في حرب نفسية باردة، كشفت بعض حالات الوفاة في تركيا مرة أخرى عن مدى خطورة الكراهية العميقة التي تقسم الأتراك ، ما بين المؤيد للحكومة والمعارض لها، والسبب أن دولة أردوغان تتعامل بقسوة مع المعارضين و تعتبرهم “أعداء”.

sss

وخلال الفترة 2000-2007 ، توفي ما يقارب من 122 سجينًا في إضراب عن الطعام وعانى ما يقرب من 600 سجين من الشلل الدائم، كانوا يحتجون على ظروف السجن، وكشفت هذا الإضرابات عن الكيفية التي يمكن أن يتحول بها بعض الأتراك و(دولتهم) إلى مجرمين ضد الإنسانية، عندما يكون المتظاهرون من أيديولوجية تعتبرها الدولة “معادية”.

إضراب عن الطعام

 في مارس 2017 ، بدأت أستاذة الأدب، نورية جولمن، وأستاذ المدرسة الابتدائية، سميح أوزاكا ، -كلاهما من ضحايا التطهير الضخم-، الاحتجاج على طرد الحكومة من خلال الإضراب عن الطعام.

اقرأ أيضًا:

الديمقراطيون قادمون.. ماذا لو حكم “بايدن” الولايات المتحدة؟ (1- 2)

 في الأيام الأولى من إضرابهم عن الطعام ، قال سليمان سويلو ، وزير الداخلية التركي ، إن المدرسين فقدا وظيفتهما بسبب صلتهما بجماعة جبهة التحرير الشعبي الثوري (DHKP-C)، وهناك روابط عضوية بينهما وبين منظمة DHKP-C الإرهابية.

ورد محامي المعلمين إنهما بريئان من هذه التهم التي زعمها الوزير، ففي عام 2012 ، تم تبرئتهما من تهمة أنهما أعضاء في منظمة مسلحة، ومع ذلك ، في عام 2017 ، تم طردهما من وظائفهما بزعم كونهما مشتبه بهما في قضية تمت تبرئتهما من أجلها قبل خمس سنوات.

وأمام المحكمة التي تنظر في عودتهما لوظيفيتهما ، كان المعلمان يؤكدان أن معاقبتهما مجدداً على ارتباطهما بمنظمة يسارية متشددة غير قانوني، فقد تمت تبرئتهما من التهمة في عام 2012. 

ضبط مشجعين

وفي مباراة لكرة القدم، عرضت مجموعة من المشجعين لافتة لدعم المدرسين أوزاكا وجولمن،  كتب على اللافتة: “دعوا نورية وسميح يعيشان”، سطر واحد فقط  يعبر بطريقة سلمية عن الرغبة في ألا يموت المعلمان في السجن بسبب إضرابهما عن الطعام، على الفور تم القبض على المجموعة واتهامهم بـ “دعم منظمة إرهابية”. 

 كما اعتقلت السلطات التركية أعضاء فرقة شعبية تركية ، Grup Yorum ، في عام 2016 ، بتهمة دعم نفس المنظمة الإرهابية DHKP-C، وتم حظر عروضها الموسيقية المعروفة بالسمة الاحتجاجية. 

وأثناء وجودهما في السجن، قرر اثنان من أعضاء المجموعة هما، هيلين بوليك وإبراهيم جوكيك، الإضراب عن الطعام، مطالبين الحكومة برفع الحظر عن غناء الفرقة وإطلاق سراح الأعضاء المحتجزين وإسقاط الدعاوى القضائية ضدهم.

إبراهيم جوكيك أنهى إضرابه عن الطعام بعد 323 يومًا في 5 مايو 2020، وتوفيت هيلين بوليك بعد 288 يوما من الإضراب عن الطعام.

ويؤكد المحلل السياسي التركي بوراك بكديل، أن دولة أردوغان تتعامل بطريقة “دعهم يموتون”، في اليوم 288 من إضرابه عن الطعام، توفيت بوليك عن عمر 28 سنة، و”هذه نتيجة سلطة سياسية تقسم الناس على أنهم، ضدنا أو معنا”.

اقرأ أيضًا:

هل جاءت عملية “بئر العبد” ردًا على مسلسل “العقيد منسي”؟

“لبوليك” ربما ستندم على الطريقة التي اختارت بها إنهاء حياتها إذا قرأت كيف هلل على مواقع التواصل الاجتماعي بعض أنصار أردوغان فرحاً بموتها:

*يجب القبض على من يحضر جنازتها.

*منذ متى الإرهاب له موسيقى؟

*إنها كيس من العظام (على صورة تظهر هيلين مخففة إلى حوالي 63 رطلاً)

*حان وقت الفرح! انخفض عدد الخونة بمقدار واحد.

*دعهم يموتون مثل الكلاب!

*الكلبة الإرهابية!

*يجب على الشرطة القبض على أولئك الذين نعوها.

*نرجو أن يموت باقي أعداء الدولة مثلها.

*العالم أنظف الآن.

* فلتحترق في الجحيم

*كان ينبغي قتلها برصاصة.

هذه مجموعة من تعليقات العار، رغم أنه لم يتم إثبات أي تهمة لها أو لأعضاء الفرقة بتورطهم في أي نشاط إرهابي، فقد كانوا يغنون ولم يحملوا بنادق أو قنابل. 

 

قسوة في التعامل

ويصف معهد جيتستون الأمريكي  للدراسات، أن ذلك يعد نوع من قسوة الدولة المعادي للآخر المعارض، ويوضح مدى الاستقطاب الاجتماعي الذي تغرق فيه تركيا، كما يضع أردوغان في تحد في الانتخابات الرئاسية لعام 2023 ، فمن الصعب على الكثير من الأتراك قبول استمراره في تطبيق مزيد من أجندته الإخوانية الإسلامية، وربما هذا سيجعلها انتخابات صعبة عليه.