“الحاج أحمد.. اسم الله عليه.. اسم الله”.. هتاف تردد كثيرًا منتصف القرن الماضي، في ذروة عهد “الفتونة” في مصر، حيث يسيطر على كل شارع فتوة مسئول عن حماية أهله ورد مظلمة كل مظلوم والدفاع عن الشارع ضد أي معتدٍ من الخارج، وحفظ الأمن والأمان، لقاء جمع الإتاوات المتفق عليها من الأهالي والأعيان، وأصحاب المحلات.

sss

ربما يسود الاعتقاد للوهلة الأولى مع قراءة السطور السابقة، أننا بصدد الحديث عن مهنة “الفتوة” إذا يتصدر لها الرجال، إلا أن الغريب كان ظهور بعض السيدات اللاتي عملن بها داخل مصر لفترات طويلة، وكن يتسمن بشيم وصفات “الفتوة الرجل” على مدى عهود طويلة.

“الفتوة النسائية”

من هؤلاء سيدة كانت تدعى “فاطمة الدرانية”، والتي اشتهرت في ذلك الوقت بـ”الحاج أحمد”، وهي الشخصية التي جسدتها الفنانة شيرين سيف النصر في منتصف مسلسل “الفتوة”، عندما ظهرت في صورة شخصية غريبة بعض الشيء لتجسد هذا الدور، وتحمي شارعها وتدخل أكبر المعارك لترد الظلم عن أحدهم، حولها رجال كثيرون كمساعدين لها، والنبوت لا يفارق يدها.

اقرأ أيضًا:

نساء أسامة أنور عكاشة (1).. عبقرية أخرجت المرأة المصرية من الهامش

نشأت الشخصية الحقيقة لـ”الحاج أحمد” أو “الست فاطمة” في المدبح، وعملت لحساب إحدى السيدات العاملات في سماد المواشي، وكانت “فاطمة” إحدى المساعدات لها منذ كانت طفلة، إلى أن مرت السنوات وكونت تجارتها الخاصة بها، وهي التجارة في سماد المواشي، وبالرغم من حرصها الدائم في البداية على عدم اللجوء للقوة والعنف إلا أنها وجدت أن التعامل مع الرجال في الأسواق يلزمه بعض الحدة وقليل من العنف، فلجأت إلى “فتوةط يعلمها أصول عمله وطريقة العراك بالنبوت وقواعد ضرب “الروسية”، حتى ذاع صيتها وأطلقوا عليها اسم “الحاج أحمد” وأصبحت “فتوة المدبح”، جميع رجاله يلجأؤن لها لرد مظالمهم، تحمي تجارة الجميع، لا يدخل المنطقة غريب إلا وأخذ الإذن منها أولاً.

عزيزة الفحل

لم تكن “الحاج أحمد” وحدها التي تولت زمام “الفتونة النسائية” أو “الجدعنة” في مصر، بل اتسمت بها كذلك “عزيزة الفحل”، وهي كلمة ومفتاح السر في حي المغربلين بالقاهرة، فهي الفتوة الأشهر هناك على مر التاريخ، حيث اشتهرت بضرب “الروسية”، وكانت شديدة الغيرة على الحي، وترفض أي ظلم يتعرض له أي فرد، وترد لكل شخص مظلمته في الحال.

 

اقرأ أيضًا:

السوشيال ميديا لاترحم.. الأخطاء الساذجة تغزو مسلسلات رمضان

و”عزيزة الفحلة” هي كلمة السر في تشكيل شخصية “محمود المليجي” الذي تربى في حي المغربلين، وكان ينزل لتدربه هي من وقت لآخر على أصول الضرب بـ”النبوت” وإدارة المعارك في الحارة، فقد كان شديد الإعجاب بشخصيتها وهي سر شخصيته التي نراها في الأفلام، ليس “المليجي” فحسب، حيث كانت تتطوع لتدريب شباب المنطقة على رفع الأثقال وتقيم المسابقات بينهم لتعرف مدى استفادتهم من التدريبات.