يقول علماء في جامعة ولاية لوزيانا ، إنهم ربما أكتشفوا دليلاً مادياً علي أن النساء يملكن بالفعل غريزة الأمومة ، حيث وجدت دراسات جديده أن مجموعة من خلايا الدماغ لدى الفئران الإناث أصبحت نشيطة عندما تعرضت لـ ” هرمون الحب ” الأكسيتوسين ، كما كشف العلماء أن الأمر نفسه لم يحدث مع الفئران الذكور، حيث يُعتقد أن الخلايا هذه توجد في منطقة الدماغ التي يُعتقد أنها تنظم سلوك الأمومة.

sss

أردت أن يكون مدخلي في هذا المقال حول شئياً مادياً ربما يكون  قادراً علي شرح مفهوم ” غريزة الأمومة ”  ، أخذت وقتاً طويلاً في محاولة الإجابة عن عدة أسئله ..من أكون ؟ كيف ظهرت لدي خبرة كبيرة في فن التعامل مع طفلي الذي لا يتجاوز عمره عام ونصف ؟ ما هذا الترابط المريب الذي كاد يصل بي إلي حافة الجنون هل لدي فرط في المشاعر ؟  ماذا يحدث في مشاعري التي أصبحت هادئة ورقيقة ومسالمة علي عكس طبيعتي تماماً  ؟  ما هذا السلام النفسي الذي بدء يسري في شراييني ؟ ، هل بدأت في مرحلة الإكتئاب الذي يسبق عاصفة التمرد علي حياتي الحاليه ؟ ، هل مستقبلي المهني أنتهي وبدء مستقبلي المنزلي الذي لا يحث علي الطموح والأمل  ؟ هل أنا جديرة بالثقة لأكون أم ؟.

بدأت في ترتيب أفكاري وبحثت كثيراً في محاولة لفهم ماذا يحدث لي ، وها أنا في هذة السطور أكتب تجربتي كاملة بدون شعارات واهية ، بدء الأمر منذ علمي بأنني سأُنجب طفل ، مرحلة كبيرة من التوتر تلتها مرحلة من الصمت ثم مرحلة من البكاء الهستيري بمفردي ، لم أكن قادرة علي مواجهة حقيقة أنني سأكون ” أم ” ، إنها مهمة صعبه وسخيفه ويلمؤها التوتر والصوت العالي والخلافات ومسئولية كبيرة، لحظة سماعي لصوت طفلي في غرفة الولادة  شعرت كأن هناك جزء من قلبي قد تم أنتزاعه وأنه يبكي وينتفض ليعود مرة أخري بداخلي .

طبيبي وجدني بغرفة العمليات أضحك بشكل هستيري وأنا تحت تأثير البنج النصفي ، ولكن لا أحد كان يعلم أن هناك حالة من الشوق والخوف ومعهم ” حب ” ولدوا مع الجنين من رحم قلبي ، ظلت مخاوفي تزداد وكنت كثيراً ما اجهش في البكاء من الأحساس بالوحده والمسئولية والألم ، كنت حرفياً علي حافة الأنهيار رغم السكون الذي كان يظهر علي وجهي الشاحب وجسدي المتهدل  وقدماي المنتفختان ، كنت أحتضنه كثيراً وكنت أشعر أنه يعلم ما يدور في عقلي ، لكنني كنت مخطئة ،  فهو كان يشعر بما يدور في قلبي .

مع مرور الشهور وحينما بدء ينتبه ويتعلم ويتجاوب معي أدركت أن هناك شئ في قلبي يحتضنه بشدة لا أعلم ما هو ولكن من شدة أحتضاني له كنت أسمع عظامة تئن و” تطقطق ” ،  من ثم يحتضنني أثناء النوم وكأنه يرد لي كل الأحضان التي قدمتها له دون وعي ، يستطيع التفرقه بين يدي وأي يد أخري حتي أثناء نومه  ، فهو يعلم كيف أربط علي كتفه وكيف أُقبل جبينه ، يشعر بيدي حتي وإن كانت ساخنه جداً من حرارة الجو ويدفئني في البرودة ، شعرت أن بداخلي شئ لا يمكن للكلام أن يعبر عنه، هنا فقط أدركت لماذ أمي كانت دائمة الخوف عليَ و تيقنت أنها لا تريد سوي أن تحتضنني مثلما كانت تحتضنني في طفولتي ، هنا فقط أدرك قلبي معني ” غريزة الأمومة ” ، ولحسن حظي أن طفلي لدية لغة حب مميزة جعلتني أقول ” أشعر أن لا أحد في الكون يحبني مثلما يحبني هو ” طفلي لدية التلامس الجسدي أهم لغة من لغات الحب وأكثرهم أماناً بالنسبه لي وله والتي بدأت في النمو لدرجة جعلتني أشعر أن الأرتباط أصبح حتي في أحلامنا ، تذكرت حينما كنت فتاة صغيرة وأري طفل متمسك بوالدتة وكأنه لا يريد أحد أخر في الكون سواها وكنت أشعر بالغيره علي هذا الحب الغير مشروط ، حتي مررت أنا بهذا الحب في طريق الحياة ، فحينما أحاول أن أبتعد عنه وهو في عمق نومه ينتفض باحثاً عن يدي ويجذبها نحوه ليستمر نومه في سلام ، بدأت في تنمية  التلامس الجسدي معه حتي تمكن من فهم طبطبة يدي علي كتفه ومتي أكون غاضبه من تصرف خاطئ ، أصبح هناك لغة بيني وبينه  أنهت الخوف من تجربة الأمومة ، أعتقد أنني مرهقة ولا أخذ كفايتي من النوم ، فأنا لا أكف عن النظر إلي وجهه وأنا أتساءل كيف أصف ” غريزة الأمومة “

رسالتي لكل أم  لا تبخلي في إظهار مشاعرك وأحضانك لطفلك ، أحتضني أطفالك بقوة وأجعليهم يشعرون بمحبتك ، والأحضان ليست الجسدية فقط فـ لغات الحب لدي الأطفال منها التلامس الجسدي وكلمات التشجيع  وإعطائهم الوقت الكافي علي قدر أحتياجاتهم أو الهدايا أو أن تقدمي لهم ” مساعدات خدميه ” حتي إن كانوا قادرين علي لبس الحذاء ولكن يحتاجون أحياناً للدلال عليكي فكوني علي قدر احتياجهم  لك ، خلال عام ونصف هم حياة أبني في منزلنا ، ظهرت لي فرص جديدة للحياة تلك الفرص التي تُمنح تغير شكل الكون ، ربما منحني الله ” الأمومة ” لكني واثقه أن لكل منا هبة من السماء لها رونقها ولها تأثيرها الإيجابي ولها نقاط نور خاصة لتضئ لنا الحياة ، ختاماً أدعو أن يطيب الله قلوب النساء ويعطيهم من خيراته التي لا تحصي وأن يسمع دعواتهم لخوض تجربة الأمومة المؤلمة المبهجة ، نصيحتي لكل النساء لا تيأسوا أبداً من مراحم السماء ، الله يعطي كل شئ في الوقت المناسب وما أجمل الإستعداد للمغامرة .