا يمكن تجزئتها.

وكشف حمد، عن تحركات تقوم بها الخرطوم لاستئناف عملية التفاوض بمرجعية مسار واشنطن الذي قطع نحو 90٪ من نقاط الخلاف، مشيرا إلى الاتصال التليفوني الذي أجراه رئيس الوزراء بوزير الخزانة الأمريكية في مارس الماضي، والذي جرت جولات واشنطن التفاوضية تحت رعايته، حيث أكد من خلاله دعمه التام لمسعى رئيس الوزراء، إضافة إلى اتصال رئيس الوزراء برؤساء كل من جمهورية مصر العربية وإثيوبيا.

وأعرب “حمد” عن توقعاته بأن نرى نتائج تلك الاتصالات باستئناف المفاوضات قريباً وصولاً لاتفاق شامل حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي قبل حلول الفيضان المقبل.

ملء السد

بالتزامن أعلنت إثيوبيا، أمس الأول الاثنين، أنها ستنفذ خطتها لبدأ عملية ملء سد النهضة في يوليو المقبل، وذلك بعد إعلان وزارة الخارجية المصرية عن تقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد إثيوبيا بسبب عزم أديس أبابا المضي قدما في خطط ملء السد دون التوصل إلى اتفاق وتعنت إثيوبيا في المفاوضات.

اقرأ أيضًا:

أثيوبيا تسبح ضد التيار وتملأ السد في موسم الأمطار

قدم وزير الطاقة والمياه والري الإثيوبي “سيليشي بقل”، تقارير حول سير بناء السد في اجتماع اللجنة الفنية لسد النهضة برئاسة أبي أحمد علي، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية فأن التقارير أشارت إلى أن أعمال الهندسة المدنية بلغت 87٪ كما أنه تم انجاز عملية البناء بشقيه المدني والإلكتروني بنسبة 73٪.

وقال “بقل”، إن مرحلة البناء تُمكِن من بدء تعبئة المرحلة الأولى في يوليو، وأن إثيوبيا أعدت وثيقة رد مناسب بشأن شكوى مصر إلى مجلس الأمن الدولي.

الخارجية ترد

ويقول السفير المصري لدى الخرطوم حسام عيسى، إنه يجب التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة، قبل حلول يونيو المقبل.

وتابع “عيسى” في تصريحات لصحيفة “سودان تربيون”، أمس الثلاثاء: اتفاق واشنطن يوفر الفرصة للدول الثلاث لتحقيق مصالحها دون الإضرار بأي جهة.

وتقدمت مصر بطلب من مجلس الأمن لتقديم المشورة بشأن ما تفعله مع تلك التصرفات الإثيوبية، بعدما أعلنت عن نيتها ملء سد النهضة في يوليو المقبل.

وتخلفت إثيوبيا، عن الاجتماع الأخير المنعقد في فبراير الماضي في واشنطن، الخاص بتوقيع اتفاق حول تشغيل سد النهضة برعاية وزارة الخزانة الأمريكية، حيث وقعت عليه مصر بالأحرف الأولى، فيما تحفظ السودان على التوقيع بدعوى أن التوقيع يجب أن يتم من قبل كل الأطراف، حيث رفضت إثيوبيا التوقيع على مقترح اتفاق تقدمت به الولايات المتحدة، التي انخرطت في نوفمبر الماضي كوسيط إلى جانب البنك الدولي، لإيجاد حلول لخلافات الدول الثلاث.

قرار في صالح السودان ومصر

وفي قراءة سريعة للقرار السوداني الأخير، يري الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، أستاذ هندسة الموارد المائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، أن رفض توقيع اتفاق جزئي للتخزين المبدئي لسد النهضة والتمسك لاتفاقاتنا لتخزين وتشغيل السد مع الضمانات الكافية لسلامة إنشاءات السد والتداعيات والهيدرولوجية التي لا تسبب ضررا جسيما هو في صالح السودان جملة وتفصيلًا ويماثل رد الفعل المصري.

اقرأ أيضًا:

ملامح النزاع تتصاعد.. إثيوبيا ترفض الموقف الأمريكي وتلجأ لجنوب إفريقيا

واعتبر “علام”، أن القرار يجنب الدولتان محاولة الهروب الإثيوبي الكبير من توقيع اتفاق شامل يضمن سلامة السد الانشائية ويجنب مصر والسودان التداعيات الهيدرولوجية والبيئية الكبيرة لسد النهضة، وخاصة في أوقات الجفاف وكذلك أثناء الفيضانات العالية، مستشهدا بما حدث هذه الأيام في خزان “أوين” وغرق جنوب السودان ليس ببعيد.

وفقا لما ذكره علام فإن الرفض السوداني الأخير، يضمن عدم التعدي على الإيرادات التاريخية لمصر والسودان من مياه النيل الأزرق، ويحول بين إثيوبيا وأهدافها السياسية للهيمنة والتحكم في النيل الأزرق لتنفيذ أجندتها السياسية في المنطقة، موجها تحية كبيرة لشعب السودان وحكومته، قائلا: “تحيا السودان الحرة ذات السيادة، ومرحبا بالعود السوداني الحميد لدوره التاريخي في العالمين العربي والأفريقي”.

وفي السياق نفسه، جددت المجموعة المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة الأثيوبي دعوتها للحكومة الانتقالية، بمكاشفة الشعب السوداني بحقيقة مخاطر السد على السودان ولنقل الملف للسلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي.

وطالبت المجموعة الحكومة بعرض دراسات أمان السد التي التزمت اثيوبيا بتنفيذها حسب ما ورد في اتفاقية إعلان مبادئ سد النهضة 2015، ونشر التقارير التي تؤكد تنفيذ ما التزمت به مع تقرير لجنة الخبراء الدولية النهائي حول تنفيذ اثيوبيا الكامل لما تعهدت به.

وأكدت المجموعة أن الحكومة الانتقالية عليها مطالبة إثيوبيا باستكمال أمان السد و الالتزام بتعويض السودان عن الآثار البيئية والاجتماعية المترتبة على سكان المدن النيلية و من فقدان للجروف، منوهة إلى أنه في حال عدم الالتزام من الجانب الاثيوبي يتوجب على الحكومة نقل الملف الى لجنة الأمن و السلم بالاتحاد الافريقي و إشراك دول حوض النيل بملف التفاوض و تقديم مذكرة لمجلس الامن الدولي باعتبار أن عدم التزام اثيوبيا بأمان السودان المائي و الامني و الاقتصادي يعتبر مهدداً للأمن القومي السوداني و للمنطقة.

قوي مدنية

وكشف وليد علي أبوزيد، ممثل القوى المدنية المناهضة لسد النهضة عن وجود مخطط عالمي للسيطرة على موارد السودان.

وقال “أبوزيد” في حوار نشرته جريدة الوطن السودانية، إن السد الأثيوبي واحد من هذه الآليات للمخطط، حيث أن السد لم يعد مشروعاً للكهرباء بل مشروع سياسي باعتراف البنك الدولي، مستطردا أنهم في المجموعة حذروا باكراً من مخاطر السد ولم يلتفت لهم أحد.

بحسب ما أوضحه “أبوزيد” فإن المجموعة تضم خبرات وكفاءات وطنية في المجالات المعنية الري والكهرباء والهندسة والقانون وخبراء البيئة، قائلا: “ما حركهم هو حجم المخاطر وغياب دراسة الأمان المتعلقة بالسد، وأن التفريط بدأ منذ عهد النظام البائد حيث وقع الرئيس المخلوع شيكاً على بياض لأثيوبيا بسبب ملاحقة الجنائية الدولية له”.