أكدت الأمم المتحدة، على ضرورة اتخاذ الدول عدة إجراءات بشأن الصحة العقلية بسبب فيروس كورونا المستجد، مشيرة إلى أنه كشف عن قلة الاستثمار في معالجة احتياجات الصحة النفسية للناس.
sss
وحذرت المنظمة الأممية من أزمة صحة نفسية تلوح في الأفق بإصابة الملايين بأمراض عقلية، بسبب الإجراءات الرامية إلى مكافحة تفشي الفيروس القاتل، الذي تسبب في حالة من الفقر والعزلة والقلق، داعية الدول إلى تبني التزامات طموحة بشأن طرق علاج الأمراض النفسية، وسط ارتفاع عالمي محتمل في حالات الانتحار وتعاطي المخدرات.
ضغوط نفسية متزايدة
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، حث قبيل انعقاد الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية في جنيف، المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهد لحماية جميع الذين يواجهون ضغوطا نفسية متزايدة.
“جوتيرش” أطلق موجزا للسياسات بعنوان: “كوفيد-19 والحاجة إلى اتخاذ إجراءات بشأن الصحة العقلية،” حيث سلط الضوء على الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الفيروس وهم “العاملون في الخطوط الأمامية في مجال الرعاية الصحية، وكبار السن، والمراهقون والشباب، والذين يعانون ظروفا صحية نفسية موجودة مسبقا والعالقون في الصراع والأزمات،” داعيا إلى مساعدتهم والوقوف معهم.
اقرأ أيضًا:
صعوبة التأقلم
الموجز الأممي كشف أيضًا، أنه بسبب الضغوطات المتعددة الناتجة عن الجائحة، فإن التأقلم أصبح أقل، وها بحسب تحذير صادر عن لجنة لانسيت للصحة النفسية العالمية والتنمية المستدامة، ومفاد التقرير بأن “العديد من الأشخاص الذين نجحوا بالتكيف بشكل جيد في السابق، أصبحوا الآن أقل قدرة على التأقلم بسبب الضغوطات المتعددة الناتجة عن الجائحة”، إلا أن الموجز أشار إلى أن السياسات إلى الاستخدام المتزايد لاستراتيجيات التكيف الإدمانية، بما في ذلك الكحول والمخدرات والتبغ والألعاب الإلكترونية.
“الأزمات الاقتصادية السابقة زادت عدد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية”، بحسب ديفورا كيستيل، مديرة إدارة الصحة العقلية وتعاطي المخدرات في منظمة الصحة العالمية.
المسئولة الأممية كشفت أن هذا “أدى إلى ارتفاع معدلات الانتحار، على سبيل المثال، بسبب حالتهم الصحية العقلية أو تعاطي المخدرات”.
الاكتئاب والقلق
“جوتيرش” أكد أن المشاكل النفسية مثل الاكتئاب والقلق “هي بعض من أعظم أسباب البؤس في عالمنا”، مشيرًا إلى أنه طوال حياته وفي عائلته، كان قريبا من الأطباء والأطباء النفسانيين الذين يعالجون هذه الحالات،” وهو ما أتاح له إدراك المعاناة التي تسببها. وكثيرا ما تتفاقم هذه المعاناة بسبب الوصمة والتمييز”.
اقرأ أيضًا:
وفقا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، كلف الاكتئاب والقلق قبل فيروس كورونا الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار سنويا.
يؤثر الاكتئاب على 264 مليون شخص في العالم، ويبدأ حوالي نصف جميع حالات الصحة العقلية في سن 14 عاما، ويمثل الانتحار ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما.
التوصيات الأممية، تشير إلى أن رافق إجراءات كورونا، خشية الناس من الإصابة والوفاة وفقدان أفراد الأسرة.، كما أنه في الوقت نفسه، فقد عدد كبير من الناس مصدر رزقهم، أو معرضون لخطر فقدانه، وتم عزلهم اجتماعيا وفصلهم عن أحبائهم، وفي بعض البلدان، شهدوا أوامر حجر منزلي صارمة.
كذلك تعد المعلومات الخاطئة حول الفيروس وتدابير الوقاية، إلى جانب عدم اليقين العميق بشأن المستقبل، مصادر رئيسية إضافية للقلق، إضافة إلى خوف الناس من إمكانية ألا تتاح لهم الفرصة لتوديع الأحباء الذين يموتون وقد لا يتمكنون من إقامة مراسم الجنازات لهم، وكل ذلك يساهم كذلك في القلق.
الأكثر عرضة للإيذاء
الموجز الأممي، يؤكد أيضًا أن النساء والأطفال، على وجه التحديد، أكثر عرضة لخطر الإيذاء الجسدي والنفسي نسبة لتعرضهم للعنف المنزلي والإساءة المتزايدة.
وتؤكد “ديفورا كيستيل” بروز الضعف العقلي المتزايد، مستشهدة بدراسات استقصائية “تظهر زيادة في انتشار الكرب لدى 35% من السكان الذين شملهم الاستطلاع في الصين، و60% في إيران، و45% في الولايات المتحدة”.
ووفقا لبحث الأمم المتحدة، فإن أعراض الصحة العقلية التي يسببها كورونا تشمل الصداع وضعف حاسة الشم والتذوق، والهياج والهذيان، والسكتة الدماغية.
كما تزيد الحالات العصبية الأساسية من خطر الإصابة بكوفيد-19، في حين أن الإجهاد والعزلة الاجتماعية والعنف في الأسرة من المحتمل أن يؤثر على صحة الدماغ ونمو الأطفال الصغار والمراهقين.
كذلك فإن العزلة الاجتماعية وانخفاض النشاط البدني وانخفاض التحفيز الفكري يزيدان من خطر التدهور المعرفي والخرف لدى كبار السن.
وتؤكد البيانات أيضا أن المهنيين الطبيين وغيرهم من العاملين الرئيسيين قد عانوا من مشاكل صحية نفسية كبيرة مرتبطة بحالات الطوارئ المتعلقة بكوفيد-19.
تدابير لحماية الوضع الحالي
تقول “كيستيل”: “علينا أن نتأكد من وجود تدابير لحماية وتعزيز الوضع الحالي. هذا شيء يجب القيام به في منتصف الأزمة حتى نتمكن من منع تفاقم الأوضاع في المستقبل القريب. يمكننا منع الأرقام من أن تبلغ مقدار الأرقام التي شهدناها في حالات الطوارئ السابقة”.
الفارون من العنف
كما تدعو الأمم المتحدة أيضا إلى اتخاذ إجراءات بشأن الصحة النفسية بين الأشخاص الفارين من العنف، نظرا لأنه حتى قبل ظهور الفيروس فى ديسمبر الماضي، كانت هناك حاجة كبيرة إلى الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي.
وقال فهمي حنا المسؤول الفني في إدارة الصحة النفسية واستخدام المواد في منظمة الصحة العالمية إن “واحدا من كل خمسة أشخاص يحتاج في هذه الظروف إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي لأنهم يعانون من حالة نفسية.”، مشيرًا إلى أن “اليمن ليست أكبر أزمة إنسانية في العالم فحسب، بل هي أيضا واحدة من أكبر أزمات الصحة العقلية في العالم، حيث يحتاج أكثر من سبعة ملايين شخص إلى دعم الصحة العقلية.”